الرسائل المتبادلة بين الشريف حسين وسير هنري مكماهون من 14 يوليه 1915 إلى 10 مارس 1916
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومى، ج 1، ص 169 – 189”
الرسائل المتبادلة
بين الشريف حسين وسيرهنرى مكماهون
من 14 يوليو 1915 الى 10 مارس 1916
بسم الله الرحمن الرحيم
مكة فى 28 رمضان سنة 1333 ( 14 يوليو سنة 1915)
لصاحب السعادة والرفعة نائب جلالة الملك بمصر، سلمه الله.
أقدم لجنابكم العزيز أحسن تحياتى الودية واحتراماتى، وأرجو أن تعملوا كل ما فى وسعكم لتنفيذ المذكرة المرسلة اليكم طيه، المتضمنة الشروط المقترحة المتعلقة بالقضية العربية.
وأود بهذه المناسبة أن أصرح لحضرتكم ولحكومتكم أنه ليس هناك حاجة لأن تشغلوا افكاركم بآراء الشعب هنا، لأنه بأجمعه ميال إلى حكومتكم بحكم المصالح المشتركة.
ثم يجب ألا تتعبوا أنفسكم بارسال الطيارات أو رجال الحرب، لالقاء المناشير، واذاعة الشائعات، كما كنتم تفعلون من قبل، لأن القضية قد قررت الآن.
وانى لأرجوكم هنا أن تفسحوا المجال أمام الحكومة المصرية، لترسل الهدايا المعروفة من الحنطة للاراضى المقدسة “مكة والمدينة” التى أوقف ارسالها منذ العام الماضى.
وأود أن ألفت نظركم الى أن إرسال هدايا هذا العام، والعام الفائت، سيكون له أثر فعال فى توطيد مصالحنا المشتركة وأعتقد أن هذا يكفى لإقناع رجل ذكى مثلك أطال الله بقاءكم.
حاشيه – أرجو ألا تزعجوا أنفسكم بإرسال أي رسالة، قبل أن تروا نتائج أعمالنا هنا خلا الجواب على مذكرتنا وما تتضمنه.
ونرجو أن يكون هذا الجواب بواسطة رسولنا كما نرجو أن تعطوه بطاقة منكم ليسهل عليه الوصول اليكم عندما نجد حاجة لذلك.
والرسول موثوق به.
المذكرة:
لما كان العرب بأجمعهم دون استثناء – قد قرروا في الأعوام الأخيرة أن يعيشوا
يقظة العرب” جورج انطونيوس
الرسائل المتبادلة بين الشريف حسين وسير هنري مكماهون من 14 يوليه 1915 إلى 10 مارس 1916
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 169 – 189”
وأن يفوزوا بحريتهم المطلقة، وأن يتسلموا مقاليد الحكم نظريا وعمليا بأيديهم. ولما كان هـؤلاء قد شعروا وتأكدوا أنه من مصلحة حكومة بريطانيا العظمى. أن تساعدهم وتعاونهم للوصول إلى أمانيهم المشروعة، وهى الأمانى المؤسسة على بقاء شرفهم، وكرامتهم وحياتهم …
ولما كان من مصلحة العرب أن يفضلوا مساعدة حكومة بريطانيا عن أية حكومة أخرى بالنظر لمركزها الجغرافى، ومصالحهم الاقتصادية وموقفهم من حكومة بريطانيا.
أنه بالنظر لهذه الأسباب كلها يرى الشعب العربى أنه من المناسب أن يسأل الحكومة البريطانية اذا كانت ترى من المناسب أن تصادق بواسطة مندوبيها أو ممثليها على الاقتراحات الاساسية الآتية:
أولا – أن تعترف انجلترا باستقلال البلاد العربية من مرسين – ادنه، حتى الخليج الفارسى شمالا ومن بلاد فارس حتى خليج البصرة شرقا، ومن المحيط الهندى للجزيرة جنوبا يستثنى من ذلك. عدن التى تبقى كما هى – ومن البحر الاحمر، والبحر المتوسط حتى سينا غربا.
على أن توافق انجلترا أيضا على اعلان خليفة عربى على المسلمين.
ثانيا – تعترف حكومة الشريف العربية بأفضلية انجلترا في كل مشروع اقتصادى فى البلاد العربية اذا كانت شروط تلك المشاريع متساوية.
ثالثا – تتعاون الحكومتان الانجليزية والعربية فى مجابهة كل قوة. تهاجم أحد الفريقين وذلك. حفظا لاستقلال البلاد العربية. وتأمينا لأفضلية انجلترا الاقتصادية فيها.. على أن يكون هذا التعاون فى كل شىء، في القوة العسكرية، والبحرية والجوبة …
رابعا- اذا تعدى أحد الفريقين على بلد ما ونشب بينه وبينها عراك وقتال، فعلى الفريق الآخر أن يلزم الحياد. على أن هذا الفريق المعتدى اذا رغب في اشتراك الفريق الآخر معه ففى وسع الفريقين أن يجتمعا معا وأن يتفقا على الشروط.
خامسا – مدة الاتفاق فى المادتين الثالثة والرابعة من هذه المعاهدة خمس عشرة سنة. واذا شاء أحد الفريقين تجديدها عليه أن يطلع الفريق الآخر على رغبته قبل انتهاء مدة الاتفاقية بعام.
هذا ولما كان الشعب العربى بأجمعه قد أتفق “والحمد لله” على بلوغ الغاية وتحقيق الفكرة مهما. كلفه الأمر، فهو يرجو الحكومة البريطانية أن تجيبه سلبا أو ايجابا فى خلال ثلاثين يوما من وصول هذا الاقتراح. واذا انقضت هذه المدة ولم يتلق من الحكومة جوابا فانه يحفظ لنفسه حرية العمل كما يشاء.
وفوق هذا فاننا نحن عائلة الشريف نعتبر أنفسنا – اذ لم يصل الجواب – أحرارا فى القول والعمل ومن كل التصريحات، والوعود السابقة التى قدمناها بواسطة على أفندى.
ورد فى هذا البند نص بالانكليزية يلغي الامتيازات الأجنبية في البلاد العربية ولم يرد مايماثله باللغة العربية.
