تقرير لجنة هيكرافت

 

تقرير لجنة هيكرافت
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 303 – 305”

تقرير لجنة هيكرافت

نظرة عامة:

         ان الشغب الحقيقى الذى نبحث عنه ليس شغبا اعتياديا لأنه دام عدة أيام وقد ازداد يوما بعد يوم إلى أن عم قضاء يافا بأجمعه وهوجمت المستعمرات اليهودية بشدة والحقيقة أن مظاهرة البولشفيك كانت الشرارة التى أشعلت حنق العرب القابل للانفجار وأحدثت الهياج الذى آل إلى سفك دماء العرب واليهود.

         ونحن متيقنون بأن ليس هناك دافع لوقوع الاضطرابات غير الشعور السائد في البلاد ضد اليهود وهو ناشىء عن خطة الحكومة فيما يتعلق بالوطن القومى اليهودى وقد أكد لنا الكثيرون وتحققنا نحن بأنفسنا أنه لولا وجود القضية اليهودية في فلسطين لما لاقت الحكومة أقل صعوبة في إدارة الشئون المحلية ونعتقد أن كره العرب للحكومة البريطانية نشأ عن مساعدتها للسياسة الصهيونية.

         ولا أساس للتهمة التى كان اليهود يوجهونها للعرب أنهم قد دبروا هذه الاضرابات هم أو قادة الافكار بينهم ورتبوا وقوعها في اليوم الأول من آيار. ان يوم آيار كان عيد الفصح عند العرب الارثوذكس الذين كانوا صباح ذلك اليوم في كنائسهم وأخذوا بعدئذ يتقبلون زيارات المعايدات الاعتيادية من أصدقائهم المسلمين وبناء عليه يكون بعيد الاحتمال أن ينتخب المسلمون والمسيحيون ذلك اليوم للقيام بفتنة عمومية.

         وعندما ندقق النظر في الهجوم على المستعمرات اليهودية مليس والخضيرة وديران واليهودية نجد أن السبب الاول في ذلك كان الاشاعات عن قتل اليهود للعرب في حوادث يافا وكذا كانت كل الغارات نتيجة الحنق على اليهود المسبب عن هذه الاشاعات.

         وما دام اليهود أقلية لا أهمية لها كما كانوا في عهد الحكومة التركية فلا يضايقهم ويكرههم أحد ولكن عندما بدأ العرب يعتقدون أن اليهود أصبحوا ذوى نفوذ عظيم على الحكومة نشأ شعور في البلاد لم يحتج الا إلى تحرش قليل من جانب عدد صغير من اليهود الممقوتين لاضرام نار السخط العام ضد اليهود عموما.

         وقد تقدم الينا طوعا اشخاص يمثلون كافة فئات الشعب غير اليهود ليشرحوا لنا لماذا ثار الشعور العام ضد اليهود وكان هؤلاء الشهود من المسلمين والارثوذكس واللاتين والموارنة والروم الكاثوليك والانجلكان بما في ذلك كهنة الطوائف المسيحية


        من كتاب “وثائق القضية الفلسطينية” اصدار جامعة الدول العربية

 

(تابع) تقرير لجنة هيكرافت
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 303 – 305”

المذكورة فاستنتجنا أن كل الشعب غير اليهود تقريبا. كان متحدا في العداء لليهود.

شكاوى العرب:

         إن شكاوى العرب التى كان لها دخل عظيم في الاضطرابات هى كما يلى:

1 –

ان الصهيونيين جعلوا حكومة بريطانيا العظمى عند استلامها زمام إدارة فلسطين تتخذ خطة موجهة في الغالب نحو تأسيس وطن قومى لليهود وليس لمنفعة كافة الفلسطينيين على السواء.

2 –

ان حكومة فلسطين وفقا لهذه الخطة قد اتخذت كهيئة استشارية رسمية لها جمعية صهيونية مرتبطة بها تهتم بالمصالح اليهودية قبل غيرها ومؤلفة بموجب امتيازاتها العديدة كحكومة داخل حكومة.

3 –

انه يوجد في خدمة الحكومة عدد كبير من اليهود تزيد نسبتهم على عدد طائفتهم.

4 –

ان قسما من خطة الصهيونيين هو غمر فلسطين بشعب ذى مقدرة في الأمور التجارية والإدارية أكثر من العرب فينتج عن ذلك تفوقهم على بقية الاهالى.

