بحث عن السياسة العسكرية المستقبلية وأخر عن مشروع احتلال خط حيفا ـ القدس

 

وثائق الحرب البريطانية لعام 1917 والتى كشف النقاب عنها عام 1967
السياسة العسكرية المستقبلية- احتلال خط حيفا القدس
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الارشاد القومي، ج 2، ص 1670 – 1678”

سرى

 

0.1 125 – 358

السكرتير العام

 

0.1 125 – 359

          وزارة الحرب

          أرفق مع هذا بحثا عن سياستنا العسكرية فى المستقبل وآخر عن مشروع احتلال خط حيفا- القدس.

          لقد كنت أنوى تأجيل ارسال هذه البحوث حتى تصل آراء الجنرال اللنبى وكذلك المذكرة الخاصة بالموقف العسكرى العام والتى كان رئيس الوزراء قد طلب من السير دوجلاس هايج Sir Doglas Haig اعدادها. ولكن بما أن رئيس وزراء فرنسا قد حضر فجأة فاعتقد أنه من المستحب تقديمها فورا. ومن المفهوم ضمنا أن الآراء التى ذكرت فى البحث الخاص عن حيفا- القدس تعتبر رهن ما يقوله الجنرال اللنبى.

و. ر. روبرتسن

 

W.R.Robertson
C.I.G.S

مكتب الحرب
8/ 10/ 17

 

 

وثائق الحرب البريطانية لعام 1917 والتى كشف النقاب عنها عام 1967
(تابع) السياسة العسكرية المستقبلية- احتلال خط حيفا القدس
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الارشاد القومي، ج 2، ص 1670 – 1678”

السياسة العسكرية المستقبلة

9 / 10 / 17

          1 – فى اجتماع لجنة وزارة الحرب لشئون السياسة العامة فى الخامس من الشهر الجارى أكد رئيس الوزراء ضرورة إخراج تركيا من قائمة أعدائنا. وهناك اعتقاد بأنه نظرا للظروف التى تمر بها تركيا فان هزيمة شديدة مصحوبة باحتلال أكيد وفعال لخط حيفا – القدس، بما فيه هذين المكانين، ربما يرغمها على ترك حلفائها اذا ما تبع هذه الخطوات الاجراءات الدبلوماسية المناسبة. ولقد أمرت بأن أدرس امكانيات تطبيق هذه السياسة وأن أسأل الجنرال اللنبى عن آرائه وخصوصا فيما يتعلق بالتعزيزات التى قد يحتاجها. وبما أن لا بد من بحث المشروع فى اطار سياستنا العسكرية المستقبلة بصفة عامة فانى أتقدم بالملحوظات التالية لمعاونة وزارة الحرب فى اتخاذ القرارات السليمة فى المسألة كلها.

          2 – فاذا ما تقرر أنه من الضرورى لكسب الحرب أن تخرج تركيا من الحرب بواسطة عمل عسكرى ودبلوماسى فان المناطق التركية ستصبح الميدان الرئيسى لمدة غير محدودة. وان الجبهة الغربية ستحتل المركز الثانى فى الأهمية خلال هذه المدة. وذلك نظرا لعدم توفر الامكانيات التى تمكننا من اتخاذ قرارات فى ميدانين فى نفس الوقت، هذه الامكانيات التى لم ولن تتوفر لأية دولة. ان القاعدة الأساسية فى جميع الحروب هى تركيز جميع القوات المتوفرة فى الميدان الرئيسى ولقد ثبت دائما أن الخروج على هذه القاعدة يؤدى الى عواقب وخيمة.

          من المستحيل أن نتنبأ بالوقت الذى قد تستغرقه عملية اخراج تركيا ولا بعدد القوات اللازمة لتحقيق هذا الغرض. فاذا كان من مصلحتنا اخراج تركيا من الحرب فان من مصلحة المانيا أن تبقيها فى الحرب أى ان تعاونها. وأن اية سياسة مبنية على افتراض امكانية اخراج تركيا بواسطة الأساليب الدبلوماسية مصحوبة بهزيمة عسكرية أقل من هزيمة تامة لقواتها الاساسية أو بواسطة عدد معين من الرجال في وقت معين، هذه السياسة ستكون نوعا من المقامرة، والمقامرة في هذه المرحلة من الحرب ستكون أخطر من العادة. ان علينا أن نواجه نتائج السياسة التى نتبعها، مهما كانت هذه السياسة، وعلينا أن نصمم على تنفيذها حتى على حساب بعض العمليات والمصالح الأخرى.

