رسالة وفد الهيئة العربية بنيويورك إلى رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة رداً على افتراءات أبا إيبان

رسالة وفد الهيئة العربية بنيويورك إلى رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة ردا على افتراءات أبا ايبان
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1966، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 2، ص 433 – 436”

رسالة وفد الهيئة العربية بنيويورك الى
رئيس الجمعية العامة للامم المتحدة ردا على
افتراءات أبا ايبان

نيويورك 7 – 10 – 66
(فلسطين – نشرة الهيئة العربية العليا
لفلسطين – العدد 68 – تشرين الثاني 66)

         “يا صاحب السعادة

         نظرا لان وفد ما يسمى “اسرائيل” يحتل بصورة غير مشروعة مقعدنا في الامم المتحدة فاننا نقدم الى سعادتكم طية ردنا على البيان الذي القاه في الجمعية العمومية بتاريخ 4 تشرين الاول 1966 المستر ابا ايبان، وهو مواطن من اتحاد جنوب أفريقيا، وهو المسمى “بوزير خارجية” النظام الصهيوني العنصري غير المشروع في فلسطين المحتلة.

         واننا نرجو ان تتفضلوا بتوزيع ردنا هذا على الدول الاعضاء في الامم المتحدة.

         وتفضلوا بقبول خالص الاحترام
         عيسى نخله                عمر العزوني
         الممثلان الدائمان للوفد العربي الفلسطيني

نص المذكرة

         “ان أي مندوب لا يعرف تاريخ قضية فلسطين قد يخدع ببيانات “ابا ايبان” وقد يتأثر بالصيغة الزاهدة والماكرة التي اتسمت بها، وانه لمن  دواعي الارتياح ان الاكثرية الساحقة من أعضاء الامم المتحدة، يعرفون من هو “ابا ايبان” وما هو النظام الذي يمثله. واننا نشعر بأنه من واجبنا، كممثلين لمليونين ونصف مليون من عرب فلسطين النصارى والمسلمين، الذين كانوا ضحايا العدوان الاجرامي الذي اقترفه “ابا ايبان” وزملاؤه، ان نسجل ردنا التالي على البيانات المخادعة التي القاها “ابا ايبان” أمام الجمعية العمومية.

مجرمو الحرب يتحدثون عن السلام

         قال ابا ايبان “ان الحذر السلمي يوحي لاكثر الدول بالاتجاه نحو استعمال القوة لتغيير الانظمة السياسية والاقليمية المستقلة.”

         ان مثل هذا الكلام يجوز قوله من جانب أي عضو في الامم المتحدة يمثل دولة شرعية، لان ميثاق الامم المتحدة يحظر استعمال القوة في المنازعات الاقليمية. ولكنه من الكفر ان يعلن “أبا ايبان” مثل هذا الكلام، وهو عضو في عصابة صهيونية دولية سرقت فلسطين من أصحابها الشرعيين، واعتدت على سلامة فلسطين واخرجت بالقوة أكثر من مليون من سكانها الشرعيين المسلمين والمسيحيين، واحتلت عن طريق القوة والمذابح ثمانين بالمائة من البلاد، واعلنت فيها نظاما صهيونيا استعماريا غير مشروع، ان المستر “ايبان” يريد بدون

رسالة وفد الهيئة العربية بنيويورك إلى رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة ردا على افتراءات أبا ايبان
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1966، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 2، ص 433 – 436”

خجل وبالصفاقة الصهيونية المعروفة، ان ينسى العالم بانه وزملاؤه من أعضاء المنظمة الصهيونية العالمية ارتكبوا جرائم الحرب وجرائم بشعة ضد الانسانية بما اقترفوه من العدوان وارتكبوه من الاجرام ضد فلسطين وشعبها.

فلسطين دولة مستقلة

         ان فلسطين اعترفت بها سنة 1919 جميع الدول التي اجتمعت في باريس لعقد مؤتمر الصلح في فرساي كدولة مستقلة على ان تقدم لها المشورة والمساعدات من قبل دولة منتدبة الى الوقت الذي يستطيع فيه شعبها الوقوف على قدميه. أما وفقا للقانون الدولي فقد تم الاعتراف بفلسطين كدولة، لها اقليمها وحدود مرسومة وشعب جعل تطويره وخيره “أمانة مقدسة في عنق المدنية”.

