رسالة السيد الباهي الأدغم، رئيس اللجنة العربية للمتابعة، إلى الملوك والرؤساء العرب حول مهمته
المصدر: ” الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1971، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 7، ط 1، ص 46- 48 “
رسالة السيد الباهي الأدغم، رئيس اللجنة العربية
العليا للمتابعة، إلى الملوك والرؤساء العرب حول مهمته
وتطور الأوضاع في الأردن.
9 / 1 / 1971 |
| ( العمل، تونس، 19 / 1 / 1971) |
يشرفني أن أرفع إلى سيادتكم ما يلي:
كان في حسباني أن أقدم إلى أصحاب الجلالة والفخامة الملوك والرؤساء الموقعين على اتفاقية القاهرة تقريرا ضافيا عن المهمة التي عهدوا بها إلي منذ 28 أيلول ( سبتمبر) 1970، إلا أن تدهور الأوضاع في الأردن في الأيام القليلة الماضية اضطرني إلى الاقتصار على أن أبلغكم ما حصل من تطورات في الفترة الأخيرة من إقامتي بعمان أي من 8 كانون الأول ( ديسمبر ) 1970 إلى 8 كانون الثاني ( يناير ) 1971.
وكان من المفروض أن تستأنف اللجنة العربية أعمالها في منتصف شهر كانون الأول ( ديسمبر ) الماضي لتسجيل المرحلة النهائية من تطبيق اتفاقيتي عمان والقاهرة، لكنني تعجلت موعد اجتماع اللجنة تفاديا لتفاقم الحوادث التي جرت في كل من عمان وجرش أثناء غيابي عن الأردن. واستجابة للرغبة الملحة التي عبرعنها سيادة الرئيس أنور السادات، رئيس الجمهورية العربية المتحدة، والسيد ياسر عرفات، رئيس اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وفور وصولي إلى عمان، أجريت اتصالات متعددة مع كل من سمو الأمير الحسن، ولي عهد المملكة الأردنية الهاشمية ونائب جلالة الملك حسين، والسيد وصفي التل، رئيس مجلس الوزراء، والسيد ياسرعرفات، رئيس اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وجل أعضاء اللجنة المركزية، كما قمت بمشاورات على نطاق متسع مع شخصيات سياسية وغيرها من مختلف الأوساط الاقتصادية والمهنية والجامعية والثقافية والنسائية والدينية والطلابية. ثم ركزت مجهوداتي على معالجة أسباب التوتر التي لا تزال قائمة في الأردن محاولا، إزالتها بصورة جذرية.
وتحقيقا لذلك عقدت اللجنة العربية العليا للمتابعة اجتماعات بتاريخ 9، 10، 12، 14 كانون الأول ( ديسمبر ) 1970 حضرها السيد وصفي التل، وشارك في اثنين منها السيد ياسرعرفات، ولقد حضر في جميع هذه الجلسات ممثلون مدنيون وعسكريون عن الحكومة الأردنية وممثلون مدنيون عن حركة المقاومة الفلسطينية، واستغرقت هذه الاجتماعات ساعات طويلة عولجت أثناءها المشاكل القائمة كما حددها الطرفان، واتخذت في شأنها قرارات كفيلة بحسمها، ثم انقطع الاتصال بيني وبين المسؤولين بسبب انصرافهم إلى مسؤولياتهم أو تغيبهم عن أرض الأردن مما تسبب في التهاون بتطبيق القرارات المتخذة وحدوث تصرفات كانت جزئية في ذاتها إلا أنها تنم عن انبعاث ظاهرة خطيرة من عدم التقيد بالاتفاقيات والاقدام على خرقها.
وتقديرا مني لخطورة الوضع دعوت اللجنة إلى الاجتماع بمجرد تواجد المسؤولين في عمان، وقدمت إليهم المذكرة ” التي تجدون نسخة منها صحبة هذه الرسالة” والتي تحتوى على 15 نقطة، وقد جاءت المذكرة بتحليل مركز على الواقع المشهود لمعطيات الوضع العام في الأردن وما ينطوي عليه من سلبيات. وبما أن عدم ضمان تحقيق القرارات يعود إلى أن اللجنة لا تملك وسيلة لفرضها على الجهة التي تمتنع أو تماطل في تنفيذها فقد التجأت إلى تقديم توصيات ملحة لوضع الجميع أمام مسؤولياتهم التاريخية مذكرا إياهم بأن الاحتمالات الخطيرة التي يواجهها العالم العربي في هذا الظرف تحتم اتباع خط مستقيم واضح لا التواء فيه وجاء في هذه التوصيات:
1 – التنفيذ الكلي للقرارات التي اتخذت في 9، 10، 14 كانون الأول ( ديسمبر ) 1970 وذلك في ظرف ثلاثة أيام ابتداء من تاريخ تسلم المذكرة وإعلام رئيس اللجنة كتابيا بإنجاز ذلك.
2 – الكف عن تعرض القوات المسلحة الأردنية للتواجد الفدائي في مواقعه أو محاولة مضايقته.
3 – الكف عن تعرض القوات الفدائية لتحركات القوات المسلحة الأردنية مهما كان السبب.
