بيان مجلس رئاسة اتحاد الجمهوريات العربية حول مشروع إقامة المملكة العربية المتحدة
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1972، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 8، ط 1، ص 140- 141
بيان مجلس رئاسة اتحاد الجمهوريات العربية حول مشروع إقامة المملكة العربية المتحدة.
القاهرة، 18/3/1972 | ( الأهرام، القاهرة، 19/3/1972) |
في الدورة الثالثة لاجتماعات مجلس رئاسة دولة اتحاد الجمهوريات العربية، المنعقد في القاهرة – عاصمة الاتحاد- في الفترة الواقعة بين 11 و 14 مارس [آذار] 1972، تناول مجلس الرئاسة بالدراسة والتحليل، الواقع العربي الراهن، على ضوء تطورات الموقف السياسي والعسكري في المنطقة، لوضع أساس خطة عربية شاملة تكفل مواجهة التحديات الصهيونية والاستعمارية التي تهدد وجود الأمة العربية.
ولقد رأى مجلس الرئاسة أن القوى المعادية لشعبنا العربي تزيد من حشد قواها لتنفيذ مخططاتها ضد حركة التحرر العربي، فتكثف الامبريالية الأميركية وجودها في منطقة البحر المتوسط بحشد الأسطول السادس في هذه المنطقة، وبإعطاء إسرائيل المزيد من الدعم العسكري والاقتصادي، وبإضافة قواعد عسكرية جديدة تمارس منها الضغط والإرهاب ضد دول المنطقة وشعوبها، كما تصعد تلك القوى المعادية حربها النفسية الموجهة ضد الشعب العربي بتشكيكه في قدرته على رد العدوان وتحرير أراضيه.
وفي ظل هذه الظروف، يعلن الملك حسين مشروعات تستهدف إقامة المملكة العربية المتحدة، ويختار له نفس موعد الانتخابات التي تجريها إسرائيل في الضفة الغربية، لإقامة كيان فلسطيني تحت سيطرتها، وذلك لكي يبدو المشروع وكأنه البديل الأفضل لكل ما هو مطروح من مشاريع مشبوهة لحل القضية.
وقد قام مجلس الرئاسة بدراسة هذا المشروع، واعياً لمسؤوليته القومية في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها أمتنا العربية، وعياً كاملا، وانتهى من دراسته إلى ما يلى:
أولا – إن مشروع الملك حسين يشكل المنطلقات التنفيذية لحركة الامبريالية والصهيونية ومخططاتها من أجل تصفية القضية الفلسطينية، وتمزيق الوطن العربي، وفتح الأبواب أمام التغلغل الصهيوني الاستعماري لإعادة سيطرة الامبريالية على المنطقة كلها.
ثانياً- إن هذا المشروع يقرر مصير الشعب العربي الفلسطيني نيابة عن هذا الشعب، وفي غيابه، بل نيابة عن الأمة العربية كلها.
ثالثاً – إن هذا المشروع صيغة جديدة لمشروع دولة فلسطين، تستهدف تصفية القضية من أساسها عن طريق خلق كيان فلسطيني يوضع في منطقة النفوذ السياسي والاقتصادي لإسرائيل، كما يوضع في مواجهة حركة الشعب العربي الفلسطيني بمنظماته وهيئاته المناضلة من أجل تحرير الأرض.
رابعاً – إن هذا المشروع يستهدف ضرب قومية القضية، وذلك بالانحراف بحركة التحرير العربية عن مسارها القومي، وتحويل قضية فلسطين وما نجم عنها من احتلال الأراضي العربية الأخرى بعد عدوان 1967، إلى مجرد نزاع إقليمي على الحدود.
خامساً- إن الولايات المتحدة الأميركية، بتاريخها التآمري على الأمة العربية، وبكل مساعداتها العسكرية والسياسية والاقتصادية لقوى العدوان الصهيوني، وبكل ما تملك من وسائل التضليل والخداع، تقف وراء هذا المشروع لتزيد من تفرقة قوانا، وتعوق كل جهد يرمي إلى إيجاد موقف عربي موحد يتصدى للعدوان.
