البيان السياسي الأول للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
المصدر: ” الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1967، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 3، ص 999 – 1001 “
البيان السياسي الأول للجبهة الشعبية
لتحرير فلسطين.
( الحرية، بيروت، 11 / 12 / 1967 )
يا جماهير امتنا العربية
يا جماهير شعبنا الفلسطيني
منذ خمسين عاما وجماهير شعبنا تواجه سلسلة متصلة من تآمر الصهيونية والاستعمار على هذا الوطن وحق أهله في الحرية والحياة.
خمسون عاما وقوى الصهيونية والامبريالية العالمية تحيك المؤامرات والاعتداءات والحروب بهدف تثبيت فكرة وكيان الدولة الإسرائيلية. وفي كل يوم من هذه الحقبة التاريخية الشاقة وجماهير شعبنا تكافح ضد كل هذه المخططات. ولقد شهدت السنوات السابقة من حياة شعبنا الفلسطيني استمرارا لهذا الكفاح عبر عن نفسه بثورات وانتفاضات عديدة. بلورت نفسها في الفترة الأخيرة ( بالعمل الفدائي ) الذي مارسته طلائع هذا الشعب على الأرض المغتصبة والذي مثل رفض شعبنا الرضوخ والاستسلام والتسويات والأشكال غير المجدية من أساليب العمل السياسي، كما مثل في الوقت نفسه تصميم جماهير الشعب الفلسطيني على أخذ زمام المبادرة لشق طريق التحرير الكامل والتى هي في الوقت نفسه طريق مسؤولية الجماهير العربية كلها.
يا جماهير شعبنا المناضل
لقد كانت الهزيمة العسكرية التي لحقت بالجيوش العربية بداية مرحلة جديدة من العمل الثوري تباشر فيه الجماهير دورها القيادي والمسؤول في مقارعة قوى الامبريالية والصهيونية بالسلاح الذي اثبت التاريخ انه أفعل الأسلحة لسحق كافة أشكال العدوان الاستعماري ولاعطاء المبادرة للجماهير الشعبية حتى تصوغ مستقبلها وفق ارادتها، ومصالحها، هذا السلاح الوحيد الذي بقي للجماهير حتى تعيد للتاريخ مجراه الحقيقي وحتى تستنزف امكانات اعدائها وتهزمهم على المدى الطويل هو سلاح العنف الثوري في مجابهة العنف الاستعماري والصهيوني والرجعى، والذي لم يعد هناك امام جماهير امتنا العربية خيار في اتخاذ خط غيره، وهي تواجه عدوا شرسا يريد منها الاستسلام بلا قيد أو شرط. ان الجماهير العربية والفلسطينية على الأرض العربية وفوق الأراضي المحتلة إذ ترقب اليوم كافة الظروف التي احاطت بالعمل العربي والفلسطيني قبل يوم 5 حزيران، وبعده، ترى ادراكا منها لطبيعة المرحلة التي تمر بها ان الظروف الموضوعية قد نضجت إلى الحد الذي يفسح المجال لرفع شعار الكفاح الشعبي المسلح وممارسته حتى اخر مدى له في معركة طويلة وقاسية لا بد ان تتحقق في نهايتها ارادة الجماهير وأمانيها.
ان جموع شعبنا الفلسطيني تعيش اليوم ولأول مرة منذ نكبة 1948 على الأرض الفلسطينية المحتلة بأكملها، وفي مواجهة عدوها المغتصب وجها لوجه. اننا بهذا نواجه التحدي حتى نهايته وعلينا ان نقبله أو نستسلم لمطامع العدو ولاذلاله اليومي لشعبنا وامتصاصه لمقدرات حياتنا. ان فترة التشريد خلال العشرين عاما الماضية لم تشهد ظرفا نقف فيه امام غزاة الصهيونية بحيث أصبح مصير شعبنا وقضيتنا وكل إنسان فلسطيني رهن بتصميمه على قتال الغزاة من أجل الحفاظ على كرامة الأرض والإنسان.
يا جماهير شعبنا الفلسطيني، أيها النازحون في مخيمات التشريد والعزلة.
أيها الفلاحون فوق الأرض الملتهبة، ايها الفقراء والمضطهدون في مدننا وقرانا وفي معسكرات البؤس
البيان السياسي الأول للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
المصدر: ” الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1967، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 3، ص 999 – 1001 “
لا طريق أمامكم غير المقاومة ولا اختيار، ليس هناك شعار نحمله ونردده بعد اليوم سوى المقاومة المسلحة، وليست هناك حياة لنا على ارضنا الا من أجل الكفاح الشعبي المسلح وفي خدمة اهدافه وقتاله اليومي.