يرجع إلى أصل النص فى كتاب. The Arab Awaking
الرسائل المتبادلة بين الشريف حسين وسير هنري مكماهون من 14 يوليه 1915 إلى10 مارس 1916
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومى، ج 1، ص 169 – 189”
من السير هنرى مكماهون إلى الشريف حسين
30 أغسطس 1915
إلى السيد الحسيب النسيب سلالة الأشراف وتاج الفخار وفرع الشجرة المحمدية والدوحة القرشية الأحمدية صاحب المقام الرفيع والمكانة السامية السيد ابن السيد والشريف بن الشريف السيد الجليل المبجل دولتلو الشريف حسين سيد الجميع أمير مكة المكرمة قبلة العالمين ومحط رجال المؤمنين الطائعين عمت بركته الناس أجمعين
بعد رفع رسوم وافر التحيات العاطرة والتسليمات القلبية الخالصة من كل شائبة نعرض أن لنا الشرف بتقديم واجب الشكر لاظهاركم عاطفة الاخلاص وشرف الشعور والاحساسات نحو الانجليز. وقد يسرنا علاوة على ذلك أن نعلم أن سيادتكم ورجالكم على رأي واحد وأن مصالح العرب هى نفس مصالح الانجليز والعكس بالعكس. ولهذ النسبة فنحن نؤكد لكم أقوال فخامة اللورد كتشنر التى وصلت الى سيادتكم عن يد على أفندى وهى التى كان موضحا بها رغبتنا فى استقلال بلاد العرب وسكانها مع استصوابنا للخلافة العربية عند اعلانها.
وانا نصرح هنا مرة اخرى أن جلالة ملك بريطانيا العظمى يرحب باسترداد الخلافة الى يد عربى صميم من فروع تلك الدوحة النبوية المباركة.
وأما من خصوص مسألة الحدود والتخوم فالمفاوضة فيها تظهر أنها سابقة لأوانها – وتصرف الأوقات سدى فى مثل هذه التفاصيل فى حالة أن الحرب دائرة رحاها ولأن الاتراك أيضا لايزالون محتلين لأغلب. تلك الجهات احتلالا فعليا وعلى الأخص ماعلمناه وهو مما يدهش ويحزن أن فريقا من العرب القاطنين فى تلك الجهات نفسها قد غفل وأهمل هذه الفرصة الثمينة التى ليس أعظم منها- وبدل اقدام ذلك الفريق على مساعدتنا نراه قد مد يد المساعدة إلى الألمان – نعم مد يد المساعدة لذلك السلاب النهاب الجديد وهو الألمان والظالم العسوف وهو الأتراك.
مع ذلك فأنا على كمال الاستعداد لأن نرسل إلى ساحة دولة السيد الجليل وللبلاد العربية المقدسة والعرب الكرام من الحبوب والصدقات المقررة من البلاد المصرية وستصل بمجرد اشارة من سيادتكم وفى المكان الذى تعينونه. وقد عملنا الترتيبات اللازمة لمساعدة رسولكم فى جميع سفراته الينا ونحن على الدوام معكم قلبا وقالبا مستنشقين رائحة مودتكم الزكية ومستوثقين بعرا محبتكم الخالصة سائلين الله سبحانه وتعالى دوام حسن العلائق بيننا.
وفى الختام أرفع الى تلك السدة العليا كامل تحياتى وسلامى وفائق احترامى.
تحريرا في 19 شوال 1333 |
| المخلص |
الرسائل المتبادلة بين الشريف حسين وسير هنري مكماهون من 14 يوليه 1915 إلى 10 مارس 1916
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949 وزارة الارشاد لقومي، ج1، ص 169 – 189”
من الشريف إلى مكماهون
بسم الله الرحمن الرحيم
مكة في 29 شوال سنة 1333 (9 سبتمبر سنة 1915)
لصاحب السعادة والرفعة نائب جلالة الملك بمصر، سلمه الله
بمزيد من السرور والغبطة تلقيت كتابكم المؤرخ فى19 شوال وطالعته بكل احترام واعتبار رغم شعورى بغموضه وبرودته وتردده فيما يتعلق بنقطتنا الأساسية، أعنى نقطة الحدود.
وأرى من الضرورى أن أؤكد لسعادتكم اخلاصنا نحو بريطانيا العظمى واعتقادنا بضرورة تفضيلها على الجميع فى كل الشئون وفى أى شكل، وفى أية ظروف ويجب أن أؤكد لكم أيضا أن مصالح اتباع ديانتنا كلها تتطلب الحدود التى ذكرتها لكم.
ويعذرنى فخامة المندوب اذا قلت بصراحة أن “البرودة” و “التردد” اللذين ضمنهما كتابه فيما يتعلق بالحدود وقوله أن البحث فى هذه الشئون انما هو اضاعة للوقت، وان تلك الاراضى لا تزال بيد الحكومة التى تحكمها … ويعذرنى فخامته اذا قلت أن هذا كله يدل على عدم الرضا، أو على النفور أو على شىء من هذا القبيل.
فان هذه الحدود المطلوبة ليست لرجل واحد نتمكن من ارضائه ومفاوضته بعد الحرب بل هى مطالب شعب يعتقد أن حياته فى هذه الحدود وهو متفق بأجمعه على هذا الاعتقاد.
وهذا ما جعل الشعب يعتقد أنه من الضرورى البحث فى هذه النقطة قبل كل شىء مع الدولة التى يثقون بها كل الثقة ويعلقون عليها كل الآمال وهى بريطانيا العظمى.
واذا أجمع هؤلاء على ذلك فانما يجمعون عليه فى سبيل الصالح المشترك. وهم يرون أنه من الضرورى جدا أن يتم تنظيم الاراضى المجزأة، ليعرفوا على أى أساس يؤسسون حياتهم كى لا تعارضهم إنجلترا أو إحدى حليفاتها في هذا الموضوع مما يؤدى الى نتيجة معاكسة، الأمر الذى حرمه الله.
وفوق هذا فان العرب لم يطلبوا – فى تلك الحدود – مناطق يقطنها شعب أجنبى بل هى عبارة عن كلمات وألقاب يطلقونها عليها.
الرسائل المتبادلة بين الشريف حسين وسير هنري مكماهون من 14 يوليه 1915 إلى 10 مارس 1916
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزرة الارشاد القومي، ج 1، ص 169 – 189”
أما الخلافة فان الله يرضى عنها، ويسر الناس بها.
وأنا على ثقة يا صاحب الفخامة، أنكم لا تشكون قط بأنى لست أنا شخصيا الذى يطلب تلك الحدود التى يقطنها عرب مثلنا، بل هى مقترحات. شعب بأسره، يعتقد بأنها ضرورية لتأمين حياته الاقتصادية.
أوليس هذا صحيحا يافخامة الوزير؟
وبالاختصار فاننا ثابتون فى اخلاصنا نصرح بكل تأكيد بتفضيلنا لكم على الجميع أكنتم راضين عنا – كما قيل – أو غاضبين.