          3 – وبالاضافة الى ذلك فيجب أن ندرك أن أية قوات ترسل من فرنسا هذا الشتاء لا يمكن الاعتماد عليها للقتال فى فرنسا فى الصيف القادم. وان المواصلات وحدها تعترض طريق هذا الاحتمال بالاضافة الى ضرورات التدريب وحدود القوى البشرية، ويجب على أن أذكر وزارة الحرب مرة أخرى ان الألمان يفوقوننا الى حد كبير فى مميزات نقل القوات فباستطاعتهم على الأقل نقل عشر فرق كل شهر من الجهة الشرقية الى الجهة الغربية أو بالعكس. ولقد استغرقت عملية نقل فرقة من فرقنا من سالونيكا الى مصر شهرا واحدا، رغم أنه كانت قد صدرت تعليمات بالتحرك منذ عدة أسابيع قبل القيام به.



وثائق الحرب البريطانية لعام 1917 والتى كشف النقاب عنها عام 1967
(تابع) السياسة العسكرية المستقبلية- احتلال خط حيفا القدس
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الارشاد القومي، ج 2، ص 1670 – 1678”

          ويقول قسم النقل بالسلاح البحرى ان نقل الفرق من مرسيليا الى مصر لا يمكن أن يتم قبل 15 نوفمبر، وعندئذ يمكن نقل الفرق بمعدل فرقتين شهريا. ولكى يعاد تكوين الفرقة للعمل فى فلسطين ونقلها بالسكك الحديدية الى الجبهة يحتاج الأمر الى ثلاثة أسابيع من تاريخ وصولها الى الاسكندرية.

          4 – ويجب أن نتذكر أيضا اننا بزيادة قواتنا فى فلسطين نزيد الضغط على النقل البحرى. ويمكن لمراقب النقل البحرى ان يعطى رأيه فى ذلك ولقيادة السلاح البحرى أن تعطى رأيها فى الحراسة المصاحبة وكل ما احتاج أن اقوله اننا يجب ان ننظر الى بعيد. وان نتذكر ضرورة تموين حلفائنا والمعاونة فى احضار واستيعاب القوات الكبيرة التى يمكن لامريكا ان تنشئها.

          5 – اما عن الآثار المعنوية لاحتلال خط القدس- حيفا على تركيا فانى لا ادعى القدرة على التحدث بثقة أكثر من أى شخص آخر، ولكن الأثر العسكرى لن تكون له أية قيمة بالنسبة لنا، بل بالعكس، فاننا سنحتاج الى قوات أكثر لكى نحافظ على احتلال هذا الخط والمواصلات الأخرى، قوات اكثر من تلك التى يحتاجهما خط بير سبع – غزة، وهذا الالتزام المتزايد سيكون لفترة غير محدودة.

