بيان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول مسؤوليتها عن عملية اللد

بيان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول مسؤوليتها عن عملية مطار اللد
المصدر:”الوثائق الفلسطينية العربية لعام مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 8، ص284 -286″

بيان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول مسؤوليتها عن عملية مطار اللد.

 

بيروت، 31 /5 /1972

 

(الهدف، العدد 154، بيروت،
3 /6 /1972، ص3 )

          تعلن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مسؤوليتها الكاملة عن عملية الاقتحام الباسلة التي نفذتها مجموعة الشهيد باتريك ارغويللو الصدامية الخاصة مساء اليوم في مطار اللد في أرضنا المحتلة، والتي تأتي على أبواب الذكرى الخامسة لهزيمة حزيران [يونيو]، لتضع أمام جماهير شعبنا وقوى الثورة في العالم جملة حقائق أساسية تؤكدها هذه العملية البطولية.

          أولا: إن ملاحقة العدو وضربه في كل مكان، كانت وستبقى اهتماما أساسيا في توجهاتنا في محاربة العدو الصهيوني الامبريالي الرجعي. إن مثل هذه العملية التي نفذها أبطالنا اليوم تأتي لتعزز خط قطع شرايين إمداد العدو الصهيوني بمقومات حياته، ومن هنا تكتسب هذه العملية ومثيلاتها شرعيتها كأسلوب فعال في محاربة الوجود الاستيطاني الصهيوني فوق أرضنا المحتلة.

          ثانيا: إن الهجمة الامبريالية في منطقتنا أخذت في تعزيز مواقعها تجاه قوى حركة التحرر الوطني العربية في محاولة لفرض هيمنة امبريالية صهيونية رجعية شاملة في المنطقة. وقد اتسمت هذه الهجمة الامبريالية منذ أيلول [سبتمبر] 1970 بشراسة عنيفة، تمثلت في الهجمة القمعية ضد المقاومة في الأردن والتضييق عليها في بلدان عديدة أخرى، مما كان له أكبر الأثر في دفع عجلة التراخي والتراجع والمساومة في مواقف عدد من أنظمة البورجوازية الصغيرة الوطنية، واتخاذها في كثير من الحالات مواقف تخدم مخطط الهجمة الامبريالية على المنطقة.

          ثالثا: ومن مظاهر الهجمة الامبريالية ونتائجها محاولة عدد من أنظمة البورجوازية الصغيرة الوطنية احتواء حركة المقاومة الفلسطينية، وسلبها إرادتها المستقلة وإبقاءها ضمن حدود معينة تمكن هذه الأنظمة من الاستفادة منها إن هم أرادوا ذلك. وإيقافها إذا دعت الضرورة ومصلحة هذه الأنظمة إلى ذلك. والجبهة الشعبية التي وقفت دائما. في وجه أية عملية احتواء، تكرر موقفها اليوم مؤكدة أن استقلالية حركة المقاومة ضرورة حتمية في هذه المرحلة أكثر منها في أية مرحلة سابقة.

          رابعا: كما أن من مظاهر هذه الهجمة الامبريالية ذلك النشاط المحموم الذي تبذله السلطة الرجعية في الأردن لإيجاد تسوية سياسية تحافظ من خلاله على كيانها. وما مشروع ” المملكة العربية المتحدة “، ذلك المشروع الخيالي، إلا محاولة يائسة من قبل هذا النظام العميل لتثبيت نفسه كمثل للشعب الفلسطيني. ولكن شعبنا الفلسطيني يدرك تماما أن كل هذه المحاولات، سواء ما كان منها مرتبطا بالجانب الإسرائيلي أو بالنظام الرجعي في الأردن، هي محاولة فاشلة لكونها لا تنبع من إرادة الشعب الفلسطيني نفسه الذي لا يعتبر ممثلا شرعيا له سوى حركة المقاومة الفلسطينية المسلحة.