أما ما يتعلق فى قولكم بأن قسما من شعبنا لايزال يبذل جهده فى سبيل تأمين مصالح الأتراك، فلا أظن أن هذا يبرر “البرودة” و “التردد” اللذين شعرت بهما في كتابكم فيما يتعلق بموضوع الحدود، الموضوع الذى لا أعتقد أن رجلا مثلكم ثاقب الرأى ينكر أنه ضرورى لحياتنا الأدبية والمادية.
وأنا حتى الساعة لا أزال أنفذ ما تأمر به الديانة الاسلامية في كل عمل أقوم به، وأراه مفيدا وصالحا لبقية المملكة، وانى سأستمر فى هذا الى أن يأمر الله فى غير ذلك.
وأود هنا يا صاحب الفخامة أن أؤكد لكم بصراحة أن كل الشعب – ومن جملته هؤلاء الذين تقولون أنهم يعملون لصالح تركيا وألمانيا – ينتظر بفارغ الصبر نتائج هذه المفاوضات المتوقفة على موافقتكم أو رفضكم قضية الحدود، وقضية المحافظة على ديانتهم، وحمايتهم من كل أذى أو خطر.
وكل ما تجده الحكومة البريطانية موافقا لسياستها، في هذا الموضوع، فما عليها الا أن تعلمنا به وأن تدلنا على الطريق التى يجب أن نسلكها.
ولذلك نرى أن من واجبنا أن نؤكد لكم أننا سنطلب اليكم فى أول فرصة بعد انتهاء الحرب ما ندعه الآن لفرنسا فى بيروت وسواحلها.
ولست أرى حاجة هنا لأن ألفت نظركم إلى أن خطتنا هى آمن على مصالح انجلترا من خطة انجلترا على مصالحنا، ونعتقد أن وجود هؤلاء الجيران فى المستقبل سيقلق أفكارنا كما يقلق أفكارها ..
وفوق هذا فان الشعب البيروتى لا يرضى قط بهذا الابتعاد والانزواء وقد يضطرونا لأتخاذ تدابير جديدة قد يكون من شأنها خلق متاعب جديدة، تفوق في صعوبتها المتاعب الحاضرة.
وعلى هذا لا يمكن السماح لفرنسا بالاستيلاء على قطعة صغيرة من تلك المنطقة.
وأنا أصرح بهذا رغم أنى أعتقد وأؤمن بالتعهدات التى قطعتموها فى كتابكم.
ويستطيع معالى الوزير، وحكومته أن يثقا كل الثقة بأننا لانزال عند قولنا وعزيمتنا وتعهداتنا التى عرفها مستر ستورس منذ عامين.
الرسائل المتبادلة بين الشريف حسين وسير هنري مكماهون من 14 يوليه 1915 إلى 10 مارس 1916
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومى، ج 1، ص 169 – 189”
ونحن ننتظر اليوم الفرصة السانحة التى تناسب موقفنا، وخاصة فيما يتعلق بالحركة التى أضحت قريبة والتى يدفعها الينا القدر بسرعة ووضوح، لنكون حجة – نحن والذين يرون رأينا – فى العمل ضد تركيا، ودون أن نتعرض للوم والنقد.
وأعتقد أن قولكم “بأن بريطانيا لا تحثكم ولا تدفعكم للاسراع في حركتكم مخافة أن يؤدى هذا التسرع الى تصديع نجاحكم” لا يحتاج إلى ايضاح .. الا فيما يتعلق بمطالبكم بالأسلحة والذخائر عند الحاجة.
اعتقد الآن أن فى هذا الكفاية ..
الرسائل المتبادلة بين الشريف حسين وسير هنري مكماهون من 14 يوليه 1915 إلى 10 مارس 1916
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 169 – 189”
من السير هنرى مكماهون الى الشريف حسين
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى فرع الدوحة المحمدية وسلالة النسل النبوى الحسيب النسيب دولة صاحب المقام الرفيع الأمير المعظم السيد الشريف بن الشريف أمير مكة المكرمة صاحب السدة العلياء جعله الله حرزا منيعا للإسلام والمسلمين بعونه تعالى آمين وهو دولة الامير الجليل الشريف حسين بن على أعلى الله مقامه.
قد تلقيت بيد الاحتفاء والسرور رقيمكم الكريم المؤرخ بتاريخ 29 شوال سنة 1333 وبه من عباراتكم الودية المحضة واخلاصكم ما أورثنى رضاء وسرورا.
انى متأسف أنكم استنتجتم من عبارة كتابى السابق أنى قابلت مسألة الحدود والتخوم بالتردد والفتور، فان ذلك لم يكن القصد من كتابى قط ولكنى رأيت حينئذ أن الفرصة لم تكن قد حانت بعد للبحث فى ذلك الموضوع بصورة نهائية.
ومع ذلك فقد أدركت من كتابكم الاخير أنكم تعتبرون هذه المسألة من المسائل الهامة الحيوية المستعجلة، فلذا فانى قد أسرعت في ابلاغ حكومة بريطانيا العظمى مضمون كتابكم، وانى بكمال السرور أبلغكم بالنيابة عنها التصريحات الآتية التى لا أشك فى أنكم تنزلونها منزلة الرضى والقبول.
ان ولايتى مرسين وأسكندرونة وأجزاء من بلاد الشام الواقعة فى الجهة الغربية لولايات دمشق الشام وحمص وحماه وحلب لا يمكن أن يقال انها عربية محضة. وعليه يجب أن تستثنى من الحدود المطلوبة.
مع هذا التعديل وبدون تعرض للمعاهدات المعقودة بيننا وبين بعض رؤساء العرب نحن نقبل تلك الحدود.