4 – في صورة نشوب خلاف، لا يجوز بأي حال أي تحرك عسكري أو فدائي، وتحمل اللجنة العربية مسؤولية الخرق للمبادئ.
<1>
رسالة السيد الباهي الأدغم، رئيس اللجنة العربية العليا للمتابعة، إلى الملوك والرؤساء العرب حول مهمته
المصدر: ” الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1971، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 7، ط 1، ص 46- 48 “
5 – تقديم رسالة من الحكومة الأردنية ومن اللجنة المركزية إلى اللجنة العربية للإعلام بالفراغ من عملية تجميع أسلحة المقاومة الشعبية والميليشيا، والالتزام بإطلاع اللجنة العربية على مراكز هذا التجميع.
ثم انعقد اجتماع آخر للجنة العربية العليا في 12 / 1 / 1971 تلقيت أثناءه ردي الحكومة الأردنية واللجنة المركزية.
وبالإضافة إلى تباين ملموس في وجهات النظر فيما يتعلق بمواجهة المشاكل، فقد أبلغني رئيس الحكومة الأردنية أنه يشاطر رأيي في تقييم الوضع بالأردن حسب ما جاء في مذكرتي، وقد تعجبت من إثارة ممثل الحكومة الأردنية موضوعا يتعلق بصلاحيات اللجنة ومدى حقها في اقتراح الحلول التي تقدمت بها في المذكرة، والتي تعتبرها الحكومة الأردنية متنافية مع أنظمتها الدستورية، فما بقي لي بعد ذلك إلا أن سجلت أمام الطرفين تمسكي بالبند التاسع من اتفاقية القاهرة الملزم للطرفين بتنفيذ قرارات اللجنة. وجوابا عن سؤال ألقيته بخصوص ما يجب تسجيله في النهاية من مواقف الجانبين، صرح ممثل اللجنة المركزية بالتزام منظمته بتنفيذ كل ما عليها تنفيذه، بصرف النظر عن موقف الحكومة الأردنية، كما صرح ممثل الحكومة الأردنية أن القرارات المتخذة تتعلق بقضايا زمنية مرتبطة بعضها ببعض ولا يمكن تنفيذها إلا بعد التأكد من أن اللجنة المركزية قامت بتنفيذ جميع القرارات المطلوب منها تنفيذها.
وعقدت اجتماعا آخر للجنة في 15 / 1 / 1971 اقترحت أثناءه على الحكومة الأردنية جدولا زمنيا لتنفيذ ما عليها من قرارات تتعلق بإزالة التدابير الاستثنائية وبعض المظاهر العسكرية التي تثير المخاوف في أوساط المقاومة ولا تساعد على تجميع الأسلحة المتبقية بأيدي بعض عناصر الميليشيا، فلم نحصل على تعهد صريح بذلك. وعلى الرغم من هذا الوضع أبلغتني الحكومة الأردنية جملة من التأكيدات تتعلق باحترام الاتفاقيات وخاصة ما يتعلق منها بالإيقافات والتفتيشات وحرية العمل الفدائي وإطلاق سراح العناصر الفدائية التي اعتقلت في المدة الأخيرة وذلك في ظرف 48 ساعة. كما أكد لي رئيس الحكومة الأردنية أنه مستعد لإجراء الاتصالات اللازمة مع اللجنة المركزية لحسم الخلافات التي قد تحدث وتطويقها، لكن بدون أن تكتسي هذه الاتصالات صبغة المشاورات العلنية التي كنت اقترحتها في مذكرتي، حرصا مني على أن يعلم الخاص والعام في الأردن أن العلاقات بين الحكومة واللجنة المركزية سائرة في سبيل التحسن والصفاء، كما يزيل المخاوف، ويقضي على الشائعات، ويقطع في وجه المتنطعين والمفسدين مهما كانت الجهة التي ينتمون إليها. فصرحت إليهم عند ذلك أني اعتبر مهمتي قد انتهت، وأنه لم يبق لي إلا إبلاغ الملوك والرؤساء ما توصلنا إليه من نتائج، مع الإشارة إلى العقبات التي تعذر على اللجنة تجاوزها في الوقت الحاضر بمحض الوسائل التي تملكها.
وإني بعد تجربة دامت ثلاثة أشهر ومحاولات متنوعة متكررة، وصلت إلى الاقتناع بأنه لا سبيل للخروج من هذه الأزمة سوى التنفيذ العاجل لما اقترحته في مذكرتي. وإنه يرجع إلى أصحاب الجلالة والفخامة سديد النظر فيما يقتضيه الحال من معالجة، على أساس مجهود مشترك يقوم على طرق عملية وأساليب غير التي اتبعت إلى حد الآن، لأن تعقد الأوضاع في الأردن وتشعب المشاكل يفوقان طاقة الفرد مهما كان نفوذه الأدبي والدعم المعنوي الذي توليه إياه الدول العربية.
وما التطور السريع الذي حصل منذ يومين في الأردن إلا دليل على ضرورة التدخل العاجل من أقرب السبل وأجداها حتى يتحقق ما نشدناه في اتفاقية القاهرة من حقن للدماء العربية، وسلامة الأمة العربية، وصونها، وتثبيت للاستقرار في الأردن الشقيق، وتأمين للعمل الفدائي الشريف.
<2>