بيان الجبهة الشعبية الثورية لتحرير فلسطين حول أزمة الثورة الفلسطينية
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1972، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 8، ط 1، ص 199-200”
بيان الجبهة الشعبية الثورية لتحرير فلسطين حول أزمة الثورة الفلسطينية.
5/ 4/ 1972 | (محفوظات مؤسسة الدراسات الفلسطينية) |
يا جماهير شعبنا الفلسطيني،
يا جماهير أمتنا العربية،
أيها المقاتلون الثوريون،
تمر الثورة الفلسطينية بأزمة خطيرة، إن هذه الأزمة نابعة من عجز المقاومة عن مجابهة المهام السياسية المطروحة الآن والتي جاءت نتيجة سلسلة من التطورات السياسية الحادة التي جرت على المستوى الفلسطيني الأردني وعلى المستوى العربي. ونتيجة لهذه الأزمة ونتيجة لما ترتب عليها من ضعف في فعالية حركة المقاومة السياسية والنضالية، فإن مجموعة من المشاريع التصفوية المعدة بهدف استكمال التصفية النهائية للقضية الفلسطينية يجري طرحها الآن، حيث يجري الانتقال في مؤامرة الحل السلمي من مرحلة الإعداد إلى مرحلة التنفيذ العملي. إن من بين هذه المشاريع، وأكثرها خطورة، مشروع “المملكة العربية المتحدة” ومشروع “الدولة الفلسطينية”.
ومقابل هذه التطورات الخطيرة والحادة فإن واقع حركة المقاومة يتم بالعجز والترهل نتيجة لسيادة الاتجاهات اليمينية والعاجزة على حركة المقاومة بصورة تجعلها عاجزة عن التصدي الثوري والنشط للمهام الراهنة التي تطرحها هذه التطورات.
وللخروج من وضع المقاومة الحالي بصورة تكون المقاومة معها قادرة على مجابهة هذه المهام لا بد من انتهاج سياسة تقوم على:
1 – رفض مشاريع التصفية وعلى رأسها مشروع “المملكة العربية المتحدة” ومشروع “الدولة الفلسطينية”. وتوفير شروط هذا الرفض ببناء وتعزيز الأجهزة الجماهيرية السياسية والعسكرية في داخل الأرض المحتلة والأردن وفي عموم مناطق تواجد المقاومة المسلحة بصورة تكون معها قادرة على توفير شرط التصدي لمقاومة تنفيذ هذه المشاريع كوسائل لتصفية القضية الفلسطينية تصفية نهائية، والاقلاع عن السياسات الملتوية في مجابهة هذه المشاريع التي تساعد على توفير المقدمات التي تقود إلى الوقوع في فخ هذه المشاريع تحت ستار من الدعاوى التضليلية والخاطئة.
2 – توفير شروط ومستلزمات إسقاط النظام الرجعي العميل في الأردن لما يمثله من عقبة أساسية في الطريق المؤدي إلى التحرير سواء من خلال تنفيذه المخططات التصفوية الامبريالية والإسرائيلية أو من خلال تصديه لحركة المقاومة ومنع جزء أساسي من أبناء الشعب العربي الفلسطيني من ممارسة حقه المشروع للنضال من أجل استعادة وطنه. إن أهم هذه الشروط تبني سياسة الدفاع عن المكاسب التي حققتها الحركة الجماهيرية في ظل وجود حركة المقاومة بجانبيها الحريات الديمقراطية والمكاسب الطبقية، ومعالجة حالة الانحسار الجماهيرية من خلال العديد من التدابير التي تأتي في طليعتها سلسلة من العمليات العسكرية ذات الطبيعة التحريضية التي تمكن من إنهاض الحركة الجماهيرية وبلورتها في مؤسسات نضالية سياسية وعسكرية تمكن من إسقاط النظام العميل وإقامة نظام ديمقراطي وطني.