وأما من خصوص الاقاليم التى تضمها تلك الحدود حيث بريطانيا العظمى مطلقة التصرف بدون أن تمس مصالح حليفتها فرنسا فانى مفوض من قبل حكومة بريطانيا العظمى أن أقدم المواثيق الآتية وأجيب على كتابكم بما يأتى:
1 – | أنه مع مراعاة التعديلات المذكورة أعلاه فبريطانيا العظمى مستعدة بأن تعترف باستقلال العرب وتؤيد ذلك الاستقلال فى جميع الأقاليم الداخلة فى الحدود التى يطلبها دولة شريف مكة. |
2 – | أن بريطانيا العظمى تضمن الاماكن المقدسة من كل اعتداء خارجى وتعترف بوجوب منع التعدى عليها. |
3 – | وعندما تسمح الظروف تمد بريطانيا العظمى العرب بنصائحها وتساعدهم على ايجاد هيئات حاكمة ملائمة لتلك الاقاليم المختلفة. |
الرسائل المتبادلة بين الشريف حسين وسير هنري مكماهون من 14 يوليه 1915 إلى 10 مارس 1916
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزاره الارشاد القومي، ج1، ص 169 – 189”
4 – | هذا وان المفهوم أن العرب قد قرروا طلب نصائح وارشادات بريطانيا العظمى وحدها وأن المستشارين والموظفين الأوروبيين اللازمين لتثسكيل هيئة ادارية قويمة يكونون من الانجليز. |
5 – | أما من خصوص ولايتى بغداد والبصرة فان العرب تعترف أن مركز ومصالح بريطانيا العظمى الموطدة هناك تستلزم اتخاذ تدابير إدارية مخصوصة لوقاية هذه الأقاليم من الاعتداء الاجنبى وزيادة خير سكانها وحماية مصالحنا الاقتصادية المتبادلة. |
وإنى متيقن أن هذا التصريح يؤكد لدولتكم بدون أقل ارتياب ميل بريطانيا العظمى نحو رغائب أصحابها العرب وتنتهى بعقد محالفة دائمة ثابتة معهم ويكون من نتائجها المستعجلة طرد الأتراك من بلاد العرب وتحرير الشعوب العربية من نير الأتراك الذى أثقل كاهلهم السنين الطوال.
ولقد اقتصرت في كتابى هذا على المسائل الحيوية ذات الأهمية الكبرى وان كان هناك مسائل فى خطاباتكم لم تذكر هنا فسنعود إلى البحث فيها في وقت مناسب في المستقبل.
ولقد تلقيت بمزيد السرور والرضى خبر وصول الكسوة الشريفة وما معها من الصدقات بالسلامة وأنها بفضل ارشاداتكم السامية وتدابيركم المحكمة قد أنزلت إلى البر بلا تعب ولا ضرر رغما عن الاخطار والمصاعب التى سببتها هذه الحرب المحزنة، ونرجو الحق سبحانه وتعالى أن يعجل بالصلح الدائم والحرية لأهل العالم.
انى مرسل خطابى هذا مع رسولكم النبيل الأمين الشيخ محمد بن عارف بن عريفان وسيعرض على مسامعكم بعض المسائل المفيدة التى هى من الدرجة الثانية من الأهمية ولم أذكرها فى كتابى هذا.
وفى الختام أبث دولة الشريف ذا الحسب المنيف والامير الجليل كامل تحيتى وخالص مودتى وأعرب عن محبتى له ولجميع أفراد أسرته الكريمة راجيا من ذى الجلال أن يوفقنا جميعا لما فيه خير العالم وصالح الشعوب. ان بيده مفاتيح الامر والغيب يحركها كيف يشاء ونسأله تعالى حسن الختام والسلام.
تحريرا فى يوم الاثنين 15 ذى الحجة 1333
|
| نائب جلالة الملك |
الرسائل المتبادلة بين الشريف حسين وسير هنري مكماهون من 14 يوليه 1915 إلى 10 مارس 1916
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزرة الارشاد القومي، ج 1، ص 169 – 189”
من الشريف حسين إلى السير هنرى مكماهون
بسم الله الرحمن الرحيم
الى معالم الشهم الهمام ذو الاصالة والرياسة الوزير الخطير وفقه الله لمرضاته. بملء الايناس تلقينا مرسومكم الموقر الصادر وأحلناه محل التبجيل وعلى مؤداه نجيب الشهامة.
أولا – | تسهيلا للوفاق وخدمة للإسلامية فرارا مما يكلفها المشاق والأحن ولما لحكومة بريطانيا العظمى من الصفات والمزايا الممتازة لدينا نترك الالحاح فى ادخال ولايات مرسين وأطنة فى أقسام المملكة العربية وأما ولايتى حلب وبيروت وسواحلهما فهى ولايات عربية محضة ولا فرق بين العربى المسيحى والمسلم فانهما أبنا جد واحد، ولتقوم فيهم منا معاشر المسلمين ما سلكه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من أحكام الدين الإسلامى ومن تبعه من الخلفاء أن يعاملوا المسيحيين كمعاملاتهم لأنفسهم بقوله ” لهم مالنا وعليهم ما علينا” علاوة على امتيازاتهم المذهبية وبما تراه المصلحة العامة وتحكم به. |
ثانيا – | حيث أن الولايات العراقية هى من أجزاء المملكة العربية المحضة ، بل هى مقر حكوماتها على عهد على بن أبى طالب كرم الله وجهة ثم علي عهد عموم الخلفاء من بعده، وبها قامت مدنية العرب وأول ما اختطوه من المدن والأمصار واستفحلت دولهم فلها لدى العرب أقصاهم وأدناهم القيمة الثمينة والآثار التى لا تنسى، فلا يمكنا ارضاء الأمة العربية وارضاخها لترك ذلك الشرف ولكن تسهيلا للوفاق سيما والمحاذير التى أشرتم اليها في المادة الخامسة من رقيمكم آنف الذكر محفوظيها وصيانتها من طبقة وضرورة ما نحن فيه وحيازة ما نريد التوصل اليه، فان أهم ما فى هذا هى صيانة تلك الحقوق الممزوجة بحقوقنا بصورة كأنها الجوهر الفرد يمكنا الرضا بترك الجهات التى هى الآن تحت الاشغال البريطانى إلى مدة يسيرة، البحث فيما يقبل عن قدرها دون أن يلحق حقوق الجانبين مضرة أو خلل. سيما العربية بالنسبة لأمر مرافقها ومنابعها الاقتصادبة الحياتية، وأن يدفع للمملكة العربية فى مدة الأشغال المقدار المناسب من المال لضرورة ترتكبه كل مملكة حديثة الوجود. مع احترامنا لوفاقاتكم المشار عليها مع مشايخ تلك الجهات وبالأخص ما كان منها جوهريا. |
ثالثا – | رغبتكم فى الاسراع بالحركة نرى فيه من الفوائد بقدر ما نرى فيه من المحاذير، أوله خشية لوم الإسلامية كما سبق الجاهل عن حقائق الحالة بأنا شققنا عصاها وأبدنا قواها، الثانى المقام تركيا معاضدتها جميع معانى قوى جرمانيا لجهلنا عما اذا حصل وهن احدى دول الاتلاف وأوجبها على صلح دول الاتفاق، فكيف تكون خطة بريطانيا العظمى وحلفائها لئلا تكن الأمة العربية أمام تركيا وحلفائها معا اذ لا يهمنا ما اذا كنا والعثمانية رأسا لرأس. |
الرسائل المتبادلة بين الشريف حسين وسير هنري مكماهون من 14 يوليه 1915 إلى 10 مارس 1916
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 169 – 189”
وعلى هذا فضرورى ملاحظة هذه الأوجه ولا سيما عقد صلح اشتركنا في حربه بصورة غير رسمية يخول للمتصالحين البحث فيه عن شئوننا.