          خامسا: إن الذكرى الخامسة للعدوان الصهيوني الامبريالي على أمتنا العربية هي مناسبة للثوار كي يجددوا عهدهم لجماهير الثورة الكادحة، وأجيالنا العربية الطالعة وأرواح الشهداء بأن شعلة الفداء عالية، وأن مسيرتنا مستمرة وإننا لنعهد هذا العهد بدماء أبطالنا، وبإصرارنا الذي لا يلين أمام كافة الصعاب مهما بلغت.

          إن الذكرى الخامسة للهزيمة، هي أيضا مناسبة للثوار كي يعلنوا للعدو، في صميم قلعته المزروعة وسط أرضنا المحتلة، وبأشد ما يمكن من العنف، أن حرب الخامس من حزيران[يونيو] لم تنته بعد، وأن الجماهير التي طحنتها همجية الامبريالين والصهاينة والرجعيين، تنبعث من جديد وتخطو خطوة أخرى نحو وطنها المغتصب وتضرب عدوها حيث ينزف. إن فقراء هذا الوطن ومشرديه، وإن قوى الثورة والتحرر في العالم – بوجهها التضامني الأممي العملي المشرق – تواصل مسيرتها نحو النصر، وتدق مسمارا جديدا في نعش العدو الرابض فوق وطننا والعامل علي قهر إرادة شعبنا الرازح تحت نير الاحتلال.

          سادسا: إن هذه العملية العظيمة التي نفذها مقاتلون بواسل في قلب حصن العدو، مسددين إليه طعنة تاريخية ومقدمين للعالم كله نموذجا للمقاتل الثوري الذي يؤمن إيمانا لا يتزعزع بحتمية الانتصار، ويقدم في سبيل ذلك الانتصار أعز ما يملك عبر أرقى أساليب الكفاح، ومن خلال الإيمان العميق بأن حياته ليست إلا نقطة في نهر الجماهير الهادر.

          إن هذه العملية البطولية تأتي لتشكل برهانا ساطعا جديدا على أن مسيرة جماهيرنا الفلسطينية المتحالفة تحالفا عضويا مع قوى الثورة العالمية، لن تتوقف، وأن القتال في سييل التحرير هو الولاء الأول لهذه الجماهير، وأن أية قوة مهما بلغ حجم جبروتها وعسفها، لن تستطيع إيقافها عن مسيرتها الجبارة، المزدحمة بالتضحية والمؤمنة كل الإيمان بحتمية الانتصار العظيم.

          سابعا: إن عملية الاقتحام الجريئة التي نفذها رجالنا الأبطال، جاءت في هذه الفترة الحاسمة من تاريخنا النضالي لتؤكد أسمى درجات البطولة والتضحية.

          1 – إن كل مؤامرات التصفية التي تتعرض لها قضيتنا لا تشكل عقبة أمام إصرار جماهيرنا على مواصلة

<1>

بيان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول مسؤوليتها عن عملية مطار اللد
المصدر:”الوثائق الفلسطينية العربية لعام1972، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 8، ط 1، ص 284 – 286″

نضالاتها، والبذل حتى أعلى الدرجات في سبيل تحقيق أهدافنا

          2 – إن كل إجراءات التطويق والحصار والتجويع، لا تستطيع أن تشكل حاجزا أمام عزمنا على المضي قدما في ممارسة العنف الثوري وضرب عدونا في الأماكن التي لا يمكن أن تمحى من ذاكرته بسرعة.

          3 – إن كل حملات العدو الصهيوني والامبريالي والرجعي، لتصوير واقعنا الفلسطيني وكأنه قد انتهى ثوريا، وبالتالي إعداد العدة لتنفيذ مشاريع التصفية، والإيحاء لجماهيرنا بأن المقاومة المسلحة قد أحبطت، وتصوير أوضاع الاحتلال وكأنها تمر في حالة من الازدهار والقبول والسلام. إن ذلك كله ليس إلا أكذوبة ينبغي لها أن لا تعيش طويلا.

