بيان الهيئة العربية العليا لفلسطين التي ترفض فيه انصاف الحلول للقضية الفلسطينية

بيان الهيئة العربية العليا لفلسطين التي ترفض فيه أنصاف الحلول للقضية الفلسطينية
“الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1965، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 1، ص 166 – 167”

بيان الهيئة العربية العليا لفلسطين التي ترفض فيه انصاف الحلول للقضية الفلسطينية بيروت 24/4/1965
(فلسطين – نشرة الهيئة العربية العليا لفلسطين العدد 51/ ايار 1965)

        لقد دأبت “الهيئة العربية العليا لفلسطين” على تحذير الشعب العربي الفلسطيني من الدسائس والمؤامرات التي تحيكها الدول الاستعمارية الضالعة مع الصهيونية العالمية لتصفية قضية فلسطين والقضاء على شعبها بشتى الطرق ومختلف الأساليب، واصدرت في هذا الشأن البيانات والنداءات المتكررة محذرة من نتائجها داعية الى احباطها، وكان آخرها البيان الذي أصدرته بتاريخ 29 آذار 1965 واشارت فيه الى الاصوات الشاذة التي اخذت ترتفع في الاونة الاخيرة منادية بوجوب الاعتراف بالامر الواقع وتقدير الظروف القائمة،  تلك الاصوات التي تهدف الى ايجاد جو تسوده القناعة بضرورة الالتجاء الى ما يسمى   بالحلول (العملية الواقعية) للقضية الفلسطينية في نفس الوقت الذي اخذت فيه الدعوة الى حلول مماثلة تنطلق من بعض العواصم الغربية على لسان المسؤولين من المستعمرين والصهيونيين.
        غير ان التصريحات التي ادلى بها اكثر من مسؤول عربي في الأسبوع الاخير الى الصحف والمجلات الأجنبية قد بلورت وكشفت بشكل واضح دوافع وأبعاد واهداف هذه التصريحات التي دعت الى القبول بقرارات الأمم المتحدة الخاصة بتقسيم فلسطين،مما حدا  بالهيئة العربية العليا على الانكباب على دراستها دراسة موضوعية وافية من جميع جوانبها. وتقدير نتائجها، وتحديد مدى خطورتها على المصير العربي عامة والفلسطيني بشكل خاص.
        ولقد قابل الشعب العربي الفلسطيني بالسخط والنقمة هذه التصريحات المشبوهة واعتبرها طعنة غادرة جديدة توجه الى صميم حقوقه ومستقبله، واعتداء فاضحا على حقه في تقرير مصيره، واستنكر صدورها من بعض المسؤولين العرب خاصة بعدما اعلن في مؤتمري القمة العربيين في العام الماضي عن عزم الدول العربية على الالتزام بخطة موحدة لتحرير فلسطين وتمكين شعبها من انشاء كيانه وجيشه طليعة لعملية تحرير عربية موحدة.
        وان سياسة الهيئة العربية العليا في هذا المجال واضحة كل الوضوح، اذ انها تعتبر ان المحافظة على الوحدة المقدسة للتراب الفلسطيني والعمل على تحرير الجزء المقتطع من الوطن المغتصب هو المبرر لوجودها والسبب الوحيد الذي دفع البعض الى إيذائها والتضييق عليها  لاخفاف صوتها سعيا وراء تنفيذ خطة مبيتة لتصفية قضية فلسطين وتوطين شعبها بعيدا عن وطنه بعد التمهيد الطويل الذي خطط لتجميدها وشل حركة شعبها عن التأهب والحركة وحرية العمل.

بيان الهيئة العربية العليا لفلسطين التي ترفض فيه أنصاف الحلول للقضية الفلسطينية
“الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1965، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 1، ص 166 – 167”

        وتجدد الهيئة العربية اعلانها بأن الدعوة الى القبول بقرارات الأمم المتحدة الخاصة بتقسيم فلسطين والى التفاوض مع العدو الصهيوني المغتصب هي اعتراف بشرعية الوجود الصهيوني العدواني في فلسطين المحتلة، وقبول بالامر الواقع القائم على الظلم الذي بذلت الأمة العربية الغالي من دماء ابنائها والوفير من اموالها في سبيل اجتثاثه من جذورة وتنكر سافر للتضحيات الجسام التي قدمها للشعب العربي الفلسطيني طوال اربعين عاما من اجل الحفاظ على خط الدفاع العربي الاول وصون وحدة فلسطين الجغرافية، وخيانة للأمة العربية التي تؤمن بأن قضية فلسطين هي قضية مصيرها ووجودها.

        كما تؤكد الهيئة العربية العليا ان الشعب العربي الفلسطيني هو وحده صاحب الرأي الاول والاخير في كل ما يتعلق بمصير قضيته ومستقبل وطنه، وانه يرفض رفضا باتا فرض الوصاية عليه من اي احد كائنا من كان كما يرفض كافة انصاف الحلول من تقسيم وتوطين وتدويل وتعويض واقتطاع اي شبر من ارض فلسطين العربية ولا يرضى عن تحرير وطنه بديلا ويعتبر ان السبيل الوحيد الى تحقيق ذلك هو سبيل الكفاح العملي الذي يلعب فيه الشعب الفلسطيني الدور الرئيسي.

        وتعلن الهيئة العربية العليا ان الظروف الحرجة التي تمر بها القضية الفلسطينية في الوقت الحاضر تدعو الفلسطينيين اكثر من اي وقت مضى الى جمع صفوفهم وتوحيد كلمتهم ونبذ اختلافاتهم والمبادرة الى تشكيل كيان فلسطيني شعبي ينتظم جميع فئات هذا الشعب وتتوفر فيه القدرة على الوقوف سدا منيعا في وجه تيارات المؤامرات وتطويق جميع المحاولات الرامية الى العبث بمقدراته، ويعمل على تنسيق جهوده مع الشعب العربي في جميع اقطاره لتحرير فلسطين.

        وتطالب الهيئة العربية كل مسؤول في الدول العربية المبادرة الى اعلان رأيه الصريح بشأن هذه التصريحات المريبة للشعب العربي الفلسطيني حتى يكون على بينة من امره، والى تحديد موقفه الواضح من موضوع تحرير فلسطين حتى يتمكن هذا الشعب على ضوء ذلك من تقدير الظروف وتقرير المواقف التي سيتخذها دفاعا عن حقوقه ومصيره ومستقبله.

        وتهيب الهيئة العربية العليا بالامة العربية التي تعلق عليها اكبر الامال ان تقف وقفة رجل واحد مع الشعب العربي الفلسطيني في هذه المحنة الخطيرة التي تعتبر محكا لقدرة العرب على خوض معركة المصير الواحد.


 

Scroll to Top