رابعا – | ان الأمة العربية تعتقد يقينا أن العثمانية عند وضع أوزار الحرب سيوجهون كل أعمالهم فيما يغضب العرب ويغتصب حقوقهم المادية والمعنوية وذهاب شعارهم وأحسابهم واخضاعهم بكل معانى الاخضاع مع بقائها تحت النفوذ الألمانى فهم عازمون على حربهم حتى لا يبقى لنا باقية وما يرى فينا الآن من التأنى فقد سبق بيان علته. |
خامسا – | متى علمت العرب أن حكومة بريطانيا حلفائهم لا يتركونهم عند الصلح على حالهم أمام تركيا وجرمانيا وأنهم يدافعون عنهم ويعاضدونهم ويدافعون عنهم الدفاع الفعلى فالدخول فى الحرب من الساعة لا شك أنه مما يوافق المصالح العربية. |
سادسا – | افادتنا السابقة الصادرة بتاريخ 29 شوال 1333 تغنى عن اعادة القول فى المادة الثالثة والرابعة من مرسومكم هذا الموقر في خصوصات الهيئات الحاكمة والمشاورين والموظفين سيما وقد صرحتم يا حضرة الشهم بأنكم لا تتدخلون فى أمور الداخلية. |
سابعا – | وصول الجواب الصريح القطعى في أقرب زمن على ذكر أعلاه من الطلبات اذ أنا استعملنا كلما يقربنا اليكم من التساهل الجدى الذى لا يراد به حقيقة جوهرية فانا نعلم أن نصيبنا من هذه الحروب إما سعادة تضمن للعرب الحياة التى تناسب تاريخهم أو الاضمحلال فى سبيلها. ولولا ما رأيتم ورأيت ما في عزمهم لاخترت العزلة في شواهق السراة، ولكن أبو على يا عزيزى- أعزك البارى بمرضاته الا أن يقودنى الى هذه المواقف. |
ودم غانما سالما بما نحبه وتريده.
وحرر فى 27 من ذى الحجة 1333
الرسائل المتبادلة بين الشريف حسين وسير هنري مكماهون من 14 يوليه 1915 إلى 10 مارس 1916
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 169 – 189”
من السير هنرى مكماهون إلى الشريف حسين
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى صاحب الاصالة والرفعة وشرف المحتد سلالة بيت النبوة والحسب الطاهر والنسب الفاخر دولة الشريف المعظم السيد حسين بن على أمير مكة المكرمة قبلة الإسلام والمسلمين. أدامه الله فى رفعة وعلاء.
وبعد، فقد وصلنى كتابكم الكريم بتاريخ 24 ذى الحجة 1333 وسرني ما رأيت فيه من قبولكم اخراج ولايتى مرسين واضنه من حدود البلاد العربية.
وقد تلقيت أيضا بمزيد السرور والرضا تأكيداتكم أن العرب عازمون على السير بموجب تعاليم الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه وغيره من السادة الخلفاء الأولين – التعاليم التى تضمن حقوق كل الأديان وامتيازاتها على السواء.
هذا، وفى قولكم أن العرب مستعدون أن يحترموا ويعترفوا بجميع معاهداتنا مع روساء العرب الآخرين يعلم منه طبعا أن هذا يشمل جميع البلاد الداخلة فى حدود المملكة العربية لأن حكومة بريطانيا لا تستطيع أن تنقض إتفاقات قد أبرمت بينها وبين أولئك الروساء.
أما بشأن ولايتى حلب وبيروت فحكومة بريطانيا العظمى قد فهمت كل ماذكرتم بشأنهما ودونت ذلك عندها بعناية تامة – ولكن لما كانت مصالح حليفتها فرنسا داخلة فيهما فالمسألة تحتاج الى نظر دقيق- وسنخابركم بهذا الشأن مرة أخرى فى الوقت المناسب.
ان حكومة بريطانيا العظمى كما سبقت فأخبرتكم مستعدة لأن تعطى كل الضمانات والمساعدات التى في وسعها إلى المملكة العربية ولكن مصالحها فى ولاية بغداد تتطلب إدارة ودية ثابتة كما رسمتم، على أن صيانة هذه المصالح كما يجب تستلزم نظرا أدق وأتم مما تسمح به الحالة الحاضرة والسرعة التى تجرى بها هذه المفاوضات.
واننا نستصوب تماما رغبتكم فى اتخاذ الحذر ولسنا نريد أن ندفعكم إلى عمل سريع ربما يعرقل نجاح أغراضكم ولكنا فى الوقت نفسه نرى من الضرورى جدا أن تبذلوا مجهوداتكم فى جمع كلمة الشعوب العربية الى غايتنا المشتركة وأن تحثوهم على ألا يمدوا يد المساعدة الى أعدائنا بأى وجه كان. فانهم على نجاح هذه المجهودات وعلى التدابير الفعلية التى يمكن للعرب أن يتخذوها لأسعاف غرضنا عندما يجىء وقت العمل تتوقف قوة الاتفاق بيننا وثباته.
الرسائل المتبادلة بين الشريف حسين وسير هنري مكماهون من 14 يوليه 1915 إلى 10 مارس 1916
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 169 – 189”
وفى هذه الأحوال فان حكومة بريطانيا العظمى قد فوضت لى أن أبلغ دولتكم أن تكونوا على ثقة من أن بريطانيا العظمى لا تنوى ابرام أى صلح كان الا اذا كان من ضمن شروطه الاساسية حرية الشعوب العربية وخلاصها من سلطة الألمان والأتراك.
هذا وعربون على صدق نيتنا ولأجل مساعدتكم في مجهوداتكم في غايتنا المشتركة فانى مرسل مع رسولكم مبلغ عشرين ألف جنيه.
وأقدم فى الختام عاطر التحيات القلبية وخالص التسليمات الودية مع مراسم الاجلال والتعظيم المشمولين بروابط الألفة والمحبة الصرفة لمقام دولتكم السامى ولأفراد أسرتكم المكرمة.