          ثامنا: إن عملية الاقتحام التي جرت اليوم جاءت أيضا، ردا ثوريا على المجزرة الإسرائيلية التي نفذها الجزار موشيه دايان وزبانيته، بدم بارد، بالفدائيين البطلين الشهيدين علي طه وعبد العزيز الأطرش، اللذين حاول الإسرائيليون أن يوحوا بأن استشهادهما سيكون إجراء تأديبيا يؤدي إلى إصابة العمل الثوري الفلسطيني بالشلل. إن ردنا الثوري على المجزرة التي نفذها دايان جاء وفاء لدماء بطلين سقطا نتيجة خدعة رخيصة، وجاء أيضا تأكيدا للمحتلين بأن العمل الثوري الفلسطيني لا يؤدي إلا إلى انبثاق عمل ثوري متجدد، وإن استشهاد المقاتلين لا يؤدي إلا إلى انبثاق مقاتلين جدد، وإن دماء الأبطال التي سفحها الجزار الصهيوني دايان تصب في نهر الجماهير الذي يكسح في طريقه نحو الانتصار كل أعداء الحياة.

          تاسعا: إن محاولات عديدة سوف تستغل هذه العملية للحديث عن الجوانب الإنسانية وتعريض الأبرياء للقتل والخطر وما إلى ذلك. وما يهمنا في هذا المجال أن نذكر بأنه لابد للجميع، وعلى رأسهم جزارو الاحتلال الصهيوني، أن يفهموا بأن المجازر التي نفذوها ضد الأطفال الأبرياء في مدرسة بحر البقر وضد العمال في مصانع أبو زعبل في مصر، وضد أهالي السلط واربد في الأردن، وضد الأهالي الآمنين في قرى جنوب لبنان، أن يفهموا أن هذه المجازر لن تمر بدون حساب مهما تقادم عليها الزمن.

          إن الحديث عن الأبرياء لا يمكن أن يبقى سيفا مسلطا فوق رؤوسنا وحدنا فقط. فالسياح القادمون إلى مطار اللد، هم في نظرنا ليسوا أبرياء لأن مجرد اختيارهم أرضنا المحتلة كمكان للسياحة هو في حد ذاته انحياز للعدو الغاصب، وبالتالي نحن لا نعتبرهم أبرياء بأي شكل من الأشكال. والجبهة العربية لتحرير فلسطين أعلنت تحذيرها للسياح للامتناع عن الذهاب إلى فلسطين المحتلة في بيان أذيع خلال شهر أيلول [سبتمبر]، 1969، ولا تتحمل الجبهة مسؤولية عدم اطلاع أي شخص على محتويات هذا البيان.

          يا جماهير شعبنا المناضل،

          أيها الفقراء من أبنا أمتنا العربية،

          ياقوى الثورة في العالم،

          إن أبطالنا البواسل يعيشون الآن في ضميركم الثوري، حيث كانوا دائما، وحيث كانت ولاءاتهم العميقة.

          إن مشاركة مناضلين ثوريين من القرى الثورية في العالم في هذه العملية البطولية جاءت لتؤكد من جديد، كما أكدها من قبل الشهيد باتريك جوزف ارغويللو، طبيعة التلاحم العضوي والتحالف الذي لا ينفصم بين قوى الثورة على الصعيد العالمي. إن هذه المشاركة تأتي لتؤكد وحدة القوى الثورية في العإلم في مواجهة معسكر العدو المشترك المستغل والمضطهد للشعوب الفقيرة في كل مكان، ولتقول لهولاء الأعداء إن زمن الاستفراد بالقوى الثورية قد ولى إلى غير رجعة، وإن رايات التضامن البروليتاري الأممي عالية خفاقة، في فلسطين كما في فيتنام وفي كل بقعة من بقاع عالمنا.

          إن الأبطال من أفراد مجموعة الشهيد باتريك ارغويللو الذين قاموا بتنفيذ عملية “دير ياسين “، قد جاءوا عبر آلاف الأميال لمشاركة الشعب الفلسطيني في نضاله ضد قوى الصهيونية والامبريالية الغاشمة، وليقدموا أرواحهم على أرض التراب الفلسطيني في عملية بطولية رائعة يثبتوا من خلالها أعلى درجة التزام ثوري بمبدأ التضامن البروليتاري الأممي الثوري، مؤكدين للعالم كله أن قضية فلسطين ليست قضية شعب فلسطين وحده وإنما هي قضية كل ثوري أينما كان باعتبارها رمز قضية الإنسان المضطهد والمستغل في حاضرنا.

