بيان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول اكتشاف مخطط لتصفية المقاومة الفلسطينية

بيان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول اكتشاف مخطط لتصفية المقاومة الفلسطينية
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 6، ص 258 – 260”

بيان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حول اكتشاف مخطط
لتصفية المقاومة الفلسطينية.

بيروت، 29 /4 / 1970

 

( الهدف، العدد 40، بيروت، 2 /5 / 1970، ص3 )

          ان ” الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين “، التي التزمت منذ بداية نضالها بأن تقدم الحقيقة، كل الحقيقة، للجماهير، ترى نفسها في هذه الظروف بالذات ملزمة بأن تضع بين أيدي جماهير شعب فلسطين والأمة العربية، تفاصيل واحدة من أخطر المؤامرات التي تتهدده.

          ان الجبهة الشعبية، اذ تفخر بأنها استطاعت ان تضع حدا لهذه المؤامرة، وان تكشف عناصرها القيادية وعناصرها التنفيذية وتعطل فعاليتهم ونشاطهم المضاد، لتؤكد ان الحاجة إلى المزيد من الحذر وإلى المزيد من الوقفات الصلبة والجذرية إزاء معسكر الأعداء الرجعيين ما تزال ضرورة، الآن أكثر منها في أي وقت مضى: فالخصم الذي يتربص بحركة المقاومة، ويعد العدة باذلا كل جهوده لسحقها بواسطة أخبث الوسائل وأقذرها، لا شك انه سيعيد الكرة، وما لم يتلق ضربة ساحقة من المقاومة فان جهوده ستظل تتكرر.

          ان الفشل المتواصل الذي يعانيه العدو الإسرائيلي في محاولات تصديه للمقاومة الفلسطينية المسلحة ينعكس في دفع الرجعية العربية للعب جزء أساسي من هذا الدور، ومحاولة تصفية المقاومة خدمة للمخططات الصهيونية الامبريالية.

          ان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي تدرك إدراكا عميقا معنى قول لينين: ” لا قيمة لأي ثورة لا تحسن الدفاع عن نفسها ” قد تابعت تلك المؤامرة القذرة منذ البدء، وحطمتها بالاشتراك مع عناصر استيقظت ضمائرها بعد ان غررت بها الرجعية المتآمرة، وكذلك بدعم من تنظيمات فدائية أخرى، وهي ترى انها ملزمة الآن بأن تضع خطوط تلك المؤامرة، بالأسماء والتفاصيل، بين أيدي الجماهير.

          ان الهزيمة التي منيت بها السلطة الأردنية في صدامها مع الجماهير والتنظيمات الفدائية في 4 تشرين الثاني (نوفمبر) 1968، بدأت هذه السلطة، بمعاونة خبراء وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية الموجودين في الأردن بوضع الخطوط العريضة لخطة جديدة تستهدف تصفية العمل الفدائي على مراحل. ومنذ البدء كانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، مع تنظيمات فدائية أخرى، تراقب تطور ذلك المخطط التآمري الذي بدأ يبرز إلى حيز التنفيذ مع تعيين ناصر بن جميل قائدا للجيش الأردني في مطلع عام 1969.

          وقد بدأ ناصر بن جميل، منذ توليه قيادة الجيش، يعمل وفق خطة دقيقة على النحو التالي:

          1 – في نيسان (أبريل) 1969 قام بإيفاد أحد الضباط الأردنيين، وهو برتبة ملازم، إلى الولايات المتحدة بحجة حضور دورة تدريب على سلاح المدفعية، الا ان هذا الملازم واسمه الحركي نصر، حضر لمدة ستة شهور دورة على أيدي عناصر اختصاصية في وكالة الاستخبارات المركزية (سي.آي.اي.) للتدرب على قمع وتفتيت التنظيمات السرية وتفجير المنظمات من الداخل وتحطيم صلاتها بالجماهير.

          2 – وقد عاد الملازم (نصر) من الولايات المتحدة في تشرين الأول (أكتوبر) من عام 1969 حيث ارتبط بمهمة خاصة تابعة مباشرة لمكتب القائد العام للجيش الأردني.

          3 – وفي أول تشرين الثاني (نوفمبر) 1969 بدأ الملازم المذكور، يعاونه عدد من العناصر التي سنأتي على ذكرها فيما بعد، وباشراف مباشر من القائد العام، تشكيل جهاز أطلق عليه اسم ” الشعبة الخاصة “.

          4 – تشكلت “الشعبة الخاصة” هذه على الشكل التالي:

          أ – عناصر الادارة. (وهي بمثابة القيادة) من:

          1 – الشريف ناصر.