5 –

ان المهاجرين خطر اقتصادى على أهالى فلسطين بسبب مزاحمتهم ولأن المزاحمة تسهل عليهم.

6 –

ان اليهود والمهاجرين يسيئون للعرب بتعجرفهم واحتقارهم العادات الاجتماعية العربية.

7 –

أنه بالنظر للاحتياطيات غير الكافية فقد سمح لليهود والمتشربين بالافكار البلشفية الدخول إلى البلاد وأن هؤلاء الاشخاص قد سعوا لإحداث نزاع اجتماعى واضطراب اقتصادى في فلسطين وبث المبادئ البلشفية ومن جملة أسباب تهيج العرب في يافا ضد اليهود العجرفة التى كان شبان وشابات “الحالونسيم” يظهرونها في شوارعها مرتدين لباسا خارجا عن اللياقة متأبطين بعضهم بعضا ذراعا بذراع ينشدون الأناشيد ويعيقون حركة السير. وعلى العموم كانوا يسلكون سلوكا مخالفا لمبادئ التأدب والحشمة عند العرب.

         وبديهى أن الانتقال من أحوال الشدة التى كانوا يقاسونها في البلاد التى جاءوا منهـا إلى حرية “وطنهم القومى” محط احلامهم وآمالهم قد ضاعت وأنعش روحهم ومن جهة أخرى بديهى أيضا أن يتهيج العرب من تبجح أولئك اليهود القادمين حديثا إذ ليس من السهل صب الخمر الجديد في أوعيته القديمة.

         ونحن نعتقد أنه لولا البواعث المذكورة أعلاه لما كان حقد على اليهود ولما وجد ميل غريزي ضدهم Anti..Semitism في البلاد جنسيا كان أو دينيا.

         ومن المهم أن يدرك أن ما يكتبه الصهيونيون ومن يعطف عليهم في أوربا يقرأه العرب في فلسطين ويبحثون فيهه لا في المدن فقط بل في القرى أيضا ونذكر على سبيل المثال فقرة مهيجة قدمها لنا أحد الشهود من كتاب عنـوانه ” انكلترا وفلسطين ” تأليف هـ. سايدبوتام طبع في لندن سنة 1918:

 

(تابع) تقرير لجنة هيكرافت
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي ،ج 1، ص 303 – 305”

         ويرغب في تشجيع المهاجرة اليهودية بكل وسيلة وفي ذات الوقت عدم تنشيد مهاجرة العرب ونقتطف ما يأتى من مقالة أفتتاحية للجويش كرونيكل في عددها 2720 بتاريخ 25 مايو 1921:

         “ان الحل الوحيد لمسألة فلسطين هو اعطاء اليهود كيهود تلك الحقوق والامتيازات في فلسطين التى تمكنهم من جعلها يهودية كما أن انكلترا انكليزية وكندا كندية”.

         ولم تدرك اللجنة إلى أى حد يصادق الصهيونيون المسئولون على التعابير التى ذكرناها آنفا إلى أن بدأت باستنطاق الدكتور ايدر نائب رئيس الجمعية الصهيونية الذى كان معتدلا بالنسبة إلى غيره فهو لم يحبذ مطلقا فكرة الوطن القومى كما صرح بها وزير المستعمرات والمندوب السامى. وفى رأيه:

         “ليس من الممكن أن يكون في فلسطين سوى وطن قومى واحد هو الوطن اليهودى ومن المستحيل أن تكون ثمة مساواة في الشركة بين اليهود والعرب .. وينبغى أن تكون هناك سيادة يهودية حالما يزداد عدد هذا العنصر ازديادا كافيا”.

         ولا يخفى أن تصريحات الدكتور “أيدر” بصفته محيطا بأفكار الصهيونيين واعتقاداتهم الرسمية من جميع وجوهها تعتبر ذات شأن عظيم.

         وقد قال أيضا بصريح العبارة “أنه يجب أن يسمح لليهود لا العرب بحمل السلاح وأكد أن تسلح اليهود يحسن العلاقات بينهم وبين العرب وأنه يجب أن يسمح للجمعية الصهيونية بتقديم الاعتراضات على تعيينات الحكومة وان تقدم اليها اسماء الذين ترغب في ترشيحهم لمنصب المندوب السامى فتنتخب الحكومة منهم واحدا”.

Scroll to Top