مذكرة السيد روحي الخطيب، أمين مدينة القدس، الى الدكتور كورت فالدهايم، بشأن أوضاع المدينة في ظل الاحتلال الإسرائيلي

مذكرة السيد روحي الخطيب، أمين القدس، إلى الدكتور كورت فالدهايم، بشأن أوضاع المدينة في ظل الاحتلال
المصدر: ” الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1973، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 9، ط 1، ص 272- 274″

مذكرة السيد روحي الخطيب، أمين مدينة القدس، إلى الدكتور كورت فالدهايم، بشأن أوضاع المدينة في ظل الاحتلال الإسرائيلي.
عمان، 3/9/1973 (الدستور، عمان، 4/9/1973)

         تحية واحتراماً وبعد،
         أغتنم فرصة زيارتكم للمملكة الأردنية الهاشمية، كجزء من رحلتكم الاستطلاعية للقضية الفلسطينية والمناطق العربية المحتلة، فارفع إليكم مذكرة عن قضية القدس- قلب فلسطين والأردن والبلاد العربية- نيابة عن أهل القدس وسكانها العرب وعن مجلس أمانتها، وتتضمن الحقائق الخطيرة التالية:
         أولا – رغم قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة [ذوي الرقين]:
         أ – 2253- 67، الصادر بتاريخ 4/7/67.

         ب- 2254- 67، الصادر بتاريخ 14/7/67.

         ثانياً- ورغم قرارات مجلس الأمن ذات الأرقام:
         أ – 252- 68، الصادر بتاريخ 21/5/1968.

         ب – 267- 69، الصادر بتاريخ 3/7/1969.

         جـ – 298- 71، الصادر بتاريخ 25/9/1971.

         التي قضت، جميعها، بعدم الاعتراف بضم القدس لإسرائيل، وأعلنت اعتبار هذا الإجراء، وما قامت به إسرائيل بعدها من إجراءات إدارية وتشريعية، بما في ذلك نزع ملكية ومصادرة الأراضي والممتلكات العربية، وإجلاء. السكان العرب، وتغيير معالم المدينة، هي كلها اعتداءات وإجراءات باطلة وغير قانونية.

         ثالثاً- وعلى الرغم من تنديد مجلس الأمن والجمعية العامة بسلطات إسرائيل على اقترافها لهذه الإجراءات والمخالفات، ومطالبتهم لها، المرة تلو المرة، بإلغاء جميع ما تم منها وعدم اقتراف المزيد مما يؤدي إلى تغيير الأوضاع في المدينة المقدسة ويجحف بحقوق سكانها، على الرغم من كل ذلك، فإن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تواصل، في تحد وظلم ووقاحة، اعتداءاتها على السكان العرب المدنيين، وعلى أملاكهم، وعلى حريتهم، وعلى المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة، وتطبق تشريعاتها الإسرائيلية عليها. وأصبح استمرار احتلالها يهدد مصير البقاء العربى في المدينة المقدسة، كما يهدد مقدسات المسيحيين والمسلمين فيها، مما يدعو لاتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة لإيقافها عند حدها، وإرغامها على إلغاء ما تم من تصرفاتها، حفاظاً على هيبة الأمم المتحدة، وإثباتاً لوجودها، وحرصاً على حقوق السكان والمواطنين فيها.

         رابعاً – ومن أبرز الاعتداءات التي اقترفتها سلطات إسرائيل بحق المدينة كلها وسكانها، وكل مقدساتها، مايلي:
         1 – ضم القدس لإسرائيل، اعتباراً من 28/ 6 /1967.

         2 – حل مجلس أمانة القدس العربي المنتخب من قبل سكان المدينة، ودمج موظفيه وأملاكه في بلدية الاحتلال الإسرائيلي، اعتباراً من 29/6/1967.

         3 – إلغاء القوانين الأردنية المحلية، واستبدال التشريعات والقوانين الإسرائيلية بها، ابتداء من تاريخ الضم، أي 28 /6 /1967.

         4 – إغلاق المحاكم النظامية الأردنية، وإرغام عرب القدس على مراجعة المحاكم الإسرائيلية القائمة في المدينة.

          5 – تجميد تنفيذ أحكام المحاكم الشرعية الإسلامية في المدينة، في محاولة لحملها على تطبيق القوانين الإسرائيلية في

<1>

مذكرة السيد روحى الخطيب، أمين القدس، إلى الدكتور كورت فالدهايم، بشأن أوضاع المدينة في ظل الاحتلال
المصدر: ” الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1973، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 9، ط 1، ص 272- 274″

الأمور الشخصية، رغم منافاتها لعقائد المسلمين وتعاليمهم الدينية.

