مذكرة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى الملوك والرؤساء العرب حول العلاقة الأردنية الفلسطينية
المصدر: ” الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1971، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 7، ط 1، ص 631- 633 “
مذكرة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الى
الملوك والرؤساء العرب حول العلاقات بين الثورة
الفلسطينية والنظام الأردني. (1)
22 / 7 / 1971 |
| ( فتح، دمشق، 23 / 7 / 1971 ) |
السادة الملوك والرؤساء العرب المحترمين،
تهدي اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تحياتها لكم، وتود في هذه الظروف القاسية والمصيرية التي تمر بها الثورة الفلسطينية والشعب الفلسطيني ان تضع بين ايديكم الحقائق التالية فيما يتعلق بالعلاقات بين الثورة الفلسطينية والنظام الاردني ومحاولة هذا النظام ضرب وتصفية الثورة والاجهاض على حق الشعب الفلسطيني في الكفاح المسلح وحق تقرير المصير.
أولا – قبل حزيران ( يونيو ) وعندما انطلقت طلائع الفدائيين في مطلع عام 1965 كانت الاردن البلد العربي الذي امتلأت معتقلاته وسجونه بأحرارنا وثوارنا بل تمادت في اجراءاتها التعسفية الى حد القتل لكل ثائر يعود من الارض المحتلة.
ثانيا – بعد نكسة حزيران ( يونيو ) وما رافقها من شعور باليأس والهزيمة عند المواطن العربي قامت الطلائع الفلسطينية مرة اخرى بمقاومة المحتلين واستطاعت من خلال عملياتها الناجحة ان تعيد للانسان العربي احساسه بكرامته ووجوده، الا ان النظام الاردني حاول وبشتى الطرق الاجهاز على الثورة الوليدة عبر هجمات شرسة مريرة تمثلت في احداث مادية على النحو التالي:
أ – منذ الخامس عشر من حزيران ( يونيو ) 1967 كانت كل دورية تقع في يد الامن العام أو المخابرات أو الجيش تلاقي صفوف العذاب ثم يفرج عنها بعد أخذ تعهد منها بعدم العمل من الأراضي الأردنية، هذا فضلا عن تصريحات مشهورة ضد العمل الفدائي بدأها الملك حسين حين قال:- مجرم كل من يحاول أن يضرب في الأرض المحتلة. وتبعه يومها وزير داخليته ( الكايد ) الذي هدد بضرب الفدائيين وتصفيتهم.
ب – بعد تواجد الفدائيين في قاعدتهم في ” الكرامة ” وفي يوم 2 شباط ( فبراير ) 1968 قامت قوات من الأمن العام والجيش بمحاصرة هذه القواعد وبدأت بإطلاق النار على الفدائيين، ولولا تحرك الجماهير للوقوف بين الفدائيين والقوات المهاجمة لحدثت مجزرة كبيرة.
جـ – في 4 / 11 / 1968 قام الجيش باحتلال مدينة عمان وتوابعها ومحاصرة قواعد الفدائيين في الأغوار في محاولة لضرب الثورة ويومها لم يكن للعمل الفدائي ما يسمى بالاخطاء او الجرائم التي يدعيها النظام، ولولا تدخل بعض الدول العربية وصمود الثورة لتمكن الجيش يومها من سحق الفدائيين وتصفيتهم.
د – في 10 / 2 / 1970 فوجئت قيادة الثورة بمجموعة من القرارات التي تقيد حرية العمل الفدائي وتسلبه كافة حقوقه المتفق عليها، وبدأت السلطة بتنفيذ القرارات مباشرة دون اعلام مسبق لقيادة الثورة، وكادت الامور ان تصل الى حد الصدام العنيف يذهب ضحيته الآلاف لولا التصرف الحكيم وضبط الاعصاب التي تحلت بها قيادة الثورة وانتهت مؤامرة شباط ( فبراير ) باتفاق على عودة الاوضاع الى ما كانت عليه، ولكن السلطة مع ذلك لم تلتزم واستمرت في مؤامراتها المخطط لها والمدروسة فأنشأت:
الشعبة الخاصة وكانت لها ثلاث مهمات رئيسية:
* اشاعة جو نفسي ضد الفدائيين بين المواطنين والقيام بتصرفات من شأنها ان تساعد على تثبيت هذا المناخ المعادي ضد الفدائيين.
* اثارة النعرات الاقليمية في صفوف الشعب الواحد وفي صفوف القوات المسلحة عن طريق افتعال حوادث باسم الفدائيين وارتكاب جرائم خلقية باسم الفدائيين.
* دس العناصر التابعة للشعبة في وسط الفدائيين للتخريب من الداخل وللقيام باغتيالات داخل صفوف الثورة وخارجها.
ولقد لعبت هذه الشعبة دورا كبيرا في احداث 7 حزيران ( يونيو ) 1970 المشهورة، ولاهمية هذه الشعبة فقد كان اتصالها بالملك شخصيا وبعضوية زيد الرفاعي رئيس الديوان الملكي سابقا والشريف ناصر بن جميل قائد الجيش وآخرين من المخابرات والاستخبارات وضباط الجيش والامن العام.