مع فائق الاحترام.
|
| المخلص |
| تحريرا في | 8 صفر 1333* |
|
| 14/12/1915 |
هكذا وردت في الأصل والصحيح 8 صفر 1334
الرسائل المتبادلة بين الشريف حسين وسير هنري مكماهون من 14 يوليه 1915 إلى 10 مارس 1916
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 169 – 189”
من الشريف حسين إلى السير هنرى مكماهون
بسم الله الرحمن الرحيم
معالى الوزير الخطير الشهم الهمام
بأنامل الابجال والتوقير تلقينا رقيميكم 9 صفر الجارى برفق حاملهم وعلمت مضمونيهما وأدخلا علينا من الانشراح والارتياح مالا مزيد لازالتهما ما يختلج بصدرى ألا وهو وقوف حضرتك بعد وصول أحمد شريف وحظوته بالجناب بأن كلما أتينا به فى الحال والشأن ليس بنا شىء عن عواطف شخصية أو ما هو فى معناها مما لا يعقل، وانها قرارات ورغائب أقوام وأنا لسنا إلا مبلغين أو منفذين لها بصفتنا التى ألزمونا بها اذ هذا عندى من أهم ما يجب وقوف شهامة الجناب عليه وعلمه به. أما ما جاء بالمحررات الموقرة فيما يتعلق بالعراق من أمر التعويض مدة الأشغال فلزيادة ايضاح وقول بريطانيا العظمى بصفاتنا فى القول والعمل في المادة والمعنى واعلامها بأكيد اطمئنانا باعتماد حكومتها المفخمة نترك أمر تقدير مبلغه لمدارك حكمتها ونصفتها، أما الجهات الشمالية وسواحلها فما كان في الامكان من تعديل أتينا به فى رقيمنا السابق. هذا، وما ذاك الا للحرص على الأمنيات المرغوب حصولها بمشيئة الله تبارك وتعالى وعن هذا الحس والرغبة هما التى، ألزمتنا بملاحظة اجتناب ما ربما أنه يمس حلف بريطانيا العظمى لفرنسا واتفاقهما أبان هذه الحروب والنوازل الا أننا مع هذا نرى من الفرائض التى ينبغى لشهامة الوزير صاحب الرياسة أن يتيقنها بأن عند أول فرصة تضع فيها أوزار هذه الحروب سنطالبكم بما نغض الطرق عنه اليوم لفرنسا فى بيروت وسواحلها ولا أرى لزوما بأن نحيطكم بما فى هذا أيضا من تأمين المنافع البريطانية وصيانة حقوقها هو أهم وأكبر مما يعود الينا، وأن لا بد من هذا على أى حالة كانت ليتم للعظمة البريطانية أن ترى أخصاءها فى البهجة والرونق التى تهتم أن تراهم فيه سيما وأن جوارهم لنا سيكون جرثومة للمشاكل والمناقشات التى لا يمكن معها استقرار الحالة عدى أن البيروتيين بصورة قطعية لا يقبلون هذا الانفصال ويلجئونا على حالات جديدة تهم وتشغل بريطانيا بصورة لا تكون بأقل من اشتغالنا الحالى بالنظر لما نعتقده ونتقينه من اشتراك المنفعة ووحدتها وحدها وهى الداعية الوحيدة لعدم التفاتنا لسواكم فى المخابرات وعليه يستحيل إمكان أى تساهل يكسب فرنسا أو سواها شبرا من أراضى تلك الجهات، أصبح بهذا مع اعتماد لكل جوارحى اعتمادا يرثه الحى منا بعد الميت بتصريحاتكم التى ختمتم بها رقيمكم الموقر. وعليه فليعتقد
الرسائل المتبادلة بين الشريف حسين وسير هنري مكماهون من 14 يوليه 1915 إلى 10 مارس 1916
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949 وزارة الارشاد لقومي، ج1، ص 169 – 189”
جناب الوزير الخطير ولتعتقد بريطانيا الكبرى أنا على العزم الذى أشير اليه ويعلمه منا جناب الاريب الكامل استورس منذ عامين ولا نناظر فيه الا الفرص المناسبة لأحوالنا وأخصها داعيته ووسيلته التى اقترب وقتها مما تسوقه الأقدار الينا بكل سرعة ووضوح لتكن حجة لنا وعن رأينا على الاعتراضات والمسئوليات المقدرة وفي تصريحاتكم بقولكم “وأنا لسنا نريد أن ندفعكم إلى عمل سريع ربما يعرقل نجاح أغراضكم” يغنى عن زيادة الايضاح، ما عدا طلب ما نرى لزومه عند الحاجة من الأسلحة وذخائرها الحربية وما هو في معناها.
وأكتفى بهذا القدر عن اشغال شهامتكم بتقديم وافر احتشاماتى وجزيل توقيراتي لمقام المقر الموقر.
وحرر في اليوم الخامس والعشرين من صفر الخير 1334
الرسائل المتبادلة بين الشريف حسين وسير هنري مكماهون من 14 يوليه 1915 إلى 10 مارس 1916
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 الى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 169 – 189”
من مكماهون الى الشريف حسين
القاهرة فى 24 ربيع الأول سنة 1334، 30 يناير سنة 1916.
تلقينا بسرور كتابكم المؤرخ فى 25 صفر بواسطة رسولكم الموثوق به وأطلعنا منه على رسالتكم الشفوية.
واننا لنقدر حق التقدير الدوافع التى تقودكم فى هذه القضية الهامة ونعرف جيدا أنكم تعملون فى صالح العرب وأنكم لا ترمون إلى شىء – فى عملكم – غير صالحهم وحريتهم.
وقد عنيت عناية خاصة بملاحظاتكم بشأن ولاية بغداد، وسنبحث هذا الموضوع باهتمام وعناية زائدين عندما تتم هزيمة الأعداء ونصل الى التسويات السلمية
أما ما يتعلق بالجهات الشمالية فقد كتبت ملاحظة عن رغبتكم فى تجنب كل ما من شأنه الاساءة إلى تحالف انكلترا وفرنسا وسررت جدا بأبداء مثل هذه الرغبة.
وأظنكم تعرفون جيدا أننا مقررون قرارا نهائيا بألا نسمح بأى تدخل- مهما قل شأنه- فى اتفاقنا المشترك فى ايصال هذه الحرب الى الفوز ثم متى انتهت الحرب فان صداقة فرنسا وانكلترا ستقوى وتشتد، وهما اللتان بذلتا الدماء الانكليزية والفرنسية جنبا إلى جنب فى سبيل الدفاع عن الحقوق والحريات.