          إن شعب فلسطين يتطلع إلى هؤلاء الأبطال الثلاثة بكل تقدير واعتزاز وفخز، وينظر إلى كل فرد منهم نظرته إلى أي مقاتل فلسطيني قدم روحه فداء لتحرير فلسطين. كما أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، تؤكد للقوى الثورية التي أبت إلا أن تشارك في نضالنا مشاركة تمتزج فيها دماء ثوارهم بدماء رفاقهم ثوار فلسطين، وعلى أرض فلسطين بالذات، تؤكد لهذه القوى تقديرها البالغ لهذه البادرة الأممية والتي تتجلى اليوم بأروع صورة تضامن عرفها نضال شعبنا الفلسطيني.

          إن ترافق هذه العملية مع عمليات ثوارنا في الأرض المحتلة إنما يعزز استراتيجيتنا في ضرب العدو الصهيوني في الداخل، كما في الخارج، وحيث يمكن إنزال أقسى الضربات به. وما عملية اليوم المتجهة إلى قلب العدو إلا كسرا لغروره، الاستعماري العنصري، وما تلاحم المناضلين في هذه العملية الاقتحامية مع رفاقهم على أرض فلسطين ي عملياتهم الجريئة إلا تأكيدا للعدو الصهيوني أن قلاعه

<2>

بيان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول مسؤوليتها عن عملية مطار اللد
المصدر:”الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1972، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 8، ط 1، ص 284 – 286″

الحصينة، وجزاريه القابعين فوق ثرى أرضا الحبيبة، وعلى  رأسهم كبير جزاريه موشيه دايان، ليسوا بعيدين عن بنادق ثوارنا الأبطال، مؤكدين أن شهداء مطار اللد لا يمكن أن يكونوا إلا حافزا لنا ولكافة القوى الثورية لتوجيه مزيد من الضربات للعدو الغاصب.

          يا جماهير شعبنا الفلسطيني،

          يا قوى الثورة في كل مكان،

          إن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، لا زالت كما عهدتموها دوما وأبدا، ذلك التنظيم الثوري الذي لا يهادن ولا يساوم، يسيرعلى درب النضال بكل ثقة وإيمان بحتمية الانتصار، غير عابئ بكل ما يعترضه من صعاب، متجاهلا أية محاولات رخيصة للنيل من سمعته وفعاليته القتالية، مؤكدا أن طريق النضال الثوري الطويل الأمد هو طريق جماهير شعبنا في نضالها من أجل تحرير فلسطين وبناء مجتمعها الديمقراطي الموحد.

          إن نضال الجماهير، بقيادة التنظيم الثوري الذي يعبئ إمكانياتها إلى أقصى الحدود وعبر سنوات طويلة من الكفاح، لا يمكن إلا أن يحقق الانتصار. وما مثال نضال الشعب الفيتنامي البطل الذي يسجل انتصارا تاريخيا في هذه الأيام، إلا مثل تحذو حذوه العرب المضطهدة والمستعمرة والمستغلة. إن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تحيي الثوار الفيتناميين في نضالهم البطولي ضد العدو الامبريالي المشترك، متمنية لهم مزيدا من النجاح والتقدم وصولا إلى تحقيق أهداف شعبهم في تحرير الوطن وطرد الامبريالي الدخيل وتوحيد بلادهم، وهي أهداف نعتقد أن في تحقيقها مكسبا كبيرا لنضال شعبنا والشعوب المناضلة الأخرى في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، ولنضال القوى الثورية في العالم الرأسمالي نفسه.

          لترتفع خفاقة رايات النضال والتضامن الأممي المشرق، ولتتوهج دماء شهدائنا أمام أبصارنا، ضوءا ينير طريق الكفاح المستمر،

          والنصر والثورة والمجد لجماهيرنا.


<3>

 

Scroll to Top