          2 – الأمير علي بن نايف.

          3 – الشريف زيد بن شاكر.

          4 – الحاج سعد الدين جاسم قائد الشرطة العسكرية.

          5 – محمد البشير (مدير الأمن العسكري).

          ب – رئيس الشعبة الخاصة: الرئيس عبد الكريم عمر وهو مسؤول عن قسم المعلومات أيضا. واسمه الحركي سعد.

          ج – مساعد رئيس الشعبة وضابط أمنها ( وهو بمثابة ضابط تنفيذ) :الملازم نصر وهو مسؤول عن قسم الاتصال أيضا.

          د – فروع الشعبة:

          – ” فرع الانذار” و ” فرع الحرب النفسية ” ويتولى مسؤوليتهما ياسين عبر الرحيم وهو عنصر من عناصر الحزب القومي السوري الاجتماعي (سوري الأصل) وشقيق الشخص الذي نفذ عملية اغتيال العقيد عدنان المالكي في

<1>

بيان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول اكتشاف مخطط لتصفية المقاومة الفلسطينية
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 6، ص 258 – 260”

          دمشق.

          – فرع التنفيذ: ويتولى المسؤولية عن كل منطقة من مناطق الأردن ضابط متقاعد.

          هـ – وبناء على خطة العمل المقررة للشعبة الخاصة هذه، فقد كان من مسؤولية عناصرها أن تراقب وتنشط وتغطي المجالات التالية:

          التنظيمات الفدائية، القوات المسلحة، الأمن العام، الأحزاب، السفارات، الشركات، الأندية والجمعيات  الخيرية، مؤسسات رعاية الشباب، العشائر، رجال الدين، رجال الأعمال، البعثات الطلابية، أجهزة الإعلام.

          و – ترتكز الشعبة الخاصة، بالاضافة لعناصرها القيادية والادارية وقادة المناطق على دائرة من ” الانصار” ولكنها على صعيد تنفيذي تستند على ما يسمى (بالمقاومة الشعبية” ، وهو التنظيم الذي يراد منه أن يشكل ” بديلا” لحركة المقاومة. وقد برز أسمه لأول مرة عند الصدامات الدامية في شباط (فبراير) الماضي حين اعتبرته السلطة الجهاز القادر على تنفيذ ما أسمته آنذاك بحماية البلاد وتوطيد الأمن.

           و” المقاومة الشعبية ” هذه، التي زود افرادها في الفترة الأخيرة بكميات كبيرة من السلاح والذخيرة، تتألف من عناصر ذات ارتباطات قبلية بالدرجة الأولى، وتشكل احتياطيا لقوى الأمن، ويتقاضى عناصرها رواتب شهرية تتراوح بين 20 دينارا و50 دينارا اردنيا.

          5 – وفي الفترة الأخيرة نشطت ” الشعبة الخاصة ” لتوسيع أعمالها خارج الأردن، فقام الرئيس عبد الكريم عمر، يوم 7 شباط (فبراير) 1970، بزيارة للبنان، حيث أجرى مع أحد معاونيه اتصالا بجماعة جورج عبد المسيح من بقايا القوميين السوريين الاجتماعيين، وبحثوا امكانية التعاون. وقد مثل عبد الكريم عمر ” الشعبة الخاصة ” في هذه الاجتماعات، اما مجموعة القوميين السورين فقد مثلها يوسف قائدبيه (رئيس الحزب) وفؤاد شادي (رئيس المجلس الأعلى) وجورج عبد المسيح (عميد الداخلية) وابراهيم دانيال (رئيس الحزب السابق).

          واشترط القوميون السوريون في هذا الاجتماع ان يشمل العمل سوريا ولبنان والعراق بالاضافة للاردن، على أن تعطى لهم حرية التصرف والتخطيط فيما يتعلق بساحتي سوريا ولبنان، اما الشعبة الخاصة فلها حرية التصرف بالأردن والعراق. وقد باركت عناصر من الاستخبارات الأميركية المتمركزة في بيروت هذه الخطوات، واشتركت هذه العناصر في صياغة مذكرة حول الموضوع كتبت في آخر لحظه، وسلمت لعبد الكريم عمر وهو على سلم الطائرة في مطار بيروت في طريق عودته لعمان.

          6 – وطوال الشهور الماضية نشطت عناصر ” الشعبة الخاصة ” لتنفيذ الأعمال التالية التي كانت ضمن برنامجها ومخططاتها:

          1 – الاندساس في عدد من تنظيمات المقاومة وذلك عن اغراء عناصر في المقاومة للتعاون معهم.

