رسالة الملك حسين إلى الزعيم محمد داود بشأن تكليفه تشكيل حكومة عسكرية مؤقتة

رسالة الملك حسين إلى الزعيم محمد داود بشأن تكليفه تشكيل حكومة عسكرية مؤقتة
المصدر: ” الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت مج 6، ص 763 – 764 “

رسالة الملك حسين إلى الزعيم محمد داود بشأن تكليفه
تشكيل حكومة عسكرية موقتة.

عمان، 15 / 9 / 1970

 

( النهار، بيروت، 17 / 9 / 1970 )

          عزيزنا الأخ الزعيم محمد داود.
          تحية وبعد،
          فقد اتضح الآن بما لا يدع مجالا للشك أن كل القوى المعادية لأمتنا وأهدافها وشعبنا وتطلعاته وأمانيه ومصيره قطعت شوطا بعيدا في تحقيق الغايات والمرامي الآتية:

          أولا: تدمير حيثيات الدولة ومقوماتها وتشويه صورتها وسمعتها عربيا ودوليا وإبطال فاعليتها وقدراتها وطاقاتها.
                ثانيا: نسف الوحدة الوطنية لشعبنا الواحد.
               ثالثا: زعزعة القوات المسلحة وهى درع الشعب وأمله في كل أرضنا الحرة والمحتلة وزحزحتها عن مواقعها على خط المواجهة، والقضاء على روحها العسكرية ونضالها، والتأثير على نفسيات جندنا وضباطنا وقادتنا حتى القيادة العليا، وعلى كل عناصر الثقة التي تجمع الجميع، وخلق حالة يأس وقلق واضطراب نفسي في جميع المستويات العسكرية.
          رابعا: نقل انعكاسات هذا الواقع الى أرضنا المحتلة لبث اليأس والانهيار في صفوف أهلنا هناك ليكونوا تحت رحمة الاقدار فيعود يأسهم منا جميعا هنا وفي العالم العربي.
          خامسا: نسف جسور الوحدة العسكرية بين قواتنا المسلحة وبين القوات العربية المتواجدة على ارضنا خاصة القوات العراقية الشقيقة ونسف روح الاخوة والثقة التي عمقتها الدماء الزكية الطاهرة والتي سالت على ارضنا من قبل جيش عربي واحد في حزيران ( يونيو ) 1967 وما تزال.
          سادسا: تحويل طاقات المقاومة عن غاياتها القومية الوطنية السامية الى حيث يؤدي ذلك الى نسف كل الجسور بينها وبين الشعب الذي ننتمي إليه، وبين القوات المسلحة درع الشعب ودرع كل مقاومة شريفة شريكة كفاحها ضد الاحتلال والعدوان وسندها القوي على طريق التحرير.
          سابعا: العمل على عزل الجمهورية العربية المتحدة عن الاردن خاصة وعن دول المواجهة للمشرق العربي. عامة وحملها على سلوك طريق الانفراد لحل مشاكلها الذاتية وحدها، وهو ما كان في امكانها تحقيقه منذ أمد بعيد. لكن الجمهورية العربية المتحدة، كانت دوما تنطلق من منطلق العروبة الصادق والايمان بوحدة المصير والحرص على اداء دورها الكامل من اجل تحرير كل الارض العربية المحتلة وانقاذ حق الشعب العربي الفلسطيني فيها كاملا غير منقوص وهو ما قررته قرارات الامم المتحدة وشرائع الحق والعدل في هذا العالم. واذا تحقق هدف الاعداء هذا لأدى الى فقدان الاردن ودول المواجهة في المشرق العربي طاقات الجمهورية العربية المتحدة وقدراتها الضخمة العسكرية والسياسية و الدولية وثقلها مما يؤدي الى ابعاد فرص الوصول الى انتزاع الحق وانقاذ الارض وبالتالي يعطي العدو زمام المبادرة والسيطرة في المعركة كلها والصراع برمته.
          ثامنا: ساهم في هذا التدهور القائم على ساحتنا وبلوغه اقصى درجات الخطر التناقضات التي انتقلت من حولنا إلى واقعنا الوطني وتقوقع بعض أجهزة الحكم وتخاذلها عن مواجهة الاحداث والتحديات بأمانة ووعي وشجاعة، وسياسات التصفية والانانية، والمزايدات وسحب الضلال التي غطت الاجواء وحجبت الرؤية الواضحة عن عيون كثيرة.
          تاسعا: حصيلة ذلك كله ان المحظور قد وقع وباتت الدولة على أبواب احتمالات جدية للقضاء عليها بعمل عسكري معاد تدل الأيام الاخيرة ان التهيؤ له قائم بشكل ينذر بخطر دائم.