ان المقاومة المسلحة هي الاسلوب الوحيد والفعال والذي لابد ان تلجأ اليه الجماهير الشعبية في تصديها للعدو الصهيوني وكل مصالحه ووجوده، فالجماهير هي مادة المقاومة وقيادتها و القادرة من خلالها إلى تحقيق النصر في النهاية. وتجنيد امكانيات الجماهير الشعبية وتعبئة قواها الفاعلة لا يمكن ان يتم الا من خلال التنظيم الثوري الشعبي، الذي يتصدى للكفاح المسلح بقوى الجماهير المسلحة وبوعيها الكامل لابعاد المعركة ومراحلها وبالتجنيد المستمر لكل القوى البشرية التي ترتبط بالعمل المسلح واهدافه العسكرية والسياسية. ان الجماهير الشعبية المسلحة من خلال التنظيم الثوري وبقيادته تصبح اكثر قدرة على ممارسة المقاومة والاستمرار فيما رغم كل الصعاب والعقبات. ولهذا ومن أجل توحيد قوى وطاقات الجماهير الفلسطينية على الأرض المحتلة فقد تم اللقاء الكامل بين التنظيمات الفلسطينية التالية:
منظمة ابطال العودة، جبهة التحرير الفلسطينية بفرقها: ( فرقة الشهيد عبد اللطيف شرورو- فرقة الشهيد عز الدين القسام – فرقة الشهيد عبد القادر الحسينى )، الجبهة القومية لتحرير فلسطين ( منظمة شباب الثأر )، وعدة مجموعات فلسطينية اخرى على أرض الوطن وقد اتفقت هذه التنظيمات فيما بينها على ان توحد امكانياتها تحت لواء – الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – والتي قامت لتحقيق الوحدة المصيرية بين كل هذه القوى ادراكا منها ان طبيعة المعركة وابعادها والقوى المعادية فيها تحتم تكتيل كل الجهود والصفوف الثورية لشعبنا في نضاله المرير والطويل ضد اعدائه.
ان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وقد قامت بمبادرة فريق اساسي من القوى الثورية، تتوجه في الوقت ذاته بنداء مفتوح إلى كافة القوى والفئات الفلسطينية للالتقاء الوطني الثوري العريض من أجل الوصول إلى وحدة وطنية راسخة بين سائر فصائل العمل الفلسطيني المسلح. ان وحدة كل المناضلين هي المطلب الحقيقي لجماهيرنا فالمعركة طويلة وقاسية ولا تحتمل تمزقا في صفوف الحركة الوطنية، ولذا فان الجبهة الشعبية الحريصة كليا على هذا المطلب لانها قد قامت على اساسه، تقف اليوم وهي تدق بعنف أبواب المقاومة المسلحة، مؤمنة بأن التفاف الجماهير حول العمل المسلح وقواه الموحدة هو الضمان الوحيد لصمود هذا الكفاح وتصاعده حتى يصل إلى مستوى الثورة الفلسطينية بكل ابعادها ومضامينها.
يا جماهير شعبنا المناضل
ان اللغة الوحيدة التي يفهمها العدو هي لغة العنف الثوري. ان الكفاح المسلح هو المنهج الرئيسي الذي سيجعل من ارضنا ميدانا اساسيا للصراع الطويل الذي نخوضه ضد الاحتلال ومحاولاته لتصفية قضيتنا سواء بمحاولة تشكيل نظام حكم تابع له أو محاولات الاستيطان التي بداها مجددا في عدة مناطق عربية أو استماتته في فرض حل مشين باحتلاله بعض الاجزاء من الأرض العربية. ان القتال العنيف ضد العدو وفي كل ارض تطؤها اقدام جنوده هو النهج التاريخي الذي نسير فيه حتى نصل إلى مرحلة نفتح فيها أولى أوسع جبهة ضد العدو وتتحول من خلالها الأرض الفلسطينية إلى جحيم يحترق الغزاة بنيرانه فالكفاح المسلح لا يعرف له حدودا. ان المقاومة المسلحة لا يجب ان تقتصر على المناضلين وحدهم، بل ان لكل انسان فلسطيني دوره في مقاومة العدو وعلى كل مستوى، فلا تعامل العدو بل مقاطعة تامة بكل مؤسساته الإقتصادية أو المدنية أو السياسية التي يحاول خلقها. ان شعار كل الجماهير يجب أن يكون الصمود حتى النصر. لترسخ اقدامنا في الأرض وتمتد جذورها إلى اعماقها، فنحن باقون على ارضنا ولن نخرج. ان الجبهة الشعبية ومعها كل الجماهير تهتف اليوم ( نموت ولا نهاجر ) فهذا هو النداء الذي يجب ان نردده كل يوم ومع انطلاقة كل رصاصة، وسقوط كل شهيد. ان الارض الفلسطينية هى اليوم ملك لكل الجماهير، فكل رقعة من ارضنا هى ملك لكل من يدافع عنها ويحررها من الوجود الغاصب والانسان الفلسطيني سينشب اظافره في ارضه وصخورها ولن يتخلى عن شبر واحد منها لانها ملك لجموع الفقراء والجائعين والنازحين ومن اجل تحرير هذه الأرض ومن أجل حق هذه الجموع فيها يسقط اليوم مناضلونا ورؤوسهم مرفوعة.