          6 – كنتيجة لاقرارنا لمشروع نيفيل Nivelle Plan فى الربيع الماضى وفشل هذا المشروع لم تقدم لنا الوزارة الفرنسية سوى مساعدات قليلة بصفة مباشرة أو غير مباشرة فى تنفيذ عملياتنا الشمالية، وكان ان تأخر البدء فى هذه العمليات وأصبح الجو فيما بعد سيئا للغاية وبالرغم من هذه الظروف فقد أثبتت الاحداث انه فى استطاعتنا ان نهزم الالمان فى كل مرة نحاربهم فيها وان نكبدهم خسائر أكبر من تلك التى نتحملها. ويجب ان نأخذ فى الاعتبار ظروف الجيش الفرنسى والظروف العامة فى فرنسا. فقد حلت السياسة هناك محل الوطنية الى حد كبير. والوزراء الفرنسيون يفكرون اساسا فى مؤخرة قواتهم لا فى مقدمتها اى فى الضغط الذى يفرضه عليهم النواب الذين يهمهم تسريح هذه الفئة أو الأخرى من الجيش أكثر مما يهمهم المشكلات العسكرية الكبرى التى تواجه الحلفاء. هذا بالاضافة الى أن الجماهير قد بدأت تتشكك فى امكانية كسب الأمريكان للحرب من أجلهم. ولهذه الأسباب السابقة ولأسباب أخرى عديدة يبدو لى أنه ليس من الحكمة أن نضعف مجهوداتنا فى الجبهة الغربية. ولا شك أنه من المرغوب فيه ان نقلل من عدد أعدائنا وانى اؤكد للوزارة اننى ومعاونى قد اعطينا للموضوع كل انتباه واهتمام خلال الاشهر القليلة الأخيرة. ولكن نظرا لأن روسيا قد انهارت وأصبحت تواجهنا مسألة مواجهة القوات التركية كلها وربما تعززها القوات الالمانية. ونظرا للموقف العسكرى بصفة عامة فلم يمكننا اعتبار أن الهجوم الشامل فى فلسطين يمكن أن يكون اجراء عسكريا سليما.

          7 – خلال الأسبوع الماضى أعدت استعراض الموقف ولم أتمكن من الوصول الى أى قرار آخر سوى أن السياسة العسكرية السليمة تقتضى أن تتخذ موقف الدفاع فى فلسطين وفى الشرق عموما، وأن نستمر فى محاولة الوصول الى قرار فى الغرب وأعتقد أن هذه السياسة هى التى ستمنحنا أقوى احتمالات النصر النهائى. وهذا يقتضى بالطبع أن نوجه جميع الموارد الى الجبهة الغربية باستثناء



وثائق الحرب البريطانية لعام 1917 والتى كشف النقاب عنها عام 1967
(تابع) السياسة العسكرية المستقبلية- احتلال خط حيفا القدس
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الارشاد القومي، ج 2، ص 1670 – 1678”

تلك التي نحتاجها بالضرورة للدفاع عن ممتلكاتنا في الشرق. ولدينا الكثير حاليا من أجل هذا الغرض. فبالقوات الموجودة حاليا فى فلسطين بالاضافة الى النشاط العربى الذى أعد، يمكننا ان نأمل فى نجاح محلى وان نستمر فى فرض ضغط أقوى على الاتراك. وقد اعدت اجراءات النقل البحرى لنقل الامدادات من فرنسا الى الشرق فى حالات احتياجها. ويجب الا ترسل هذه الامدادات حتى تظهر الحاجة اليها. وفى أوائل الربيع يجب ان نسحب أكبر عدد ممكن من القوات والاسلحة يمكن الاستغناء عنها من الشرق وارسالها الى فرنسا.

          8 – هذه هى نصيحتي ولا يسعنى الا أن اترك الموضوع لوزارة الحرب وقد لا احتاج القول بأن النجاح فى الغرب، أو فى اى مكان يحتاج الى ان تشعر وزارة الحرب بانه فى مقدرتها ان تنفذ عمليا السياسة التى تتفق عليها من ناحية المبدأ. ومهما كانت هذه السياسة فيجب أن يحدد الميدان المختار كميدان أساسى وأن تعامل الميادين الأخرى كميادين أقل فى الأهمية وعليها أن تعمل ما يمكنهما في حدود الامكانيات المتوفرة لها.

