بيان منظمة طلائع حرب التحرير الشعبية ـ قوات الصاعقة ـ حول “التصورات الأساسية في محيط العمل الفلسطيني”

بيان منظمة طلائع حرب التحرير الشعبية – قوات الصاعقة – حول تصورات العمل الفلسطيني
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1969، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 5، ص 59 – 61”

بيان منظمة طلائع حرب التحرير الشعبية – قوات
الصاعقة – حول “التصورات الأساسية في محيط العمل
الفلسطيني” التي حملتها على المشاركة في أعمال المجلس
الوطني الفلسطيني.

                                          (البعث، دمشق، 17/2/1969 )

          في هذه الظروف الدقيقة التي تمر فيها القضية الفلسطينية، وفي الوقت الذي تتكالب فيه قوى الاستعمار والصهيونية العالمية لفرض الحلول الانهزامية والاستسلامية على الشعب العربي الفلسطيني عن طريق تعميق التناقضات بين صفوفه، ووضع العراقيل في طريق مسيرته النضالية التحررية، نرى لزاما علينا، كإحدى فصائل حركة المقاومة العربية الفلسطينية، التزاما بمنطلقاتنا الأساسية في مصارحة الجماهير بالحقيقة، كل الحقيقة، وحول كافة الأمور المطروحة، أن نضع أمامها مجموعة من التصورات الأساسية في محيط العمل الفلسطيني كان السعي لتحقيقها، دافعنا الأول والاهم في تصدينا للمشاركة في أعمال المجلس الوطني الفلسطيني وبالتالي في المساهمة في القيادة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية. وقبل أن نعمد إلى طرح هده التصورات، لا بد من المرور عبر الأسباب الملحة الكامنة وراء اندفاعنا وبلا حدود في العمل مع القوى الفلسطينية – بلا استثناء – للوصول إلى صيغة يمكنها أن تكون أساسا صالحا لوحدة العمل الفلسطيني في هذه المرحلة الخطرة من تاريخ قضيتنا الفلسطينية، ومن ثم الإشارة إلى العوامل التي قادت إلى الصورة النهائية للعمل الفلسطيني في إطار منظمة التحرير الفلسطينية.

          فقد انطلقنا من الأساس من مهام مرحلية تشكل جزءا أساسيا من استراتيجية العمل الفلسطيني الوحدوية، مستندين إلى وعينا التام والشامل لإبعاد المخططات المشبوهة ومراميها، والهادفة إلى إذكاء روح التناقضات التناحرية في قلب حركة المقاومة وبين صفوفها، أملا في الوصول إلى شل إرادة الشعب العربي الفلسطيني وتحطيم صموده، بانشغال طلائعه الثورية المقاتلة في مهاترات جانبية، وإغفال دورها التاريخي في التصدي وبحزم لكافة المحاولات – داخليا وخارجيا – والتي ترمي إلى استغلال هذا الواقع المرضي الشاذ، لتحقق من خلال تسعيره وتعميقه أغراضها المتخاذلة والجبانة. وكان لا بد لنا إزاء هذا الوعي من أن نسمو فوق كل النزعات الذاتية والأنانية، وأن نتيح جميع الفرص القادرة على جمع القوى الفلسطينية في إطار وحدة عملية تتفق وظروف المرحلة الراهنة، وتخرج منها قوة متماسكة تملك القدرة والاستعداد على قيادة الجماهير وعلى استيعاب طاقاتها وإمكانياتها، كخطوة أولى لا بد منها في طريق توحيد العمل الفلسطيني توحيدا كاملا نهائيا وفق أسس علمية وثورية تكفل الحفاظ على هذه الوحدة، وتتيح لها مجالات النمو والتعاظم، ولا تجعلها عرضة للتمزق والتناقض أمام تصاعد مهامها، وارتفاع منسوب الأخطار المحيقة بها في المرحلة القادمة.