<1>

رسالة الملك حسين إلى الزعيم محمد داود بشأن تكليفه تشكيل حكومة عسكرية مؤقتة
المصدر: ” الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 6 ، ص 763 – 764 “

          إننا لم نترك في مواجهة هذا الوضع المتردي سبيلا إلا سلكناه ونحن الذين كنا نفاخر الدنيا بان قطرة دم واحدة لم ترق على أرضنا حتى حزيران ( يونيو ) 1967 لاي سبب داخلي برغم كل الارتجاجات الداخلية والعربية. وكان سبيلنا دائما آنذاك وطول حياتنا مقابلة الاساءة بالاحسان ومحاولة الاخذ بكل الفرص للم الشعب وبناء القوة التي لا نجاة الا بتحقيقها على اسلم الاسس. فالسياسة وليدة القوة والقوة سبيل السياسة الى بلوغ الاهداف. وقد دخلت مع نفسي في بحث عميق طويل وساءلت نفسي هل ان زوال هذا الكيان باشخاصه وقادته وقواه وبقية معطياته يخدم القضية المصيرية والوطنية أو القومية من قريب أو بعيد.

          ولقد وصلت بكل قناعة الى ان النقيض هو الصحيح وان لا مجال الا الصمود واعادة الدولة الى مكانتها قمة في الثبات والرجولة واسطورة كفاح ونضال لشعب يستحق الحياة أمين على آمال الاجيال واهدافها في الحرية والوحدة وحياة افضل وفي بذل المستحيل لانقاذ الحق والارض.

          ومن اجل ذلك كله، من اجل المواطن وامنه والحفاظ على روحه وممتلكاته، من اجل طمأنينة الاطفال وسلامتهم، من اجل لقمة العيش التي يحتاج اليها كل انسان، من اجل كرامة الجندي وصون شرفه، من اجل صون الدستور والنظام والقانون، من أجل صون طاقات وقدرات الفدائي الشريف وتمكينه من اداء واجبه، فاني اسند اليكم منصب رئاسة الوزراء وأكلفكم تشكيل حكومة عسكرية موقتة تعمل فورا على تعطيل المخطط المعادي واعادة الامور الى ما ينبغي ان تكون عليه ووضعها في نصابها الصحيح وحفظ الامن واعادة النظام وفرض سلطة الدولة وحمايتها على رعاياها، وصون المقاومة من المخطط المعادي وتحقيق التعاون الايجابي الفعال معها.

          اننا نطلب اليكم معالجة الموقف بما يتطلبه من جهد وحزم وثبات لاعادة الامن والنظام والاستقرار وتنفيذ مقررات اللجنة الرباعية المؤرخة 10 تموز ( يوليو ) 1970 المعقودة بين اللجنة المركزية لحركة المقاومة الفلسطينية والحكومة وما تبعها من اتفاقات بين الحكومة واللجنة الخماسية واللجنة المركزية بما فيه اتفاق 15 ايلول ( سبتمبر ) 1970 والحفاظ على كل ما ينظم علاقات الدولة مع المقاومة وفي الطليعة منظمة التحرير الفلسطينية وجيش التحرير الفلسطيني النظامي المنظم، وتحقيق الخطوات الكفيلة بتمكين المقاومة من اداء دورها المقدس على أكمل وجه مدعومة منا ومن جميع اجهزة الدولة وكل الطاقات القائمة. والله نسأل ان يوفق الجميع الى ما فيه الخير والكرامة.


<2>

Scroll to Top