مذكرة السيد روحي الخطيب أمين القدس إلى السيد وصفي التل رئيس مجلس الوزراء الأردني بشأن الحفريات التي تجريها سلطات الاحتلال في مدينة القدس

مذكرة السيد روحي الخطيب، أمين القدس، إلى السيد وصفي التل، بشأن الحفريات الإسرائيلية
المصدر: ” الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1971، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 7، ط 1، ص 105- 107 “

مذكرة السيد روحي الخطيب، أمين القدس، إلى السيد
وصفي التل، رئيس مجلس الوزراء الأردني،
بشأن الحفريات التي تجريها سلطات الاحتلال في مدينة القدس
العربية.

عمان

 

( الدستور، عمان، 31 / 1 / 1971 )

         تحية واحتراما وبعد،
         أمطرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مجلس الأمن الدولي وهيئة الأمم المتحدة، وأقامت الدنيا وأقعدتها، حول ما أسمته تغيير مواقع بضعة صواريخ في جبهة قناة السويس، واتخذت منها أسبابا ومبررات لتوقف محادثات الدكتور يارينغ

         وبينما كانت هذه السلطات المعتدية تلهي الأمم والعالم بقضية الصواريخ، كانت وما تزال تمعن تقطيعا وتغييرا وتصفية للعرب في جبهة القدس، وهي قلب الجبهات العربية بأجمعها.

         وإني بمزيد من الحسرة والألم أنقل لدولتكم صرخة استغاثة من أهل القدس يناشدونكم فيها تقديم شكوى جديدة ومستعجلة إلى مجلس الأمن الدولي، تطالبون فيها بإيقاف الاعتداءات الإسرائيلية على القدس وأهلها، وتشددون في طلب اتخاذ عقوبات رادعة ضد سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي تواصل وتستمر في تغيير معالم القدس.

         وتستهدف التغييرات الجديدة العمليات التالية:
         1 – التوسع في الاستملاكات للأراضي العربية.

         2 – التوسع في الإنشاءات على الأراضي العربية المصادرة سنة 1968.

         3 – التخطيط لإنشاء 33 ألف وحدة سكنية جديدة على الأراضي المصادرة حديثا.

         4 – تنفيذ مشروع هيكلي جديد للقدس.

         5 – استمرار الحفريات داخل الأسوار وتهديدها لانهيار الحائطين الجنوبي والغربي للحرم الشريف.

         ودعما لهذه الشكاوى فقد توفرت لدي المستندات والصور والترجمات التالية من الصحف الإسرائيلية:
         1 – التوسع في الاستملاكات للأراضي العربية:
         أصدرت سلطات الاحتلال العسكري الإسرائيلي بتاريخ 30 / 8 / 1970، أمرا باسم وزير مالية إسرائيل يقضي باستملاك 680 ر11 دونما من الأراضي العربية الواقعة شمال وجنوب القدس، وحول أسوار المدينة، ويقضي هذا الأمر باستملاك الأراضي التالية:
         أ – 470 دونما من أراضي بيت حنينا قرب معسكر النبي يعقوب.

         ب – 4840 دونما تقع في الشمال الغربي من القدس وبمنطقة أراضي بيت حنينا والنبي صموئيل.

         جـ – 2240 دونما تقع في الجنوب الشرقي من القدس بمنطقة جبل المكبر وصور باهر.

         د – 2700 دونم تقع في الجنوب الغربي من القدس بمنطقة أراضي بيت صفافا.

         هـ – 1200 دونم من أراضي قلنديا وتقع حول مطار القدس.

         و – 130 دونما في القدس وتقع في حي بركة السلطان خارج باب الخليل.

         ز – 100 دونم في القدس وتقع حول أسوار المدينة.

         إن هذه الحلقة الجديدة من الاستملاكات تستهدف التوسع لتطويق القدس شمالا وجنوبا، كما تستهدف التوسع لتطويق الحرم الشريف شرقا وسور المدينة غربا.

         ولقد أصدرت سلطات الاحتلال الأمر المشار إليه آنفا بعدد خاص من جريدتهم الرسمية رقمه 1656، مؤرخ في 30 / 8 / 1970، أرفق صورة شمسية له، كما أرفق ترجمة حرفية باللغة العربية له.

