بيان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول محاولات “إجهاض العمل الفدائي من الداخل”

بيان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول محاولات “إجهاض العمل الفدائي من الداخل”
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1968، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 4، ص 794 – 795”

بيان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول محاولات “اجهاض العمل الفدائي من الداخل”.

20 /10 / 1968

 

(الحـرية، العـدد 436، بيـروت،
28/10/1968، ص2)

         يوما بعد يوم، ومع اقتراب احتمالات التسوية السياسية للقضية الفلسطينية عبر قرار مجلس الأمن التصفوي، تتصاعد حملة الدوائر الاستعمارية، والعميلة، واليمين الرجعي الفلسطيني لتشويه حركة المقاومة المسلحة ومحاولة تمزيق العمل الفدائي وحتى استعداء الفرق اليمينية في صفوف حركة المقاومة على كافة الفصائل الوطنية الشريفة، وبكافة الأساليب الرخيصة تارة تحت شعار “ان بعض فصائل حركة المقاومة تتدخل بالأوضاع الداخلية العربية”، وتارة تحت شعار “حزبية هذه الفصيلة أو تلك من فصائل المقاومة”، وأخرى تحت شعار “ان لا أمل لحركة المقاومة بمناطحة إسرائيل الدولة القوية العصرية”، وغيرها من شعارات الدس الرخيص والتشكيك الدائم بجدوى المقاومة الشعبية المسلحة، وبذات الوقت محاولات اصطناع التشكيلات الفدائية الوهمية، لإظهار حركة المقاومة بأنها حركة منقسمة على نفسها متضاربة مع بعضها، وكأن وراءها صراعات على زعامات فردية على حساب دماء القوى العاملة والفلاحية الفقيرة المقاتلة.

         كل هذا لخلق المناخ الملائم في الشارع ولدى الجماهير العريضة، وتوليد رأي عام مؤهل لتقبل توجيه الضربات المتلاحقة لحركة المقاومة، بادئة بهذه المنظمة أو تلك، أو هذه الجبهة أو تلك، لتواصل القوى العميلة السوداء وقوى اليمين الرجعي الفلسطيني عملية التصفية على حلقات متتابعة.

         ان ظاهرة التآمر وتصفية حركة المقاومة الفلسطينية المسلحة ليست جديدة على الشعب الفلسطيني. فقد عرف شعبنا مثل هذه الظواهر في تاريخ كفاحه الطويل، وأبرزها ظاهرة تصفية ثورة 1936 العارمة، فقد حاولت الدوائر الاستعمارية والعميلة متحالفة مع اليمين الرجعي الفلسطيني تصفيتها منذ البداية “محاولات الإقطاع الديني ممثلا بالحاج أمين الحسيني” وأحزاب العائلات البورجوازية الكبيرة مثل حزب الدفاع، حزب الاستقلال، ولكنها فشلت في ضرب الثورة من الخارج، فدخلت صفوفها لتمارس عمليات التمزيق والتخريب والتشويه من الداخل، إلى ان تمكنت أخيرا من ان تفرض نفسها على رأس ثورة 36، وتصفي الثورة بقرار وفداء موجه من الملوك والرؤساء العرب الرجعيين، وقام ممثل الإقطاع الفلسطيني الحاج أمين الحسيني بإعلان قرار تشييع جنازة الثورة بنداء مهيب واعدا بالمفاوضات مع الحليفة بريطانية.

         من جديد، وبعد هزيمة 67، تتكرر ذات الظاهرة، ولكن في ظل شعارات جديدة لم تكن قائمة عام 36 مثل شعار “التدخل بالأوضاع الداخلية العربية”، و” شعارات الحزبية”، و”فقدان الأمل بالوقوف بوجه إسرائيل ومن هم وراء إسرائيل”، وغيرها من الادعاءات المشبوهة.

         ان بعض الفصائل الرجعية في حركة المقاومة تحاول اجهاض العمل الفدائي من الداخل، فهي تتدخل يوميا في عملية تحريض ودس قذرة على الفصائل الوطنية الشريفة بحجة باطلة مؤداها “ان هذه الفصائل تتدخل بالأوضاع الداخلية العربية”. كما ان بعض الفرق اليمينية تمارس عمليات الانشقاق في صفوف التنظيمات الفدائية مختلفة شتى الشعارات الباطلة والادعاءات الكاذبة باسم منظمات أخرى.

         ان الجبهة الشعبية تعلن للجماهير ان كل هذه المحاولات هي جزء لا يتجزأ من مؤامرة جارية، تنفذ خطوة خطوة لتمزيق العمل الفدائي وتحريض الحكومات العربية لضربه. ان فصول مأساة تصفية ثورة 36 في فلسطين بدأت تظهر على السطح منذ فترة ليست بالقصيرة، ولا زالت جارية مع كل يوم تقترب فيه احتمالات “التصفية السياسية لقضية فلسطين عبر قرار مجلس الأمن السيئ الذكر”.

