بيان سياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول وحدة العمل الوطني الفلسطيني
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1968، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 4، ص 15 – 17”
بيان سياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول وحدة العمل الوطني الفلسطيني.
منتصف كانون الثاني (يناير) 1968 |
| (منشور) |
لقد أعقبت نكبة 1948 فترة طويلة من الذهول نتجت عن فداحة الصدمة التي أصابت جماهير شعب فلسطين اثر هذه النكبة، فأقعدته فترة ليست قصيرة في شبه غيبوبة كاملة.
وكان من غير الطبيعي أن يبقى شعب فلسطين غارقا في هذه الغيبوبة الى الأبد، فقام يرد على هذه النكبة ردوداً متعددة الأساليب، كان أبرزها قيام تنظيمات متعددة، استهدت في قيامها بتجارب الشعوب الأخرى، إلى أن بلغت هذه المنظمات من التعدد والكثرة ما كان يعتبر دليلا على رفض هذا الشعب ان يبقى صاحب وطن مغتصب.
الا أن هزيمة الخامس من حزيران (يونيو) أتت بأوضاع جديدة، وطرحت مجموعة من الحقائق الجغرافية والسياسية والعسكرية من أهم نتائجها:
1 – ان أرض فلسطين بكاملها – مع أجزاء عربية أخرى – أصبحت تحت الاحتلال الصهيوني، وان النسبة العظمى من جماهير شعبنا تحت وطأة هذا الاحتلال، مما يستدعي قلب وتغيير أساليب العمل الوطني الفلسطيني، واستراتيجية هذا العمل بما يتلاءم مع متطلبات هذه الأوضاع الجديدة للأرض الفلسطينية ولشعب فلسطين.
2 – ان الحرب التقليدية، وارتباطاتها السياسية لم تعد هي المطمح النهائي لجماهير شعب فلسطين، بل لا بد أن يسبقها ويرافقها أنواع وأساليب أخرى من العمل العسكري والكفاح الشعبي المسلح يعمل في صفوف العدو كافة أشكال التدمير.
3 – ان اعتماد شعب فلسطين على نفسه وذاته أصبح ضرورة أكيدة أكثر من أي وقت مضى – وهو معذور في ذلك – بحيث يضع نفسه في طليعة المعركة، وفي صميمها، ويؤكد نفسه ودوره بأنه هو الأصل في كل هذا، لا يسمح، لأية جهة كانت أن تلغي دوره الطليعي هذا سياسيا وعسكريا.
ومن جهة أخرى، يجب ألا يجرنا هذا المنطق الى حد الغاء دور العمل العربي في قضية فلسطين والاستغناء عنه.
4 – ان التعدد والتشتت للمنظمات والجبهات الفلسطينية الذي كان يعد في السابق دليلا على حيوية وصمود شعب فلسطين، لا يمكن أن نجد له أي مبرر من المبررات على ضوء الظروف الجديدة، وان أية عوائق أو صعوبات يجب أن تذلل بروحية مستمدة من جدية المعركة وخطورتها، وشراسة العدو الذي نقاتل، وأوضاع الأرض الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وطبيعة القتال الذي نخوضه.
ان توحيد أداة النضال الفلسطيني أصبح هو الضرورة التي لا بد منها لأي نضال وطني يريد أن يرتفع إلى مستوى هذه المعركة ومجابهة هذا العدو، وعلى ضوء تلك النتائج التي طرحتها المعركة الأخيرة.
لقد جرت في السابق عدة محاولات لتوحيد أدوات العمل الوطني الفلسطيني كان نصيبها الفشل، ومن أبرز هذه المحاولات تجربة “اللجنة التحضرية للعمل الفلسطيني الموحد”، ومع ان هذه اللجنة ضمت عددا كبيرا من المنظمات السياسية في ذلك الوقت ليس لها اسهام في ميدان الكفاح المسلح، الا ان هذه اللجنة لم تعش طويلا لأنها قامت على أسس سياسية نظرية فقط، ولم يدخل الكفاح المسلح في صلب تجربتها. عدا أن هذه المنظمات السياسية لم تعد، في هذه الظروف الجديدة، هي التي تمثل شعب فلسطين، لأنها لا تمثل نضاله وكفاحه المسلح الذي يحفر طريقه على أرضنا المغتصبة من خلال تضحيات يومية يبذلها الشهداء والجرحى والأسرى والمقاتلون من أبناء شعبنا البطل. ان أولئك الذين لا يملكون من سلاح الا الكلمة ليس من حقهم ان يدعوا تمثيل شعبنا المقهور في الأرض المحتلة الذي يقاوم الاحتلال بالجوع والصبر والقتال والتضحيات.
بيان سياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول وحدة العمل الوطني الفلسطيني أن أية دعوة من أجل الوحدة الوطنية تقتصر على تلك المنظمات السياسية، لا سيما والكثير منها ليس له وجود على الإطلاق، الا الاسم، بغير الاستناد إلى قاعدة وحدة المقاتلين في الأرض المحتلة. ان الدعوة لوحدة مثل هذا النوع من المنظمات لا يمكن أن تعطي الكفاح الشعبي المسلح أية دفعة إلى الأمام، بل ستكون عبئا عليه وعلى مسيرته الطويلة. ان تجربة التوحيد هذه – سواء سميت مؤتمرا أو غير ذلك – ستأتي فارغة من أي مضمون نضالي أو كفاحي، وهي تمثل تراجعا – مؤسفا ومحزنا – إلى الوراء عن شعار “اللقاء على أرض المعركة” الذي كان مرفوعا من قبل، تراجعا ليس في صالح العمل الفلسطيني المسلح، خاصة في مثل هذه الظروف الدقيقة. – ان وحدة المقاتلين – تحت ضغط الظروف الجديدة – يجب أن تكون هي الأساس الذي تقوم عليه أية تجربة من تجارب العمل الوطني الفلسطيني، بحيث تكون وحدة المقاتلين محور هذا التوحيد وعموده الفقري، تلتف حوله المنظمات السياسية من أجل تأمين الدعم الشعبي، وتوسيع قاعدته، وتوفير الحماية له. – ان وحدة المقاتلين هي القاعدة التي يجب ان تبنى عليها أية دعوة للوحدة الوطنية، حتى تقوم هذه الوحدة على قاعدة كفاحية صلبة تضمن لها الاستمرار والصمود أمام كل العواصف والرياح العاتية. – ان وحدة المقاتلين هي الضمانة الأولى والأخيرة من أجل استمرار الكفاح الشعبي المسلح، وتصاعده ووصوله إلى كل النتائج المرجوة من أية دعوة للوحدة الوطنية. وعلى أن أساس هذا الفهم الواضح والعملي، الذي يقول ان وحدة المقاتلين هي ضمانة الكفاح الشعبي المسلح وتصاعده، تشكلت “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” من التنظيمات المقاتلة الثلاثة: 1 – منظمة أبطال العودة، 2 – جبهة التحرير الفلسطينية، 3 – منظمة شباب الثأر، وأعلنت بيانها السياسي في منتصف شهر كانون الأول (ديسمبر) عام 1967. وعلى نفس هذا الأساس من الفهم لوحدة أداة الثورة، تدعو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كل التنظيمات المقاتلة إلى اقامة وحدة فيما بينها من أجل خدمة حقيقية وفعالة لقضية الكفاح المسلح الذي يشكل عنوانا كبيرا لقضية فلسطين بالذات. الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
| ![]() |