البرنامج السياسي المرحلي للثورة الفلسطينية الذي أقره المجلس الوطني الفلسطيني في دورة انعقاده الثامنة

البرنامج السياسي المرحلي للثورة الفلسطينية الذي أقره المجلس الوطني الفلسطيني
المصدر: ” الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1971، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 7، ط 1، ص 189- 191 “

البرنامج السياسي المرحلي للثورة الفلسطينية الذي
أقره المجلس الوطني الفلسطيني في دورة انعقاده
الثامنة. (1)

القاهرة، 28 / 2 – 5 / 3 / 1971

 

( فتح، 30 / 3 / 1971 )

         منذ أن انطلقت طلائع شعبنا المناضل في مطلع عام 1965 تفجر الثورة المسلحة ضد الكيان السياسي الصهيوني القائم بقوة العدوان فوق أرض فلسطين، فلقد آمنت تلك الطلائع، ومعها، ومن خلفها الجماهير العربية الواسعة وجميع أحرار العالم، بأن الكفاح المسلح هو الطريق الحتمي الوحيد لتحرير كامل تراب فلسطين.

         واليوم، فإن الثورة الفلسطينية تجتاز مرحلة بالغة الحرج والخطورة من مراحل نضالها في مواجهة عملية تصفية شرسة يلتقي فيها ما حدث في الأردن في مذبحة أيلول ( سبتمبر ) مع ما يحدث داخل الوطن المحتل نفسه من عمليات الإبادة والتنكيل.

         إن هذه المؤامرة الشرسة استهدفت هذه المرة تصفية الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية في الأردن، كما استهدفت تصفية الروح الثورية ومجموع القضية الوطنية الفلسطينية، وهكذا، فإن قوى الامبريالية العالمية الصهيونية العالمية، جنبا إلى جنب مع دولة الاحتلال الصهيوني والقوى المضادة للثورة في الوطن العربي، قد التقت جميعها على أنه قد آن الأوان للشروع في هذه الهجمة التصفوية الشرسة اتقاء منها لخطر تصاعد الثورة الفلسطينية وامتدادها على رقعة الوطن العربي كله، كاسحة أمامها جميع مصالح الأعداء، مما يؤدي حتما إلى تدمير مصالحها المشتركة في هذا الجزء من العالم.

         يضاف إلى ذلك أن انفجار الوضع في الهند الصينية، وتقدم الثورة المطردة في لاوس وكمبوديا، إلى جانب تزايد انتصارات الثورة الفيتنامية، قد دفع الأوساط الأميركية أن تبحث عن جميع السبل الممكنة لتهدئة المنطقة على أساس تثبيت الانتصار العسكري الذي أحرزه الأعداء في معركة عام 1967.

         إن الثورة الفلسطينية، هكذا لم تعد تواجه القمع والتشويش والتضليل على جبهة الامبريالية والصهيونية وحسب، بل أخذت أيضا تواجه هذه التحديات نفسها على امتداد جبهة القوى المضادة للثورة في الوطن العربي، هذه القوى التي أخذت على عاتقها تمزيق الثورة الفلسطينية من الداخل باستنفاد قواها في معارك جانبية وداخلية.

         وأمام هذه الأوضاع الجديدة والخطرة، فإن الثورة الفلسطينية قد التقت بجميع فصائلها وقواها على إعلان برنامجها السياسي المرحلي تحت المبادئ التالية، متوخية فيه الإجابة بجلاء على جميع أسئلة المرحلة، متخذة منه دليل عمل من أجل تصعيد الثورة وزيادة قواها المنظمة، واستقطاب أوسع قطاعات الجماهير الفلسطينية والعربية عبر مسيرة ثورتها الظافرة.

على الصعيد الفلسطيني

         1 – إن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الوحيد لجماهير الشعب العربي الفلسطيني بمختلف منظماته المقاتلة والسياسية، بجميع هيئاته واتحاداته وجمعياته مهما تكن اتجاهاتها وأفكارها، شريطة التزامها التام بمبادئ الميثاق الوطني الفلسطيني، وقرارات الأجهزة التشريعية والتنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وبالبرنامج السياسي والعسكري واللائحة الداخلية للمنظمة قدر التزامها أيضا بالنضال في سبيل تحرير كامل التراب الفلسطيني وعودة الشعب الفلسطيني إلى وطنه.

         ولا يجوز على الإطلاق استبعاد أي فرد أو فريق من عضوية المنظمة، إلا في الحالات التي تمس الثورة أو تشكل خروجا على مبادئ الميثاق الوطني، وذلك بقرار من اللجنة المركزية للمنظمة أو من المجلس الوطني في حالة انعقاده.