(1) ذكرت ” فتح” أن اللجنة التنفيذية أوفدت مبعوثين من قبلها إلى سائر العواصم العربية لتسليم هذه المذكرة إلى الملوك والرؤساء العرب.
<1>
مذكرة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى الملوك والرؤساء العرب حول العلاقة الأردنية الفلسطينية
المصدر: ” الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1971، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 7، ط 1، ص 631 _633 “
هـ – في 7 / 6 / 1970 كانت المحاولة الجادة والمصممة من قبل النظام الأردني لضرب الثورة فقد افتعلت الشعبة الخاصة وقوات الصاعقة الأردنية التابعة لها عدة حوادث اسندتها لفدائيين، وبدأت معارك عنيفة ولكن حكمة الثورة تغلبت على هذه الازمة التي انتهت بطرد المسؤولين عن الازمة والجريمة وهما الشريفان: ناصر بن جميل وزيد بن شاكر. الا ان النظام الاردني بعد هذه الاحداث والتي اشرف على انهائها وتصفية ذيولها مؤتمر طرابلس الذي أوفد الى عمان أربعة ممثلين عن الجمهورية العربية المتحدة والجزائر وليبيا والسودان ليضعوا حدا لمؤامرات النظام، ولقد توجت جهودهم باتفاقية 17 / 7 / 1970 والتي وضعت حدودا للسلطة وحدودا للعمل الفدائي.
السادة الملوك والرؤساء العرب،
ما كادت الاتفاقية الاخيرة توضع موضع التنفيذ حتى بدأت العراقيل والسدود تقف في طريقها، وكانت الحكومة الرفاعية في واد واداة واجهزة الحكم الحقيقية في واد آخر، وبدأت ولاول مرة في تاريخ المنطقة محاولات قتل جماعية لشعبنا بقصف المخيمات والاماكن الآهلة بالسكان بالمدفعية ساعات طويلة، مما اضطرنا الى ان نطلب عقد جلسة عاجلة لمجلس جامعة الدول العربية والذي كان من نتيجته ارسال لجنة عسكرية برئاسة السيد أمين شبلي الى عمان، واستقبلنا اللجنة وحاولنا ان نقدم لها من جانبنا كل التسهيلات الممكنة، ولكن اللجنة ووفد الثورة ووفد الحكومة الرفاعية آنذاك لاحظ ان الملك حسين لا يريد نقاشا مع المقاومة والثورة، وانه ينوي توجيه ضربة قاصمة للفدائيين في كل اماكن تواجدهم، وفي يوم الثلاثاء 15 / 9 / 1970 عقد اجتماع مشترك ضم الحكومة واللجنة العربية والمقاومة، وخرج الجميع باتفاق تام حول كافة القضايا المطروحة، وأعلن من راديو عمان، وفي تمام الساعة الحادية عشرة، نصوص الاتفاق والبرنامج الزمني لتنفيذه. الا ان الملك واعوانه وبعض ضباط الجيش كانوا يعدون لشعبنا مذبحة همجية بربرية لم يعرف التاريخ مثيلا لها وتوالت الاحداث بعد اعلان الاتفاق كما يلي:
يوم الاربعاء 16 / 9 / 1970 وفي تمام الساعة الخامسة بدأت حملة ايلول ( سبتمبر ) الاسود بكل شراستها، المدفعية تطلق نيرانها على عمان وعلى كل ناحية بها لا تفرق بين قاعدة وبيت، بين فدائي ومواطن، وبدأت الدبابات الاردنية تخترق الشوارع والاحياء تضرب بمدفعيتها الثقيلة ذات اليمين وذات الشمال، وتحركت أفواج المشاة تعتقل وتقتل وتذبح كل فلسطيني حسب هواها وعصبيتها وتعبئتها الحاقدة واستمرت المجزرة بكل تفاصيلها التي تعرفونها اكثر من اثني عشر يوما.
السادة الملوك والرؤساء العرب،
وأخيرا وقف القتال وعقدت اتفاقية القاهرة ولعقنا جراحنا ومددنا يدنا للقاتل الذي ذبح شعبنا وقلنا: لننس كل شيء وحرام ان ينزف مزيد من الدم العربي في غير موضعه، وحضرت اللجنة العربية برئاسة السيد الباهي الأدغم لتشرف على تنفيذ الاتفاقية، وفي ظل اللجنة تم التوقيع على اتفاقية عمان وملحقاتها، ومنذ اللحظة الاولى لتوقيع اتفاقية عمان رفض الجانب الاردني اذاعتها عبر وسائل اعلامه المتعددة. ولن نتحدث عن الفترة ما بين توقيع الاتفاقية ومغادرة السيد الباهي الأدغم لعمان، لأن السيد الباهي قد كفانا ذلك بمذكرات رسمية رفعها لحضراتكم ولكن الذي نريد التأكيد عليه هو ما يلي:
انه في ظل اللجنة العربية احتلت القوات الاردنية مواقع كثيرة لم تكن قد سيطرت عليها او استطاعت الوصول اليها اثناء القتال.
