بيان حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” حول اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية “جبهة وطنية للجميع

بيان حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” حول اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية “جبهة وطنية للجميع”
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1969، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 5، ص 46 – 47”

بيان حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” حول
اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية “جبهة وطنية
للجميع”.

5/2/1969

(حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”،
“الكتاب السنوي 1969″، ص 112)

        يا جماهير شعبنا العظيم،
        اليوم وبعد أن أنهى المجلس الوطني الفلسطيني أعماله، ترى حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” وقواتها العاصفة من واجبها مصارحة الشعب الفلسطيني والعربي بحقائق ما جرى بالساحة الفلسطينية، وعلى صعيد الوحدة الوطنية وتوحيد أداة الثورة. وان حركة “فتح” عندما تتوجه إلى الجماهير بهذه الحقائق، إنما تفعل ذلك لاعتقادها الراسخ بأنها مسؤولة أمام الشعب الذي منحها التأييد، ودعم مسيرتها النضالية وما زال يعطيها من قوته زادا يعينها على تجاوز كل الصعاب والعقبات. وما تود أن تؤكده “فتح” للجماهير في هذه المرحلة: إنها التزمت منذ البدء بمبادئ أساسية أهمها:

         1 – أن طريق السلاح، طريق الحرب الشعبية، هو طريق الثورة، هو طريق النصر والتحرير.
         2 – ان تعبئة الجماهير الفلسطينية تعبئة ثورية شاملة، وتنظيمها من اجل تحقيق هذا الهدف، هي التي تجعل شعبنا قادرا على إحراز النصر.
         3 – عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية بشرط عدم التدخل من هذه الدول في الشؤون الفلسطينية، أو بفرض أية حلول وتصفيات على القضية الفلسطينية، أو فرض الوصاية على مسيرة الشعب الفلسطيني.
         4 – التأكيد على وحدة المصير بين أبناء الشعب الفلسطيني وأشقائهم في الوطن العربي هذه الوحدة التي عمدها التاريخ الواحد والكفاح القومي المشترك.
         5 – تحقيق الوحدة الوطنية للشعب العربي الفلسطيني باعتبار هذه المرحلة مرحلة كفاح وطني تذوب فيها التناقضات الثانوية من أجل التناقض الرئيسي بين الوجود الصهيوني والوجود العربي، وبالتالي يكون الصراع الرئيسي بين الوجود الصهيوني ممثلا بالكيان السياسي والعسكري والاقتصادي المحتل لأرضنا العربية في فلسطين.

        يا جماهير شعبنا العظيم،
        لقد ناضلت الطلائع الفلسطينية ممثلة في رجال “فتح” وقوات “العاصفة” بكل شجاعة ورجولة من اجل هذه المبادئ الرئيسية، وسقط من اجل انتصارها في الواقع الفلسطيني والعربي مئات الشهداء الأبرار، وما زال رفاق اليوم يعاهدون رفاق الأمس أن يظلوا أمناء على هذه المبادئ مخلصين لها لا يساومون عليها ولا يتاجرون بها، ذلك عهد الله والتاريخ والشعب عليهم اليوم وغدا وكل يوم.

        يا جماهير امتنا في كل مكان،
        لقد غفر لنا شعبنا هذا التمزق في صفوفه في بداية الثورة، ولكن إيماننا المطلق بأن الوحدة بين المقاتلين هي غايته التي يتطلع إليها وهو رازح تحت يد الاحتلال، دفعتنا للتفكير الجاد في أشكال وصور لهذه الوحدة. وقد قمنا بعدة محاولات فشل منها ما فشل ونجح منها ما نجح، ولقد كانت الوحدة التاريخية بين جبهة التحرير الوطني الفلسطيني “ج. ت. ف.” وجبهة طلائع الفداء و”فتح” نموذجا مثاليا للوحدة الصادقة المخلصة الناجحة، كانت تجربة المجلس الوطني الفلسطيني الذي انعقد قبل ستة اشهر صورة من صور الفشل الواضحة.

        يا جماهير امتنا المناضلة،
        ولكن الفشل يجب أن لا يظل عقدة تطل على المناضلين، وتحول دون مزيد من التجارب الأخرى، وكان أمامنا سبيلان لا ثالث لهما:
        الأول: أن تعتبر منظمة التحرير الفلسطينية واحدة من التنظيمات القائمة، ونطرح على اخوتنا في الطلائع، وفي الجبهة الشعبية ان تقوم بيننا وبينهم وبين منظمة التحرير جبهة وطنية على أساس من التكافؤ والمساواة ضمن برنامج عمل وطني محدد.

        والثاني: ان تعتبر منظمة التحرير إطارا يجمع في داخله كافة التنظيمات الفلسطينية العاملة، باعتبار ان الميثاق المعدل للمنظمة يعتبرها جبهة وطنية تضم المنظمات والأفراد، وكنا على استعداد ان نرضى بالسبيل الأول ونقدم له جهودنا، ولكن القائمين على أمر المنظمة رفضوا ان تكون المنظمة تنظيما وتمسكوا بالميثاق الوطني  الذي ينص على إنها جبهة وطنية للجميع. وبناء عليه، قررت الحركة، إيمانا منها بأن الوحدة الوطنية مطلب جماهيري، قررت الاستجابة لنداء اللجنة التنفيذية السابقة والدخول إلى المجلس الوطني باعتبارها أرضا مشتركة على ان ذلك يكون مقبولا بشرطين:
        الأول: ان تظل حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” وقواتها العاصفة محافظة على شخصيتها الاستقلالية وتنظيماتها السرية ومنطلقاتها الوطنية.