          9 – وهناك بعض الضروريات الأخرى للنجاح والتى يجب أن اذكرها نظرا للمؤتمر القادم للحلفاء. ان الجيش البريطانى وحده لا يمكن أن يكسب الحرب ويجب أن يدفع حلفاؤنا للحرب. فلقد تخلو عنا كثيرا هذا العام، ومن المنتظر أن يتخلوا عنا اكثر فى المستقبل اذا لم يواجهوا بشدة. ولا يمكن للجيش البريطانى أن يقوم بالجزء الرئيسى فى القتال وان يقوم فى نفس الوقت بالدفاع عن جزء كامل من خط القتال فى فرنسا. فمن المؤكد أننا علينا أن نقوم بالجزء الاكبر من القتال فى العام القادم ولذلك فعلينا أن نستريح وأن ندرب قواتنا فى الشتاء. فالى أى مدى، اذا كان ذلك ممكنا، يمكننا ان نمد جبهتنا فهذا موضوع يجب أن يؤخذ فيه نصح سير دوجلاس هايج، واذا ما احتاج الى تأييد وزارة الحرب خلال مفاوضاته مع الجنرال بيتان حول الموضوع فانى ألح فى أن يمنح هذه المساعدة من أجل صالح الحرب. وعلى العموم فليس هناك مجال لكى يقوم بالحظ كله فى الوقت الذى تستمر فيه عملياته الهامة وأرجو أن تصمم وزارة الحرب على ذلك اذا ما أثارت الحكومة الفرنسية هذه المسألة.

          ويمكننى ان اذكر ان الفرنسيين لم يتخذوا أى اماكن على خطنا فى مقدونيا منذ انسحاب فرقتين من فرقنا التى توجد هناك، ومن المعروف ان عددا كبيرا من قواتكم موجودة فى فرنسا فى اجازة.

          10 – ان مبدأ “وحدة القيادة” و “وحدة الجبهة” يجب أن يطبق بحذر، فهو مغرى من الناحية النظرية ولكنه لم يكن مشجعا من الناحية العملية فقد كان مسئولا عن فترة نيفل Nivelle ونتائجها. ويمكن أن يعزى اليه أيضا ان حوالى 150 مدفعا ثقيلا بريطانيا وفرنسيا أرسلت الى ايطاليا رغم الحاجة اليها فى الجبهة الغربية وما زالوا معطلين منذ عدة أشهر. فبخصوص، “وحدة القيادة” يجب أن نحاول الحصول لانفسنا على الاشراف على العمليات فى الجبهة الغربية فى العام القادم، كما يؤهلنا لذلك نجاحنا هذا العام وكفاءة قواتنا وروحها المعنوية واستقرار حكومتنا بالنسبة لجميع حلفائنا الاوربيين تقريبا.

 

وثائق الحرب البريطانية لعام 1917 والتى كشف النقاب عنها عام 1967
(تابع) السياسة العسكرية المستقبلية- احتلال خط حيفا القدس
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الارشاد القومي، ج 2، ص 1670 – 1678”

          11 – يجب أن نتحاشى وضع سياستنا على أساس الاعداد وحدها. فلان روسيا كان تعداد سكانها كبيرا ارسلنا اليها 400 مدفع ميدان و150 مدفعا ثقيلا بالاضافة الى كمية هائلة من معدات الحرب.

          لقد فقدنا الكل. ويلح الايطاليون علينا للحصول على مدافع ثقيلة فى الربيع، ولعل مما يدل على احتمالات استعمالها هو توقف ايطاليا فجأة عن الحرب وعن انتهازها لفرصة طيبة. واليونانيون يعدون بوضع بعض الفرق فى الميدان ويلحون فى طلب المدفعية الثقيلة ونجد ان فرنسا تعاونهم. ولكن لا يوجد حاليا أى احتمال لكى يساهم الجيش اليوناني كثيرا فى كسب الحرب. ففى يوم 6 الجارى مثلا أبرق وزيرنا فى أثينا انه اذا لم نقدم كميات كافية من القمح فلن تفشل الخطط العسكرية اليونانية فحسب ولكن وجود الوزارة الحالية نفسها سيتعرض للخطر.

          وباختصار فان الموقف العام يستدعى ان تكون هناك قيادة عسكرية قوية لحلفائنا وهذا يستدعى أن تمنح قواتنا بالامكانيات التى تمكنها من هذه القيادة وهذه الحقيقة الاساسية يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند النظر فى مطالب المعونة التى يتقدم بها حلفاؤنا.