         ان الجبهة الشعبية تشهد اليوم جزءا من هذه المسرحية بخروج طرف يميني “جبهة التحرير الفلسطينية” ببيان انشقاقي يدعي النطق باسم باقي أطراف الجبهة لفصل طرف من أطرافها، وبكذب رخيص يدعي ان قرار الفصل صادر عن “مؤتمر عام مزعوم” للجبهة الشعبية خلال شهر تشرين الأول

<1>

بيان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول محاولات “إجهاض العمل الفدائي من الداخل”
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1968، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 4، ص 794 – 795”

(أكتوبر) 1968، في الوقت الذي تتشكل فيه الجبهة من ثلاثة أطراف “منظمة شباب الثأر، منظمة أبطال العودة، جبهة التحرير الفلسطينية”، مما دفع بمنظمة شباب الثأر ومنظمة أبطال العودة لاصدار هذه البيانات التي سبقها بيان أبطال العودة في 15/10 يكذب ادعاءات الطرف اليميني في الجبهة، ويعلن ان البيان الانشقاقي لا يمثل الا طرفا واحدا “جبهة التحرير الفلسطينية” ولا علاقة للاطراف الاخرى بالبيان على الاطلاق.

         ان الجبهة الشعبية تعلن ان محاولات استعداء الحكومات العربية عليها “بحجة تدخلها بالاوضاع الداخلية العربية” كما جاء في بيان جبهة التحرير الفلسطينية الموقع باسم القيادة العامة للجبهة الشعبية هي جزء من المؤامرة الجارية لتصفية كل فصائل حركة المقاومة. وبيانات الجبهة الشعبية ومواقفها السياسية تكذب هذا الادعاء الرخيص، وآخرها بيان تشرين الاول (أكتوبر) 68 حول قرار مجلس الامن والذي جاء فيه “ان حركة المقاومة – والجبهة احدى فصائلها – في الوقت الذي ترفض فيه” التدخل بالاوضاع الداخلية العربية” ترفض أيضا وبقوة “عدم التدخل بالشؤون الفلسطينية وبأي موقف عربي أو دولة يمس ويتعامل بالقضية الفلسطينية” و”أية محاولة يقوم بها اليمين الرجعي الفلسطيني لتصوير هذا الموقف بأنه تدخل بالشؤون الداخلية للأوضاع العربية، هي جزء لا يتجزأ من المؤامرة الامبريالية – الصهيونية – الرجعية الجارية لتصفية قضية فلسطين”.

         ان الجبهة الشعبية حاولت جاهدة ان تضع حدا لتصرفات، مجموعة جبريل – جبهة التحرير الفلسطينية” الفردية التي انفردت باصدار البيانات باسم الجبهة لوحدها دون علم الأطراف الاخرى منذ نيسان (ابريل) 1968، ولكن جميع المحاولات الداخلية باءت بالفشل، وواصلت مجموعة أحمد جبريل المتحالفة مع عناصر انتهازية اصدار البيانات الفردية باسم جميع أطراف الجبهة بلا حياء، ومنها بيان فصل طرف دون علم الآخرين.

         ان بيان “جبهة التحرير الفلسطينية” الانشقاقي الصادر زورا باسم الجبهة الشعبية، والذي كذبه بيان أبطال العودة، أحد أطراف الجبهة الثلاثة في 15/10/1968 قد أعلن بوضوح ان الفئة اليمينية المنشقة ومعها بعض العناصر اليمينية الانتهازية قد فصلت نفسها بنفس من الجبهة الشعبية، لذا تعلن الجبهة الشعبية أن المجموعة المنشقة لم يعد لها أي علاقة بالجبهة الشعبية، وانتحال اصدار البيانات باسم الجبهة الشعبية لا يغير من واقع الحال شيئا، ومن هنا تعلن الجبهة ان مجموعة أحمد جبريل ومعها العناصر اليمينية الانتهازية: أحمد زعرور، عدنان القاسم، أحمد جبر، “أبو الساطي” عفيف العفيفي، أو علي اللقموني لم يعد لها أية علاقة بالجبهة الشعبية بعد ان أعلنت انشقاقها عن الجبهة وفصلت نفسها بنفسها.

         ان الجبهة الشعبية تدعو كافة القوي المقاتلة الشريفة للالتقاء لحماية العمل الفدائي، والوقوف صفا واحدا في وجه المحاولات الجارية لتمزيق وتصفية حركة المقاومة.


<2>

Scroll to Top