مذكرة اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى اللجنة الخماسية بشأن الإجراءات الملحة
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 6، ص 745 – 746”
مذكرة اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى
اللجنة الخماسية ردا على مذكرة اللجنة الخماسية بشأن
الإجراءات الملحة في الظرف الراهن.
عمان، 13/9/1970 |
| (فتح، 16/9/1970) |
اشارة إلى مذكرتكم المقدمة إلى كل من اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وإلى حكومة المملكة الأردنية الهاشمية بتاريخ 10/9/70، يسر اللجنة المركزية ان تبين ما يلي:
1 – تلقت اللجنة المركزية المذكرة المشار اليها يوم 10/9/70 وتدارستها في مساء نفس اليوم، وقررت الاجتماع بلجنتكم الموقرة صباح يوم 11/9/70. وقد جرى هذا الاجتماع بالفعل، مما يؤكد رغبة اللجنة المركزية المخلصة في التعاون مع لجنتكم الموقرة، وحرصها التام على انجاح المهمة الصعبة الموكولة اليها.
وتود اللجنة المركزية ان توضح ان تأخرها في الاتصال بلجنتكم الموقرة يومي 8/9/70 و 9/9/70 كان ناتجا عن انشغالها الشديد في العمل على مواجهة الاصطدامات العسكرية الخطرة، التي افتعلتها العناصر العميلة والفاسدة في السلطة في هذين اليومين، وكذلك انشغالها في حل المشاكل التي نشأت عن قضية الطائرات التي احتجزت في الأردن.
2 – تشير اللجنة المركزية إلى ما ورد في البند رقم 1 من مذكرتكم وتلاحظ ان هذا النص الذي يضع الحكومة الأردنية واللجنة المركزية على نفس المستوى من حيث الالتزام بوقف إطلاق النار والسيطرة – قبل التأكد من الوقائع – ينافي الواقع. واللجنة المركزية تؤكد ان العناصر العميلة والفاسدة في السلطة هي التي خرقت اتفاق اطلاق النار في هذين اليومين ولديها البيانات التي تثبت ذلك. كما ان اللجنة المركزية قادرة على السيطرة وضبط قوى المقاومة، في الوقت الذي تقوم فيه من ناحية السلطة، جهات وقوى متآمرة على البلاد والشعب وأجهزتها.
ومما يؤكد ذلك انه في الوقت الذي كانت تجري فيه المباحثات بين اللجنة المركزية و الحكومة الأردنية يوم الثلاثاء 8/9/70 للوصول إلى اتفاق على وقف اطلاق النار ومعالجة الأوضاع قامت العناصر العميلة والفاسدة في السلطة التي تعمل بمعزل عن الحكومة، وعن رئيس أركان الجيش الفريق الركن مشهور حديثة، بتحريك قوات عسكرية كبيرة من مدرعات ومشاة لمهاجمة قواعد الفدائيين الأمامية في منطقة اربد والغور، وهي قواعد مقاتلة صغيرة الاعداد وبعيدة عن المدن حيث اقترفت هذه العناصر مجزرة تجاوزت في بشاعتها مجزرة – ماي لاي – التي اقترفها الجيش الاميركي في فييتنام، هذا بالإضافة إلى مجزرة أكثر بشاعة اقترفتها نفس هذه العناصر في منطقة اربد في هذا اليوم الواقع في 13/9/70.
وبالاضافة إلى ما تقدم فان هذه العناصر نفسها قامت في نفس هذه الفترة بإثارة فتن اقليمية في جنوب البلاد في الكرك ومعان والطفيلة والحسا وغيرها، كانت تستهدف اشعال حرب أهلية، وقد ذهب ضحية هذه الفتنة عدد غير قليل من المواطنين وممتلكاتهم.
3 – ان المقاومة الفلسطينية، منذ ان وجدت في الأردن، حريصة على عدم اطلاق النار بينها وبين القوات المسلحة الأردنية، لانها تنطلق من اعتبار هذه القوات – من حيث ما يجب ان تكون – درعا للثورة الفلسطينية. ولذلك فان حركة المقاومة كانت وما زالت حريصة كل الحرص على نسج اوثق العلاقات الأخوية القتالية مع القوات المسلحة الأردنية. وبطبيعة الحال، فان اللجنة المركزية كانت باستمرار وما تزال امينة على الالتزام الكامل بكل اتفاقات وقف اطلاق النار.
