بيان للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تعليقا على الذيول والنتائج التي خلفتها عملية مطار اللد
المصدر:”الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1972، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 8، ط 1، ص 293 – 295″
بيان للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تعليقا على الذيول
والنتائج التي خلفتها عملية مطار اللد.
الكويت 4 /6 /1972 |
| ( الهدف، العدد 155،بيروت، |
تعليقا على الذيول والنتائج التي خلفتها العملية الجريئة التي قام بها فدائيو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بهجومهم الانتحاري على مطار اللد في فلسطين المحتلة، تجد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن من واجبها أن تضع الجماهير الفلسطينية والعربية، وأصحاب الضمائر والأفكار النظيفة والشجاعة في العالم أجمع، أمام الحقائق التالية:
أولا – ما زال الإسرائيليون يهددون بشن عدوان انتقامي، وهم مصرون بصورة عمياء ومتعمدة على تحميل بلدان عربية معينة، وخاصة لبنان، مسؤولية العملية الثورية التي قام بها فدائيونا، وهي العملية التي لم يسببها وليس مسؤولا عنها، بأية صورة من الصور، إلا التاريخ العدواني الهمجي والدموي للصهيونية وجذور الوجود الإسرائيلي وواقعه الملطخ بدماء شعبنا طوال أكثر من نصف قرن.
إن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تؤكد مرة أخرى أنها تتحمل وحدها المسؤولية الكاملة عن العملية التي هي حلقة في سلسلة النشاط الثوري للمقاومة الفلسطينية ضد العدو الغاصب الذي بنى وجوده على أشلاء جماهيرنا وعذاباتها وعرقها ودموعها وبؤسها.
وبالتالي، فإن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إذ تدرك أن العدو الإسرائيلي ينوي رد الاعتبار لصورته الاستعمارية الباطشة، وإعادة بناء سطوته المعنوية كمخفر أمامي للاستعمار، وحامل سيفه ومنفذ إرادة القمع عنده، فإنها تكرر تحذيرها من أنها سترد على أي عدوان على جماهيرنا الفلسطينية والعربية بقسوة لم تخطر على باله، وستذيقه من الكأس التي جرع شعبنا مرارتها حقبا طويلة من الزمن.
ثانيا – إن قوائم المسؤولين الإسرائيليين، وزملائهم المسؤولين اليابانيين وغيرهم من محتكري تجارة قتل الشعوب في العالم، قد انفتحت هذه الأيام بصورة مقرفة للحديث عن ” الإنسانية” التي لم يعرفوا قط في حياتهم ماذا تعني.
إنه من إضاعة الوقت لفت نظر المسؤولين الإسرائيليين إلى الذكريات الدموية القريبة والبعيدة التي لا يمكن لتاريخ الصهيونية أن يكتب دونها، من دير ياسين إلى خان يونس إلى بحر البقر.
بوسع القادة الإسرائيليين مراجعة الكتاب الذي أصدره مؤخرا المؤرخ الإسرائيلي آرييه يتسحاقي، مؤرخ الجيش الإسرائيلي، والذي اعترف أن الإسرائيليين قاموا بتنفيذ عشرات المذابح من طراز مذبحة دير ياسين، حيث كان همهم قتل أكبر عدد من الشيوخ والأطفال.
إن حبر هذا الكتاب لم يجف بعد، وبوسع القادة الإسرائيليين أن يقرءوا ملخصاته في صحيفة إسرائيلية هي يديعوت احرونوت – عدد 14/ 4/1972 – وعليهم أن يجففوا دموع التماسيح التي لا يصدقها أحد.
إننا نذكر الإسرائيليين، ووسائل الإعلام العالمية المنحازة ذات الذاكرة الضعيفة، أن الإسرائيليين قاموا في شهر تموز [يوليو] 1948 بتنفيذ واحدة من مذابحهم الشهيرة في اللد ذاتها، حيث راح ضحية القتل الجماعي، وبدم بارد، أكثر من ألف عربي ما بين طفل وامرأة وشيخ حسب شهادة شهود عيان وحسب وصف مؤرخ الجيش الإسرائيلي ذاته.
صحيح أنه مرت 24 سنة على هذه المذبحة الجماعية، ولكن دماء الضحايا أبناء اللد ولاجئي يافا الذين راحوا ضحيتها لم تجف من ضمائر شعبنا، وعلينا ألا ندعها تجف من سجل الحساب بيننا وبين العدو.
