بيان الهيئة العربية العليا لفلسطين بمناسبة الذكرى الثامنة والأربعين لوعد بلفور

بيان الهيئة العربية العليا بمناسبة الذكرى الثامنة والأربعين لوعد بلفور
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1965، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 1، ص 568 – 569”

بيان الهيئة العليا لفلسطين بمناسبة الذكرى الثامنة والاربعين
لوعد بلفور – بيروت 2 /11 /1965

 فلسطين – نشرة الهيئة العربية العليا لفلسطين – عدد 57 تشرين الثاني 1965

         بحلول الثاني من تشرين الثاني (1965) يكون قد مر على وعد بلفور المشئوم حوالي نصف قرن من الزمن وقعت خلاله احداث جسام وتطورات خطيرة في فلسطين انعكست اثارها ومضاعفاتها على الوطن العربي كله.
         وبحلول الذكرى الثامنة والاربعين لهذا الحلف الصهيوني – الاستعماري، الذي كان بمثابة حجر الاساس للسياسة الاستعمارية الغربية في الشرق العربي، يكون قد مر على كارثة الامة العربية في فلسطين سبعة عشر عاما، كانت كافية لامة يبلغ تعدادها نحو مائة مليون عربي، يحتلون اخطر موقع جغرافي على خريطة العالم، ويملكون الثروات الوفيرة والطاقات الكبيرة، ان تمحو هذا العار من صفحات تاريخها، وان ترفع عن كاهلها افدح ظلم لحق بها لو انها انصرفت الى معالجة قضيتها الاولى ووقفت عليها جميع جهودها بدلا من استنزاف قواها في المعارك الجانبية.
         وليس يهمنا في هذه الذكرى الاليمة ان نعود الى الماضي الا بالقدر الذي يمكننا من استخلاص العبر والعظات التي تضيء لنا طريق الحاضر والمستقبل اعداداً لمعركة تحرير فلسطين وخوضا لغمارها على اسس جدية لانقاذ مصير الامة العربية باستئصال جذور الاحتلال الصهيوني الجاثم على اقدس بقعة من بقاع وطننا الكبير.
         ولقد كانت فلسطين، عبر تاريخ امتنا السحيق، الميدان الذي يتقرر في ساحته مصير العرب والمسلمين، وستظل كذلك الى ابد الابدين. وانطلاقا من هذه الحقيقة التي لن تتبدل لا بد للامة العربية من خوض المعركة التي تعيد اليها وحدتها الجغرافية باسترجاع فلسطين وبذلك فقط تحقق وحدتها السياسية التي تكافح من اجلها.
         ولا شك ان خوض المعارك المصيرية يتطلب قبل كل شيء عزيمة وتصميما وحشدا لجميع الطاقات العربية لتحقيق هذه العزيمة شريطة ان ندخل في حسابنا عامل الزمن الذي يجب ان نعترف بانه لا يسير في صالحنا ان كنا صادقين مع انفسنا حريصين على مستقبل ابنائنا من بعدنا.
         وان الايمان الراسخ بدور الشعب العربي الفلسطيني في طليعة الحشد العربي، كعامل اساسي في كسب المعركة، يقضي بالمبادرة الى تنظيم صفوف هذا الشعب وتيسير حرية العمل والانطلاق له، وتمكينه من اعادة بناء كيانه على اساس ديمقراطية توفر له القدرة على الاضطلاع باعباء الكفاح وتحمل مسؤولية الجهاد.

 

بيان الهيئة العربية العليا بمناسبة الذكرى الثامنة والأربعين لوعد بلفور
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1965، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 1، ص 568 – 569”

         واذا كانت الامة العربية، على مستواها الشعبي، قد تطلعت الى النتائج العملية الحاسمة  لثلاثة مؤتمرات عربية عقدت خلال العامين المنصرفين بعين التفاؤل والترقب، فان ما تمخضت عنه هذه المؤتمرات، مع الاسف الشديد، مع انتهاج سياسة التراجع عن مواقف  الحزم وتأجيل معركة التحرير، فان هذه الامة التي كان، تاريخها الطويل سلسلة متصلة من  الكفاح لن يفت في عضدها هذا التراجع، بل سيزيدها تصميما واصراراً على الكفاح  صونا لشرفها وعزتها.
         وان الهيئة العربية العليا اذ تتوجه، في هذه الذكرى إلى الشعب العربي الفلسطيني، صاحب الكلمة الاولى والاخيرة في تقرير مصيره، تناشده ان لا يدع لليأس سبيلا الى نفسه الابية، وتدعو جميع منظماته وفئاته الى اعادة بناء وحدته الوطنية التي ستكون  نقطة التحول في مجرى قضيته المقدسة، والتي ستظل كما كانت في الماضي الصخرة الشامخة العنيدة التي تتحطم على صلابتها مؤامرات ودسائس كل من حاول العبث بهذه القضية المقدسة او اراد بأهلها سوءا.


Scroll to Top