         ولكن على الرغم من هذه الحقائق فان العصابة الصهيونية الدولية تآمرت على تغيير”النظام السياسي والاقليمي المستقل لفلسطين” بالقوة، والعنف والمذابح. فان الاقلية الصهيونية التي استوردت للاقامة في فلسطين، لجأت الى القوة والارهاب عام 1948 لتغيير النظام السياسي والاقليمي المستقل لفلسطين ولحرمان سكانها الشرعيين من حقهم في تقرير المصير.

         وفي الحين الذي يقول “أبا أيبان” بأن  الاسرة الدولية “تعارض استعمال القوة لتغيير الاوضاع الدولية المعترف بها والقائمه بصورة مشروعة، فانه يتمسك بدون أي منطق،  بالعدوان الذي وقع على فلسطين وشعبها وبالاحتلال غير المشروع لفلسطين. ان أبا ايبان غادر موطنه الاصلي في اتحاد جنوب أفريقيا، وهاجر الى فلسطين بصورة غير مشروعة وساهم في المؤامرة الصهيونية المحزنة. وعلى الرغم من ذلك فانه لا يخجل ان يتدثر بثوب “وزير للشؤون الخارجية” لنظام الاحتلال الصهيوني القزم لفلسطين. فهل يعتقد أبا ايبان ان ميثاق الامم المتحدة ومبادئ القانون الدولي لم تكن منطبقة على فلسطين سنة 1948؟ او هل يعتقد ان للعصابة الصهيونية العالمية حصانة ضد نصوص ميثاق الامم المتحدة ومبادئ القانون الدولي؟ ان أبا ايبان حاول ان يوجد اقتناعا بان قضية فلسطين قد تم حلها عام 1948 وان اتفاقيات الهدنة تضع حدا لهذه القضية. وقال ان على الدول العربية ان تعتبر بان النزاع المسلح بينها وبين النظام الصهيوني غير المشروع في فلسطين المحتلة قد صفي بشكل نهائي. انه لم يكن لا للشعب العربي الفلسطيني ولا للدول العربية وشعوبها، في أي يوم من الايام، أدنى نية للسماح للعصابات الصهيونية الدولية بالبقاء  مستولية على وطن عربي ومتمتعة بسلب بيوت العرب وممتلكاتهم. ان الدول العربية وشعوبها مصممة على تحرير فلسطين من الاغتصاب والاستعمار الصهيوني.

         ان أبا ايبان ردد مرارا المزاعم الصهيونية الباطلة بأن للنظام الصهيوني القزم غير المشروع في فلسطين المحتلة “حقا كاملا في صيانة حصانة السيادة والسلامة في وجه استعمال القوة”. هو يثير سخرية العالم عندما يدعي بان هناك سيادة وسلامة اقليميه لما يسمى (اسرائيل) فهذه الدولة المسماة (اسرائيل) ليست دولة لا في الواقع ولا في القانون، انها تتألف من أقلية يهودية دخيلة فرضها الحكم الاستعماري البريطاني على فلسطين، قامت عام 1948 بطرد أكثرية السكان الشرعيين من المسيحيين والمسلمين بالقوة والعدوان والاستيلاء على وطن عربي وبيوت وممتلكات عربية. ان احتلال العصابات الصهيونية الدولية لفلسطين لا يعطيها حقوقا في فلسطين ولا سيادة عليها. ان العصابات الصهيونية الدولية تكرر اليوم نفس الحجج التي كانت تتقدم بها الدول الاستعمارية أمام الامم المتحدة للدفاع عن استعمارها في وجه التحديات التي كانت تجابهها. ان الجمعيه العمومية لا تستطيع ان تنسى الحجج الفرنسية الواهية بان الجزائر كانت فرنسية،  انه يجب صيانة السيادة الفرنسية على الجزائر انه ليس للامم المتحدة أية سلطة او صلاحية للنظر في قضية الجزائر، وان مجرد وجود الجزائر اليوم كدولة مستقلة ذات سيادة في الامم    

رسالة وفد الهيئة العربية بنيويورك إلى رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة ردا على افتراءات أبا ايبان
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1966، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 2، ص 433 – 436”

المتحدة هو أحسن جواب على هذه الحجج الباطلة ان مستقبل فلسطين سيسير في نفس الطريق الذي قطعه موضوع الجزائر، وستصبح قريبا دولة مستقلة ذات سيادة وعضوا في الامم المتحدة. ان حجج المستعمرين الصهيونيين الرخيصة المخادعة التي يعلنها اليوم أبا ايبان سيكون نصيبها الرفض تماما كما رفضت الحجج الفرنسية بشأن الجزائر.