والآن وقد قررت البلاد العربية أن تشترك معنا في الدفاع عن الحقوق وتعمل معنا فى سبيل هذه القضية الهامة فاننا لنرجو الله أن تكون نتيجة هذه الجهود المشتركة وهذا التعاون الوطيد، صداقة دائمة، تعود على الجميع بالسرور والغبطة.
وقد سررنا جدا للحركة التى تقومون بها لاقناع الشعب بضرورة الانضمام الى حركتنا والكف عن مساعدة أعدائنا. ونترك لفطنتكم وتقديراتكم تقرير الوقت المناسب، لاتخاذ تدابير، أوسع من هذه.
الرسائل المتبادلة بين الشريف حسين وسير هنري مكماهون من 14 يوليه 1915 إلى 10 مارس 1916
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1 ص 169 – 189”
من الشريف حسين إلى السيرهنرى مكماهون
14 فبراير سنة 1916
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى حضرة ذو الأصالة فخامة نائب جلالة الملك دام مرعيا
بعد فبأيدى التوقير والاحتشام تلقينا رقيم الفخامة المؤرخ 25 ربيع أول، وأن مضامينه أدخلت علينا مزيد الارتياح والسرور لحصول التفاهم المطلوب والتقارب المرغوب أسأل الله أن يسهل المقاصد وينجح المساعى. ومن الايضاحات الآتية نفهم الفخامة الأعمال الجارية والاسباب المقتضية:
أولا – قد أعلمنا فخامتكم بأنا بعثنا بأحد انجالنا إلى الشام ليرأس ما يقتضى عمله هناك، ولقد ظفرنا منه بتقرير مفصل يفيد به أن اعتسافات الحكومة هناك لم تبق من الأشخاص الذين نعتمد عليهم فى الأمر سواء كانوا من الجند على اختلاف مراتبهم أم ممن لم يكونوا من ذلك الصنف الا القليل مما كان فى الدرجة التالية، وأنه ينتظر وصول القوات المعلن بقدومها من مواقع مختلفة أخصها من أهالى البلاد وما جاورها من الأقطار العربية كحلب وجنوب الموصل المشاع بأن عددها ما ينوف عن المائة ألف على ما يزعمون. وأنه لا بد يؤمل ان كانت الأكثرية من القوة المذكورة من العرب فهو عازم على اجراء الحركة والقيام بهم، وان كان العكس يعنى الأكثرية من الأتراك وسواهم فسيناظر تقدمهم نحو الترعة وعند اشتباك الحرب حركته بهم عندما يريدون.
ثانيا – عزمنا على ارسال نجلنا الكبير إلى المدينة المنورة بقوة كافية ليكون ردءا لأخيه الذى بالشام ولكل احتمال واستيلائه على الخط الحديد وما هو فى معنى ذلك مما تظهره الشئون. وهذا هو المبدأ للحركة الأساسية المكتفين في مبادئها بما جندناه برسم المحافظة على راحة داخلية البلاد وبأهل الحجاز أهل المركز فقط لأسباب يطول شرحها:
(أولا) تعسر احضار لوازمهم بصورة تجعل المشروع فى حيز الكتمان، مع عدم الضرورة على ذلك وسهولة جلب الإمدادات عند الحاجة، هذا خلاصة ما رغبتم فى الجواب عليه والاستفهام عنه. وفى ظنى أن فيه الكفاية واتخاذه أساسا وقياسا فى أعمالنا أمام كل التبدلات والطوارىء التى يظهرها سير الحالة.
بقى علينا بيان ما نحتاجه والحالة هذه هو:
أولا – مبلغ خمسين ألف جنيه ذهبا لمشاهرة القوات المجندة ونحوها مما ضرورته تغنى عن بيانه.
الرسائل المتبادلة بين الشريف حسين وسير هنري مكماهون من 14 يوليه 1915 إلى 10 مارس 1916
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزاوة الارشاد القومى، ج 1، ص 169 – 189”
فالرجا احضارهما بوجه السرعة الممكنة.
الثانى – احضار عشرين ألف كيس أرز وخمسة عشر ألف دقيق وثلاثة آلاف شعير ومائة وخمسين كيس بن قهوة ومثلها سكر ومقدار خمسة آلاف بندقية من الطرز الجديد وما تحتاجه النسبة لها من المرميات وأيضا مقدار مائة صندوق من النوع المرسل منه مرميتين طيه. ومن مرميات بواريد مارتن هنرى وبارودات غرا أعني بواريد معمل سانت أتين الأفرنسية لاستعمال هذين الصنفين فى بواريد أى بندقيات قبائلنا، ولا بأس من جعل لكل نوعهما خمسمائة صندوق.
الثالث – أنا استنسبنا مركز سوقيات هذه المواد المرغوبة يكن بور سودان.
الرابع – بالنظر لكون المواد الغذائية واللوازمات الحربية الموضحة أعلاه لا حاجة لنا بها الاعند ابتداء الحركة، وسنبلغكم اياها بصورة رسمية تبقى فى الموضع المذكور وعند الحاجة اليها يبلغ أمير الجهة المذكورة وقائدها بالمواقع التى يقتضى سوقها اليها والوسائط التى سيكونون حاملين الوثائق بتسليمها اياهم.
الخامس – النقود المطلوبة يقتضى ارسالها في الحال إلى أمير بور سودان ، وسيرده من طرفنا معتمد يتسلمها أما دفعة أو دفعتين على حسب استطاعته. وهذه علامة اعتماد الرجل T.
السادس – مندوبنا فى قبض المبالغ المذكورة سيتوجه إلى بور سودان بعد ثلاثة أسابيع، يعنى يكون وصوله اليها في 5 من جماد الأول حامل كتاب منا باسم الخواجة الياس افندى وانه يصرف له بموجبه ما لديه من ايجارات املاكنا والامضاء صراحة باسمنا، غير اننا معدينه يسأل عن عائد الموقع وأميره، فأنتم تخبروهم عن ذلك الشخص وبمراجعته يجرى له ما يقتضى من صرف ما لديهم بشرط ألا يبحثوا معه في أى موضوع كان مؤكدين غاية التأكيد فى عدم المظاهرة له وكتمان أمره ومعاملته فى الظاهر بأنه لاشىء، لا يظن أن ثقتنا للشخص الاخير من اعتماد الأول حامله هذا لا بل لعدم ضياع الوقت لتعييننا له خدمة فى جهة ثانية ، مع تكرر رجائنا بعدم اركابه وأبعاثه فى بابور أو فى شىء من هذه الرسميات فان وسائطه كافية.
