رد اللجنة التنفيذية على ملاحظات المندوب السامي حول مذكرة لجنة الانتدابات
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الإرشاد القومي ج 1، ص 367 – 370”
رد اللجنة التنفيذية على ملاحظات المندوب السامي
حول مذكرة اللجنة المرفوعة إلى لجنة الانتدابات
التابعة لعصبة الأمم في جنيف
28 / 10 / 1924
فخامة المندوب السامي
ردا على كتابكم المؤرخ في 21 الجاري عهد إلي أن أعرض مايلي:
إن من دواعي الأسف الشديد عدم تمكن فخامتكم من نشر التقرير المقدم من قبلكم إلى لجنة الانتدابات في “عصبة الأمم” بصفتكم المندوب السامي في فلسطين. وإن هذا التكتم ربما فسر من قبل سكان البلاد بأن التقرير المطلوب نشره يحتوي على بعض نقاط لا تتفق مع الحقائق أو مع مصلحة البلاد وذلك بقطع النظر عن الاعتقاد السائد بأن هذا التكتم لا يتفق مع أعظم المبادئ السياسية المعمول بها في هذا العصر والمقررة من قبل “عصبة الأمم” وجميع المعاهدات السياسية الأخرى وهي إبعاد المعاملات السياسية عن التكتم والتستر.
ويعتقد أيضا بأن مناقضتكم لثلاث عشرة نقطة من النقاط التي احتوى عليها التقرير المقدم بواسطتكم إلى لجنة الانتدابات من قبل اللجنة التنفيذية للمؤتمر العربي الفلسطيني السادس في حين أنكم تحجمون عن نشر تقريركم لا تتفق مع مبدأ الانصاف العالي الذي تتحلى به الصفات الإنجليزية. إن المناقضات المذكورة قد درست درسا عميقا فوجد أن كل واحدة منها إما مغلوط أو منظور إليها من جهة واحدة أو مخالفة للحقيقة الناصعة كما سأبين فيما يلي باختصار:
1 – | إن قول فخامتكم أن المجلس التشريعي الإسلامي لم يتألف بعد مطالبة المسلمين من أهل فلسطين بذلك بل كان تأليفه من دافع الحكومة الذاتي هو قول مغلوط فالحقيقة التي لا مراء فيها أن جميع الصحف العربية في فلسطين قد نشرت مقالات طويلة ممتعة منذ سنة 1919 مظهرة رغبة الأهالي الشديدة في تأليف مجلس كهذا. ولا ريب أن فخامتكم تتذكرون جيدا أنه عند زيارتكم نابلس للمرة الأولى رفعت تلك البلدة الإسلامية باسم مسلمي فلسطين إلى فخامتكم هذا الطلب كأول مطلب للأمة يقضي قبوله حالا ثم إن المؤتمر العربي الفلسطيني |
فلسطين – يافا – 5 / 12 / 1924.
(تابع) رد اللجنة التنفيذية على ملاحظات المندوب السامي حول مذكرة لجنة الانتدابات
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الإرشاد القومي ج 1، ص 367 – 370”
| الثالث المنعقد في حيفا في ديسمبر سنة 1920 قد تذاكر بشدة في هذا الموضوع وجعله من أهم الأمور التي ترك الاشتغال بها للجنة التنفيذية. |
2 – | إن فخامتكم تخالفون اللجنة التنفيذية في قولها إن قانون منع التصدير قد سن لأجل إسقاط أسعار الأراضي وإكثار بائعيها. ولكن لو حكمنا على هذا القانون مستندين على النتائج القريبة والبعيدة التى تولدت منه وجدنا سببا له غير ذلك. إن سعر القمح كان قبل تطبيق هذا القانون من 95 – 120 قرشاً مصريا للطبة يختلف باختلاف المواسم التي كانت تباع فيها ولكنه سقط بعد تطبيق هذا القانون إلى 25 – 32 للطبة، وبقي على هذا الحال إلى هذه السنة إذ ارتفع من 35 إلى 50 بسبب قلة المحصول منه في الأسواق العالمية. ومنذ ما سقطت الأسعار إلى هذا الحد كان سعر العمل عاليا جدا ولم يتأثر بذلك السقوط فلذا كانت خسارة المزارعين في السنة التي تلتها كبيرة جدا وعليه فقد تدنت أسعار الأراضي. وإن جودة موسم ذلك العام لم تكن لتظهر أنه كان يخشى من نقص في هذا المحصول كما تقولون. |
3 – | إن فخامتكم تنكرون أن تطبيق القانون التركي للأراضي المحلولة قد اضطر الكثيرين إلى بيع أراضيهم. يلاحظ هنا أن الذين يبيعون أراضيهم لا يذكرون أسباب البيع للحكومة ولذلك ليس من السهل أن تنفى هذه الحقيقة بقول عمومي لا يستند إلى تحقيق دقيق. وبالحقيقة يمكن سرد حوادث معينة كثيرة تؤيد قول اللجنة منها أن قطعة أرض كبيرة جدا تباع اليوم من قبل أحد معارف اللجنة لا لسبب سوى خشية تطبيق هذا القانون. |