          12 – وأخيرا وبما أن الجيش البريطانى هو أكثر قوى الحلفاء فاعليه فانه من الضرورى ان يستمر قويا، وان الجيش حاليا فى وضع أقل من القوة، والتجنيد فى حالة سيئة، وكما قلت أكثر من مرة فاننا يجب الا ننتظر أن نكسب الحرب الا اذا انضم الى الجيش أكبر عدد ممكن من الرجال. وبهذا الخصوص هناك استياء متزايد كما تعلم وزارة الحرب، نظرا لان الرجال الجرحى يعادون الى جبهات القتال فى الوقت الذى يوجد فيه رجال آخرون لم يطلبوا للعمل فى الجيش.

 

امضاء
C.I.G.S

 

و. ر. روتسن
W.R.Robertson

9/10/17

 

 

 

 

وثائق الحرب البريطانية لعام 1917 والتى كشف النقاب عنها عام 1967
(تابع) السياسة العسكرية المستقبلية- احتلال خط حيفا القدس
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الارشاد القومي، ج 2، ص 1670 – 1678”

احتلال خط حيفا- القدس

          جاء فى بحث عن العمليات فى فلسطين قدمه الى وزارة الحرب يوم 23 أبريل الماضى أن تركيا تستطيع وضع قوات تبلغ 200.000 رجل فى سوريا منهم 60.000 فى الميدان جنوب القدس. ولم يحدث اى شيء منذ كتابة هذا البحث يستدعى تغيير هذا التقرير. ومنذ مدة والاتراك يشعرون اننا نعد هجوما قويا على جبهة غزة – بير سبع، ولنا الآن 52.000 مقاتل فى جنوب القدس وفرقتان اخريان يمكن استدعاءهما للجبهة فى حوالى اربعة أو خمسة ايام. ويعتقد الجنرال اللنبى انه يمكن للقوة الموجودة لديه، اذا ما تكونت تماما كما سيحدث قريبا ان تهزم العدو المواجه له وانها قد تكون كافية لتمكنه من الوصول الى خطا يافا- القدس.

          وهكذا اذا ما وقف العدو فى موقع غزة وأنزلت به ضربة شديدة فربما ينهار بنفس الطريقة التى انهارت بها القوات التركية فى الكوت ويمكن لقوات الجنرال اللنبى الراكبة ان تطارد العدو وتمنعه من التجمع فى جنوب القدس.

          ولكن كل ذلك لا يمكن الاعتماد عليه فى اعداد خطة للحملة. ومن المعروف ان الأتراك قد اعدوا عدة مواقع بين خطى بير سبع وغزة من يافا، القدس، ويجب أن نفترض ان الجنرال اللنبى سيقوم بمعركة واسعة النطاق على الخط الأول ويجب أن نقدر بأنه قد يخوض معركتين مماثلتين على الأقل قبل سقوط القدس.

          وبما اننا نعلم أن فولكنهاين يدرك نوايانا وانه لا يمكنه الاعتماد على وجود قوات فى جبهة غزة كافية لمواجهتنا فى معركة مباشرة فمن المحتمل انه سينصح الاتراك بعدم المقاومة حتى النهاية هناك ولكنه سينصحهم بتعطيلنا والتراجع الى الخطوط المعدة حتى يحين الوقت الذى يتمكنون فيه من مواجهتنا بقوة متساوية لنا.

          ولكى يقوم الجنرال اللنبى بمعركته الأولى فسيضطر الى استكمال فرقة المشاة السبع المتوفرة لديه، ولقد دلت خبرتنا فى هذه الحرب على انه لا ينتظر ان تتمكن الفرقة من المحافظة على فعاليتها بعد معركتين حاميتين اذا ما واجهت العنف ومن الضرورى فى مثل هذه الظروف ان تسحب الفرقة من الجبهة لتستريح ويعاد اعدادها لتستوعب وتدرب المجندين الجدد بها. ورغم أنه لا ينتظر ان تؤدى الحرب فى فلسطين الى مثل هذا الضغط على الرجال كما حدث فى فلاندرز، الا أن مصاعب امدادها بالرجال الجدد أكبر واستنزاف الفرق سيكون أسرع. فالذكر مقاتل عنيد فى الخنادق ويجب أن نتوقع انه سيقف مكانه مدة طويلة تكفى لالحاق خسائر كبرى بنا وانه على الأقل بعض فرق الجنرال اللنبى ستمنى بخسائر كبيرة. وعلى ذلك وربما استطعنا اخيرا ان نصل الى القدس بالقوة الموجودة ة حاليا فى فلسطين فيجب ان نكون على استعداد لامداد الجنرال اللنبى بثلاث فرق أخرى لكى تمكنه من اراحة الفرق المتعبة ومحاربة معركتين أو أكثر اذا ما دعت الضرورة الى ذلك قبل وصوله الى هذا المكان. ومن هذه الناحية فان التركى في موقع أميز منا، فرغم انه يمكنه