إن تاريخ المذابح الصهيونية ضد جماهيرنا لم يتوقف منذ نصف قرن، منذ أن درب البريطانيون موشيه دايان عام 1936 على ذبح القرويين العرب المسالمين لمجرد التعطش للدم، والتلذذ العنصري لعذابات الفقراء والمضطهدين.
إنه من إضاعة الوقت تسجيل قائمة طويلة بالتاريخ الدموي للصهيونية والتي لا يمكن فهمها دونه، ولكن جماهيرنا الرازحة تحت سنوات البؤس والتشرد، والمعذبة بالهمجية المتواصلة للإسرائيليين، تعرف جيدا ماذا يعني الإسرائيليون حين يتحدثون عن ” الإنسانية “
أما بالنسبة للمسؤولين اليابانيين، الملطخة أيديهم ووجوههم وضمائرهم بدماء فلاحي اكيناوا وطلاب وعمال طوكيو والفقراء المنتزعين من أراضي المطارات والقواعد،
<1>
بيان للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تعليقا على الذيول والنتائج التي خلفتها عملية مطار اللد
المصدر:”الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1972، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 8، ط 1، ص 293 – 295″
اللاعقين أحذية الامبريالية الأميركية، خدامها الأمناء ووكلائها مصاصي الدماء في جنوب وشرق آسيا، أما بالنسبة لهؤلاء فإن “اندهاشهم”، و” خجلهم” من بطولة الفدائيين اليابانيين الثلاثة هو شيء طبيعي، ويعكس حقيقة المعركة التي استشهد الفدائيون في سبيلها: معركة الجماهير الكادحة المستغلة المغلوبة على أمرها، ضد الامبريالية وعملائها وسارقي قوتهم وأوطانهم في كل مكان من العالم.
إن مسارعة عبيد الامبريالية، أفراد الطغمة الحاكمة في طوكيو، إلى رشوة الإسرائيليين، وإلى زيادة حدة القمع ضد القوى التقدمية في اليابان، لا يعني بالنسبة لنا إلا وقوفا صفيقا ضد جماهيرنا في صف العدو الغاشم، وهو انحياز تترتب عليه نتائج خطيرة. من المساعدات المادية والمعنوية والإعلامية التي سارع المسؤولون اليابانيون، من زعماء الحزب الديمقراطي الحر الحاكم، بإعطائها لإسرائيل دون حساب وبمعزل عن أي وعي لحقيقة النضال المشروع الذي تخوضه الجماهير الفلسطينية ضد جزاريها، لن تمر دون عقاب، وإن جماهيرنا العربية التي تتعرض لنهب الاحتكارات اليابانية قادرة على الرد على هذا السلوك الامبريالي بالشدة التي يستحقها.
ثالثا – إن تصريحات أحد المسؤولين الأردنيين، الذي التقى مع العملاء حكام طوكيو بالولاء المشترك للامبريالية الأميركية، هذه التصريحات التي زعمت أن الهجوم على مطار اللد لا يعكس الوجه الحقيقي للنضال الفلسطيني، هي أكثر التصريحات صفاقة ومبعثا للسخرية.
إن الوجه المشرق للنضال الفلسطيني ليس بحاجة لشهادة من قتلة الآلاف من الفلسطينيين والأردنيين، هادمي المخيمات على رؤوس آلاف النساء والأطفال، حارقي المدن والقرى بهمجية القرون السوداء.
إن النضال الفلسطيني له وجهه المشرق الذي ليس بحاجة لشهادة جزاري أيلول [سبتمبر] الأسود، وهو حتما وجه يرفض الاستخذاء والاستسلام ولعق أحذية الصهيونية وتنفيذ مؤامرات حكام تل أبيب، واستحقاق لعنة التاريخ.
إن مثل هذا الرأي، يطلقه حكام عمان، ليس مستغربا قط، وكان العكس وحده جديرا بالاستغراب.
رابعا – إن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تؤكد لجماهيرنا العربية، أنها ستواصل مسيرتها وستصعد نضالاتها ولن تسمح للمفاهيم المائعة، ولانجاز بعض وسائل الإعلام الغربية، ولأكاذيب العدو ومفاهيمه وحملاته النفسية أن تكبل نشاطها الثوري، وتخضعه لمصلحة العدو وطمأنينته ومشاريعه الإعلامية والسياحية، وسياسة الأمر الواقع التي يستند إليها لتكريس، الاغتصاب.
المجد للثورة ولجماهيرها.
وليستمر العنف الثوري أسلوبا وحيدا لمواجهة وسحق العنف الإسرائيلي والرجعي.
<1>
