عريضة الجمعية الإسلامية المسيحية في يافا المقدمة إلى الجنرال وطسن حول الهجرة
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 267 – 268”
عريضة الجمعية الإسلامية المسيحية في يافا
المقدمة إلى الجنرال وطسن المدير العام للبلاد حول الهجرة
والنوايا الصهيونية في فلسطين
يافـا
كنا أوضحنا للجنة الأمريكية بأن رغائب ومصالح قضاء يافا لا تمتزج مع حكومة غير الحكومة البريطانية نظرا إلى حركة صادراتنا مدة ثمانين سنة مع بريطانيا العظمى وخصوصا مصر وذلك للجوار الموجود بين بلادنا وبينها. وعليه فمهما قيل لكم ان الأهلين لهم ميول ورغائب لا توافق على وجودكم فى البلاد كوجود أحزاب ينتمون إلى حكومة غير الحكومة البريطانية فهو عار عن الصحة لا يستحق التفاتكم.
كنا أقنعنا الأهالى بأن حكومة بريطانيا العظمى هى أفضل حكومة تنظر في عمران بلادنا وترقيها وأبنا لهم وجوب حمايتها للبلاد فطلب منا بل أكد علينا ببذل جهدنا لدى الحكومة لتوقيف مهاجرة الصهيونيين إلى فلسطين ومنعها ولما كنا قد وعدناهم بالدفاع عن حقوق وطننا نعرض الآن ما يأتى:
أخذ الصهيونيون ممن لا تعرف هويتهم وأميالهم يهاجرون إلى فلسطين من جميع أقطار العالم زرافات زرافات لا يلوون على شىء الا الوصول إلى فلسطين مع أننا نرى فى أكثر الجرائد الكبيرة ما ينشره الدكتور وايزمن وغيره من زعماء الصهيونيين على أن اسكان مليون مهاجر الآن في فلسطين أمر صعب لأن البلاد فقيرة لا يمكنها أن تقوم بمعايشهم اقتصاديا ونراهم يخطبون على منابر أمريكا وبريطانيا وفرنسا ويقيمون الادلة على انهم حصلوا على عطف الحلفاء ومصادقتهم ثم ننظر اليوم في بلادنا فنراهم حاصلين على تسهيلات ومساعدات كلية نأسف ونبكى لحرماننا منها.
نحن قوم طائعون محبون لمن تولى أمرنا والدليل على ذلك قبولنا دفع جميع الرسوم التى طلبت منا رغم بلايانا الدامية المفجعة كنا موقنين بأن حكومة بريطانيا العظمى ستعرض علينا أضعاف أضعاف ما تأخذه منا. طلبنا بالحاح ورجاء فتح، بنك عقارى للتسليف كما يفعل الآن البنك الصهيونى مع ذويه الذين بواسطة المال طبعا سيضعون أيديهم على مرافق البلاد وربما نحتاج اليهم لبيع أراضينا لا عن قصور منا بل لقلة ما بأيدينا بعد حرب خمس سنوات واحتمال مصائبها الهائلة العديدة.
ولا سيما أن في إمكان أوربا اسكان اليهود في أرض الله الواسعة إذا كانت تشفق عليهم وليس في بلادنا التى ارتوت تربتها بدماء أجدادنا وامتزجت بعظام آبائنا
المقطم – القاهرة – 8/ 11/ 1919.
(تابع) عريضة الجمعية الإسلامية المسيحية في يافا المقدمة إلى الجنرال وطسن حول الهجرة
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 267 – 268”
وأعجب من هذا أن فلسطين المسكينة التعسة المنكودة الحظ صارت ألعوبة بيد السياسيين تتناولها كما شاءت أهواؤهم فانهم لم يكتفوا بتصريحاتهم بوجوب اعطاء فلسطين لليهود بل جعلوا يقترحون اقتراحات تبرهن لنا على أن الشعب العربى الموجود في فلسطين اليوم لا يأتى عليه نصف قرن وهو فى عالم الوجود. اذ يقترحون فصل فلسطين عن سورية وجعلها وحدة سياسية منفصلة – ولعمرى لا ندرى ما هى الوحدة المنفصلة- تحت اشراف انجلترا فيكونون باقتراحاتهم هذه:
أولا: | قد أعطوا فلسطين لليهود. |
ثانيا: | جزأوها وسلخوها عن سورية وبانسلاخها قل عددها وكثر عدد اليهود وأصبحت لهم الأكثرية في كل شىء ونحن لسنا بقادرين عليهم مع كثرتنا وقلتهم الآن فكيف بنا اذا صارت لهم الأكثرية وهم أكثر منا مالا وأرقى علما. |
ثالثا: | يكونون قد وضعوا البلاد العربية تحت اشرافين أجنبيين بحيث تكون فرنسا الدولة المبغضة لليهود والمعاكسة للفكرة الصهيونية في سورية وانجلترا المتساهلة معهم أكثر من كل دولة في فلسطين فيالهول هذه الاقتراحات التى تقضى علينا وعلى بلادنا القضاء المبرم. وليت تلك الاقتراحات اقترحها ناس ليس لهم مركز في العالم السياسى بل هى اقتراحات لجريدة التايمس التى تعبر عن أرقى أفكار الساسة البريطانيين تقول انها أتتها من رجل أقام في الشرق بضع سنوات وليس له غرض شخصى ولا سياسى. فتأمل. |
واقتراحات المستر هربرت صموئيل من وزراء بريطانيا العظمى السابقين القائل أن اقتراحه الآتى يدعه أن يعتقد بارتياح ان العرب واليهود يعيشون معا بوئام في فلسطين اذا طبق. وما علم ان ذلك يؤدى إلى أوخم العواقب اذ قام يقترح وضع قرار يظهر لمؤتمر الصلح ضرورة تنفيذ وعد بريطانيا للصهيونيين بمقتضى عقد دولى رسمى في أقرب آن.
ثم ان وضع خليط من المهاجرين لا وطن لهم بل معظمهم من الروس والالمان (وكل صهيونى العالم يتكلمون الالمانية وهى لغتهم في اجتماعاتهم) سيكون بالطبع نقمة أبدية على هذه البلاد وبسبب التحاسد والغيظ من الهند الى بغداد فمصر فمراكش وكل امتياز يعطى للصهيونيين يحرك غيرة وحقد المصرى والبغدادى والسورى.
وفى النهاية نود أن نعرف ماذا يقصد الصهيونيون في بلاد متألمة كفلسطين وهم فئة من خمسة عشر مليونا منتشرين فى خمسة أقطار المعمور لهم تجارة رابحة وثروة طائلة ومواهب معتبرة. فان كان قصدهم الاستيلاء على فلسطين وأخذها من أهلها وفصلها عن مجاوريها وعن بريطانيا العظمى وكان ذلك باغضاء بريطانيا الحكيمة وصاحبة الرأى السديد في السياسة فانا نرفع صوتنا إلى الانسانية محتجين على تحقيق هذا القصد وصوتنا لا ينقطع حتى يخرسه الموت وحينئذ سينضم إلى أصوات أبطال بريطانيا الذين أريقت دماؤهم في ثلاثة حروب تاريخية وقعت في فلسطين ويمتزج دمنا بدمهم ويصرخان سويا. العدل. العدل. العدل.