          وكنا حريصين في ذات الوقت، أمام تعدد المشاريع التصفوية، وتعاظم القوى الدولية المتكاتفة لتمريرها وفرضها على شعبنا العربي الفلسطيني، ان نعلن للرأي العام العربي والعالمي، صوتنا الداوي والصريح برفضنا لجميع المشاريع، أيا كان صاحبها، وأية جهة قامت بتقديمها، وبإصرارنا اللامحدود على مواصلة الكفاح المسلح طريقا وحيدا لتحرير وطننا وأرضنا. وقد كانت في اعتقادنا أنسب جهة تمثيلية للشعب العربي الفلسطيني هي المجلس الوطني الفلسطيني الذي يضم جميع القوى الفلسطينية المقاتلة والمؤمنة بحرب التحرير الشعبية، والتي يعتبر صوتها – بحق – في إطار رسمية هذا المجلس، هو الصوت الوحيد المعبر عن إرادة الشعب العربي الفلسطيني – عربيا ودوليا – في رفض الحلول الاستسلامية وفي استمرار الثورة المسلحة وتصاعدها. ولم يكن سلوكنا في المجلس الوطني فيما بعد إلا انطباقا موضوعيا مع مجمل الأسس التي قادتنا إليه، ولم  نتراجع عنها قيد أنملة، رغم إدراكنا العميق للنواقص الهامة التي أحاطت به. وبناء عليه، وحرصا على توضيح مواقفنا وإعلانها، فقد عمدنا إلى طرح هذه التصورات على أعضاء المجلس في مذكرة قدمت إليهم تتضمن المقترحات التالية النابعة من تصورنا الشامل لصيغة العمل الفلسطيني في المرحلة الراهنة:
          أولا – تنطلق منظمة طلائع حرب التحرير الشعبية – قوات الصاعقة – في مشاركتها في المجلس الوطني الفلسطيني من النقاط الأساسية التالية:

          1 – التنسيق الجبهوي في إطار منظمة التحرير الفلسطينية في المرحلة الراهنة بما يكفل عدم سيطرة أي منظمة على المجلس الوطني أو على قيادة منظمة التحرير وأجهزتها، وتحقيق مشاركة جميع القوى الفلسطينية في قيادة منظمة التحرير.

          2 – اعتبار أن منظمة التحرير يمكن أن تشكل الإطار العام لوحدة العمل الفلسطيني.
          3 – السعي لضم جميع القوى الفلسطينية المقاتلة والمؤمنة بمبدأ الكفاح المسلح إلى المجلس الوطني الفلسطيني.

          ثانيا – جيش التحرير الفلسطيني:
لمعالجة وضع جيش التحرير لا بد من الانطلاق من الأسس التالية:
          أ – المحافظة على وجود جيش التحرير الفلسطيني أمام أية دعوات تحاول أن تعمل على إلغائه أو حله كمصدر أساسي من مصادر دعم الكفاح المسلح وكتعبير مادي عن وجود منظمة التحرير الفلسطينية.

<1>

بيان منظمة طلائع حرب التحرير الشعبية – قوات الصاعقة – حول تصورات العمل الفلسطيني
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1969، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 5، ص 59 – 61”

          ب – العمل على تدعيم وتطوير جيش التحرير الفلسطيني بما يخدم استراتيجية حرب التحرير الشعبية.
          جـ – العمل على تواجد قواته على أرض المعركة لحماية العمل الفدائي أولا، وليكون رافدا أساسيا من روافد هذا العمل ثانيا.
          د – توحيد جميع مؤسسات جيش التحرير أينما وجدت، والعمل على تحويله إلى جيش شعبي.
          هـ – الحرص على مشاركة جيش التحرير الفلسطيني في المجلس الوطني، ولو أدى ذلك إلى زيادة عدد أعضاء المجلس عن الحد المقرر.

          ثالثا – الجباية:
          أ – المطالبة بوحدة الجباية على الصعيدين الرسمي والشعبي، على أن يتولى الصندوق القومي هذه المهمة.
          ب – ينتخب المسؤول المالي للصندوق القومي من اللجنة التنفيذية ومن أحد أعضائها وليس من المجلس الوطني مباشرة، وتنتخب هيئة تدقيق مالي من بين أعضاء المجلس.
          جـ – تؤلف اللجنة التنفيذية لجنة من المنظمات الفدائية والمستقلين لدراسة نظام الصندوق القومي والعمل على إعادة تشكيله بما يخدم مصلحة العمل الفدائي في هذه المرحلة. ومن الأفضل اختيارها من المجلس الوطني الفلسطيني.
          د – ينحصر الإنفاق من الصندوق القومي الفلسطيني على:

1 – جيش التحرير الفلسطيني وقوات التحرير الشعبية.
2 – أجهزة منظمة التحرير ومكاتبها.
3 – المنظمات الفلسطينية العاملة.
4 – اسر الشهداء الفلسطينيين بشكل عام وكلي.
5 – ما يدعم صمود شعبنا في الأرض المحتلة.
6 – تسليح وحدات المقاتلين في المنظمات الفلسطينية العاملة.