          6 – إلغاء العملة الأردنية، واستبدال العملة الإسرائيلية بها.

          7 – هدم أكثر من 800 بناء عربي داخل أسوار المدينة وخارجها.

          8 – نزع ملكية ومصادرة أكثر من 17 ألف دونم من الأراضي العربية بعد 1967، بالإضافة إلى 80 بالمئة من أراضي عرب القدس المصادرة بعد سنة 1948- الدونم يعادل ألف متر مربع.

          9 – نزع ملكية ومصادرة أكثر من 1500 بناء عربي داخل الأسوار وخارجها بعد 1967، وكان يسكنها ويعمل فيها أكثر من عشرة آلاف عربي، بالإضافة لحوالي 80 بالمئة من أملاك العرب التي تمت مصادرتها بعد 1948، وكان يقطنها ويعمل فيها أكثر من ستين ألف عربي.

          10 – إنشاء ثلاثة عشر حياً يهودياً جديداً على الأراضي وعلى انقاض الأبنية العربية المهدومة والمنزوع ملكيتها أو المصادرة تستوعب، كما أعلن وزير الإسكان اليهودي السيد زئيف شيريف، في مؤتمر صحفي له بالقدس يوم 15/2/1971، تستوعب 122 ألف مهاجر يهودي جديد، تم بناء تسعة أحياء منها وتم إسكان ستين ألف يهودي فيها، كما أعلن ذلك السيد تيدي كوليك، رئيس البلدية الإسرائيلي، المفروض على المدينة قسراً، في خطاب له في النادي الاقتصادي الإسرائيلي يوم 24/ 7 /1973. وقد روعي، في بناء هذه الأحياء، أن تأتي مطوقة لمن تبقى من عرب القدس، وحصرهم ضمن نطاق من الأبنية اليهودية الشبيهة بالقلاع.

          11 – طرد وإجلاء حوالي خمسة عشر ألف عربي آخرين، عشرة آلاف منهم طردوا في أعقاب الاحتلال وهدم بعض الأحياء سنة 1967، والخمسة آلاف الباقون تم طردهم عن طريق مصادرة مساكنهم وإجلائهم العسكري ما بين 1968 وحتى حزيران [يونيو] 1973، بالإضافة إلى الستين الفاً الذين طردتهم سنة 1948، وبالإضافة إلى مواليدهم خلال الخمسة والعشرين عاماً والذين يقدرون بحوالي أربعين ألفاً أخرى، منعتهم جميعاً من حق العودة.

          12 – الاعتداءات باستمرار، عن طريق الأجهزة الرسمية والهيئات الدينية والشعبية والأفراد اللإسرائيلين، على المقدسات الإسلامية، ومن أبرز هذه الاعتداءات ما يلي:
          أ – إحراق المسجد الأقصى المبارك في 21/8/1969.

          ب – مواصلة القيام بمظاهرات وصلوات دينية يهودية داخل الحرم القدسي، وكان آخرها المظاهرة والصلاة التي قادها أحد أعضاء البرلمان الإسرائيلي وأحد رجال الدين اليهودي يوم 7/8/1973، الغاية منها تحريض اليهود للاستيلاء على الحرم وإقامة هيكل لليهودية فيه.

          جـ – هدم مسجدين والكثير من العقارات التاريخية، والحضارية، والدينية، والمدارس الملاصقة للحرم القدسي.

          د – استمرار أعمال الحفريات الأثرية المخالفة للقوانين الدولية حول الحرم الشريف، ووصولها لأسفل المسجد الأقصى، وتسببها في تصديع ما فوقها من عقارات إسلامية وقفية، تم هدم بعضها، ويخشى على الباقي منها وعلى المسجد الأقصى المبارك نفسه.

وجميع هذه الاعتداءات أدانتها منظمة اليونسكو باستمرار.

          13 – الاعتداءات المتواصلة على الكنائس المسيحية في المدينة، وعلى أملاك الطوائف الدينية المسيحية فيها.

ومن أبرز هذه الاعتداءات ما يلي:
          أ – الاعتداء على كنيسة القيامة، وسرقة تاج العذراء منها بعد بضعة أشهر من الاحتلال ومن قبل يهوديين.