البيان السياسي الأول للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
المصدر: ” الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1967، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 3، ص 999 – 1001 “
ان الجماهير يا ابناء شعبنا البطل، هي الرئة التي يتنفس منها المقاتل، وانخراط الجماهير في المعركة يضمن لها النصر على المدى الطويل، إن المساندة الشعبية للمناضلين وعلى كافة المستويات وفي كل أرض تشكل الأساس الحقيقى والراسخ لصمود قتالنا وتصاعده. حتى يتم سحق العدو وتحطيم قواعده. وآماله غير المشروعة، فهذا القتال المسلح يقوم على أرض الجماهير وبدعم منها واما المتعاونون والخونة اعداء الجماهير فان مصيرهم سيكون كمصير العدو المحتل السحق التام.
ان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وهي تقوم بدورها في تمزيق ستار الانتظار والركود على الأرض المحتلة وتعلن تصميمها على رفض المذلة والمهانة والتسويات، لتقف اليوم امام جماهيرنا الشعبية واعدة اياها بان تقدم لها الحقيقة كل الحقيقة في كل ما يتعلق بقتالها ومنجزاتها والعقبات الحقيقية التي تعترض العمل المسلح، فالحقيقة يجب ان تكون ملكا للجماهير لاننا لا نشعر باننا اكثر غيرة من الجماهير على مصالحها وقضيتها. ان الجماهير يجب ان تعي بشكل كامل منجزات الكفاح المسلح ومشاكله دون مبالغة أو تهويل لانها هى الامينة على اهداف هذا الكفاح وأمانيه وهي التي ستقدم لهذا الكفاح كل ما تملكه حتى دماء مناضليها. ان المقاتلين على الأرض الفلسطينية يختطون اليوم طريقا جديدا للعمل السياسي والتعامل مع الجماهير طابعه المصارحة الكاملة ( وكل الحقيقة للجماهير ).
يا جماهير امتنا العربية
ان معركتنا هذه طويلة وقاسية، والمقاومة المسلحة اليوم هي طليعة القتال الصامد على امتداد الجبهة العربية. ان كل انسان عربي مطالب اليوم بتقديم دعمه وتأييده الكامل لمسيرة القتال المسلح وحركته الضاربة على كافة المستويات فقتال الجماهير الفلسطينية فوق الاراضي المحتلة هو جزء فاعل من مسيرة الثورة العربية ضد الامبريالية العالمية وقواها العميلة اننا في مواجهتنا لتحالف الصهيونية والاستعمار بحاجة إلى ارتباط عضوي بين كفاح شعبنا الفلسطيني وكفاح جماهير الشعب العربى في مواجهتها نفس الخطر ونفس الخصم ونفس المخططات. ولذا فان العمل الفلسطيني المسلح يحدد موقفه عربيا مع من يقف إلى جانب نضاله ضد من يعاديه. كما ان كفاح الشعب الفلسطيني مرتبط عضويا مع كفاح قوى الثورة في الوطن العربي ويتطلب امتن التحالف مع كافة قوى الثورة والتقدم في العالم، فان طبيعة التحالف الذي نواجهه يتطلب تحالفا مقابلا تنتظم فيه كافة القوى المعادية للامبريالية في كل جزء من العالم.
أيها المناضلون في كل مكان على الأرض الفلسطينية، أيها العمال والفلاحون، يا فقراء شعبنا ونازحيه، أيها الطلاب المثقفون، أيها الموظفون والتجار،
هذه هي البداية ترفع فيها جبهتكم الشعبية رايات الفداء والصمود والتحدي. ونحن من على ارض الكفاح المسلح لا نعدكم بالاحلام الوردية، ولكن بمزيد من القتال، من الصمود، من التعبئة السياسية، من الدفاع عن الجماهير العزلاء ضد الانتقام بكل طاقاتنا، فالقتال الذي نخطو أولى خطواته اليوم طويل وقاس مرير، وانتم قيادته ومادته واصحاب الفعل الحقيقي فيه. ان معركتنا هذه ليست بالمعركة السهلة أو التلقائية أو السريعة ولكنها معركة مصير ووجود تحتاج إلى نفس طويل وقدرة على الاستمرار والصمود.