رسالة حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” إلى مؤتمر العلماء المسلمين
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1968، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 4، ص 746 – 748”
رسالة حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” إلى مؤتمر العلماء المسلمين (1).
28 / 9 / 1968 |
| (الثـورة الفلسطينيـة، العـدد الثالث عشـر، |
بسم الله الرحمن الرحيم
حركة التحرير الوطني الفلسطيني
“فـتـح”
السادة أصحاب الفضيلة والسماحة علماء المسلمين المحترمين،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
يسر حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”، وقواتها العاصفة، أن تحيي مؤتمركم العتيد المنعقد فوق أرض الكنانة الطيبة، ونسأل الله ان يأخذ بأيديكم إلى ما فيه خير شعوبنا العربية والإسلامية، هذه الشعوب التي ترنو الى اجتماعكم بأمل كبير في توفيق الله لكم في بحث قضاياها المصيرية، دينية ودنيوية، بما يكفل لها وضوح المسيرة في ظل عزة الإسلام وقوة المسلمين.
السادة العلماء،
من أرض فلسطين المحتلة، ومن رحاب المسجد الأقصى والصخرة المشرفة يكتب لكم اليوم مقاتلو حركة “فتح”، وقد حملوا السلاح معلنين الجهاد دفاعا عن الأرض المقدسة التي دنسها الصهاينة باحتلالهم.
وليس غريبا، أيها السادة الاجلاء، أن يحمل أبناء فلسطين السلاح ليدافعوا عن ديارهم ومقدساتهم، فالعدو الصهيوني المحتل يعيث في الأرض فسادا غير عابئ بالحرمة، ولا مرتدع بقانون، ينشر الفساد في طول البلاد وعرضها، ويحرض على الفسق والفجور، محاولا افساد عقيدة شبابنا، وزرع الانحلال بين أبنائنا، وقتل روح رجالنا المعنوية. ولم تقف الأمور عند هذا الحد بل تجاوزته لكتب الدين والتاريخ، فعملوا على الغاء دراسة التربية الدينية وحرفوا آيات الله وطمسوها. كما امتدت أيديهم إلى مساجد الله، فعملوا فيها تخريبا وهدما حتى باتت مقدسات المسلمين، والمسجد الأقصى بالذات، أرضا يلتقي عليها المراهقون من أبناء العدو الصهيوني ليمارسوا فوقها أبشع صور الانحلال الخلقي امعانا في تحدي مشاعر المسلمين، ومن أراد أن يثور لدينه وكرامته أوسعه جنود الاحتلال بالضرب المهين وبالسجن والتعذيب.
السادة العلماء،
هذه صورة محزنة مؤلمة لحال اخوانكم العرب والمسلمين في الأرض المقدسة، فهل يرضى علماء الإسلام ان تداس عتبات المسجد الأقصى بنعال الصهاينة؟ وهل يرضون لساحة الصخرة المشرفة أن تكون وكرا لمراهقي الصهاينة ينشرون على أرضها فجورهم وانحلالهم؟
حاشا لله أن يرضوا بذلك، وحاشا لنا، أبناء فلسطين، ان نرضى بهذا الذل والعار.
لذلك، تحملت حركتنا عبء الكفاح المسلح في مطلع عام 1965 قبل النكسة، ثم تحملت عبء المقاومة والنضال بعد النكسة، نغسل بدماء شهدائنا عار الهزيمة. لقد أعلنا الجهاد بين صفوف شعبنا، وقدمنا خيرة شبابنا شهداء على هذا الطريق، ولكننا نقولها بصراحة المؤمنين ان هناك أمورا كثيرة نرى ان من واجب مؤتمركم أن يقول فيها الرأي الفصل، رأي فيه نور العقيدة مع حكمة واجتهاد علماء الإسلام.
أولا – لقد مر على كفاح شعبنا، بقيادة حركته الرائدة “فتح”، أكثر من ثلاثة أعوام، ومع ذلك لم تتحرك الشعوب الإسلامية لمد كفاحنا وجهادنا بالمال والسلاح في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى السلاح لشعبنا الأعزل، وللمال لتأمين عائلات شهدائنا وأسرانا.
1 – افتتح هذا المؤتمر في القاهرة بتاريخ الثامن والعشرين من أيلول (سبتمبر).
رسالة حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” إلى مؤتمر العلماء المسلمين
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1968، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 4، ص 746 – 748”
ومن هنا نتساءل هل نطمع من مؤتمركم الكريم بفتوى تصدرونها حول موضوع الزكاة وأحقية المجاهدين من أبناء فلسطين؟
ان فتوى كهذه لن تكون قيمته مادية فحسب، بل ستكون رمزا للمشاركة الإيجابية من مسلمي العالم في تحرير الأرض المقدسة.
ثانيا – اعتبار قضية فلسطين قضية كل المسلمين في العالم، وتحريرها واجب على كل مسلم، مما يستدعي تعبئة جهود الشعوب الإسلامية للإسهام في المعركة المصيرية التي تخوضها الأمة العربية ضد العدو الصهيوني المحتل.
وعليه، لا يجوز لأية دولة إسلامية أن تقيم أية علاقة مع العدو، سواء كانت سياسية أو تجارية أو ثقافية أو رياضية، وكل خروج على هذه القاعدة يعتبر انحرافا عن الإسلام وخيانة للمسلمين.
وأملنا أن يرتفع صوت العلماء عاليا في رأي الإسلام في كل من يتعاون مع العدو، أو من يمد العدو بأسباب الدمار والهلاك لشعبنا.
ثالثا – ان كفاحنا المسلح لا يقف عند حد إزالة آثار العدوان الصهيوني لأننا ثرنا ضد العدوان كله من أجل تحرير فلسطين بكاملها، وكم يكون مناسبا أن يصدر علماء المسلمين قرارا بهذا المعنى يعلنون فيه الجهاد إلى أن تتحرر ديارنا كلها، مع تحديد رأي الإسلام في كل من يحاول منع أبناء فلسطين أو تقييد خطواتهم في حقهم المشروع المتمثل بالكفاح المسلح والثورة حتى النصر بإذن الله.
رابعا – ان ثوار فلسطين ينتظرون رأيا من علماء المسلمين حول كفاحهم فوق أرضهم حتى يكون لهم زادا في حربهم مع العدو، كما ينتظرون كلمة في الاحتلال الصهيوني الرابض فوق أرضهم بفساده وانحلاله وبطشه واستعماره وعبثه بالمقدسات الإسلامية والمسيحية على السواء.
السادة العلماء،
لعلنا نكون قد تجاوزنا بعض الحدود في حديثنا اليكم، ولكن عذرنا لديكم أننا ثوار مجاهدون نتحدث بقلوب مفتوحة إلى رجال هذه الأمة، ممن حملوا أمانة العقيدة وأناط بهم الله مسؤولية اعزاز دينه وخدمة عباده.
وأملنا ان يتسع وقتكم لدراسة مذكرتنا، واتخاذ ما يلزم بشأنها من فتوى أو قرار أو توصية. وعهدنا لله ولكم ألا نلقي السلاح حتى النصر أو الشهادة، والله على ما نقول وكيل.