بيان سياسة حكومة صاحب الجلالة في المملكة المتحدة المرفوع من قبل وزير المستعمرات إلى البرلمان بأمر جلالته

 

بيان سياسة حكومة صاحب الجلالة في المملكة المتحدة المرفوع من قبل وزارة المستعمرات
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 629 – 630”

بيان سياسة حكومة صاحب الجلالة
في المملكة المتحدة
المرفوع من قبل وزير المستعمرات
الى البرلمان بأمر جلالته
في شهر يوليو سنة 1937

1 –

لقد نظرت حكومة صاحب الجلالة في بريطانيا العظمى بناء على أمر جلالته في التقرير الاجماعى الذى رفعته اللجنة الملكية لفلسطين ووجدت انها توافق بصورة عامة على الحجج التى استندت اليها اللجنة والاستنتاجات التى توصلت اليها.

2 –

ان حكومة جلالته الحاضرة والحكومات الأخرى التى سبقتها كانت قد اتخذت منذ قبولها الالتزامات الواردة في الانتداب كما اعترفت به اللجنة اعترافا تاما في بحثها التاريخي عن وجهة النظر التى ينطوي عليها ما قاله صك الانتداب نفسه بأن الالتزامات التى ارتبطت بها حكومة جلالته نحو العرب ونحو اليهود هى التزامات غير متضاربة مفترضة أن الشعبين سيوفقان بين أمانيهما القومية بفعل الزمن على وجه يمكن من انشاء كتلة سياسية واحدة تديرها حكومة واحدة.

3 –

وقد بنت حكومة جلالته سياستها على هذا الأمل بالرغم مما جابهته من الاختبارات العديدة المثبطة للعزائم خلال السبع عشرة سنة الماضية واغتنمت كل فرصة سنحت لها لانماء روح التعاون بين العرب واليهود وعلى ضوء الاختبار والحجج التى أدلت بها اللجنة رأت حكومة جلالته نفسها مضطرة الى الاستنتاج بوجود تضارب غير قابل التوفيق بين أمانى العرب وأمانى اليهود في فلسطين وأن هذه الأمانى لا يمكن تحقيقها بموجب نصوص الانتداب الحالى وأن مشروعا للتقسيم مبنيا على الأسس العامة التى أوصت بها اللجنة يعتبر أحسن وأنجح حل للخروج من هذا المأزق وفي نية حكومة جلالته أن تشير على جلالته باتباع هذه الطريقة.

4 –

ولذلك فان حكومة جلالته تنوى بعد النظر بعين الاعتبار الى الالتزامات الدولية المترتبة عليها بمقتضى المعاهدات الخالية وميثاق عصبة الأمم وسائر المواثيق الدولية أن تتخذ التدابير الضرورية والملائمة للحصول على حرية العمل في تنفيذ مشروع التقسيم، تأمل كل الأمل بأن يتيسر له نيل أكبر قسط من التأييد من الشعوب المختصة.

(تابع) بيان سياسة حكومة صاحب الجلالة في المملكة المتحدة المرفوع من قبل وزير المستعمرات
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج1، ص 629 – 630”

5 –

وريثما يوضع مشروع كهذا موضع العمل لا تنوى حكومة جلالته أن تتخلى عن المسئولية المترتبة عليها فيما يتعلق بتوطيد السلام والنظام وحسن أداء الحكم في سائر أنحاء فلسطين وهى توافق بصورة عامة على ما قدمته اللجنة من التواصي فيما يتعلق بالأمن العام فاذا حدث أن نشبت اضطرابات خطيرة من جديد واتخذت شكلا يتطلب تدخلا عسكريا فان المندوب السامى سيفوض كافة السلطات المخولة له في سائر أنحاء البلاد بموجب مرسوم الدفاع عن فلسطين الى القائد العام للقوات العسكرية.

6 –

وفى الوقت الذى يعد فيه شكل مشروع للتقسيم تنوى حكومة جلالته – كتدبير مؤقت – أن تتخذ في القريب العاجل الاجراءات اللازمة لمنع معاملات انتقال الأراضى التى من شأنها أن تضر بذلك المشروع ثم انه لما كانت المدة التى صدر بشأنها جدول العمال الحالى تنتهى في آخر تموز، ولما كان من الواجب الاحتياط للمدة التى تلى ذلك فان حكومة جلالته تنوى أن تسمح بدخول عدد من المهاجرين اليهود من كافة الأصناف لا يتجاوز مجموعهم الثمانية آلاف شخص خلال الثمانية الأشهر التى تبتدئ في آب سنة 1937 وتنتهى في آذار سنة 1938 بشرط ألا يتجاوز ذلك قدرة البلاد على الاستيعاب.

7 –

ولقد كانت حكومة جلالته في تأييدها لحل مشكلة فلسطين على أساس التقسيم متأثرة تأثيراعميقا بما ينطوى عليه هذا الحل من الفوائد لكل من العرب واليهود فبواسطته ينال العرب استقلالهم القومي ويصبح في وسعهم أن يتعاونوا مع عرب البلاد المجاورة على قدم المساواة في سبيل تحقيق وحدة العرب ورقيهم. ويتخلصون نهائيا مما يساورهم من الخوف من سيطرة اليهود عليهم ويزول ما أعربوا عنه من القلق حول مصير الأماكن المقدسة واحتمال وقوعها يوما من الأيام تحت هيمنة اليهود.

       وستتلقى الدولة العربية مساعدة مالية وافرة من كل من حكومة جلالته والدولة اليهودية. ومن جهة أخرى سيؤمن مشروع التقسيم انشاء الوطن القومى اليهودي وينقذه من احتمال خضوعه لحكم العرب في المستقبل وسيتحول الوطن القومى اليهودى الى دولة يهودية تملك حق الإشراف التام على الهجرة وسيتمتع رعايا تلك الدولة بنفس الوضع الذى يتمتع به رعايا الدول الأخرى ويتخلص اليهود أخيرا من العيش “عيشة الأقليات” وبذلك يتحقق الهدف الأساسى للصهيونية. وبموجب المعاهدتين المقترح عقدهما تكون حقوق الأقليات في كل من الدولتين مضمونة ضمانا مشددا. وفوق كل ما سبق ذكره ستحل الطمأنينة والأمن محل المخاوف والشكوك وينال الشعبان على حد تعبير اللجنة “نعمة السلام التى لا تقدر بثمن”.

Scroll to Top