السابع – مندوبنا حامل هذا أكدنا عليه بالاكتفاء بايصال هذا وأظن أن مأموريته فى هذا الدور تمت، حيث أن الحالة علمت أساساتها وفروعها فلا حاجة في بعث شخص آخر، إذ أن اللزوم للمخابرة يكن منا، ولا سيما أن مندوبنا الأخير سيردكم بعد ثلاثة أسابيع يمكن فى ظرفها افادتنا بما يلزم له الحال وألا يعامل في الصورة الظاهرة الا معاملة بسيطة.
الثامن – تعهد الحكومة البريطانية العظمى قبول هذه المصاريف الحربية بموجب الدفاتر التى تقدم اليها ببيان الوجهة التى صرفت فيها.
وبالختام أهديكم اشواقى التى لا تعد واحتشامى الذى ليس له حد.
14 ربيع الآخر 1334
الرسائل المتبادلة بين الشريف حسين وسير هنري مكماهون من 14 يوليه 1915 إلى 10 مارس 1916
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 169 – 189”
من السير هنرى مكماهون إلى الشريف حسين
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى ساحة ذلك المقام الرفيق ذى الحسب الطاهر والنسب الفاخر قبلة الإسلام والمسلمين معدن الشرف وطيب المحتد سلالة مهبط الوحى المحمدى الشريف ابن الشريف صاحب الدولة السيد الشريف حسين بن على أمير مكة المعظم زاده الله رفعة وعلاء آمين.
بعد ما يليق بمقام الأمير الخطير من التجلة والاحتشام وتقديم خالص التحية والسلام وشرح عوامل الألفة وحسن التفاهم والمودة الممزوجة بالمحبة القلبية أرفع الى دولة الأمير المعظم أننا تلقينا رقيمكم المؤرخ 14 ربيع الاخر 1334 من يد رسولكم الأمين، وقد سررنا لوقوفنا على التدابير الفعلية التى تنوونها وأنها لموافقة فى الأحوال الحاضرة.
وان حكومة جلالة ملك بريطانيا العظمى تصادق عليها.
وقد يسرنى أن أخبركم بأن حكومة جلالة الملك صادقت على جميع مطالبكم وأن كل شىء رغبتم الاسراع فيه وفى ارساله فهو مرسل مع رسولكم حامل هذا والأشياء الباقية ستحضر بكل سرعة ممكنة وتبقى فى بور سودان تحت أمركم لحين ابتداء الحركة وابلاغنا اياها بصورة رسمية (كما ذكرتم) وبالمواقع التى يقتضي سوقها اليها والوسائط التى يكونون حاملين الوثائق بتسليمها اياهم.
ان كل التعليمات التى وردت في محرركم قد أعلمنا بها محافظ بور سودان وهو سيجريها حسب رغبتكم – وقد عملت جميع التسهيلات اللازمة لإرسال رسولكم حامل خطابكم الأخير إلى جزان حتى يؤدى مأموريته التى نسأل الله أن يكللها بالنجاح وحسن النتائج وسيعود إلى بور سودان وبعدها يصلكم بحراسة الله ليقص على مسامع دولتكم نتيجة عمله.
وننتهز الفرصة لنوضح لدولتكم فى خطابنا هذا ما ربما لم يكن واضحا لديكم أو ما عساه ينتج سوء تفاهم، ألا وهو أنه يوجد بعض المراكز أو النقط المعسكرة فيها بعض العساكر التركية على سواحل بلاد العرب يقال انهم يجاهرون بالعداء لنا والذين هم يعملون على ضرر مصالحنا الحربية البحرية فى البحر الاحمر. وعليه نرى أنه من الضرورى أن نأخذ التدابير الفعالة ضدهم، ولكننا قد أصدرنا الأوامر القطعية أنه يجب على جميع بوارجنا أن تفرق بين عساكر الاتراك الذين يبدأون بالعداء وبين العرب الابرياء الذين يسكنون تلك الجهات، لاننا لا نقدم للعرب أجمع الا كل عاطفة ودية.
وقد أبلغنا دولتكم ذلك حتى تكونوا على بينة من الأمر إذا بلغكم خبرا مكذوبا عن الأسباب التى تضطرنا إلى أى عمل من هذا القبيل. وقد بلغنا اشاعات مؤداها
الرسائل المتبادلة بين الشريف حسين وسير هنري مكماهون من 14 يوليه 1915 إلى 10 مارس 1916
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 الي عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 169 – 189”
ان أعداءنا الألداء باذلون جهدهم فى أعمال السفن ليبثوا بها الألغام فى البحر الأحمر ولالحاق الأضرار بمصالحنا فى ذلك البحر، وانا نرجوكم سرعة اخبارنا اذا تحقق ذلك لديكم.
وقد بلغنا أن ابن الرشيد قد باع للاتراك عددا عظيما من الجمال، وقد أرسلت إلى دمشق الشام. ونأمل أن تستعملوا كل ما لكم من التأثير عليه حتى يكف عن ذلك، واذا صمم على ما هو عليه أمكنكم عمل الترتيب مع العربان الساكنين بينه وبين سوريا أن يقبضوا على الجمال حال سيرها، ولاشك أن فى ذلك صالح لمصلحتنا المتبادلة.
وقد يسرنى أن أبلغ دولتكم أن العربان الذين ضلوا السبيل تحت قيادة السيد أحمد السنوسى وهم الذين أصبحوا ضحية دسائس الألمان والأتراك قد ابتدأوا يعرفون خطأهم وهم يأتون الينا وحدانا وجماعات يطلبون العفو عنهم والتودد اليهم. وقد والحمد لله هزمنا القوات التى جمعها هؤلاء الدساسون ضدنا. وقد أخذت العرب تبصر الغش والخديعة التى حاقت بهم.
وان لسقوط أرضروم من يد الاتراك وكثرة انهزاماتهم فى بلاد القوقاز تأثير عظيم، وهو في مصلحتنا المتبادلة وخطوة عظيمة في سبيل الأمر الذى نعمل له وإياكم.
ونسأل الله عز وجل أن يكلل مساعيكم بتاج النجاح والفلاح وأن يمهد لكم فى كامل أعمالكم أحسن السبل والمناهج.
وفى الختام، أقدم لدولتكم ولكامل أفراد أسرتكم الشريفة عظيم الاحترامات وكامل ضروب المودة والاخلاص مع المحبة التى لايزعزعها كر العصور ومرور الأيام.
تحريرا في 6 جماد الأولى 1334
الموافق 10 مارس 1916
|
| كتبه المخلص |
الرسائل المتبادلة بين الشريف حسين وسير هنري مكماهون من 14 يوليه 1915 إلى 10 مارس 1916
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 169 – 189”