برقية الملك حسين إلى الرئيس جمال عبد الناصر والعقيد معمر القذافي رداً على برقيتهما إليه
برقية الملك حسين إلى الرئيس جمال عبد الناصر والعقيد معمر القذافي
رداً على برقيتهما إليه
عمان، 11 يونيه 1970
جريدة ” الأهرام “: العدد الصادر في 12 يونيه 1970
إن صوت الأمة العربية والإسلامية، ونداء الأهل والأخوة في المحتل من أرضنا، نداء مقدساتنا ونداء الواجب نحو أبنائنا جميعاً في قلب وطننا العربي الكبير هذا، قلعة الصمود والرجولة والإباء، يتردد كله قوياً في أعماقنا، فسنبذل أقصى الجهد في سبيل وأْد الفتنة، ورأْب الصدع، وتجنب شماتة الأعداء ونسف القلعة من الداخل.
هذا ما يتردد شأنه أبداً قوياً في أعماق كل مُنْتمٍ إلى قواتنا المسلحة، وهي قوات الأمة العربية كلها، المنضبطة دائماً بعون الله في وجه كل الظروف، والتي عاشت ملحمة وجودها في سبيل أسمى أهداف أمتنا، وقدمت على طريق الشرف والواجب أعز التضحيات. وهو ما يتردد في نفوسنا وأعماق كل العرب الآصائل الشرفاء، على هذه الأرض، الناذرين أرواحهم في سبيل حق امتهم ومجدها وعزتها.
ويقيناً بأن هؤلاء وأولئك ابناؤنا واخوتنا في السلاح، والمواطنون جميعاً أهلنا وذووُنا، وبارتفاع الكل إلى مستوى المسئولية، سنضمد جراحنا، وسنزيل آثار الظروف المرة التي اجتزناها. ولكي لا تضيع كل الدماء الطاهرة الذكية التي أريقت سُدى، ولكي لا تبقى ثغرة واحدة يؤدي وجودها بعد الآن، إلى مثل ما وقع أو أسوأ منه- لا قدر الله – ولكي تؤدي كل طاقاتنا وإمكانياتنا دورها الكامل في معركة المصير. لن أرضى إلا أن تكون هذه المرحلة نقطة تحول جذرية وأساسية، يعرف بعدها كل واجبه وميدانه ويلتزم بأدائه كاملاً، وأن يكون الصف صفاً واحداً متيناً، يأمن المواطن على نفسه وحياته وملكه، ويأمن الجندي مؤخرته، ويؤمن بأن الجموع خلفه متراصة ومعه، ويشعر فعلاً بأن كرامته مصانة، وإنها كرامة شعبه وأمته وقادته وأنه، أمل الجميع وعدة الجميع للمعركة الحاسمة المنتظرة. وكذا الفدائي العربي الشريف، أخوه في السلاح ، الذي وهب حياته لمقاومة الاحتلال ومقارعة الظلم والعدوان، والذي قام وتهيأ وانطلق بحماية قواتنا المسلحة، ومن صفوف شعبنا الواحد، لا بد وأن يقف وكل اخوته في صف واحد، لا يفتت من طاقاته وقدراته سبب من الأسباب، ولا تعطله تناقضات أو أهواء.
فلنكن، ومن خلال ما يجب أن نوفره له نحن العرب في وطننا الكبير، قادة وشعوباً، في قلب تلك الصورة العزيزة المحفوظة في قلوبنا، وتلك القوة القادرة العاملة المطمئنة، التي تمثل ثورة شعبنا وانطلاقته
<1>
برقية الملك حسين إلى الرئيس جمال عبد الناصر والعقيد معمر القذافي رداً على برقيتهما إليه
الكاملة مع قواته المسلحة بجميع فئاته، على درب التضحية والفداء، ومن أجل المقدسات والأرض والشعب والمستقبل والمصير.
وليحافظ الجميع على السلاح أمانة في أيديهم من كل اخوتهم وأهلهم مصوباً فقط نحو أعداء الأمة والوطن.
ويسعدني أن أنقل إليكم أن الحالة تتحسن بسرعة كبيرة ونتيجة كل الجهود المخلصة الخيرة الهادفة.
والله ولي التوفيق.
مع بالغ تقديري ومحبتي وتحياتي.
<2>