لا سلام الا على أساس الحق والعدل

         إن أبا ايبان اعلن أمام الامم المتحدة، ان العصابة الصهيونية ترغب في السلام، وقد قال هذا الكلام نفاقا ومحاولة لمخادعة الوفود التي لم تطلع على الحقائق. فقد قال: ان تسوية سليمة تنجم عن مفاوضات حرة مباشرة ، ستفتح صفحة جديدة وفصلا مجيدا في تاريخ الشرق الاوسط. فالمستر ايبان يريد من العرب ان ينسوا بلادهم، وحقوقهم الوطنية، وبيوتهم وممتلكاتهم، وان يعقدوا صلحا مع المعتدين الصهيونيين وان يعترفوا وان يقبلوا باغتصاب بلادهم واحتلالها من قبل الصهيونيين. انه لمن المؤسف حقا ان يصدق بعض اخواننا الافريقيين هذه الحجج الصهيونية المخادعة، وان يتغاضوا عن حقائق القضية الفلسطينية. ان أي شخص يطالب العرب بعقد صلح مع المغتصبين الصهيونيين، والاعتراف بالاحتلال الصهيوني لفلسطين، انما يؤيد الاستعمار والعدوان بأبشع أشكاله. واذا ما كان من الواجب اقامة السلام في فلسطين والشرق الاوسط فان مثل هذا السلام يجب ان يبنى على أساس العدل والحق. انه لمن الواجب ان يمكن المليونان ونصف المليون من عرب فلسطين من ممارسة حقوقهم في السيادة على وطنهم ووطن آبائهم وأجدادهم بالطرق السلمية. أما السكان اليهود الشرعيون في فلسطين فان لهم ان يتمتعوا بنفس الحقوق والامتيازات التي يتمتع بها المسلمون والمسيحيون، إن هذه هي الطريقة الوحيدة لسلام دائم وحقيقي في الشرق الاوسط، ان هؤلاء الذين يريدون السلام في فلسطين على أساس الامر الواقع، وليس على أساس الحق والعدل، انما يعيشون في جنة المجانين، ان العرب الفلسطينيين لن يقبلوا مطلقا بالاحتلال الصهيوني لفلسطين او بسيادة صهيونية عليها.

تأييد العرب والمسلمين والشعوب الحرة

         ان العصابة الصهيونية الدولية تعتمد على القوة وعلى تأييد الدول الغربية، التي لم تخلق العدوان الصهيوني فحسب، بل زودته، ولا تزال تزوده، بالمساعدات المالية الضخمة وبكل نوع من أنواع الاسلحة الفتاكة. ان على عرب فلسطين ان يواجهوا هذا العدوان والاحتلال الصهيوني، كما واجه معظم شعوب اسيا وأفريقيا المستعمرين الاجانب، ولا يزال بعضها يجابهونها حتى اليوم، وان العرب الفلسطينيين الذين يناضلون في سبيل تحرير بلادهم وشعبهم، يعتمدون على التأييد العظيم من قبل العالمين العربي والاسلامي وجميع الشعوب المحبة للحرية في كل مكان.

         ان أبا ايبان اقترف جرما بشعا حيث حاول بتقصد وتعمد تشويه الحقائق، وذلك عندما وصف قضية فلسطين بأنها مسألة تحركات السكان من جانب الى اخر ، بين الدول العربية و (اسرائيل) وان هذه المسألة يمكن حلها في جو من التعاون الثنائي والاقليمي والدولي”. ان هذا الوصف الصهيوني المزيف لطبيعة قضية فلسطين مثل من أمثلة الدعاية الصهيونية التي تصطنع لتضليل  الرأي العام العالمي وللتستر على حقيقة الاستعمار الصهيوني وعدوانه على فلسطين .

         ان المعتدين الصهيونيين الدخلاء اخرجوا  سكان فلسطين الشرعيين، من المسيحيين والمسلمين، بالقوة والمذابح، وقد لجأ المعتدون  الى جميع وسائل المخادعة والاقناع لاجتثاث اليهود الذين كانوا يعيشون بسلام كمواطنين في البلاد العربية، وتشويقهم بالهجرة الى فلسطين المحتلة. ان الدول العربية اعلنت باستمرار أنها مستعدة لاستقبال جميع مواطنيها من اتباع الديانة اليهودية، الذين خدعهم الصهيونيون، اذا ما طهروا نفوسهم من عقائد الصهيونية، الاجرامية. ان ادعاء أبا ايبان من فوق منصة الامم المتحدة بأن هذه المسألة هي مسألة تبادل

رسالة وفد الهيئة العربية بنيويورك إلى رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة ردا على افتراءات أبا ايبان
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1966، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 2، ص 433 – 436”

سكان”، يشكل احتقارا لذكاء رجال الوفود المحترمين.