        الثاني: ان لا يعني دخول “فتح” إلى المنظمة قبولها بالطريقة التي أخرجت فيها كممثلة للكيان الفلسطيني عن طريق قرارات مؤتمر القمة العربي، لان ذلك يجعلها منظمة فوقية مرتبطة بالواقع العربي الرسمي الذي يعكس تناقضاته عليها.

<1>

بيان حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” حول اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية “جبهة وطنية للجميع”
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1969، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 5، ص 46 – 47”

         على هذا الأساس الواضح قبلنا المشاركة في قيادة منظمة التحرير، وقبلنا ان نعمل كتنظيم رئيسي في العمل الفلسطيني من خلالها لنضع خلاصة ما نؤمن به من مبادئ وما ننادي به من أفكار ثورية في داخل هذا الإطار حتى نقفز بالعمل الفلسطيني خطوات إلى الأمام، وكان رائدنا منذ البداية ان يكون الجميع على هذه الأرض المشتركة نعمل من فوقها كرفاق نضال وأخوة سلاح مقاتلين من اجل الحرية والعدل والسلام الحقيقي فوق أرضنا الفلسطينية الحبيبة.

         يا جماهير شعبنا العظيم،
         ونحن اليوم إذ نضع هذه الحقائق الواضحة أمام الجماهير، يجب ان نؤكد بكل أمانة إننا لا نتصور ان الوحدة الوطنية قد تمت وانتهت عند هذا الحد، ولكننا نقول إنها خطوة على الطريق قد تتبعها خطوات، وأنها انعطاف تاريخي في مسيرة الثورة، نأمل ان نحقق من خلاله تصعيدا للثورة وتعضيدا لها وتأكيدا لشمولها. ولكن النتائج رهينة بالمقدمات وما لم يتعاون الشعب بكل فئاته مع القيادة الثورية الجديدة، وما لم يرتفع اخوتنا بالنضال إلى مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقهم، فإننا لن نغفل شيئا، وكما عودتنا الجماهير فستكون الصراحة رائدنا في المسيرة الجديدة. فلن نخادع ولن نضلل، لاننا نعتبر المسؤولية تكليفا لا تشريفا، وزيادة في الجهد وتحمل الأعباء لا مجال فيها للمفاخرة والمباهاة، وإنما المجال فيها للخوف والحذر حتى نقطع الشوط رغم مخاطره باطمئنان وقوة.

         يا جماهيرنا المناضلة،
         إننا نؤمن ان الثورة الفلسطينية المسلحة طريق التحرير، وان تعبئة الشعب الفلسطيني وتنظيمه ضمان تحقيق النصر. من هذا المنطلق يجب ان تتحرك القيادة الثورية الجديدة، ويجب ان تعمل، وسنظل نراقب مسيرتها وفق هذه المبادئ التي أعلناها يوم الفاتح من كانون الثاني –
 (يناير) 1965، وسنحاسب كل من يقصر أو يحيد أو يتراجع عنها. ومن اجل هذا الشعب العظيم تحركنا، ومن اجل ثورته حملنا السلاح وقدمنا الشهداء، ومن اجل الوحدة الوطنية قبلنا الدخول في المجلس الوطني وتحملنا جزءا من المسؤولية في قيادة منظمة التحرير.

         يا جماهيرنا العربية والفلسطينية،
         من أجل وحدة أداة الثورة وإزاء المخاطر المتعددة التي تحيط بالقضية الفلسطينية عبر قرار مجلس الأمن الأخير والاقتراحات والمشروعات المعدلة والمفسرة له بما فيها المشروع السوفييتي أو الاقتراح الفرنسي، وإزاء الواجبات الضخمة التي تواجه الثورة الفلسطينية، حريصون على ان نوجه الجهود وان نمنع تبديدها، وحريصون على ان نصعد المعركة ونمنع تجميدها وتصفيتها، ولسوف نعمل في كل مكان نكون فيه بعقلية “فتح” الرائدة، عقلية التضحية والاستشهاد، ولن نسمح بالتخاذل ان يتسرب إلى صفوفنا أو بالأنانية والذاتية بأن تتسرب إلى عقولنا ونفوسنا. ولقد تحملنا، مع غيرنا من الثوار، مسؤولية قيادة المنظمة، ليس بحثا عن مجد أو جاه، وليس سعيا وراء مكاسب أو مناصب، إنما سعيا وراء وحدة حقيقية لهذا الشعب الصامد المناضل، وبحثا عن الجهود المخلصة والإمكانيات المعطلة. ولسوف نعمل بكل ما أوتينا من قوة على تحويل كل الإمكانات والطاقات لخدمة الثورة الفلسطينية، ولن ندخر جهدا أو نضيع وقتا، ونحن نعلم ان الطريق وعر والمسؤوليات جسام، ولكننا رضينا منذ البداية هذا الطريق وسنسير عليه مع الشعب وبالشعب وحتى يوم التحرير، وثورة حتى النصر.


<2>

Scroll to Top