وثائق الحرب البريطانية لعام 1917 والتى كشف النقاب عنها عام 1967
(تابع) السياسة العسكرية المستقبلية- احتلال خط حيفا القدس
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الارشاد القومي، ج 2، ص 1670 – 1678”

الاحتفاظ بحوالى 60.000 مقاتل فى جنوب القدس، فلن يجد صعوبة فى استمرار تواجد هذا العدد أو فى تجدد فرق بأكملها.

          3 – وعندما نصل الى خط يافا- القدس فسيكون لدينا بين الأردن والبحر جبهة دفاعية من حوالى 50 ميلا عنها، مقابل 30 ميلا من غزة الى بير سبع، ويجب ان نتوقع فى ذلك الوقت ان تواجهنا قوة تركية متزايدة.

          وفى شمال القدس سيكون العدو على مقربة من خط دمشق – حيفا الحديدى والذى يسير الجزء الجنوبى منه فى خط موازى لهذا الخط مما يسهل على التركى اقامة عدة مستودعات لامداد قواته بسهولة. وسيمكنه أيضا بالنسبة لجناحه اليسارى على الأقل، استخدام خط سكة حديد الحجاز الذى يمر بمناطق حوران الخصبة. وبهذه التسهيلات الاضافية فمن المقدر أن يتمكن العدو من ايجاد قوة من 16 فرقة تضم 120.000 مقاتل فى شمال القدس. واذا ما اختار العدو التنازل عن مشروعاته فى العراق وتوجيه جميع اتفاقياته المركزة حاليا على مد سكة حديد بغداد لتحسين الخط الحديدى جنوب دمشق فسيمكنه ذلك من زيادة قواته.

          4 – طالما أن روسيا لن تضغط على تركيا فيجب أن نقدر أن القوات التى يمكن أن يعدها العدو لمواجهتنا فى فلسطين أو العراق لن يحدها الا القدرة على اطعامها فى هذه المناطق. ولا توجد حاليا حركة جادة فى اتجاه العراق يمكن افتراض ان فولكنهاين لا يمكنه ان يركز على هذه الجبهة، خلال الثلاثة أشهر القادمة، قوة تبدد الجنرال مود. ومن المحتمل ان الدراسة الدقيقة للمصاعب التى ستواجهه، خلال تقدمه نحو بغداد، مثل الانفجار الذى حدث في حيدر باشا والنجاح الأخير للجنرال مود فى الرمادى سيدفع فولكنهاين الى مراجعة خططه والتركيز على فلسطين. واذا ما حدث ذلك فليس هناك ما يدعو الأتراك لزيادة قدرتهم التى تبلغ 30.000 رجل فى العراق وسيتمكنوا من الاستمرار الى ما لا نهاية في تغيير فرقهم التى توجد فى فلسطين، هذا بالاضافة الى أنه من المعروف أنه هناك فرقتين المانيتين معدتين للانتقال الى آسيا الصغرى وليس هناك ما يمنع زيادة هذا العدد اذا علمت المانيا بأننا نسعى لاخراج تركيا من الحرب ورأت ان من مصلحتها ابقاءها فيها، كما أبقت النمسا، وعلى ذلك فيجب أن نفترض أنه ستواجهنا فى شمال القدس باستمرار قوة من 120.000 مقاتل جديد من بينهم بعض الألمان.