         2 – التوسع في الإنشاءات على الأراضي العربية المصادرة:
          نشرت جريدة ” هآرتس ” الإسرائيلية في عددها الصادر بتاريخ 24 / 11 / 1970 خبرا جاء فيه ما يلي:

          تقوم وزارة الإسكان الإسرائيلية حاليا ببناء ثلاثة آلاف وحدة سكن في شرقي القدس، كما تقوم شركات تجارية إسرائيلية أخرى ببناء خمسمائة وحدة إضافية في مناطق


<1>

مذكرة السيد روحي الخطيب، أمين القدس، إلى السيد وصفي التل، بشأن الحفريات الإسرائيلية
المصدر: ” الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1971، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 7، ط 1، ص 105- 107 “

مختلفة من المدينة، ومن المتوقع أن يفرغ هذا العام 1970 من بناء 698 وحدة سكن أخرى في ضاحية رامات أشكول- وهي الضاحية التي أقامتها سلطات الاحتلال عام 1969 على الأراضي العربية المصادرة قبلا والواقعة ما بين حي الشيخ جراح وشعفاط في القدس- كما يجري بناء 150 وحدة أخرى على جبل سكوبس، و 12 عمارة متعددة الطوابق في كرم لويز، وكلا المنطقتين ضمن منطقة تنظيم مدينة القدس.

          وأوردت نفس الجريدة “هآرتس”، في عددها الصادر بتاريخ 25 / 11 / 1970، خبرا آخر عن الإسكان والإنشاء داخل أسوار القدس هذا نصه:

          تفيد مصادر اللجنة المشرفة على إسكان الحي اليهودي داخل البلدة القديمة بالقدس أن 172 دار سكن هي الآن في دور البناء، ويؤمل أن يفرغ من بنائها خلال الشهور الستة القادمة، وهناك مخططات لبناء وحدات سكن ومدارس، وقد تم حتى الآن إجلاء ثلاثة آلاف عربي من داخل السور.

          وبتاريخ 5 / 1 / 1971 نشرت نفس الجريدة خبرا آخر قالت فيه:
          تعمل في البلدة القديمة وحدة خاصة مهمتها تخلية عقارات الحي من السكان العرب، ولم يبق منهم حتى الآن سوى 2500 عائلة تبذل الجهود لإخلائهم، وقد تم مؤخرا إخلاء خمسين حانوتا وحوالي ثلاثة آلاف ساكن عربى في الحي.

          وقد توفر لدي أيضا مجموعات من صور لقسم من الإنشاءات اليهودية التي تجري على الأراضي العربية المصادرة والواقعة في القسم الشمالي لجبل الزيتون، وتل المشارف، أي جبل سكوبس والشيخ جراح وشعفاط بالقدس، وهي على شكل قلاع سكنية متعددة الطبقات، أرفق مجموعة منها كدليل على استخفاف سلطات الاحتلال بقرارات مجلس الأمن وهيئة الأمم واستمرارها في تغيير الأوضاع في القدس.

          3 – التخطيط لإنشاء 33 ألف وحدة سكن جديدة على الأراضي المستملكة والمصادرة حديثا:
          نشرت جريدة ” معاريف ” الصادرة بتاريخ 13 / 12 / 1970، الخبر التالي:
          قال المدير العام لوزارة الإسكان الإسرائيلية في استعراضه وضع الأيدي العاملة في شعبة البناء، إن 33 ألف وحدة سكن سيتم بناؤها خلال عام 1971 فوق الأراضي العربية التي تمت مصادرتها في ضواحي القدس وقال إن أعمال البناء هذه تحتاج إلى ما بين 8- 10 آلاف من المهنيين.

          ونشرت جريدة ” معاريف” في عددها الصادر بتاريخ 11 / 1 / 1971 الخبر التالي:
          قال أرتون غفاتي، المسؤول عن الموازنات في وزارة المالية الإسرائيلية، إن الحكومة – إسرائيل – ستقوم هذا العام ببناء ثلاث عمارات فوق جبل الزيتون شرقي القدس لوزارات الأشغال العامة والإسكان والزراعة.

