مذكرة الكولونيل ماينرتزهاجن إلى رئيس الوزراء لويد جورج
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القوهي، ج 1، ص 279 – 280”
مذكرة الكولونيل ماينرتزهاجن
(السكرتير العسكرى للورد اللنبى) إلى رئيس
الوزراء لويد جورج
في سنة 1920
عزيزى رئيس الحكومة:
طلب منى أن أرسل اليك مذكرة غير رسمية عن السيادة على سيناء. وهو موضوع له أهمية عندى بصورة خاصة، لا بالنسبة إلى الظروف الراهنة فحسب بل وبالنسبة إلى السنوات القادمة أيضا. واسمحوا لى بتناول هذا البحث بإسهاب إننا نسير بحكمة زائدة، مستهدفين السماح لليهود، بانشاء وطنهم القومى في فلسطين، فقد حررنا العرب من النير التركى، ولن نستطيع البقاء في مصر إلى الأبد، وقد تمخض مؤتمر الصلح عن وليدين، القومية اليهودية والقومية العربية، وشتان بينهما: فالأول يمتاز بحيويته ونشاطه على حين يمتاز الثانى بكسله وخموله المكتسبين من الصحراء.
أضف إلى ذلك أن اليهود بالرغم من تشتتهم، يمتازون بولائهم ورقة شعورهم وعلمهم .. كما أنهم قد قدموا لبريطانيا أحد رؤساء حكوماتها الممتازين وسيلتصق العرب واليهود من الآن إلى خمسين سنة بقوميتهم وسوف يزدهر الوطن القومى اليهودى ان عاجلا أو آجلا، ويصل إلى مرحلة السيادة. وانى أفهم أن بعض أعضاء حكومة جلالته يتطلعون إلى هذه المرحلة.
وكذلك ستتطور القومية العربية إلى مرحلة المناداة بالسيادة من المحيط إلى الخليج، ومما لا شك فيه أن السيادة العربية واليهودية ستصطدمان واذا قدر لمشروع الهجرة اليهودية إلى فلسطين النجاح، فان الصهيونية ستتوسع على حساب العرب دون سواهم. وسيبذل العرب قصارى جهودهم للقضاء على قوة وعظمة فلسطين اليهودية، وهذا يعنى سفك الدماء.
وبريطانيا تتحكم الآن في الشرق الأوسط، ونحن لا نستطيع أن نكون أصدقاء للعرب واليهود في آن واحد، وانى أقترح منح الصداقة البريطانية لليهود وحدهم بتقدير أنهم الشعب الذى سيكون صديقنا المخلص الموالى في المستقبل، ان اليهود مدينون، لنا كثيرا، وهم يحفظون لنا هذا الجميل .. وسيكونون ثروة لنا بعكس العرب، الذين سيكونون سلبيين معنا، برغم خدماتنا لهم.
وسوف تكون فلسطين حجر الزاوية في الشرق الأوسط، فبينما تحدها الصحراء من جهة، يحدها البحر من جهة أخرى، ولها ميناء طبيعى ممتاز، هو أحسن ميناء على ساحل البحر الأبيض المتوسط الشرقى، ثم ان اليهود برهنوا على كفايتهم
مذكرة الكولونيل ماينرتزهاجن إلى رئيس الوزراء لويد جورج
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلي عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 279 – 280”
الحربية منذ احتل الرومان البلاد على حين يمتاز العربى بقسوته في الحرب، وحبه للسلب والتدمير والقتل.
والآن دعنى أتكلم عن فلسطين بالنسبة إلى مصر: ففى حالة تطور السلاح من طائرات ودبابات، سيكون الفصل في المعركة للسلاح الأحدث، والشجاعة وقوة الأعصاب والصبر، ولذلك فانى أرى في مصر العدو المسلح لليهود وبتطور القوميتين العربية واليهودية إلى مرحلة السيادة، وبخسارتنا قناة السويس فى سنة 1968 أى بعد 47 سنة فان بريطانيا ستخسر مراكزها فى الشرق الأوسط. ولتقوية هذه المراكز، أقترح ضم سيناء إلى فلسطين. فقبل سنة 1906 كان الحد التركى المصرى ممتدا من رفح في الشمال إلى قرب القناة. وكان شرقى سيناء وجنوبيها قسما من الحجاز الخاضع للعثمانيين. وفي تشرين الأول سنة 1906 منحت مصر حق ادارة سيناء حتى الخط الممتد من رفح إلى رأس خليج العقبة. أما ملكيتها فبقيت لتركيا. وقد احتلها اللورد اللنبى بجيشه البريطانى دون مساعدة الجيش المصرى فأصبح مصيرها منوطا بقرار من الحكومة البريطانية المحتلة .. وفى حالة ضم سيناء الينا، فاننا نربح حدا فاصلا بين مصر وفلسطين ونثبت لبريطانيا مركزا قويا فى الشرق الأوسط، مع اتصال سهل بالبحرين المتوسط والأحمر، وقاعدة استراتيجية واسعة النطاق مع ميناء حيفا الممتاز الذى سنستعمله بموافقة اليهود.
ومن حسنات هذا الضم أنه سيحبط أية محاولة مصرية لاغلاق القناة في وجه ملاحتنا، كما سيمكننا من حفر قناة تربط بين البحرين المتوسط والأحمر، ثم أن ضم سيناء لن يثير أية قضية قومية ضدنا، اذ أن البدو الرحل المقيمين فيها لا يتجاوزون بضعة آلاف.
نقلا عن كتاب “التطورات الاخيرة للقضية الفلسطينية” للاستاذ خيرى حماد.