4 – بخصوص اتفاقية 10/7/70 منذ اللحظة الأولى التزمت اللجنة المركزية التزاما كاملا بهذه الاتفاقية، وشرعت في تنفيذ مسؤوليتها بما في ذلك تسمية مندوبيها، في اللجان المنصوص عليها في هذه الاتفاقية، غير ان اللجنة فوجئت بإذعان الحكومة إلى اعادة الزعيم الشريف زيد بن شاكر إلى الجيش حيث اسند اليه منصب نائب رئيس اركان الجيش لشؤون العمليات، وهو منصب أشد خطورة وفعالية وأكثر هيمنة على كل وحدات الجيش من المنصب الذي اقصي عنه بعد مذبحة شهر حزيران (يونيو) 1970 بسبب مسؤوليته المباشرة في تدبيرها وإدارتها، حيث كان يشغل منصب قائد الفرقة المدرعة الثالثة.
وفي الاجتماع الذي عقدته اللجنة العليا المشتركة المشكلة بموجب الاتفاقية المذكورة أكدت اللجنة المركزية ان اعادة هذا الضابط للجيش تدلل على ان العناصر الفاسدة والعميلة في السلطة، برغم كل الاتفاقات، ما زالت مصممة على تنفيذ مخططها في تصفية العمل الفدائي، وان الحكومة المشاركة في هذه اللجنة – بموافقتها الرسمية على اعادته – عاجزة عن تنفيذ بنود الاتفاقية، وقد طلبت
<1>
مذكرة اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى اللجنة الخماسية بشأن الإجراءات الملحة
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 6، ص 745 – 746”
اللجنة المركزية في هذا الاجتماع إلى الحكومة ابعاد هذا الضابط عن الجيش، بالإضافة إلى عدد من الضباط الآخرين المعادين للشعب الذين اعيدوا للجيش ووضعوا في مراكز أشد خطورة وحساسية من مراكزهم السابقة، وانه ما لم تفعل الحكومة ذلك فان عمل اللجنة العليا المشتركة، وكل اللجان الأخرى، لن يكون سوى ستائر لإخفاء ترتيبات السلطة لإحكام خطتها المستمرة لضرب العمل الفدائي من جديد، وهذا ما جرى بالضبط في شهر ايلول (سبتمبر) 1970م.
وبالرغم من هذا الموقف البناء من ناحية اللجنة المركزية للمحافظة على الاتفاقية وتعزيزها، فان الحكومة منذ ذلك الحين، ولغاية بدء مذبحة شهر ايلول (سبتمبر)، أخذت تتراجع من موقف إلى آخر أمام السلطة، وتنازلت عن كافة صلاحياتها وصلاحيات رئيس أركان الجيش، وتركت الصلاحيات تمارسها جميعا العناصر العميلة والفاسدة في السلطة، وجاء خطاب الملك حسين بتاريخ 3/9/70 الذي اعلن فيه عن اعادة الصلاحيات للحكومة ولرئيس الأركان، دليلا على صدق كل ما تقدم ليتبين من جديد مرة أخرى ان هذه الاعادة لم تكن جدية وانما كانت شكلية، وذلك واضح من المذابح التي جرت في شهر ايلول (سبتمبر) كما هو واضح من البيان الذي أصدره رئيس الأركان بتاريخ 10/9/70 حيث تبين منه ان رئيس الأركان لم يكن يمارس صلاحياته حتى حينه، وقد كشف هذا بان عددا من ضباط الفرقة التابعة وغيرهم من الضباط القادة، هم المسؤولون عن هذه المجزرة في منطقة اربد، وكانوا يتلقون اوامرهم من سلطة غير سلطة رئيس الأركان، ويتعاونون معها في القيام بهذه المجزرة. كما كشف ان قادة الوحدات العسكرية الأخرى التي ارتكبت اعمال الاعتداء على العمل الفدائي والشعب، وخاصة في عمان والزرقاء، كانت ترتبط بهذه السلطة وليس برئيس الأركان. وهنا لا بد من الإشارة إلى ان اللجنة المركزية تتمنى ان يكون رئيس الأركان الان متمكنا بالفعل من ممارسة صلاحياته كاملة.
ولكن بقاء هؤلاء الضباط المشاركين في المجازر في مراكزهم لغاية الآن، ما زال يقدم الدليل المادي على ان مقدرة الحكومة على تنفيذ اتفاقية 10/7/70، أمر مشكوك فيه لان الأسباب الجوهرية لعدم التنفيذ من جانب الحكومة ما زالت قائمة.
وعلى الرغم من كل ما تقدم، فان اللجنة المركزية كانت ولا زالت على اتم استعداد لتنفيذ اتفاقية 10/7/70، وسوف ترسل اللجنة المركزية ممثليها لحضور جلسات لجنة المتابعة المشتركة في الموعد الذي تقرره اللجنة العربية الخماسية. واما بشأن الدوريات المشتركة فانها تقوم بعملها حاليا.
<2>