4 – | إن فخامتكم تقولون في مناقضة اللجنة أنه في القسم الأخير من سنة 1923 لم يدخل إلى فلسطين سوى مائة من العمال اليهود، وأن العدد الصغير من غير هؤلاء من المهاجرين كانوا من صنف الذين ينتسبون إلى عائلات تقطن في فلسطين. أو من الذين لديهم من الوسائط المستقلة التي تمكنهم من العيش في البلاد بدون أن يكونوا عالة على غيرهم. ولكن من الحقائق الظاهرة أنه في تلك السنة دخل بصورة غير مشروعة إلى فلسطين من الحدود السورية عدد كبير من مهاجري اليهود. ثم إن حوادث الانتحار أو الشروع في الانتحار التي وقعت بين مهاجري اليهود المنتسبين إلى الصنف الثاني المذكور آنفا مع تصريح هؤلاء بأن أقدامهم على هذا العمل كان مسببا عن الفقر المدقع يظهر أن الكثيرين ممن ادعوا أن لديهم وسائط مستقلة للمعيشة قد ادعوا باطلا. |
5 – | إن مناقضة فخامتكم لقول اللجنة إن توزيع قوى البوليس لم يكن منتظما بل اتبع الحاجة إلى حماية السياسة المتبعة لا أساس لها. فلو راجعنا سجلات البوليس لوجدنا الحالة المخجلة التي كانت عليها الطرقات العامة في جميع أنحاء البلاد بسبب عدم حمايتها بينما كانت قوى البوليس تقطن القدس وصرفند ويافا وحيفا بلا عمل حقيقي لانتظار الوقائع الناتجة عن تلك السياسة كل ذلك يؤيد ما أثبتته اللجنة في تقريرها وقد وضعت قوة من البوليس في منتصف أريحا – القدس فأنتجت تحسنا كبيراً في الأمن العام في تلك الطريق مما يؤيد قول اللجنة من أنها كانت خلوا من حراس الأمن العام عندما كانت تقع فيها تلك الحوادث المخجلة. وقس على ذلك عموم الطرق الأخرى. |
(تابع) رد اللجنة التنفيذية على ملاحظات المندوب السامي حول مذكرة لجنة الانتدابات
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الإرشاد القومي ج 1، ص 367 – 370”
6 – | ذكرتم أن مجموع ما يلحق الفرد من الرسوم في فلسطين هو 175 قرشا وليست 350 قرشا كما ذكر فى تقرير اللجنة. ويظهر أن فخامتكم قد استحصلتم هذا الرقم من ميزانية السنة الأخيرة التي صغرت جدا بعد إلحاح الأهلين. أما اللجنة فقد ذكرت بصريح العبارة في تقريرها أنها اتخذت كمعدل عن السنوات الأربع المقصودة في التقرير وهي من 1920 – 1924 السنتين المتوسطتين وهما سنتا 1922 – 1923 فمن هنا يظهر خطأ فخامتكم. |
7 – | ذكرتم أن الرسوم التي تجبيها الحكومة من المزارع تعادل 13% من مجموع المحصول وليس 15% كما ذكرت اللجنة. وهذا خطأ واضح كما يتبين من الإيضاح التالي: تتناول الحكومة باسم الأعشار 11% من المحصول يضاف إلى هذا 2 % هو عشر البذار الذي يعشر عادة في السنة السابقة ثم يعاد تعشيره من المحصول فيكون المجموع 13% ثم تتناول الحكومة ما يزيد عن 52 في الألف من ثمن المزارع كضريبة ويركو مما يعادل أكثر من 2% من المحصول السنوي فيكون جميع ما تتناوله من محصولها السنوي. |
8 – | إن فخامتكم تخالفون اللجنة في قولها إن رواتب كبار الموظفين قد وضعت قبل أربع سنوات إذ كانت أسعار حاجيات المعيشة تعادل ثلاثة أضعاف أسعارها في هذه الأيام وذكرتم أنكم لم تتمكنوا من إيجاد أرقام تقارب هذا التعديل. ولكن لو أخذنا القمح وهو المادة الغذائية الأساسية التي تتبعها جميع أسعار الحاصلات المحلية لوجدنا أن سقوطها في هذه السنين الأربع كان أكثر من هذا التعديل. فالقمح كانا يباع قبل سنة 1920 بسعر 95 – 120 قرشا للطبة فسقط بعدها إلى 25-32 قرشا للطبة. أما أسعار المواد الواردة من الخارج من مأكول وملبوس فقد تدنت إلى أكثر من النصف ليس في فلسطين فقط بل في جميع أنحاء العالم. فلو أخذنا معدل جميع المستهلكات من محصوله ووارده لوجدنا أن أسعار حاجيات المعيشة على العموم قد تدنت إلى أكثر من ثلثها منذ وضعت تلك الرواتب وكان ذلك بالأكثر من سنة 1918 – 1920. |