          ب – الاعتداء على القبر المقدس في كنيسة القيامة يوم 24/3/1971، وتحطيم القناديل الزجاجية فوقه من قبل يهودي أميركي.

          جـ – الاعتداء على دير الاقباط الملاصق لكنيسة القيامة ليلة 14/4/1971، وضرب رهبانه من قبل البوليس اليهودي.

          د – الاعتداء على كنيسة القيامة ليلة 12/4/1973، من قبل ثلاثة مسلحين يهود، وضرب أحد الرهبان الفرنسيسكان القائمين على الحراسة فيه وإصابته بجراح اضطرت لنقله للمستشفى.

          هـ – الضغوط المتواصلة على رجال الكنائس بالتنازل عن أملاكها، سواء بالبيع أو التأجير الطويل الأجل، وتمكنهم من الاستيلا ء على أراضي وكنيسة ومدرسة أيتام جمعية ألمانية اسمها- شنلر- وكذلك الاستيلاء على أراضي وأملاك الكنيسة الروسية البيضاء المعروفة بالمسكوبية بالبيع، وعلى مساحات واسعة من أراضي كنيسة الروم الارثوذكس والأرمن الأرثوذكس بطريق إيجارات طويلة الأجل.

          و – الضغوط المتواصلة على رجال الدين المسيحي، والتسبب في هجرة الكثير من العائلات المسيحية، الأمر الذي أثار قلق رؤساء الدين المسيحي، وفي مقدمتهم قداسة البابا نفسه، واضطرتهم لإصدار المذكرات الاستنكارية والاحتجاجات.

          14 – نقل مراكز الخدمات العربية الطبية من القدس لرام الله ابتداء من 1/4/73، وحرمان عرب القدس منها.

          15 – إقفال مكتب خدمات الشؤون الاجتماعية العربي في القدس، واخضاع الجمعيات العربية الخيرية القائمة فيها لإشراف مكتب الشؤون الإسرائيلي.

          16 – إلغاء اسماء الشوارع والساحات والأحياء العربية القائمة في أكثر مناطق المدينة، واستبدال الأسماء الإسرائيلية بها لطمس معالم التاريخ العربي فيها.

<2>

مذكرة السيد روحى الخطيب، أمين القدس، إلى الدكتور كورت فالدهايم، بشأن أوضاع المدينة في ظل الاحتلال
المصدر: ” الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1973، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 9، ط 1، ص 272- 274″

         17 – تطبيق قانون الانتخابات البلدية الإسرائيلي، والضغط على سكان القدس العرب للاشتراك في الترشيح والانتخاب، وتهديد من يمتنع منهم بإجراءات تستهدف إلغاء رخص المهن، أو قطع سبل العيش، أو منع السفر.

         18 – إخضاع التعليم العربي بالمدينة للبرامج الإسرائيلية، وإلغاء الكثير من الكتب المدرسية التي كانت تدرس في المدارس العربية فيها، وسجن مدير التعليم العربي ومساعده في المدينة [لرفضهما] التعاون معها.

         19 – منع جميع الغائبين العرب من سكان القدس، الذين لم يكونوا موجودين فيها عند إجراء إحصاء عام بتاريخ 25/7/1967، منعهم وحرمانهم من حق العودة لمدينتهم. ويزيد عدد هؤلاء عن اكثر من مائة ألف- معظمهم من لاجئي 1948 ومواليدهم- كانوا غائبين بحكم العمل، أو التجارة أو طلب العلم، منعتهم سلطات إسرائيل من حق العودة لمدينتهم خلافاً للمادة 13 من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على:
         – أن لكل امرئ الحق في أن يعود لبلاده، وخلافاً لقرار رقم 194- 3 الصادر عن الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة بتاريخ 11/12/1948، الذي يتضمن حق العودة ورد الممتلكات للاجئين الفلسطينيين.

         20 – اغتصاب سلطات الاحتلال الإسرائيلي لجميع أملاك الغائبين من عرب القدس، عن طريق قانون للاغتصاب أسموه- قانون أملاك الغائبين لسنة 1950- خولت بموجبه لنفسها سلطة وضع يدها على جميع الأموال المنقولة وغير المنقولة، التي يملكها أي مواطن فلسطينى كان يقطن في المدينة وغادرها بعد 1/9/1948، أو أي مواطن عربي كان يقطن فيها وغادرها قبل 26 /1 /1947. وقد طبق هذا القانون الجائر، أيضاً، على من لم تمكنهم سلطات الاحتلال الإسرائيلي من العودة من سنة 1967 حتى الآن.

