حديث الدكتور فايز صايغ عضو اللجنة التنفيذية الجديدة لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس دائرة الاعلام والتوجيه القومي

حديث الدكتور فايز صايغ رئيس دائرة الإعلام عن حقيقة الأزمة في المنظمة
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1363 – 1365”

حديث الدكتور فايز صايغ
عضو اللجنة التنفيذية
الجديدة لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس دائرة
الإعلام والتوجيه القومي فيها عن حقيقة الأزمة في
المنظمة وعن مدى التزام اللجنة التنفيذية
الجديدة بتصريحات الشقيري(*)

السؤال الأول:
         ما هي حقيقة الخلاف بينك وبين الأستاذ الشقيري وعلى ماذا يدور؟

         – أريد أن أوضح في البدء أنه ليس هناك خلاف شخصي بيني وبين الأستاذ الشقيري. فالقضية التي نحن في صددها قد نشأت بعد يوم واحد من قبولي الدخول في عضوية اللجنة التنفيذية ولم يكن قبولي ذلك إلا نزولا عند إلحاح الأستاذ الشقيري الشخصي على، وليس في الأمر والحالة هذه، أي نزاع شخصي بيننا.

         وعندما نزلت عند رغبته ودخلت إلى عضوية اللجنة التنفيذية لم أكن مطلعا على التصريحات التي كان قد أدلى بها لبعض صحف الأردن فيما كنت أنا في بيروت – أي قبل تشكيل اللجنة – بل لم أكن عالما بأنه أدلى بأية تصريحات من أي نوع كان في تلك الفترة.

         إلا أني عندما لفت نظري بعض موظفي المنظمة في المقر العام إلى هذه التصريحات وزودوني بنصوصها وجدت أني لا أستطيع القبول بها ووجدت نفسي مضطرا إلى إثارتها في الاجتماع التالي للجنة رغم أنها لم تكن مدرجة في جدول الأعمال.

         والقضية التي تثيرها هذه التصريحات هي قضية الأساس الذي تقوم عليه المنظمة وليست قضية ثانوية أو جانبية. هي القضية الشخصية الفلسطينية والمصير الفلسطيني وفهمنا لهما.

         فيبدو من مجموع التصريحات التي أدلى بها الأستاذ الشقيري في الأردن في أواخر حزيران وأوائل تموز أن له اجتهادا خاصا جديدا في حدود الأرض الفلسطينية وفي هوية الشعب الفلسطيني وفي صلة خاصة تقوم بين الأرض والشعب الفلسطينيين


          (*) المحرر 16 تموز – يوليو 1965.

حديث الدكتور فايز صايغ رئيس دائرة الإعلام عن حقيقة الأزمة في المنظمة
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1363 – 1365”

وبين الكيانات السياسية العربية المجاورة دون الكيانات الأخرى. وهذا الفهم الجديد للوطن والشعب والصلة والمصير لا يتفق في نظري مع فهم أبناء فلسطين عموما لهذه المواضيع كلها ولا ينسجم مع نصوص الميثاق الذي أصدره المجلس الوطني الفلسطيني الأول في القدس عام 1964. والذي أصبح دستور منظمة التحرير الفلسطينية وشرعتها.

         هذه هي القضية في جوهرها.

         ويلازم هذا الوجه للقضية وجه آخر هو الوجه الأصولي للعمل في المنظمة.

         فلقد أصدر الأستاذ الشقيري تصريحاته التي تنطوي على هذا كله بعد انتهاء الدورة الثانية للمجلس الوطني الفلسطيني وقبل مباشرة اللجنة التنفيذية عملها أي يوم لم تكن هناك في المنظمة سلطة دستورية قائمة ويحق لها بموجب الدستور أن تعدل في الميثاق أو أن تفسر نصوصه أو أن تحدد لعمل المنظمة اتجاهات جديدة.

         هذا الانفراد في التعديل أو التفسير أو التوجيه يخالف روح الدستور وحرفه. ولقد اعترضت عليه بالإضافة إلى اعتراضين على مضمون التصريحات ومحتواها العقائدي.

السؤال الثاني:
         ما هو مدى التزام منظمة التحرير الفلسطينية بما جاء في تصريحات الأستاذ الشقيري؟

         – من الناحية القانونية والدستورية ليست منظمة التحرير الفلسطينية ملزمة على الإطلاق بما أدلى به الأستاذ الشقيري من تصريحات وما قدمه من آراء واجتهادات قبل شروع اللجنة التنفيذية بممارسة صلاحياتها الدستورية.