          2 – محاولة الايقاع بين فصائل المقاومة وذلك عن طريق:

          أ – زرع ألغام في الطرق التي يسلكها الفدائيون.

          ب – سرقة سيارات الجبانة والتموين الخاصة بالفدائيين أثناء تأدية مهامها.

          جـ – اعتقال مواطنين باسم الكفاح المسلح.

          د – إطلاق الرصاص واثارة الشائعات وتكبر الأخطاء وبث الذعر.

          هـ – تعميم الفوضى عن طريق افتعال اشكالات جانبية لتوريط المقاومة: (رجم سيارة السفير المصري في عمان واتهام رجال المقاومة بذلك – 10 شباط (فبراير) – خلق فوضى حول زيارة قام بها حردان التكريتي للاردن، الخ).

          7 – التخطيط لاغتيال الدكتور جورج حبش يوم القداس الذي أقيم على روح والده (المكلف بذلك عيسى السمردلي) – وهو من السلط، مقيم في الاشرفية، واسمه الحركي (أبو لهب).

          8 – التخطيط لاغتيال السيد ياسر عرفات (أبو عمار) عند زيارته لاربد (المكلف بذلك يوسف القياس).

          9 – خطف الدكتور يعقوب زيادين واعتقاله (المكلف بذلك جميل البطوشي وهو من الكرك واسمه الحركي أبو أيمن).

          10 – مراقبة الجيش العراقي ورصد تحركاته وصلاته بحركة المقاومة.

          11 – تعميق الحساسيات والنعرات بين سكان الضفتين، وايقاد الخلافات القبلية والطائفية على أوسع نطاق.

          لقد قام هذا الجهاز المتآمر العميل بتنفيذ جزء من مخططاته والشروع بالاعداد لتنفيذ جزء آخر، الا انه كان يعد العدة لعمليات أوسع تستهدف تصفية المقاومة لتنفيذها في الشهور القليلة القادمة. ولم تكن أحداث شباط (فبراير) الماضي الدامية الا حلقة من الحلقات التي كان يسميها الجهاز المذكور عملية ” اختبار” للمقاومة الفلسطينية وقدراتها.

          ولم تكن هذه العمليات مقطوعة الصلة بالعمليات المشابهة التي وقعت في لبنان في آذار (مارس) الماضي، والتي تدل الوثائق المتوفرة انها كانت جزءا من المخطط ذاته، يتحرك بالخيوط التي يمسك بها المتآمرون الكبار في واشنطن وتل أبيب.

          ان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جنبا إلى جنب مع

<2>

بيان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول اكتشاف مخطط لتصفية المقاومة الفلسطينية
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 6، ص 258 – 260”

فصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى، تقف بالمرصاد لكل هذه الحلقات المتصلة من المؤامرة الدنيئة التي تستهدف تصفية حركة المقاومة كي ينفتح الطريق سهلا أمام قبول الحلول الاستسلامية، وركوع الأنظمة العميلة أمام أقدام أسيادها الامبريالين والصهيونيين.

          ان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، اذ تعلن انها استطاعت بفضل جهودها، وبفضل يقظة الضمير عند بعض من استطاعت الشعبة الخاصة التغرير بهم، وبفضل الوقفة الحاسمة التي وقفتها “فتح” أمام هذه المؤامرة والجهد الذي بذلته لإحباطها، تحطيم ذلك المخطط القذر الذي رسمته وبدأت بتنفيذه القوى الرجعية والامبريالية والصهيونية، تهيب بالجماهير الفلسطينية والعربية وخصوصا بتنظيمات المقاومة، الوقوف بصلابة وبحذر في وجه معسكر العدو المتربص بها، والتي يخطط بدأب للقضاء عليها.

          ان الجبهة الشعبية، التي تمتلك وثائق وتسجيلات واعترافات تلقي أضواء على أدق تفاصيل ومخططات تلك المؤامرة، ستقوم بوضع معلوماتها هذه بين أيدي فصائل المقاومة الأخرى لسحق المؤامرة ورؤوسها وذيولها عن آخرها.

          ان الجماهير الكادحة، الواعية والمنظمة، المسترشدة بالفكر الثوري، هي الضمانة الحقيقية للقضاء على كل أوهام الرجعية والامبريالية والصهيونية، ولسحق كل المؤامرات وكل الرؤوس التي تقف وراءها.

          فإلى المزيد من الالتحام مع الجماهير الكادحة، وإلى المزيد من الاعتناق الصلب للفكر الثوري، وإلى المزيد من الوحدة بين فصائل المقاومة. والنصر لقضية الجماهير في وجه أعداء الجماهير.


 

<3>

Scroll to Top