انه في ظل اللجنة العربية جرت مجازر جرش والهملان والبقعة والمفرق واخيرا مجزرة اربد.
انه في ظل اللجنة العربية جمعت أسلحة الميليشيا والتي تنص عليها الاتفاقيات. هذه الخطوة التي شجعت النظام فيما بعد على طلب سحب السلاح كلية من عمان.
السادة الملوك والرؤساء العرب،
تاجرت حكومة عمان بقضية الامن وسخرت كل اجهزتها الاعلامية لتعبئة الرأي العام في اتجاه قضية الامن. وحتى تفوت الثورة على النظام الاردني القيام بمجزرة جديدة اتخذت سلسلة من الاجراءات العسكرية الذاتية في عمان رغم ان ذلك مخالف لكل الاتفاقيات، وعلى غير ما اتفق عليه دخل الجيش الى عمان وفتشها شبرا شبرا وبيتا بيتا، وصبرنا وسكتنا كل ذلك من اجل تجنب معركة بين الفدائيين والجيش تسيل فيها الدماء العربية، الا ان كل هذه الخطوات الايجابية من جانبنا لم تقابل من النظام الا بمزيد من الاصرار على التآمر والسير في المؤامرة الى نهايتها، وكنا نحذر من خيانة النظام وعدم احترامه لشرف توقيعاته وعدم التفاته لكل نداءات ووساطات الملوك والرؤساء بل تحدي هذه النداءات بمزيد من الاجراءات القمعية ضد الثورة كانت آخر حلقاتها مجزرة جرش وعجلون الاخيرة.
اننا لن نصف ما جرى وما حدث، ولن نرد على اكاذيب الحكم الاردني الرخيصة في تبرير وتبسيط ما جرى، ولكننا نقول لكم: اننا صبرنا وصبرنا اكثر من ثلاثة وعشرين عاما على هذا النظام الذي استأجره الاستعمار علينا وعلى شعبنا وأمتنا العربية لقتل روح القتال والنضال في شعبنا، واليوم فنحن نشعر بصدق وشرف اننا وحدنا في المعركة، وان النظام الاردني بات عقبة حقيقية في وجه استمرار طريق الكفاح المسلح والثورة، من هنا نحن نطالبكم باسم شعبنا الجريح الذي يعيش أقسى مأساة منذ النكبة، ونطالبكم باسم الجماهير العربية التي
<2>
مذكرة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى الملوك والرؤساء العرب حول العلاقة الأردنية الفلسطينية
المصدر: ” الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1971، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 7، ط1، ص 631 _633 “
احتضنت طلائع وثوار فلسطين بما يلي:
اولا – بما ان النظام الاردني يمثل عقبة في طريق التحرير، وبما ان النظام قد قطع بنفسه كافة علاقاته العربية عبر تنصله من اتفاق القاهرة واتفاقية عمان، فاننا نرى ان تقطع الدول العربية كل علاقاتها السياسية والاقتصادية بالنظام الاردني، كما نرى ان تطرد المملكة الاردنية الهاشمية من عضوية جامعة الدول العربية.
ثانيا – الاقرار بوثيقة رسمية بان شعب فلسطين لا تمثله الا الثورة الفلسطينية بقياداتها المتمثلة في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ومجلسها الوطني الفلسطيني، وابلاغ مضمون هذه الوثيقة الى كافة الدول والمؤسسات العربية والعالمية.
ثالثا – الاقرار بحق الثورة الفلسطينية ومساندة الجماهير العربية لها لتصحيح وبناء وحدة الضفتين على الاسس التالية:
1 – حق الشعب الفلسطيني في الاستمرار في ثورته ومتابعة كفاحه المسلح ضد العدو الصهيوني على طريق تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني.
2 – الحرية الكاملة لقوات الثورة الفلسطينية في الحركة ضد العدو الصهيوني.
3 – حق الشعب الفلسطيني الكامل في الاردن في حمل السلاح لمقاتلة العدو والدفاع عن الثورة.
4 – حق الجماهير في الاردن في التعبئة الجماهيرية والتنظيمية حول الثورة.
5 – حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بنفسه وعلى ارضه.
6 – قيام حكم وطني ديمقراطي لتوحيد وحدة الشعب والضفتين، ويضمن كل الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.
رابعا – حماية الوجود الفلسطيني في الضفة الشرقية والوقوف موقفا حازما وجادا في وجه اي محاولة لمزيد من الذبح والقتل والتشريد والاعتقال لشعبنا.
السادة الملوك والرؤساء،
هذه خطوط عريضة للمأساة التي يعيشها شعبنا هذه الايام، والثورة الفلسطينية التي نشأت من خلال اصعب الظروف هي قادرة على شق طريقها والاستمرار في خطها النضالي رغم كل العقبات، وهي ستحدد موقفها من كل دولة عربية على أساس موقفها من الثورة والنظام الاردني.
ولكم تحياتنا وتحيات شعبنا.
<3>