         2 – مع التأكيد على أن الهدف الأساسي والمركزي للثورة الفلسطينية هو تحرير الوطن الفلسطيني المحتل تحريرا كاملا، فإن الهدف المرحلي هو حماية الثورة من أعدائها، وتصعيدها والسير بها قدما في طريق تحقيق هدفها الأساسي، وذلك بتعبئة الجماهير الفلسطينية تعبئة ثورية سياسية وعسكرية ومعنوية، واشتراكها كلها في معركة التحرير، تصعيد الكفاح المسلح ضد العدو، وتوحيد كل قوى الجماهير الفلسطينية داخل الوطن المحتل وخارجه في هذا السبيل.


(1) أقر المجلس هذا البرنامج في جلسته المنعقدة في الرابع من آذار (مارس) 1971 .

<1>

البرنامج السياسي المرحلي للثورة الفلسطينية الذي أقره المجلس الوطني الفلسطيني
المصدر: ” الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1971، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 7، ط 1، ص 189-191 “

طبيعة الثورة الفلسطينية
          1 – إن الثورة الفلسطينية هي حركة تحرير وطني، وعلى ذلك، فإنها تتوافق في استراتيجيتها وتكتيكها مع سائر حركات التحرير الوطني والبلدان الاشتراكية والقوى الثورية والديمقراطية في العالم، من حيث هي حركة كل الجماهير المناضلة ضد الاحتلال الأجنبي، والمؤمنة بحتمية التحرير، والمستعدة للانخراط في النضال من أجل تحقيقه. وهذا يعني أن الشعب الفلسطيني بكل طبقاته وفئاته الوطنية، وسائر منظماته وجماعاته على اختلاف إنكارها ومبادئها، يدعو إلى الانخراط صفا واحدا متماسكا في ثورته الوطنية المسلحة.

          2 – إن الثورة الفلسطينية تمثل حركة التقدم في المجتمع العربي الفلسطيني، على الأسس التالية:
          أ – على أساس أنها تحارب احتلالا استيطانيا عنصريا هو جزء من قوى الظلام في العالم التي تعترض اتجاه حركة التاريخ.

          ب – على أساس أنها تحارب الامبريالية العالمية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية حامية الاحتلال الصهيوني الهادر لحقوق شعبنا وآماله.

          جـ – على أساس أنها تستهدف بناء المجتمع الفلسطيني العربي الذي تسود فيه مبادئ الديمقراطية والسلام والعدل والحرية والمساواة، وتحترم فيه كل المبادئ والأديان، وتصان فيه جميع الحقوق و الحريات، وتنتفي فيه نفيا قاطعا السيطرة الإقطاعية والعلاقات الاجتماعية المتخلفة، والتفرقة العرقية أو الدينية.

أشكال النضال
          إن الكفاح المسلح الذي فجرته الطلائع الثورية للشعب الفلسطيني في مطلع عام 1965 ( أي حرب العصابات المتصاعدة نحو حرب تحرير شاملة ) هو الشكل الرئيسي للنضال من أجل تحرير فلسطين، كما أن التحام القوات النظامية جنبا إلى جنب مع القوات الفدائية في الكفاح المسلح، يعتبر الشكل الأكثر قوة لتحقيق الثورة الشعبية الظافرة، وإضافة إلى ذلك، فإن جميع أشكال النضال الأخرى يجب أن تتوازى مع خط الكفاح المسلح باستقامة وثبات.

الحل الوحيد لقضية فلسطين
          إن الحل الوحيد للقضية الفلسطينية هو تحرير التراب الفلسطيني كاملا بقوة الكفاح المسلح، وعلى ذلك، فإن الحل التصفوي أو أية حلول أخرى يمكن أن تمس الحقوق الطبيعية والتاريخية للشعب الفلسطيني في وطنه كاملا، هي حلول مرفوضة من أساسها، وهنا، تعلن الثورة الفلسطينية التزامها المبدئي الصارم بما يلي:
          أ – النضال دون هوادة ضد جميع المحاولات والمساعي والمؤامرات والقوى التي تستهدف وقف مسيرة الثورة أو عرقلتها أو حرفها عن غاياتها، وكذلك ضد جميع مشاريع التضحية تحت أية صيغة جاءت، ويستلزم ذلك بالضرورة تطوير الثورة الفلسطينية وزيادة فعاليتها في جميع المجالات.

          ب – الوقوف بحزم ضد دعاة إقامة دويلة فلسطينية فوق جزء من التراب الفلسطيني، على اعتبار أن السعي لإقامة مثل تلك الدويلة إنما يقع في نطاق تصفية قضية فلسطين.

          جـ – اتخاذ كافة الإجراءات الضرورية الحازمة لحماية مسيرة الثورة الفلسطينية، وحق الوجود الوطني الفلسطيني، بالتعاون المشترك المتلاحم مع الحركة الوطنية الأردنية والحركات الوطنية العربية.

الدولة الديمقراطية الفلسطينية
          1 – إن الكفاح الفلسطيني المسلح ليس كفاحا عرقيا أو مذهبيا ضد اليهود، ولهذا فإن دولة المستقبل في فلسطين المحررة من الاستعمار الصهيوني هي الدولة الفلسطينية الديمقراطية التي يتمتع الراغبون في العيش بسلام فيها بنفس الحقوق والواجبات ضمن إطار مطامح الأمة العربية في التحرر القومي والوحدة الشاملة.