          ونشرت جريدة ” معاريف ” أيضا، في عددها الصادر بتاريخ 14 / 1 / 1971، مقالا تحت عنوان عملية البناء المستعجلة للقدس الموسعة بقلم الدكتور اليهودي يهوشع كافان جاء فيه ما يلي:

          يمكن أن يكون مفاجأة للجمهور الإسرائيلي بأنه في الوقت الذي استجبنا فيه لمحادثات يارينغ، بناء على مبادرة السلام الأميركية، تجرأت حكومتنا – أي إسرائيل – وصادرت 14 ألف دونم جديدة في ضواحي القدس الشرقية لمصلحة التوطين. لو كنا حقا نخشى الردود العربية أو أية ردود أخرى لهذه الخطوة الهامة في مواصلة العمل لتوحيد شطري القدس، لما أقدمنا على مصادرة هذه الأراضي، وواضح أن الـ 14 ألف دونم التي صادرتها الحكومة الإسرائيلية هي أراض جوهرية من الناحية العسكرية للقدس الكبرى، وبدون هذه المناطق لا فائدة للقدس الكاملة.

          وكنت في رسائل سابقة، الأولى بتاريخ 7 / 11 / 1970، والثانية بتاريخ 16 / 11 / 1970، قد نقلت لدولة سلفكم أخبارا عن تغييرات جوهرية في القدس تشتمل على مخططات يهودية لإنشاء 13 فندقا. إسرائيليا في القدس تضم 4200 غرفة أكثرها سيقام على الأراضي العربية المصادرة، كما نقلت فيها أخبارا عن إنشاء ضاحيتين صناعيتين يهوديتين، الأولى في منطقة شعفاط، والثانية في منطقة المطار، ونظرا لما احتوته تلك الرسائل من معلومات خطيرة، أرفق نسخة ثانية عن كل منها للرجوع إليها.

          4 – تنفيذ مشروع هيكلي جديد للقدس:
          أعدت وزارة الداخلية الإسرائيلية وبلدية الاحتلال بالقدس، مشروعا هيكليا جديدا لتنظيم مدينة القدس، أرفق نسخة عربية منه.

          وقد عرض رئيس بلدية القسم المحتل هذا المشروع على مؤتمر للمهندسين عقد في تل أبيب في شهر كانون الأول ( ديسمبر ) سنة 1970.

          ونشرت مجلة ” أيكونوميست ” الانكليزية تعليقا عنه في عددها الصادر بتاريخ 2 / 1 / 1971 تحت عنوان القدس غابة مسلحة بالأسمنت.

          جاء فيه ما يلي: في اجتماع دام ثلاثة أيام قبل عيد الميلاد، دعا إليه السيد تيدي كوليك – رئيس بلدية القدس المحتلة – وضم لجنة عالية للمهندسين ومنظمي المدن، وخبراء فنيين، تقرر فيه عدم صلاحية مخطط

<1>

مذكرة السيد روحي الخطيب، أمين القدس، إلى السيد وصفي التل، بشأن الحفريات الإسرائيلية
المصدر: ” الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1971، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 7، ط 1، ص 105- 107 “

إسرائيل لمشروع القدس الكبرى، وقد أكد المجتمعون أن هذا المشروع سيفقد القدس جمالها ويحولها لمدينة بشعة وغير مناسبة أو ملائمة للعيش.

          ولم يشأ المجتمعون أن يتدخلوا من الناحية السياسية التي ستجرد الأردن من مناطق واسعة من الضفة الغربية وذلك باقتطاع مدينتي رام الله وبيت لحم وما بينهما وضمهما للقسم المحتل من القدس بحيث يوسع مساحة المدينة إلى ثمانية أضعاف مما هي عليه الآن.

          وقد نشرت جريدة ” معاريف” اليهودية، الصادرة بتاريخ 21/12/1970، مقالا خطيرا حول هذا المشروع، بقلم الكاتب يوفيل أليتسور، تحت عنوان انتحار مشترك نتيجة الفشل للمشروع الهيكلي لبناء القدس.