          5 – أما عن القوة التى سنحتاجها لنتمكن من السيطرة على جبهة من 50 ميلا شمال القدس ضد هذه الحشود، والمحافظة فى نفس الوقت على خط مواصلاتنا، فان العشر فرق (120.000 مقاتل) والثلاث فرق المدرعة التى قدر أن تكون معدة للتقدم الى القدس. هذه القوات يجب أن تكون كافية لفترة ما خصوصا ان التقدم الناجح فى فلسطين غالبا ما سيشجع العرب السوريين الى الاشتراك الايجابى من جانبنا. ولكن يجب أن نكون مستعدين لابقاء هذه القوة فى الجبهة أو بالقرب منها طالما ان الأتراك باقون فى الميدان ضدنا. فى خلال فترة الجو الحار يجب أن يخفف العمل على القوات والا ستضعف مقدرتها. واذا وصل الجنرال اللنبى الى القدس بدون أن يشترك فى معارك حامية وكانت فرقه مازالت محتفظة بقوتها نسبيا فيمكن عندئذ للعشر فرق المحافظة على الجبهة الجديدة. ولكننا يجب الا نطمئن تماما الى هذه الظروف المناسبة ويجب أن نكون على استعداد لأن نرسل

 

وثائق الحرب البريطانية لعام 1917 والتى كشف النقاب عنها عام 1967
(تابع) السياسة العسكرية المستقبلية- احتلال خط حيفا القدس
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الارشاد القومي، ج 2، ص 1670 – 1678”

فرقتين أخريتين حتى يصبح مجموعها 12 فرقة أو 5 فرق أكثر من المجموع الكلى الحالى لدى الجنرال اللنبى. وهذه الفرق الخمس يجب أن نحصل عليها من فرنسا ويجب أن يتم اعدادها قبل نقلها. ولم يتحدد بعد موعد انتهاء عمليات سير دوجلاس ولكنه من المستبعد أن يتمكن من الاستغناء عن بعض الفرق قبل منتصف شهر نوفمبر على أحسن تقدير. وحتى لو تمكن من قبل فقد أخبرنا السلاح البحرى أنه لن يمكن اعداد سفن النقل اللازمة من مارسيليا قبل ذلك التاريخ. وابتداء من منتصف نوفمبر يمكن أن تصل الفرق الى مصر بمعدل فرقة واحدة كل 16 يوما بشرط ألا تعطل. الحركة بسبب تدخل بحرية العدو التى لا تستطيع أن تتنبأ بها قيادة السلاح البحرى وعند الوصول الى الاسكندرية فيستغرق اعداد كل فرقة وتوصيلها الى الجبهة ثلاثة اسابيع حتى ان أول فرقة ستصل الجبهة فى آخر ديسمبر. أن الفرق الثلاث اللازمة للتقدم الى القدس يمكن أن تصل الجبهة فى الأسبوع الثالث من يناير والفرق الخمس كلها تصل فى الأسبوع الثالث من فبراير- واذا ما امتدت. عمليات السير دوجلاس هايج الى نوفمبر أو اذا لم تتوفر السفن ولا الحراسات اللازمة فان الحركة بالتالى ستتأخر.

