بيان للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول الإعلام الصهيوني وعملية مطار اللد
المصدر:”الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1972، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج8، ط 1، ص 290 – 291″
بيان للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول الإعلام الصهيوني وعملية مطار اللد.
| الكويت، 3 /6 /1972 |
| (الهدف، العدد 155، بيروت، |
خلال الأيام القليلة الماضية التي جاءت في أعقاب هجوم فدائيينا الأبطال على مطار اللد في فلسطين المحتلة، بذلت الأجهزة الصهيونية وأجهزة الدعاية الامبريالية المنتشرة في كل مكان جهودا متواصلة لتضليل الرأي العام، وزرع التشويش بين أفراد الشعب التي تخضع لسيطرتها الإعلامية، ومحاولة تشويه صورة النضال الفلسطيني، ومسخ أهدافه ومنطلقاته وذلك من خلال ما عودتنا عليه منذ أكثر من ربع قرن من استهتار بالحقائق، وتكييفها حسب مصالح الاستعماريين وعملائهم.
ولم يكن هذا السلوك مستغربا من طرفنا، فنحن لم نتوقع في يوم من الأيام من وسائل الإعلام البورجوازية والرجعية والخاضعة لمفاهيم المستعمرين ولتصوراتهم الشوهاء عن العالم، أن تنصف المناضلين في أي مكان أو أن تبذل حدا أدنى من الجهد لفهم حوافزهم وقضاياهم المشروعة، ولكن ما يهمنا الآن وهنا، هو أن نوضح بصورة قاطعة أمورا معينة أمام جماهيرنا وأمام العالم، وأن نضع القوى المتخلفة أمام مسؤولياتها إزاء هذه القضايا:
أولا: يركز الإعلام الصهيوني تركيزا متواصلا، وتساعده في ذلك وسائل الإعلام الرجعية ذات المفاهيم الاستعمارية في العالم أجمع، على محاولة لتحميل لبنان وبعض البلاد العربية الأخرى مسؤولية عملية الهجوم على مطار اللد، والتهديد بالانتقام منه، زاعمة أن قيادات الجبهة الشعبية موجودة في لبنان، وأن تخطيط هذه العملية، وتدريب العناصر التي اشتركت فيها قد تم فيه.
لقد سبق للجبهة أن أكدت أن الهدف من نشر هذه المزاعم المضللة لا يقتصر فقط على محاولة التمهيد لعدوان جديد على البلاد العربية، وخصوصا لبنان، حيث توفر أجواؤه مجالا للنشاط الدعاوي والإعلامي لكافة التيارات السياسية، ولكن أيضا إلى تأكيد الأكاذيب الصهيونية التقليدية التي تستند إلى الزعم بأن الجماهير الفلسطينية قد صفيت، وأن الحركة الوطنية الفلسطينية لا وجود لها.
إن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، مرة أخرى، تؤكد ما يلي:
1 – أن الجبهة الشعبية، منذ أيلول [سبتمبر] 1970، قد انتقلت للعمل وفق أصول التنظيم السري، وأنشأت أجهزتها حيثما تتواجد الجماهير الفلسطينية بصورة سرية تتناسب مع الإمكانيات النضالية في هذه المرحلة.
2 – ذلك يعني أن قيادات الجبهة الشعبية موجودة بالدرجة الأولى في الأرض المحتلة ذاتها، حيث النشاط القتالي في غزة والضفة الغربية وسائر فلسطين المغتصبة أكثر عمقا من قدرة الإسرائيلين على القضاء عليه، حسب اعترافاتهم ذاتها.
إن إسرائيل التي تضع في سجونها أكثر من ألف من رجالنا، كثير منهم من مراتب قيادية، تعرف أكثر من غيرها أين هو الوجود الرئيسي لقياداتنا.
على أن ذلك لا يعني أنه لا توجد عناصر قيادية للجبهة خارج الأراضي المحتلة، فهذه القيادات تتواجد حيث تتواجد الجماهير الفلسطينية، وهي تتنقل بصورة دائمة حيث تنتشر جموع الفلسطينيين الذين شردتهم الصهيونية في بقاع الأرض.
3 – إن الرفاق اليابانيين الذين نفذوا جزءا من عملية مطار اللد يدخلوا إلى لبنان قط، ولم يتدربوا فيه، ونحن نتحدى أية هيئة تحقيق دولية أن تثبت أن، أيا من هؤلاء الرفاق وطأ أرضا عربية في أي وقت من الأوقات
إن إصرار العدو الإسرائيلي على تقويل رفيقنا الأسير ما يدور في رأس المعتدين وفي مخططاتهم للعدوان، هو سلوك رخيص يجب أن لا يقنع أحدا.