3 – مقاومة سياسة الاحتواء والتصفية التي تمارسها كافة الأنظمة العربية الرسمية من خلال التشهير بهذه السياسات وبناء الأجهزة الجماهيرية السرية السياسية والعسكرية التي تضمن لحركة المقاومة الاستمرار والنمو على الرغم من سياسة التصفية والحصار، والالتحام الوثيق مع حركة الجماهير العربية الثورية لأنها هي وحدها سند حركة المقاومة في نضالها ضد إسرائيل والامبريالة والرجعية وقوى الاستسلام.
يا جماهير شعبنا الفلسطيني،
يا جماهير أمتنا العربية،
أيها المقاتلون الثوريون،
إن تنفيذ هذه السياسات وعلي ضوء تجربة المقاومة السابقة تتطلب الرفض الكامل لسياسات العجز والاستسلام التي قادت المقاومة إلى النتائج التي نشهد آثارها بالأزمة الراهنة التي تمر بها الثورة الفلسطينية. إن رفض هذه السياسة يستدعي النضال ضد الاتجاهات التي تمثل هذه السياسات وتقودها. إن ذلك يتم من خلال تكتيل القوى الثورية في حركة المقاومة القادرة على تنفيذ السياسات الثورية في إطار جبهة وطنية ديمقراطية ثورية.
إن سياسة المقاومة الراهنة على هذا الصعيد تقوم على أساس تجميع قوى من اتجاهات عديدة لا تمتلك الشروط التي تمكن من توفير الأسس التي تجعل المقاومة قادرة على انتهاج سياسة ثورية تمكنها من إنجاز المهام التي يطرحها الوضع السياسي الراهن. إن هذه السياسة تجد الإفصاح العملي عنها في المجلس الوطني والمؤتمر الشعبي الذي يعقد الآن في القاهرة، حيث إن تجربة المجالس الوطنية والمؤتمرات الشعبية أكدت فشل هذه السياسات في التصدي للمهام التي تواجه الثورة الفلسطينية. ذلك لأن تركيب هذه المؤتمرات
<1>
بيان الجبهة الشعبية الثورية لتحرير فلسطين حول أزمة الثورة الفلسطينية
المصدر: ” الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1972، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 8، ط 1، ص 199-200″
يجعل السياسة المنبثقة عنها متعاكسة مع انتهاج أي سياسة ثورية.
إنه على الرغم من كل القرارات التي تتخذها هذه المؤتمرات فإن واقع المقاومة يوضح أن المقاومة تسير باتجاه التقهقر ومزيد من التعثر. ومن هنا فإن حل أزمة الثورة الفلسطينية لن يأتي عن طريق مثل هذه المؤتمرات. إن حل أزمة الثورة الفلسطينية يتطلب مغادرة مثل هذه الحلول والبحث عن حلول تكفل فعلاً للثورة الفلسطينية طريق الخروج من الأزمة الراهنة. إن ذلك يتم من خلال لقاء القوى الثورية في حركة المقاومة القادرة على توفير مستلزمات المرحلة الجديدة ضمن صيغ جديدة للتحالف، تعكس حقيقة نسبة القوى التي تشكل محتوى مرحلة التحرر الوطني الديمقراطي الجديدة بالاستناد إلى وضعيتها التاريخية وحجم الدور الذي تحدده لها هذه الوضعية انطلاقاً من الآفاق الاستراتيجية لحقيقة دور كل قوة من قوى التحالف الوطني الديمقراطي الجديد.
يا جماهير شعبنا الفلسطيني،
يا جماهير أمتنا العربية،
أيها المقاتلون الثوريون،
إن مجابهة مخططات تصفية القضية، والعمل من أجل إعادة إنهاض حركة المقاومة يستدعيان لقاء كافة القوى الثورية، في حركة المقاومة، الرافضة لسياسة العجز والاستسلام، ضمن صيغة من التحالف الوطني يكون أساسها قيام الجبهة الوطنية الديمقراطية الثورية.
فلتتحد جهود الثوريين في حركة المقاومة من أجل خلق هذه الجبهة.
ولتسقط مؤامرة التصفية.
وعاشت الثورة الفلسطينية.
<2>