العمل على صعيد الأردن

          إن ما يربط الأردن بفلسطين هو علاقة وطنية ووحدة قومية صنعها التاريخ والثقافة منذ أقدم العصور، وإن خلق كيان سياسي في شرق الأردن وآخر في فلسطين لا يستند إلى أية شرعية أو إلى أية مقومات كيانية مقبولة، وإنما يقع في نطاق عملية التجزئة التي مزق بها الاستعمار وحدة أمتنا العربية ووحدة وطننا العربي بعد الحرب العالمية الأولى.

          ولكن هذه التجزئة لم تمنع الجماهير غربي النهر أو شرقيه من أن تحس بأنها جماهير شعب واحد، ومن أن تظل متحدة ضد مؤامرة الامبريالية والصهيونية.

          إن الثورة الفلسطينية التي رفعت شعار تحرير فلسطين، وطرحت قضية الثورة الفلسطينية، لم تستهدف الفصل بين شرق النهر وغربه، ولا كانت تؤمن بأن نضال الشعب الفلسطيني يمكن أن ينفصل عن نضال الجماهير في الأردن، وإنما انطلقت من مستلزمات مرحلة تاريخية معينة بهدف التركيز على توجيه كل القوى نحو فلسطين في سبيل إبراز قضيتنا، فلسطينيا، وعربيا، ودوليا.
          إن حرصنا على وحدة الجماهير الفلسطينية الأردنية، ومعرفتنا بالدور الذي تستطيع أن تؤديه في سبيل تصعيد معركة التحرير يؤكد إيماننا بما يلي:

<2>

البرنامج السياسي المرحلي للثورة الفلسطينية الذي أقره المجلس الوطني الفلسطيني
المصدر: ” الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1971، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 7، ط 1، ص 189-191 “

          أ – إن وحدة فلسطين وشرق الأردن وحدة قومية نحن مطالبون بحمايتها وتوثيقها ومحاربة كل المحاولات الرامية إلى إضعافها وتفكيكها.

          ب – إن هذه الوحدة القطرية لابد أن تتمثل بوحدة نضالية في صيغة جبهة وطنية أردنية، من مهامها الأساسية إقامة حكم وطني في الأردن يساهم في تحرير فلسطين ويسند القوى الفلسطينية المقاتلة بكل إمكانياته، وهذا بدوره جزء من نضال الأمة العربية في سبيل تحررها ووحدتها.

على صعيد الأمة العربية

          إن فلسطين جزء لا يتجزأ من الوطن العربي، وإن الشعب الفلسطيني جزء لا يتجزأ من الأمة العربية.

          إن الثورة الفلسطينية جزء من الحركة الثورية العربية، وهي طليعتها الثورية في هذه المرحلة التاريخية.

          وعليه، فإن مشاركة الجماهير العربية في القتال وفي حماية الثورة مهمة أساسية من مهمات الحركة الثورية العربية. وبالتالي فإن من شرف الواجب القومي أن تعمل الجماهير العربية بدأب على جعل الثورة الفلسطينية حقيقة يومية ملموسة، وذلك باتخاذ المواقف والخطوات التالية:
          أ – العمل على إحباط جميع المشاريع التصفوية والاستسلامية.

          ب – حماية الثورة الفلسطينية من مؤامرات القوى المضادة، وإحباط كل مساعيها للتضييق على الثورة والتحرش بها.

          جـ – توفير احتياجات المعركة، ولا سيما الدعم المادي والمعنوي والمساندة السياسية.

          د – المشاركة الفعلية في الثورة الفلسطينية.

          هـ – العمل على بناء جبهة عربية قوية لمساندة الثورة الفلسطينية والنضال العربي المشترك ضد الامبريالية والصهيونية والقوى المضادة للثورة في الوطن العربي.

          ويجب أن يكون واضحا أن علاقاتنا مع الجماهير العربية هي الأساس، وإن كان هذا لا يعني القطيعة مع الأنظمة، ودخول معارك جانبية بلا مبرر معها.

على الصعيد العالمي

          إن الامبريالية العالمية، والصهيونية العالمية، والاستعمار الصهيوني، هم من الأعداء الحقيقيين لشعبنا، وبما أنهم يمتدون كأخطبوط في مناطق عديدة من العالم ويستغلون قوى كثيرة ومتعددة ضدنا، فإن علينا أن نوسع مجال تحالفاتنا وعملنا إلى كل مكان في العالم.

          إن هذا يفرض علينا أن نقيم أوثق العلاقات مع كل القوى المناضلة ضد الامبريالية، والاستعمار، والاضطهاد، والعرقية، والاستغلال، وأن نعبئ لمصلحتنا كل قوى العدالة والتحرر والسلام في العالم.


<3>

Scroll to Top