        انه لمن السخرية ان يسمح لممثل عن العصابة الصهيونية الدولية بان ينادي بشكل كاذب ومنافق، في الامم المتحدة، بحقوق الانسان، فكيف يتجرأ على الكلام عن حقوق الانسان مجرمو الحرب ومغتصبو الأوطان والممتلكات، ومقترفو جرائم ذبح الرجال والنساء والأطفال، ومرتكبو الأعمال الاجرامية البشعة في فلسطين التي تفوق الجرائم النازية في اوروبا وهم يمارسون اليوم جميع أنواع التمييز العنصري والديني ضد المسيحيين والمسلمين الذين تخلفوا في فلسطين المحتلة؟

الاتحاد السوفياتي يهمل الاستفزاز الصهيوني

        ان أبا ايبان لم ينس ان يثير مسألة اليهود في الاتحاد السوفياتي، فقد وصف، بما عرف عنه من تقصد ولغة متناقضة مضللة، محاولات الصهيونيين لاقناع يهود الاتحاد السوفياتي بالمجئ الى فلسطين، بأنها مسعى انساني لجمع شتات العائلات! ان أبا ايبان في قوله هذا، بتستره بشكل غير شريف، على الدوافع السياسية والعسكرية الصهيونية التي تقف خلف ما يقصده دعاية مثيرة ضد الاتحاد السوفياتي، ومنها حمل هذه الدولة على فتح أبوابها ليهودها للهجرة الى فلسطين، لغرض زيادة القوات الصهيونية المسلحة والعمل في فلسطين المحتلة. فنظرا لان الصهيونيين قد فشلوا في اثارة رغبة يهود العالم للهجرة الى فلسطين، ونظرا لنضوب معين مصادر الهجرة اليهودية الى فلسطين، فان العصابة الدولية الصهيونية تقوم الان بحملة بشعة اجرامية من المزاعم الباطلة ضد الاتحاد السوفياتي لحمله على فتح أبواب بلاده لهجرة اليهود منها.

        ان الوفد العربي الفلسطيني يود ان يعرب عن امتنانه وشكره لحكومة الاتحاد السوفياتي لرفضها هذه الاحتجاجات الصهيونية واهمالها لأعمال الاثارة والاستفزاز الصهيونية.

         وفي الختام يوم الوفد العربي الفلسطيني ان يرجو الوفود المحترمة ان تتفهم بعطف حق الشعب العربي الفلسطيني في تقرير مصيره وان تؤيد هذا الحق.

        ان الوفد العربي الفلسطيني يعلن اعجابه ويؤيد النضال الشجاع الذي يقوم به أعضاء الامم المتحدة لتحرير شعب روديسيا من النظام العنصري الاستبدادي الذي اغتصب السلطة في هذه البلاد. ان أية مقارنة بين النواحي التاريخية والسياسية لمشكلة روديسيا وبين هذه النواحي لمشكلة فلسطين، يتبين ان القضيتين متشابهتان تقريبا. ان الاكثرية الشرعية من سكان روديسيا تتعرض لحكم أقلية اوروبية مستوردة وان الاكثرية الشرعية من سكان فلسطين كانت ضحية لعدوان قامت به أقلية  صهيونية اوروبية مستوردة الى فلسطين حرمت السكان الاصليين من حقهم في تقرير مصيرهم اغتصبت بيوتهم وممتلكاتهم. وهناك فرق واحد بين المسألتين، وهو ان الاكثرية الشرعية للشعب الروديسي، لا تزال مقيمة في وطنها، وفي بيوتها وأملاكها بينما طردت الاكثرية الشرعية من سكان فلسطين، العرب من وطن ابائها وأجدادها من قبل الصهيونيين المعتدين.

        وينتهز الوفد العربي الفلسطيني هذه المناسبة لمناشدة الدول الاعضاء في الامم المتحدة بحرارة ان تتفهم بعطف حقائق قضية فلسطين، وان تؤيد الشعب العربي الفلسطيني في نضاله لتحرير وطنه من الاحتلال والاستعمار الصهيوني، وان تمكنه من ممارسة حقه في تقرير مصيره واحتلال مقعده المشروع في الامم المتحدة.


 

 

 

Scroll to Top