بيان الهيئة العربية العليا لفلسطين إلى وزير خارجية ألمانيا الغربية الذي تحتج فيه على صفقة الأسلحة الألمانية لإسرائيل

بيان الهيئة العربية العليا لفلسطين إلى وزير خارجية ألمانيا الغربية تحتج فيه على صفقة الأسلحة لإسرائيل
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1317 – 1318”

بيان الهيئة العربية العليا لفلسطين
إلى وزير خارجية ألمانيا الغربية الذي تحتج فيه على
صفقة الأسلحة الألمانية لإسرائيل – بيروت 15 – 2 – 1965 (*)

         حضرة صاحب السعادة وزير خارجية حكومة ألمانيا الاتحادية المحترم – بون

         تلقت الهيئة العربية العليا لفلسطين ببالغ الأسف وشديد الاستغراب نبأ صفقة السلاح التي تعهدت حكومة ألمانيا الاتحادية بتقديمها إلى الحكومة الصهيونية في فلسطين المحتلة والتي تم تسليم بعضها فعلا وتنوي الحكومة الألمانية تسليم بقيتها من مختلف أنواع الأسلحة.

         إن الهيئة العربية العليا لفلسطين لعلى يقين أن الحكومة الألمانية لا تخفي عليها الحالة الشاذة الشديدة التوتر السائدة بين الحكومة الصهيونية من جهة وبين الشعب العربي الفلسطيني والعالم العربي من جهة أخرى التي لا يخفف من حدتها الهدنة الحاضرة القائمة بين الدول العربية والدولة الصهيونية.

         إن ما وقع على الشعب العربي الفلسطيني من عدوان صهيوني غادر معزز من قبل الدول الاستعمارية بالمال والسلاح والنفوذ السياسي كانت نتيجته تشريد مليون عربي واغتصاب ممتلكاتهم وأموالهم وهلاك عشرات الألوف من رجالهم ونسائهم وأطفالهم واغتصاب ثلاثة أرباع فلسطين العربية وذهابها فريسة للأطماع الصهيونية الاستعمارية.

         إن مليارات الماركات التي أغدقتها ألمانيا الاتحادية على اليهود والصهيونيين باسم التعويضات قد كان من شأنها أن تعزز العدوان الصهيوني الغادر على الشعب العربي الفلسطيني وتساعد الصهيونيين على تهويد فلسطين العربية وتشتيت شمل شعبها العربي وبقاء أكثر من مليون عربي لاجئين في مختلف الأقطار في أشد حالات البؤس والشقاء. وقد سبق للهيئة العربية العليا لفلسطين أن لفتت نظر جمهورية ألمانيا الاتحادية إلى هذه الحالة الأليمة التي من شأنها أن تباعد ما بين الشعب الألماني والأمة العربية التي تعتبر قضية فلسطين قضيتها الأساسية الكبرى التي لا تستطيع التهاون في شأنها.

         وإن إقدام حكومة جمهورية ألمانيا الاتحادية على تزويد الصهيونيين بالسلاح فضلا عن تزويدهم بالمال لا يعني إلا مساعدتهم على تقتيل العرب واغتصاب البقية


          (*) فلسطين – نشرة الهيئة العربية العليا لفلسطين العدد 49 آذار (مارس) 1965.

بيان الهيئة العربية العليا لفلسطين إلى وزير خارجية ألمانيا الغربية تحتج فيه على صفقة الأسلحة لإسرائيل
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1317 – 1318”

الباقية من الوطن الفلسطيني وتشريد أهله. ولا شك أن كل محاولة لتبرير هذا العمل أو التهوين من شأنه أو تأويله إنما هي محاولة فاشلة لا تجد قبولا من العالم العربي وستظل حكومة المانيا الاتحادية تحمل وزر هذا التصرف أجيالا كثيرة.

         وإذ كانت حكومة جمهورية المانيا الغربية تشعر بعقدة الذنب نحو اليهود شعورا يدفعها إلى التكفير عن إساءة سابقة أو إذا كانت في عملها هذا راضخة لضغط استعماري خارجي فلا يجوز أن يكون الشعب العربي الفلسطيني ضحية التكفير عن الذنب أو تحقيق هذه الرغبة الاستعمارية.

         إن عددا من الشعب الألماني قد هاجر إلى فلسطين العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين وأسس في كثير من المدن الفلسطينية كالقدس ويافا وحيفا والناصرة واللد وغيرها مستعمرات زراعية وصناعية وضواحي للسكن وقد عاشت هذه الجاليات الألمانية حقبة طويلة في فلسطين عيشة الكرامة والطمأنينة التامة في رعاية الشعب العربي الفلسطيني وكنفه وكانت لها الحرية التامة في كل خصائصها ومقوماتها الاجتماعية فكانت لها المزارع والمصانع والمستشفيات والمدارس والكنائس والمصارف والمتاجر، ولم يحدث قط خلال تلك الحقبة أي عدوان من عربي على ألماني ولما آل الأمر إلى اليهود اعتدوا على هذه المستعمرات الألمانية واغتصبوها. فهل يكون جزاء الشعب العربي الفلسطيني على حسن معاملته للشعب الألماني ما يلقاه الآن من تزويد حكومة ألمانيا الاتحادية للصهيونيين بالسلاح والمال ليعملوا على إفنائه وإبادته وتشريده عن وطنه؟

         إن الهيئة العربية العليا تتقدم بمذكرتها هذه مناشدة حكومة ألمانيا الاتحادية أن تستمع إلى صوت الضمير وترجع إلى طريق الحق والسداد بالعدول عن تصرفها الخطير الشاذ الذي سيترك الإصرار على المضي فيه أسوأ أثر في الشعب العربي الفلسطيني والشعوب العربية قاطبة.

             وتفضلوا يا صاحب السعادة بقبول فائق الاحترام،

 

رئيس الهيئة العربية العليا لفلسطين
محمد أمين الحسيني

 


Scroll to Top