رد اللجنة العربية العليا على بيان الحكومة البريطانية عن الخطة السياسية التي تنوي اتباعها في فلسطين

رد اللجنة العربية العليا على بيان الحكومة البريطانية عن الخطة السياسية التي تنوي اتباعها في فلسطين
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي ،ج 1، ص 581 – 582”

رد اللجنة العربية العليا على بيان الحكومة البريطانية
عن الخطة السياسية التي تنوى اتباعها في فلسطين (*)
11 / 9 / 1936

       اطلعت اللجنة العربية العليا على البيان الذي أذاعته الحكومة البريطانية في مساء 7 الجاري عن الخطة السياسية التي تنوى اتباعها في فلسطين وبما ان كثيرا مما جاء في هذا البيان لا يوافق الواقع ترى اللجنة من واجبها أن ترد عليه كما يأتى:

       ان القول بأن الاضراب العام قد أعلنته لجنة من زعماء العرب عقب الاضطراب الذي حصل في يافا في منتصف شهر ابريل الماضى لا يوافق الحقيقة لأن الشعب العربي لجأ لهذا الاضراب بوحى من نفسه احتجاجا على السياسة الخاطئة التي اتبعتها الحكومة البريطانية في فلسطين منذ بدء الاحتلال الى الآن. وأن اللجنة العربية العليا لم تتألف الا منذ بضعة أيام أى بعد أن شمل الاضراب جميع البلاد أما بدء الاضطراب فقد كان من قبل اليهود في تل أبيب لا في يافا كما أيد ذلك تماما وزير المستعمرات في مجلس العموم في بيانه بتاريخ 23 نيسان سنة 1936.

       إن العرب في فلسطين الذين مازالوا يطلبون الاستقلال التام والوحدة العربيه وانهاء الانتداب أسوة بالعراق وسورية وسائر البلاد العربية المنسلخة عن تركيا ينكرون على الحكومة ادعاءها ان مطالبهم فيما يتعلق بالهجرة والأراضى والحكم. النيابي تتعارض مع صك الانتداب.

       لقد ذكرت الحكومة البريطانية في بيانها المذكور أعمال القتل والتخريب التي قام بها العرب في الخمسة الاشهر الماضية والحقيقة التي لا مراء فيها ان السلطات البريطانية واليهودية تحمل أعظم المسئوليات في توسع حالات الاضطراب الحاضرة فقد قامت هذه السلطة منذ البدء خلافا لما جاء في البيان المذكور بأعمال شديدة ذهبت ضحيتها طائفة كبيرة من النساء والأولاد والرجال المسالمين كما ان اللجنة قد احتجت عليها مرارا ولقد لاقت القرى التي يذهب اليها الجنود بحجة تفتيشها أمورا اليمة جدا لأن ما كان يقوم به هؤلاء بحجة التفتيش في كثير من القرى هو تخريب قسم وافر من أثاث بيوتها، واتلاف مئونتها وفي بعض الأحيان دوس ما فيها من المصاحف الشريفة الأمر الذي كان يثير عواطف القوم الى أبعد حد كما ان أعمال نسف البلدة القديمة في يافا ونسف بعض البيوت في المدن والقرى قد أثار الشعور كثيرا . أما القول بأن الشعب العربي لم يقف موقفه الحاضر الا لما يقوم به أولئك المسئولون عن


         * خضر العلى محفوظ. تحت راية القاوقجى. دمشق. مطبعة بابيل 1938 – ص 73 -76.

 

(تابع) رد اللجنة العربية العليا على بيان الحكومة البريطانية عن الخطة السياسية التي تنوي اتباعها في فلسطين
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 581 – 582”

دوام الاضطرابات من أعمال التخويف ضدهم فلا صحة له بالمرة ومما يناقض ادعاءهم هذا مناقضة تامة ما صرح به المستر أورمبسى غور وزير المستعمرات نفسه في مجلس العموم في 19 حزيران الماضى حيث قال:
        “ان لأعمال التخويف نصيبا جزائيا جدا في الاضراب الذي تبين انه قائم على ارادة الشعب العربي بصورة واسعة”.

        ولقد بحث البيان مطولا عن تصميم الحكومة البريطانية على ارسال لجنة ملكية لفلسطين لبحث الحالة الراهنة فيها شأنها في ذلك عقب كل اضطراب يقع. ان عدم اكتفاء عرب فلسطين بتعيين اللجنة الملكية كداع لحل الاضراب وطلبهم تغيير السياسة تغيرا أساسيا تظهر بوادره في ايقاف الهجرة فذلك لأنهم خبروا كثيرا هذه اللجان التي كانت تشغل نفسها وتشغل البلاد مدة طويلة دون ما جدوى اذ أن جميع التقادير التي وضعتها فيما سبق قد أهملتها الحكومة البريطانية ولم تنفذ شيئا جاء فيها في مصلحة العرب مما دعا الى ضياع ثقة هؤلاء بجني أية فائدة منها.

        وأغرب ما جاء في البيان هو اسناد وساطة ملوك العرب وأمرائهم لزعماء عرب فلسطين ان اللجنة ترد هذا الادعاء بكل ما لديها من قوة وتحتج عليه بكل شدة وهي تعلن بهذه المناسبة ان الشعب العربي ولجنته العليا في فلسطين كانوا ولا يزالون يرحبون بوساطة ملوك العرب وأمرائهم وقد قبلوها بكل ارتياح وشكر ولا يزالون مستعدين لتنفيذ هذه الوساطة بكل اخلاص.

        ان العرب معروفون باجلالهم وانصياعهم لملوكهم ولا يعقل ان الشعب العربي في فلسطين يشذ عن تقاليد الحرب في هذا الشأن. وتستغرب اللجنة كل الاستغراب قول الحكومة في بيانها الأخير من أن المحادثات المطولة التي جرت بين فخامة نورى باشا السعيد وزير خارجية العراق وزعماء العرب في فلسطين لم تؤد الى نتيجة مرضية بداعي ان الزعماء العرب اصدروا في اليوم الحادى والثلاثين من شهر آب بيانا صرحوا فيه عداوتهم. فاللجنة العربية العليا ترد هذا الادعاء بكل قوة وتعلن أنها قبلت بالاجماع هذه الوساطة بكل ارتياح واطمئنان. وبعد أن قبل عرب فلسطين الوساطة المذكورة غادر فخامة نورى باشا البلاد للقيام بالمخابرات اللازمة بهذا الشأن. وقد فسرت الحكومة طلب اللجنة الى الأهالي الاستمرار في الاضراب حتى تتم المفاوضة بأن ذلك يدل على رغبة اللجنة باحباط المفاوضة مع ان الظاهر الصريح في البيان هو أن اللجنة طلبت الاستمرار على الاضراب بينما تقر المراجع الأخرى هذه الوساطة التي أقرتها اللجنة. وقد فوجئت اللجنة بما جاء فى بيان الحكومة عن هذه الوساطة مما يدل على تصلبها في التحيز لليهود، واللجنة لا تزال تعتقد ان هذه الوساطة التي وافقت عليها بالاجماع كانت هي الطريقة المثلى لحل هذه المشكلة حلا آنيا يكون فاتحة عهد جديد يمكن الحكومة من اثبات حسن نواياها نحو الشعب العربي في فلسطين ويعيد السلام والطمأنينة لهذه البلاد المقدسة.

 

 

رئيس اللجنة العربية العليا
محمد أمين الحسيني


Scroll to Top