رسالة مطارنة الطوائف المسيحية في الأردن إلى البابا بولس السادس طلبا لتدخله للحفاظ على عروبة مدينة القدس

رسالة مطارنة الطوائف المسيحية في الأردن إلى البابا بولس السادس طلبا لتدخله للحفاظ على عروبة القدس
المصدر: ” الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1971، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 7، ط 1، ص 185 – 186 “

رسالة مطارنة الطوائف المسيحية في الأردن إلى البابا
بولس السادس طلبا لتدخله للحفاظ على عروبة مدينة
القدس. (1)

عمان، 1 / 3 / 1971

 

( الدستور، عمان، 9 / 3 / 1971 )

          يا صاحب القداسة، قد نقصر في واجبنا الأكيد الذي يفرضه علينا ضميرنا، ونهمل مسؤوليات راعوية مقدسة، اذا لم نتوجه في هذه الظروف بالذات بالنداء الحار الى قداستكم راجين توسطكم الفعال باسم العالم المسيحي لانقاذ القدس والمحافظة على طابعها المقدس الشامل التقليدي في ضمها للاردن قبل فوات الفرصة وما دام الوقت يساعدك على ذلك.

          لا شك أن قداستكم مطلعون على ما يجري حول هذه المدينة المقدسة، اذ ان السلطات الاسرائيلية بعد ان اقدمت على ضم القدس واراضيها بقرار وقوانين اتخذت من جانب واحد وبرأي منفرد، تسعى الان لتغيير معالم المدينة وطابعها الخاص تغييرا جذريا. وفي سبيل ذلك اقرت هذه السلطات مشروع تنظيم جديد تصبح بموجبه القدس مدينة يهودية، وتنفيذا لهذا الهدف استملكت الوف الدونمات من الاراضي العربية في التلال المحيطة بالمدينة، وابتدأت بحركة بناء محمومة تكون – حزاما يهوديا – يشد ويخنق المركز القديم من المدينة والاماكن المقدسة. وهكذا لن تجد امامها الوف الاسر المسيحية والاسلامية المحاصرة ضمن هذا الحزام الا ان تموت ببطء في مساكنها أو تنزح عنها، فتصبح هذه الاماكن المقدسة، بدون الوجود المسيحي بجانبها، متاحف لا حياة روحية فيها.

          واسرائيل تتبنى هذه المشاريع حسب مخطط مركز ومبيت، رغم ان القوانين الدولية تمنع ذلك، ورغم احتجاجات الامم المتحدة المتكررة ومعارضة دول العالم. وهكذا تسعى اسرائيل لتحقيق حلم الصهيونية بدافع التعصب الديني في الشعب وزعمائه، بحيث تجعل المدينة المقدسة المركز الرئيسي لتجمع اليهود وحدهم دون سواهم، وعاصمة الدولة المزعومة.

          فما عساه ان يكون وضع المدينة المقدسة في هذا التطور الصهيوني، وكيف تستطيع أن تتجاوب مع غايتها الاساسية كمدينة شاملة ومقدسة للديانات الموحدة. بل كيف يمكن تأمين الاتصال الحر للمسيحيين والمسلمين في هذه المدينة لما يلزمهم أن يمروا أولا من الحزام اليهودي المضروب حول المدينة حيث يتعرضون الى مراقبة لا تخلو من التمييز العنصري.

          هل يمكن ان نسكت امام هذا الظلم الصارخ والتعدي البغيض من قبل السلطات المحتلة، وبما ان القدس في وضع احتلال شامل في الوقت الحاضر من قبل السلطات الاسرائيلية فنحن نشعر بأننا ملزمون أمام الله والتاريخ، وامام ضميرنا، ان نرفع صوت المسيح، صوت العدل، صوت الحق.

          يا صاحب القداسة، ان كلمتكم ستنيرنا في هذا الوقت الخطير، فنحن ننتظر منكم اتخاذ موقف يبعث الاطمئنان في نفوسنا. أن المسيحيين الذين يعيشون بعيدا عن هذه الديار المقدسة، لا يقدرون حقا التقدير اللازم ما يحل في المدينة المقدسة التي بكى عليها المسيح وكانت مسرحا لعمل سر الفداء. وان كلمة قداستكم ستنيرهم جميعا.

          وان القدس كذلك، كما لا يخفى على أحد هي مدينة السلام، ولن يستقر السلام الدائم في هذه المنطفة ان لم يؤمن حل عادل للمدينة المقدسة، وان مفتاح السلام هو هنا في المدينة المقدسة. وان كل من يهمه فعلا الاستقرار واحلال السلام الدائم في الشرق الاوسط لا بد وان يقاوم بكل قواه جميع المحاولات التي تسعى لاحتكار المدينة المقدسة من قبل ديانة أو عنصر مفرد، وعليه ان يبذل كل جهد للدفاع عن القدس وعن طابعها الشامل وحرمتها المقدسة لدى جميع البشر.


(1) أرسلت نسخ من هذه الرسالة إلى البطريرك المسكوني اثيناغوراس في استنبول، وإلى المطران أوجين لبليك، أمين سر مجمع الكنائس في جنيف، وإلى المطران الدكتور رمزي رئيس اساقفة كنتربري.


<1>

Scroll to Top