          جاء فيه ما يلي: زعزعت يوم أمس عاصفة من الضجيج اجتماع اللجنة الثنائية لتخطيط المدن التابعة للجنة القدس. فقد انتقد أعضاء اللجنة ومن بينهم مهندسون ومخططون معروفون في أنحاء العالم – انتقدوا بشدة المشروع الهيكلي للقدس وتخطيط الحي اليهودي- معظم أبنيته عربية – في البلدة القديمة وتخطيط المركز التجاري البلدي. ووصف البروفسور برونسفى- من كبار المهندسين الإيطاليين – الأعمال التي تمت في بناء القدس بأنها انتحار جماعي نتيجة الفشل الذريع.

          وكان ما قاله هذا المهندس للسيد كوليك – لماذا دعوتنا؟ فإذا كنت تعتزم الحصول على مصادقة للمشروع الهيكلي للقدس، الذي كما يبدو لنا سيئ جدا، فإنك دعوت أشخاصا غير لائقين لهذه المصادقة، لأن بينهم رجالا من كبار الخبراء في العالم وهم غير مستعدين للتوقيع لكم بشكل أعمى على مشروع كهذا يهدد مدينة القدس، واستطرد المهندس قائلا- إن الموضوع مؤلم لي بصفتي يهوديا مخلصا لإسرائيل، وإني غير مستعد أن أقف إزاء ما يجري بالقدس، ولا يحق لكم أن تعملوا ما عملتموه، ثم أضاف يقول إن هذا المشروع مستند تاريخي وهو سلاح يمكن أن يستخدمه العرب.

          دولة الرئيس،
          وإني باسم القدس، أرجو وألح في الطلب أن تجعلوا من هذا المشروع سلاحا لكم بمطالبة مجلس الأمن الدولي لإيقاف عمليات البناء والتغيير الإسرائيلية في القدس.

          5 – استمرار الحفريات داخل الأسوار وتهديدها لانهيار الحائطين الجنوبي والغربي للحرم الشريف:
          نشرت جريدة “معاريف ” اليهودية، بتاريخ 7 / 12 / 1970، خبرا خطيرا جاء فيه ما يلي: ألصقت يوم أمس في شوارع القدس منشورات تحذر من انهيار حائط المبكى إذا استمرت الحفريات الأثرية بالقرب منه. ودعا الموقعون على تلك المنشورات اليهود المخلصين لمعارضة مبادرة الحفريات وإحباطها، وأكدوا أن برنامج وضع الحائط الجنوبي وقسم من الحائط الغربي حتى باب المغاربة تحت تصرف وسلطة المنقبين عن الآثار يمس بقدسية المكان ويمنع ويحول دون وصول المصلين ويعرض حائط المبكى إلى المخاطر. انتهى الخبر.

          والحائط الجنوبي المشار إليه آنفا يشكل جزءا من الحائط الجنوبي للمسجد الأقصى المبارك، كما يشكل الحائط الغربي قسما من حائط الحرم الشريف الذي يضم المتحف الإسلامي والمئذنة الفخرية، وبتعريض هذين الحائطين لخطر انهيار يتعرض المسجد الأقصى، والمئذنة الفخرية، وعمارة المتحف ، الإسلامي كلها للانهيار، وسيؤدي انهيارها لتنفيذ مرحلة جديدة من مراحل التوسع اليهودي في سبيل إنشاء هيكلهم الذي يحلمون به.

          وبتاريخ 5 / 1 / 1971 نشرت جريدة ” يديعوت” اليهودية – خبرا أكثر خطورة مما سبق، أوردت فيه أن الحفريات عند الزاوية الغربية الجنوبية للحرم- جبل البيت كما يسمونه – قد وصلت إلى عمق 35 مترا عن سطح الأرض.

          دولة الرئيس،
          القدس أمانة في عنق الأردن، أنقل لكم صرختها واستغاثتها ومطالبتها بتقديم شكوى مستعجلة لمجلس الأمن الدولي، لإيقاف سلطات الاحتلال العسكري الإسرائيلي، والحد من تماديها، ومطالبة مجلس الأمن في الوقت نفسه بإنزال عقوبات رادعة ضد إسرائيل، على تمردها المستمر وفق نصوص ميثاق الأمم المتحدة.
          وتفضلوا بقبول فائق احتراماتي.


<1>

 

Scroll to Top