رسالة الرئيس هواري بومدين، إلى الملوك والرؤساء العرب حول تفاقم الوضع في الأردن
المصدر: ” الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1971، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 7، ط 1، ص 57 “
رسالة الرئيس هواري بومدين، رئيس مجلس الثورة
ورئيس مجلس الوزراء الجزائري، إلى الملوك والرؤساء
العرب حول تفاقم الوضع في الأردن.
الجزائر |
| ( الشعب، الجزائر، 12 /1 / 1971 ) |
إن تفاقم الوضع في الأردن من جراء ما تتعرض له المقاومة الفلسطينية من تقتيل، أصبح يكتسي طابع الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني تنفيذا لمخطط امبريالي صهيوني، يهدف إلى خلق الظروف الموضوعية لفرض حل يمليه واقع الوجود الصهيوني، ويتلاءم ومطامع إسرائيل الاستعمارية التوسعية وحلفائها في العالم.
وهذا لم يكن في الواقع أمرا مفاجئا لأحد، لأن منطق الأحداث يجعلنا عن بينة من أن كل ما نعرفه من مشاريع التسوية لما سمي بقضية الشرق الأوسط، لن يتم إلا بتصفية المقاومة الفلسطينية باعتبارها ظاهرة إيجابية برزت بعد هزيمة 5 حزيران ( يونيو ) 1967 وحولت المعركة من إطار الصراع بين إسرائيل والدول العربية إلى قضية شعب يكافح من أجل حقه المشروع في أرضه ووطنه ضد التوسع الإسرائيلي. ومن نتائج هذه الظاهرة أن لجأت الصهيونية إلى حمل العرب على ضرب بعضهم البعض.
والجزائر، إذ تذكر ما حظيت به ثورتنا من إجماع في المؤازرة والتأييد، لتهيب مرة أخرى بأشقائها أن يحموا الثورة الفلسطينية مما يهددها من مخاطر، وما يتعرض له الشعب الفلسطيني المجاهد من تقتيل ومزيد من الإهانة والمآسي، وأن يمكنوا هذه الثورة من جميع الأسباب والوسائل الكفيلة بتحقيق أهدافها في التحرير.
وموقفها هذا،لا ينبع إلا من إيمانها بعدالة القضية الفلسطينية وحتمية استمرار المعركة لتحرير كل جزء من الوطن العربي. ولهذا ما فتئت الجزائر تسعى لإصلاح ذات البين وجمع الشمل العربي، يحدوها في ذلك روح النزاهة والإخلاص خدمة للمصلحة العليا للأمة العربية دون أي مساس بالمبادئ أو المساومة فيها.
وأمام المجازر الرهيبة التي نشهدها، والوضع الخطير الذي ينتج عن ذلك نرى أن الوقت قد حان لتتوضح المواقف وتتبلور الأمور بالنسبة لهذه القضية الأليمة، إذ لا يمكن أن نبقى مكتوفي الأيدي في الوقت الذي تزهق فيه أرواح عربية بأسلحة وأيد عربية أمام عدو يتربص بالجميع.
إن إخواننا الفلسطينيين يستغيثون بنا في هذه الآونة وهم يسقطون تحت الرصاص والقنابل، ويطلبون النجدة من كل ضمير حي ومن كل من بيده أي شيء. فلربما أصبح اليوم من غير المعقول أن يسخر ما كان مفروضا من الدعم والمساعدات العربية التي خصصت للصمود ومواجهة العدوان لخدمة مخططات هذا العدو الرامية إلى سحق الشعب الفلسطيني.
إننا كلنا ثقة وأمل في أن تضعوا ثقلكم من أجل حقن الدم العربي، وجعل حد لهذه المأساة المخلة بشرف الأمة العربية، على أن تعبأ كل الجهود والطاقات ضد العدو المحتل والمغتصب لأراضينا ومقدساتنا.
ونحن في هذا السبيل نؤيد كل مبادرة من شأنها أن تعزز الكفاح العربي من أجل استرجاع أراضينا المحتلة، وتعزيز الثورة الفلسطينية وحماية ظهرها من كل المخاطر والمخاوف، حتى تتفرغ إلى الهدف الذي من أجله قامت، والذي أصبح رمزا لكرامتنا ورباطا جديدا يجمع بيننا ويؤلف بين قلوبنا.
<1>