بيان الهيئة العربية العليا لفلسطين بمناسبة الذكرى 19 لقرارات التقسيم والتدويل

بيان الهيئة العربية العليا لفلسطين بمناسبة الذكرى 19 لقرارات التقسيم والتدويل
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1966، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 2، ص 598 – 599”

بيان الهيئة العربية العليا لفلسطين بمناسبة
الذكرى 19 لقرارات التقسيم والتدويل

بيروت في 29 / 11 / 66
(فلسطين نشرة الهيئة العربية العليا
لفلسطين. العدد 69. كانون اول 66)

         في مثل هذا اليوم، التاسع والعشرين من تشرين الثاني، قبل تسعة عشر عاما، نجحت المؤامرة الاستعمارية الصهيونية المجرمة، في استصدار قرارات ظالمة، بل مغرقة في الظلم، من هيئة الأمم المتحدة، تقضي بتقسيم فلسطين، وبتذليل القدس وبانشاء اتحاد اقتصادى بين العرب واليهود.

         اتخذت هيئة الأمم المتحدة تلك القرارات الجائرة متجاوزة اختصاصها، معتدية على ميثاقها الذي لا يسمح بتقسيم وطن بين اهله وشعبه، وبين غزاته الطامعين المعتدين. وقد توصلت الدول الاستعمارية المتواطئة الصهيونية العالمية، بكل قواها لاستصدار تلك القرارات، رافضة الحصول على رأي محكمة العدل الدولية في شرعيتها وفيما اذ كان يحق للأمم المتحدة فرض حل لا توافق عليه اكثرية السكان. وقد لعبت الدول الاستعمارية وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا اقبح الادوار في حمل هيئة الأمم المتحدة على تأييد الباطل الصهيوني والضغط على دولها لانتزاع موافقتها على تقسيم وطننا العربي “فلسطين”

         ان العالم اجمع لا يجهل مواقف البطولة التي وقفها الشعب العربي الفلسطيني في وجه المؤامرة الاستعمارية الصهيونية، وثوراته المتلاحقة قبل صدور قرارات التقسيم وبعدها، كما يقدر ثقل المهمة التي القيت على عاتق هذا الشعب لوجوده في خط الدفاع الاول، ومدى تحمله باعتزاز وفخر اعباء هذه المهمة القومية دفاعا عن وجوده ووطنه، وحماية لبقية الوطن العربي الكبير من اخطار الصهيونية المؤيدة بالقوى الاستعمارية.

         لقد قاوم الشعب الفلسطيني بالثورة المسلحة قرارات التقسيم واضرمها ثورة لاهبة على الانتداب البريطاني والغزو الصهيوني، واستطاع رغم قلة وسائله ان يحافظ على سلامة وطنه ويصون بلاده ويحاصر اعداءه ويوقع الرعب في قلوبهم، حتى اضطرت نصيرتهم الكبرى الولايات المتحدة الاميركية الى طلب العدول عن التقسيم والاكتفاء بوضع فلسطين تحت وصاية دولية مؤقتة ريثما يتم الوصول الى حل نهائي لقضيتها.

         لكن السياسة العربية الرسمية التي ابعدت الفلسطينيين وجيش جهادهم المقدس عن ميدان المعركة وقضت بحرمان المجاهدين الصامدين من المال والسلاح، وعملت على انتزاع زمام القضية الفلسطينية من رجالاتها وابنائها وحولت الثورة   

 

بيان الهيئة العربية العليا لفلسطين بمناسبة الذكرى 19 لقرارات التقسيم والتدويل
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1966، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 2، ص 598 – 599”

الشعبية الى حرب رسمية صورية، قد اوقعت بالقضية الفلسطينية ضررا كبيرا ولا سيما بالقبول بفرض الهدنتين الاولى والثانية، وفتح المجال رحبا لهجرة الفلسطينيين الى الأقطار العربية المجاورة. وبذلك تم للاعداء اعلان قيام دولتهم في فلسطين المحتلة، وتركوا في سعة من الوقت لحشد مهاجريهم واستيراد احدث الاسلحة وانشاء مختلف الصناعات وتطوير الأبحاث النووية، وتنفيذ مشروعهم لاعمار النقب بعد نجاحهم في اغتصاب مياه الأردن وايصالها اليه، وهم يستعدون الان لانشاء قناة دولية جديدة تنافس قناة السويس وتمد مؤسساتهم الصناعية والزراعية بالمزيد من الطاقة الكهربائية، ويضعون الخطط التي تكفل لهم حماية وجودهم الاستعماري وتنميته تمهيدا لمرحلة توسعهم واقامة دولتهم الكبرى “من النيل الى الفرات”

         وهم الى جانب استغلالهم قرار التقسيم يسعون الى تدويل القدس تمهيدا لتهويدها، ويستعيضون الان عن الاتحاد الاقتصادي وغزو الاسواق العربية، بالغزو الاقتصادي المتزايد لدول اسيا وافريقية عن طريق خليج العقبة والبحر الاحمر.

         ولا شك في ان الاعداء قد استغلوا لبلوغ اهدافهم، فرصة تخاذل العرب وتغافلهم ، وايغالهم في الخلافات والخصومات والمعارك الجانبية التي تستنزف قراهم وتبدد طاقاتهم. وقد آن للدول العربية ان تتدارك هذا الوضع الخطير الذي يهدد العرب جميعا وان تضع القضية الفلسطينية على رأس القضايا القومية والمحلية كافة وتعالجها بالعمل لا بالقول معالجة صدق وجد وإخلاص.

         أما الشعب الفلسطينى فانه يتخذ من ذكرى التقسيم وعبرتها الاليمة، وسيلة لتجديد عزيمته وتصميمه على مواصلة كفاحه المسلح لتحرير وطنه، واعلانه رفض كل مشروع يخططه الاستعمار لمستقبله، من تقسيم وتوطين، الى تهجير وتعويض. وفي ذكرى التقسيم يتطلع الشعب الفلسطيني الى الدول العربية الشقيقة مطالبا بوضع حد فاصل لسياستها الحاضرة القائمة على القبول الضمني بالامر الواقع والسكوت على الوجود الصهيوني، ومناشدا  اياها التحول الى مواقف القوة والثأر والعزة والكرامة.

         وفي هذه الذكرى يتوجه الشعب الفلسطيني بالشكر العميق الى الدول الصديقة التي وقفت الى جانب الحق برفضها قرارات التقسيم وامتناعها حتى الان عن الاعتراف بالوجود السياسي الصهيوني، ويطالب الدول الاخرى التي اعترفت به بالعودة عن الخطأ وسحب اعترافها والوقوف الى جانب العالمين العربي والإسلامي في المعركة المقبلة لتحرير فلسطين المقدسة.

         واخيرا، في ذكرى التقسيم يمجد شعب فلسطين شهداءه الأبرار، ويستعيد بكل فخر واعتزاز، ذكرى بطولاتهم وامجادهم ويستمطر الرحمة على ارواحهم الطاهرة، لاستعادة الوطن السليب وغسل العار الذي تسربلت به الامة العربية باسرها.


Scroll to Top