          هـ – توحيد معدل التعويضات الممنوحة للعناصر المقاتلة في جميع المنظمات بدون استثناء.

          رابعا – فيما يتعلق بصيغة العمل العسكري بين المنظمات الفلسطينية فان منظمة الطلائع تضع الأسس التالية كحد أدنى للتعاون الهادف إلى توحيد العمل الفدائي توحيدا كاملا:
          1 – إيجاد قيادة عسكرية واحدة (قائد وهيئة أركان) تعينها اللجنة التنفيذية لقيادة جيش التحرير وقوات المنظمات الفدائية بالتشاور مع قيادة هذه المنظمات.
          2 – الأخذ بعين الاعتبار مشاركة جميع المنظمات الفدائية والكفاءات العسكرية في الميدان الفلسطيني.
          3 – صلاحيات القيادة العسكرية على جميع القوات الممثلة في هذه القيادة صلاحيات كاملة من حيث التدريب والتسليح والتجهيز والتموين.
          4 – تشكيل مجلس موحد لأمن الثورة في الداخل والخارج مهمته جمع المعلومات وتزويد القيادة العامة بها.
          5 – تحقيق وحدة المقاتلين على ارض المعركة من خلال القيام بعمليات مشتركة بصورة مبدئية وبتوجيهات القيادة العامة وإشرافها.
          6 – تصدر البلاغات العسكرية باسم الجهة التي قامت بالعملية وفق توجيهات القيادة وبإشرافها وتكون القيادة العامة بمكتبها الإعلامي هي صاحبة الاختصاص في إصدار البلاغات العسكرية لجميع المنظمات.

          يا جماهيرنا الصامدة،
          لقد ناضلنا بإخلاص وبحزم في داخل المجلس الوطني  الفلسطيني، للوصول بهذه المقترحات إلى صيغ تطبيقية وعملية – تنتقل بالعمل الفلسطيني خطوة إلى الأمام  وإن كنا لم نملك تحقيق كل ما نريد فذلك يعود في تقديرنا إلى الوضع الاستثنائي الذي سيطر على أجواء المجلس في ظروف تغيب بعض القوى الفلسطينية عن ساحته، وعدم تصديها للمشاركة في أعماله لتحقيق ما يمكن، تحقيقه وفي الحدود الممكن الاتفاق عليها، في مجال وحدة العمل الفلسطيني بالإضافة إلى التمسك بالذاتية والأنانية والتشنج عند حدود العصبية التنظيمية والمطالبة بالاحتكام إلى المقاييس العددية والكمية والتخوف بالمقابل من احتمالات الابتلاع والسيطرة في حال توفر بروز عددي معين لإحدى المنظمات في المجلس الوطني الفلسطيني.

          وقد كان موقفنا واضحا من الأساس من مجموع هذه القضايا. ذلك أن وحدة العمل الفلسطيني لا يمكن أن تكون وليدة إجراءات قسرية وزجرية، وإنما يجب أن تتم عبر لقاءات موضوعية بين جميع القوى الفلسطينية على أساس من الحوار الحي والتفاعل البناء الذي يحقق الوحدة العضوية لجميع هذه القوى على أرضية مشتركة وصلبة من الثقة والإيمان، وانه ليس من حق أية منظمة أن تقرر أحقيتها في قيادة العمل الفلسطيني انطلاقا من تقديراتها الذاتية، إذ أن الواقع العملي المستند إلى استراتيجية واضحة وشاملة تستشرف آفاق المستقبل وتضع الإمكانات الكفيلة بالإحاطة بكافة الجوانب والاحتمالات هو الذي يفرض هذه الأحقية، وإننا الآن ونحن جزء مشارك في منظمة التحرير الفلسطينية لنعلن لكافة القوى الفلسطينية من جديد موقفنا المبدئي في  حرصنا على استمرار اللقاء والتعاون مع جميع القوى الفلسطينية المؤمنة باستراتيجية حرب التحرير الشعبية فكرا وقولا وعملا، لإيجاد الصيغ الكفيلة بتحقيق وحدة العمل الفدائي، بالصورة التي يمكنها ان تستوعب جميع طاقات وإمكانيات الشعب العربي الفلسطيني ويكون بوسعها أن تذيب جميع التناقضات التي لا زالت تحكم معظم العلاقات القائمة بين هذه القوى، واننا على عهدنا لباقون.


<2>

Scroll to Top