         21 – إبعاد أعداد كبيرة من رجال الدين، والإدارة، والعلم، والطب، والمحاماة، والأعمال الحرة، والتجارة، والطلاب من المدينة، وفي مقدمتهم الشيخ عبد الحميد السائح رئيس محكمة الاستئناف الشرعية ورئيس الهيئة الإسلامية، وروحي الخطيب أمين القدس- رئيس البلدية، وانطون عطا الله مدير البنك العقاري العربي، والدكتور نبيه معمر رئيس أطباء مستشفى المقاصد الخيرية الإسلامية، والدكتور داود الحسيني مزارع، والمحامي كمال الدين الدجاني، وغيرهم كثيرين، وذلك خلافاً لميثاق جنيف المادة 49- وخلافاً لقرار مجلس الأمن رقم 237- 67 الصادر بتاريخ 14/6/67، الذي ينص على تفادي إلحاق الضرر بالمدنيين، ورعاية حقوق الإنسان، والتقيد بميثاق جنيف.

         22 – نقل بعض وزارات الحكم الإسرائيلي من تل أبيب للقدس العربية، مثل وزارة الشرطة ووزارة العدل، وتحويل عمارة المستشفى العربي إلى مركز شرطة إسرائيل العام، وبناء عمارة للمحكمة الإسرائيلية العليا، والتخطيط لنقل وزارات أخرى.

         هذه صورة موجزة لبعض ما نفذته سلطات الاحتلال العسكري الإسرائيلي من مخططات لتغيير معالم القدس، وما اقترفته أجهزتها المتعددة من اعتداءات ضد سكان المدينة وضد مقدساتها وحضارتها. ورغم قرارات الهيئة العامة للأمم المتحدة، ورغم قرارات مجلس الأمن الدولي، ما زالت هذه السلطات تكشف لنا، كل يوم، المزيد مما هيأته من مخططات تستهدف استكمال إجراءاتها لتهويد القدس، وتقليص سكانها العرب إلى الحد الأدني، وتحويل المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها إلى مزارات سياحية، وربما إلى تقويض المقدسات الاسلإمية واقامة هيكل جديد لليهودية عل أنقاضها.

         سادساً – ان أمانة القدس ترى في استمرار سلطات الاحتلال تحديها في تنفيذ مخططاتها التهويدية للقدس، خطراً مباشراً يهدد الكيان العربي والإسلامي والمسيحي في المدينة المقدسة، كما ترى أن التغاضي الدولي عن الحزم في معالجة موضوع القدس يشجع سلطات الاحتلال العسكري الإسرائيلي على التمادي في اعتداءاتها ومخططاتها، الأمر الذى يجعل من المتعذر الوصول إلى أية تسوية سلمية لأنه يستحيل على أية جهة عربية أن توافق على أي سلام بدون القدس، ويترتب [على] هذا حتمية بقاء الوضع المتفجر في الشرق الأوسط.

         سابعاً – ان أمانة القدس التي أتشرف بتمثيلها، والتي ما زالت قائمة بموجب القانون الأردني وبموجب القرارات الدولية التي لم تعترف بضم القدس والتي رفضت الاحتلال منذ 1967 وما تزال، وعارضت واستنكرت جميع الإجراءات والاعتداءات لتغيير أوضاع القدس ولا تزال، والتي عارضت الاندماج في بلدية الاحتلال ولا تزال، إن هذه الأمانة تغتنم فرصة زيارتكم للأردن لتضع هذه الحقائق المفجعة والخطيرة أمامكم، وترجوكم نقلها للأمم المتحدة، وتناشد ضميركم وضمائر المسؤولين في الأمم المتحدة لوضع حد حاسم لاعتداءات وتحديات سلطات الاحتلال الإسرائيلي في القدس، وإجبار هذه السلطات على احترام وتنفيذ قراراتكم الدولية حتى لا لا يكون موقف سلطات إسرائيل منها أن تفقد الأمم هيبتها ومبررات وجودها.

         ثامناً- وإني، في الوقت الذي أرحب فيه بمقدمكم، وأتمنى لكم طيب الإقامة بالمملكة الأردنية الهاشمية، لأرجو أن تكلل مساعيكم النبيلة بما يعيد الحق والعدل ويوطد السلام، ليس في القدس وحدها بل وفي المناطق العربية المعتدى عليها والمحتلة بأكملها. وتفضلوا بقبول الاحترام


 

<3>

Scroll to Top