سادساً- إن هذا المشروع تكريس للإقليمية، وتعميق للهوة التي حفرتها مجازر سبتمبر [ أيلول] بين أبناء الأمة الواحدة، ومزقتهم إلى فلسطينيين وأردنيين، وقطع للطريق على المحاولات العربية الرامية إلى إيجاد صيغة لعودة المقاتلين الفلسطينيين إلى قواعدهم، حيث يستطيعون أن يمارسوا حقهم المشروع للقيام بدورهم في معركة التحرير.
لذلك كله، فإن مجلس الرئاسة لاتحاد الجمهوريات العربية، يعلن رفضه القاطع لهذا المشروع، ويدعو الملوك والرؤساء العرب وجميع القوى الوطنية العربية وجماهير الأمة العربية بأسرها إلى رفضه، والتصدي له، والوقوف في وجه المخططات الصهيونية والاستعمارية التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية.
إننا نؤمن إيماناً راسخاً بأن التحديات التي تواجه أمتنا، في هذه المرحلة من نضالها، لا يمكن التصدي لها والوقوف في وجهها إلا بموقف عربي موحد، تحشد فيه طاقات الأمة العربية حول أهداف واحدة في مواجهة العدوان ومقاومة الاحتلال الصهيوني للأرض العربية، والنضال المستمر لتحريرها، واستعادة حقوق الشعب العربي الفلسطيني في وطنه وأرضه.
وقد انتهت دراسة مجلس الرئاسة إلى رسم خطة واضحة المسار لنضالنا في المرحلة المقبلة، يستند فيها تحركنا السياسي، على الصعيدين العربي والدولي، إلى أساس من حقنا المشروع في تحرير أرضنا، وإلى شرف الأهداف التي نناضل من أجلها، وصلابة وصمود القوى التي تدعم
<1>
بيان مجلس رئاسة اتحاد الجمهوريات العربية حول مشروع إقامة المملكة العربية المتحدة
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1972، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 8، ط 1، ص 140-141”
موقفنا وتعززه.
وإن مجلس الرئاسة إذ يعلن هذا الموقف، يدعو العرب جميعهم إلى تحمل مسؤوليتهم القومية، والوقوف صفاً واحداً في نضالهم العادل ضد العدوان والاحتلال – مستندين إلى الحقائق الأساسية التالية:
- إن نضال أمتنا العربية، في هذه المرحلة، يهدف إلى تحقيق غايتين متلازمتين هما:
حقوق الشعب العربي الفلسطيني في أرضه ووطنه.
وتحرير الأراضي العربية المحتلة بعد الخامس من يونيو [حزيران]. - إن بلوغ هذا الهدف لا يتحقق إلا بحشد الطاقات العربية كلها حوله.
- إن قضية فلسطين واحتلال الأراضي العربية الأخرى، قضية واضحة، و بالتالي، فليس لاية جهة -أياً كانت- حق الانفراد بحل جزئي أو شامل لهذه القضية.
- إن القضية الفلسطينية، التي هي محور نضال أمتنا، لا يمكن أن ينظر إليها إلا من خلال استراتيجية النضال العربي التي تستوعب كل المسائل القومية للأمة العربية. ومن هذا المنطلق، فإن استراتيجية حركة المقاومة الفلسطينية لا يمكن أن ينظر إليها إلا كجزء لا يتجزأ من استراتيجية النضال العربي الشاملة. كما وأن حركة المقاومة الفلسطينية نفسها، لا يمكن أن ينظر إليها الا كفصيلة من فصائل حركة التحرير العربي، وإحدى أدوات الثورة العربية في معركة التحرير.
يا شعبنا العربي،
إن دولة اتحاد الجمهوريات العربية التي تتحمل عبئاً أساسياً في مواجهة العدو، وتحشد كل إمكانياتها وطاقاتها من أجل معركة التحرير، لتعلن عن وضع قدراتها كلها في خدمة الأمة العربية لإفساد جميع المخططات الاستعمارية، ولتحقيق النصر لأمتنا في معركتها القومية من أجل الحق العربي.
والنصر من عند الله، يؤتيه من يشاء.
<2>