9 – | ذكرتم أن قول اللجنة التنفيذية من أن مكتب حاكم القدس يشغل عمارة كبيرة كانت تكفي لعموم دوائر الحكومة السابقة لا صحة له وأن تلك العمارة يشغلها اليوم علاوة على حاكم القدس إدارة المندوب السامي والسكرتير العام الخ. إن اللجنة تعتقد أنكم توافقونها على أن هذه الدوائر كانت لأمد غير بعيد تشغل عمارة أعظم كان يقال لها دار الحكومة وهما اليوم منزلكم الخاص. وإن هذا التقرير وضع للسنوات الأربع الماضية وليس لهذه المدة القصيرة وربما لم تعلم فخامتكم أن حاكم القدس في الحكومة السابقة كان يشغل غرفة واحدة وأخرى لمجلسه الإداري وثالثة لمدير تحريراته وكتابه. أما حاكم القدس اليوم فقد كان له في معظم السنين الماضية ما لا يقل عن خمسة مساعدين ورئيس كتاب وكتاب لكل منهم غرفة خاصة. |
10 – | إن فخامتكم لم تفهموا المقصود من قول اللجنة أن اللغة العبرية لا يتكلم بها سوى 2% من سكان فلسطين. إن المقصود من ذلك أن الذين يتكلمون اللغة |
(تابع) رد اللجنة التنفيذية على ملاحظات المندوب السامي حول مذكرة لجنة الانتدابات
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الإرشاد القومي ج 1، ص 367 – 370”
| العبرية في بيوتهم مع عائلاتهم ويستعملونها في معاملاتهم التجارية لا يزيد عن 2% من سكان فلسطين. وفي الحقيقة أنه لا يوجد أربعة آلاف بين يهود فلسطين يستعملون هذه اللغة كلغتهم البيتية والعادية. وإن اللجنة تعترف أنه يوجد بين اليهود أكثر من هذا العدد ممن يعرفون تلك اللغة ولكنهم يستعملون عادة اللغات الجرجونية والجرمانية والأسبانية والعربية. الخ. وليس اللغة العبرية. |
11 – | تقولون فخامتكم إن رسم تصدير الخمر قد ألغي قبل الاحتلال البريطاني. إن هذه الحقيقة لا تجوز بغرض الحكومة غير المشروع في إبقاء هذا التفضيل، فقد كان يجب على هذه الحكومة أن تساوي بين جميع المصدرين بأن تلغي هذا الرسم تماما أو تتقاضاه من مصدري الخمور كما تتقاضاه من غيرهم. |
12 – | إن فخامتكم تناقضون قول اللجنة التنفيذية أن جميع الطرق والسكك الحديدية التي أنشئت بعد الاحتلال كانت كلها من وإلى المستعمرات اليهودية ولكنكم في تعداد هذه الطرق المنشأة حديثا قد أيدتم قول اللجنة. وذلك يتبين لفخامتكم بعد أن تلاحظوا أن الطرق ما بين الناصرة – طبريا – صفد – عفولة – والناصرة حيفا وطول كرم قلقيلية لم تنشأ بل أصلحت اصلاحا وعلى هذا فهي لا تدخل في نطاق بحثنا وكل ما أشرتم إليه من الطرق سوى طريق بيت جالا – بيت نبالا وصرفند المنشأة لمقاصد عسكرية كانت كلها من أو إلى مستعمرات يهودية. |
13 – | إن إنكار فخامتكم قول هذه اللجنة أن الحقوق المشروعة للسكان العرب القاطنين في الأراضي الواقعة ضمن مشروع امتياز القبارة لم يؤبه إليها يناقض الحقيقة الناصعة وهي أن فخامتكم منذ منح هذا الامتياز إلى اليوم قد ألفتم ثلاث هيئات متواليات للبحث في أمر هذه الحقوق. وقد كانت كل هيئة تظهر أكثر. من سابقتها شيئا من هذه الحقوق المغموطة في ذلك الامتياز السري. وقد وقع جدال عنيف طال أكثر من ثلاث سنوات ضاعت آمال السكان خلالها في حقوقهم فرضخوا بتأثير صهيوني غير مشروع وتأثير الحكومة على أن يقبلوا عوضا ما يزيد عن الثلاثين ألفا من الدونمات 3500 دونم ألقاها الغاصبون إليهم. |
وبالختام إن اللجنة التنفيذية للمؤتمر العربي الفلسطيني كانت ترحب بانتقاد الحكومة للنقاط التي هي أكثر أهمية من هذه النقاط الثلاث عشرة المرفوعة في التقرير المذكور. وهي تأمل من فخامتكم أن تنظروا بالإمعان ليس فقط إلى شرحها على هذه النقاط بل إلى جميع النقاط الواردة في التقرير فهي أمور يتضرر منها السكان تضرراً محسوسا مؤلماً.
وتفضلوا…. |
|
| سكرتير اللجنة التنفيذية |