إن العدو الإسرائيلي الذي لا يفهم ما هو معنى التضامن الأممي، والمدى الذي يمكن لهذا التضامن أن يصله، لن يكون بوسعه قط أن يفهم الحافز النبيل الذي يحرك المضطهدين في العالم للموت في سبيل تقريب موعد الانتصار.
4 – إن وجود الحريات الإعلامية الذي يوفره لبنان بسبب ظروف معينة، والذي تستخدمه مجموع فصائل المقاومة، بما في ذلك الجبهة الشعبية، يجب ألا يلغي أو يقمع لأن الإسرائيليين وعملاءهم يفهمون منه ما يريدون أن هذا الجو الإعلامي، وإمكانات الاتصالات الصحفية على مستوى عالمي التي يوفرها لبنان تستفيد منه المقاومة لشرح وجهات نظرها وحوافزها وأهدافها وتفصيلات نشاطاتها، وذلك في سبيل التخفيف من سوء الفهم المتعمد الذي تصر على ترويجه وسائل الإعلام الرجعية، وذات المفاهيم الاستعمارية
ثانيا: لقد ذهبنا إلى هذا الحد في التفصيل ليس لأننا نشك لحظة واحدة في حق المقاومة الفلسطينية بالالتحام بالجماهير العربية أينما كانت، وحقها المشروع في النضال من أي موقع يناسبها لتحقيق أهدافها، ولكن لنلفت النظر إلى أن إسرائيل حين تخطط لشن عدوان على الجماهير الفلسطينية والعربية، وذلك لتعزيز صورتها الإرهابية وعقدتها
<1>
بيان للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول الإعلام الصهيوني وعملية مطار اللد
المصدر:”الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1972، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 8، ط1، ص 290 – 291″
العنصرية، فإنها لا تتردد في خلق المبررات والأعذار التي تناسبها، مهما كانت هذه المبررات والأعذار بعيدة عن الواقع.
إن الشيء المؤكد هو أن إسرائيل تهدف إلى سحق النضال الفلسطيني والعربي، وضربه كلما سنحت لها الفرصة، وهي، في سبيل الاستمرار في تنفيذ هذه السياسة التي ما زالت تمارسها منذ أكثر من ربع قرن، لا تتورع عن الكذب والتزوير في كل لحظة.
إن إدراك هذه الحقيقة يجب أن يوضع أساسا في مخططات الحركة الوطنية العربية، التي يجب أن تضغط على حكوماتها لكي تفهمها أن التراجع خطوة واحدة أمام، الإرهاب الإسرائيلي لن يكون أبدا إلا بداية لتراجع مستمر، وأن التزوير الإسرائيلي هو تقليد لن يتوقف.
ثالثا: إن الجبهة العربية لتحرير فلسطين هي فصيل أمامي من فصائل الحركة الوطنية العربية، مغروسة عميقا وسط الجماهير الفلسطينية وفي ضميرها الثوري، وهي موجودة بقوة ضاربة في غزة، والضفة الغربية، والأراضي المحتلة منذ 1948 وفي كل مكان يتواجد فيه النازحون: في الأحياء الفقيرة، والمخيمات، ومدن الصفيح، وستواصل نضالها بالعنف الثوري الذي لا يوجد بديل له لحل تناقض الجماهير مع قوى الاحتلال والقمع، ولن ترهبها التهديدات الإسرائيلية الجديدة كما لم ترهبها التهديدات القديمة، وهي قادرة على الرد على أي عمل انتقامي إسرائيلي أهوج، ونكرر أننا سنضرب حيث الوجع أشد.
إن الهستيريا الإسرائيلية جاءت بهذا الحجم الكبير لتتناسب مع عقدة العظمة، وعقدة التفوق العنصري، التي سكر بها الإسرائيليون أنفسهم بأنفسهم، وهذا الذنب هو ذنب الإسرائيليين وحدهم.
أما الجماهير الفلسطينية فستواصل مسيرتها النضالية، كما فعلت دائما، متساندة ومتضامنة مع الجماهير العربية، ومع قوى الثورة في العالم أينما وجدت.
عاش المضطهدون في تضامنهم الأممي ضد مضطهديهم. والمجد للجماهير
<2>