          6 – ويقوم التحليل الذى جاء فى الفقرة السابقة على افتراض انه لن يكون هناك صعوبات محلية فى توصيل القوات الى الجبهة واقامتها هناك. وفى هذا الخصوص يذكر الجنرال اللنبى ان احتياجات قواته الحالية التى تبلغ 7 فرق- 3 فرق فرسان وقوة المدفعية الثقيلة، تستهلك هذه الاحتياجات امكانيات خط السكك الحديدية المنفرد المتوفر لديه. وأن العمل فى ازدواجية هذا الخط مازال فى تقدم، ولكن لن يتم مده حتى رفح قبل مضى اربعة اشهر أى حتى منتصف شهر يناير. ومن الطبيعى أن مد الخط الى يافا فى اتجاه القدس سيكون ضروريا قبل ان يتمكن الجنرال اللنبى من الحصول على عشر فرق وثلاث فرق فرسان على خط القدس – يافا. ولا نستطيع التكهن بالوقت اللازم لاجراء هذه العملية. وبما أن الفرقتين الاضافيتين اللذين جاء ذكرهما فى الفقرة الخامسة سيكون الغرض منهما راحة القوات فلن يكون هناك حاجة اليهما حاليا وعلى ذلك فلن يحتاج الأمر الى ارسالهما الى الجبهة فورا عند وصولنا الى القدس. وفى بضعة أيام سيكون على خطنا المفرد قوة من 120.000 فى اتجاه غزة ضد القوة التى يمكن للاتراك أن يعدوها والتى تقدر بـ 60.000، واذا تذكرنا الفرق بين احتياجات القوات البريطانية والقوات التركية من نواحى الامدادات وعدد مدافعنا ومدافع العدو (520 الى 270) وبالتالى الفرق فى وزن الأسلحة اللازم حملها، فان هذه المقارنة هى لصالحنا بالنسبة الى امكانيات خطنا الحديدى. ولدينا ما يبرر اعتقادنا بأنه قد بذلت جميع المحاولات الممكنة لتنمية قدرة الخط الحديدى المنفرد وعلى ذلك فان قدرتنا على الاحتفاظ بقوات أكبر من الجبهة فى فلسطين تتوقف أساسا على مدى التقدم فى ازدواج الخط الحالى وعلى مدى امكانيات مده. وسيكون مد هذا الخط بمقدار حوالى 4/3 ميلا يوميا ويمكن البدء فى هذه العملية فى اليوم الذى يطرد فيه الأتراك من غزة. وكما أشرنا مسبقا فان الظروف شمال القدس أكثر ملائمة للتركى حيث أنه يتوفر لديه عندئذ خطان حتى دمشق منطقة خصبة كبيرة من خلفه يستطيع الاعتماد عليها واذا ما كانت معلوماتنا صحيحة فان جنوب فلسطين تكاد تكون خالية من التموين وعلينا أن نستمر فى استيراد ونقل كل ما نحتاجه عبر صحراء سيناء.

 

وثائق الحرب البريطانية لعام 1917 والتى كشف النقاب عنها عام 1967
(تابع) السياسة العسكرية المستقبلية- احتلال خط حيفا القدس
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الارشاد القومي، ج 2، ص 1670 – 1678”

          7 – وبالاضافة الى نقل الفرق الى فلسطين يجب أن نأخذ فى الاعتبار امكانيات الحصول على الامدادات والتموين لمدة غير محدودة. أما عن الامدادات فقد طلب جنرال اللنبى 30.000 مجند اضافى حتى يتمكن من الاحتفاظ بالقوة اللازمة عندما يبدأ القتال. وليس لدينا هذا العدد المطلوب من الرجال. وفى الظروف الراهنة لقوتنا العددية فمن المستبعد أن نتمكن من الاحتفاظ بـ 12 فرقة فى جو حار والاحتفاظ في الوقت ذاته بقواتنا فى فرنسا والميادين الأخرى.

          8 – وعلى ذلك فان الرأى هو انه اذا ما اتبع العدو الطريق المعقول وتحاشى الاجراءات الحاسمة فان احتلال خط يافا- القدس هذا الشتاء لن يؤتى الا بنتائج قليلة باستثناء المزايا المعنوية التى يمكن أن نحققها. ولا شك أن هذه العملية ستقتضى تقدما بطيئا من موقع الى آخر وسيتحاشى العدو الاجراءات الحاسمة وسيحدد تقدمنا مدى امكانياتنا فى التغلب على مقاومة العدو ومد الخط الحديدى من غزة. اننا لا يمكن ان نعتمد على امكانية ضرب القوات التركية ضربة تؤثر على قوتها العسكرية بصورة حاسمة، وستتغير الظروف ماديا اذا ما صحبت العمليات على الأرض عمليات كبيرة على الساحل وهذا غير ممكن نظرا لعدم وجود ميناء مناسب ولطبيعة الساحل ولصعوبة حراسة المواصلات البحرية.

          9 أكتوبر سنة 1917


Scroll to Top