         إن المنظمة ملتزمة بالميثاق وبقرارات المجلس الوطني وهي ملتزمة أيضا بما تتخذه اللجنة من قرار نطاق صلاحياتها الدستورية ولقد سبق لي أن بينت أن المجلس الوطني لم ينظر في هذه التصريحات التي صدرت بعد انتهاء دورته الثانية كما أن اللجنة التنفيذية لم تتخذ أي قرار بتأييد هذه التصريحات أو القبول بها أو تبنيها بعد صدورها.

         إذن فمن الناحية الدستورية، تعبر تصريحات الأستاذ الشقيري التي نحن في صددها إلا عن رأيه الخاص واجتهاداته الخاصة.

         وإني لكبير الأمل شديد الرجاء بأن يعود الأستاذ الشقيري عن هذه الآراء بعد أن لمس أنه ليس لها صدى إيجابيا بين الفلسطينيين وأن اللجنة التنفيذية لم تتجاوب معها وليس التراجع عن الخطأ في الاجتهاد عارا أو عيبا، بل هو دليل الانفتاح الدائم على الحقيقة وعلى إرادة الشعب ودليل الجرأة أيضا.

السؤال الثالث:
         ألا يعني سكوت اللجنة التنفيذية عن هذه التصريحات قبولا ضمنيا بها وبالآراء التي احتوت عليها؟

حديث الدكتور فايز صايغ رئيس دائرة الإعلام عن حقيقة الأزمة في المنظمة
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1363 – 1365”

         – قطعا لا. فإن اللجنة التنفيذية ملزمة فقط بالميثاق وبقرارات المجلس الوطني وبما تتخذه هي نفسها من قرارات. وليس من واجبها بأن تصدر قرارا سلبيا بصدد كل ما لا ترضى عنه. وما دامت اللجنة لو تقرر إيجابا قبول رأي ما فسكوتها عن ذلك الرأي لا يعني موافقة ضمنية عليه.

         وفضلا عن ذلك فإن اللجنة التنفيذية قد أبدت رأيها في هذا الموضوع بصورة قاطعة وذلك في البيان الذي أصدرته عند اختتام جلساتها الخمس الأولى يوم 7 تموز فلقد عهدت اللجنة بوضع هذا البيان وقد عرضته على الأستاذ الشقيري نفسه قبل مغادرته القدس بدقائق ثم تلوته على اللجنة التنفيذية بكامل أعضائها في اجتماع برئاسة نائب الرئيس قبل تلاوته في مؤتمر صحفي. وقد أقره رئيس اللجنة كما أقرته اللجنة بالإجماع. وأصبح بالتالي بيانا رسميا عن اللجنة يعبر عن وجهة نظرها الرسمية.

         وقد جاء في الفقرة رقم (1) من هذا البيان: “جرى التأكيد على تحرير فلسطين هدفا نهائيا وعلى توكيد الشخصية الفلسطينية مبدءا وعلى المحافظة على الميثاق دستورا للمنظمة”. وفي هذا النص الصريح رغم إيجازه دليل ثابت واضح على حقيقة موقف اللجنة التنفيذية.

         وعلى كل حال فإن اللجنة التنفيذية ستطلع رئيسا وأعضاء على حديثي هذا ولا ريب. فإذا رأى رئيسها أو أي عضو من أعضائها أن في التحليل الذي قدمته لهم خطأ فبوسع أي منهم أن يطرح الموضوع على اللجنة ويطالب بقرار يصححه. وسأكون هناك للاشتراك في المناقشة والاقتراع في مثل هذه الحالة.

السؤال الرابع:
         ولنفرض أن مثل هذا حدث وأن اللجنة أصدرت قرارا بتأييد تصريحات الأستاذ الشقيري فما يكون موقفكم شخصيا من ذلك؟

         – ليس لدي أي دليل على احتمال حدوث مثل هذا على الإطلاق بل الدلائل تشير إلى أن لا داعي للتخوف من صدور قرار كهذا عن اللجنة حتى بالأكثرية العادية.

         ناهيك عن أن اللجنة، تملك صلاحية اتخاذ قرار يعتبر في الواقع تعديلا للميثاق. فتعديل الميثاق يقتضي موافقة ثلثي أعضاء المجلس الوطني في جلسة خاصة يدعى إليها من أجل هذا الغرض (المادة 29). فإذا فرضنا جدلا أن اللجنة التنفيذية خرقت الميثاق بممارسة سلطات لا تملكها دستوريا فمن البديهي أن عضويتي فيها تنتهي في اللحظة التي يتم فيها ذلك الحادث المفترض. أما محاسبتها على مثل ذلك العمل فترجع بالطبع إلى المجلس الوطني نفسه ممثلا للشعب الفلسطيني.


 

Scroll to Top