مذكرة المكتب السياسي للقوى الثورية الفلسطينية التي قدمها إلى المؤتمر الوطني المنعقد في القاهرة في 21 / 5 / 1965
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1341 – 1344”
مذكرة المكتب السياسي للقوى الثورية الفلسطينية
التي قدمها إلى المؤتمر الوطني الفلسطيني الثاني (*)
المنعقد في القاهرة في 31 / 5 / 1965
بعد ارفضاض مؤتمر القمة العربي الأول وإقراره بالإجماع إنشاء كيان فلسطيني يحمل تبعة النضال الشعبي الفلسطيني تطلعت آمال الفلسطينيين عامة إلى اليوم الذي يخلق فيه ذلك الكيان. ومع أن الفئات الفلسطينية المنظمة كانت قد شقت طريقها في الكفاح وقطعت فيه أشواطا مختلفة إلا أنها وجدت في إجماع الدول العربية على إقرار ذلك قفزة أمامية بالكفاح الفلسطيني لانه يفتح أمامه الآفاق الرسمية وإمكانياتها المادية والأدبية.
وبغض النظر عن الطريقة التي دعى بها إلى المؤتمر الفلسطيني الأول في القدس في آيار الماضي وعن الجو الذي عقد فيه ذلك المؤتمر وبرغم الأخطاء الكبيرة والكثيرة التي ارتكبت آنذاك. فإن الفئات الفلسطينية التي تشكل من مجموعها المكتب السياسي للقوى الثورية الفلسطينية للعمل الموحد قد وضعت كامل ثقلها داخل المؤتمر وخارجه إلى جانب إيجاد منظمة تحرير فلسطينية تستطيع أن تجسد آمال الفلسطينيين في تبني قضية التحرير. ولقد أشار هذا المكتب في بياناته المتعددة وأثناء اتصالاته المتوالية باللجنة التنفيذية رئيسا وأعضاء إلى الخطى الإيجابية الأساسية التي يتوجب على تلك المنظمة أن تنتهجها. كاعتماد التنظيم الشعبي المرتكز على الفئات الثورية الفلسطينية وتنسيقه مع العمل العربي الرسمي المتجسد في المنظمة. وأشار كذلك إلى وجوب الاعتماد على المخلصين الأكفاء من أبناء فلسطين في بناء كيان هذه المنظمة. ولقد حدد المكتب السياسي في مذكرة تفصيلية قدمت لمؤتمر القمة العربي الثاني في أيلول الماضي موقفه الإيجابي من منظمة التحرير مطالبا الدول العربية بتأييد ودعم المنظمة ماديا وأدبيا مادامت ماضية في تحقيق أهداف الشعب العربي الفلسطيني. وفصل في تلك المذكرة دور منظمة التحرير الفلسطينية في المجالات العسكرية والسياسية والمالية والإعلامية. ولقد واصل المكتب السياسي اتصالاته باللجنة التنفيذية رئيسا وأعضاء ناقلا إليهم جميعا مقترحات الفئات الفلسطينية الإيجابية وانتقاداتهم البناءة. ثم وجه في الخامس عشر من شباط الماضي مذكرة للمنظمة ضمن فيها بعض تلك المقترحات والانتقادات.
أولا: الافتقار إلى التخطيط المحدد الهادف وإتباع السياسة المشوشة المرتجلة بحيث أن أي فرد من أعضاء اللجنة التنفيذية أو موظفي المنظمة أو من الجماهير
(*) فلسطين – ملحق المحرر – العدد 16 (1 /6 /1965)
مذكرة المكتب السياسي للقوى الثورية الفلسطينية التي قدمها إلى المؤتمر الوطني المنعقد في القاهرة
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1341 – 1344”
الفلسطينية أينما كانت لا يملك أية رؤية عن عمل المنظمة ومثل هذه السياسة إذا استمرت خطتها أو برامجها الخاصة في العمل لن تؤدي إلا إلى نكسة للأمل المعقود على المنظمة وإلى استمرار في التخبط والضياع.
ثانيا: سياسة تخطي القواعد الأساسية للعمل الفلسطيني وهي الجماهير الفلسطينية وفئاته الثورية المنظمة وإهمال التنظيم الشعبي السليم وعدم وضع خطوط مدروسة واضحة له بحيث أصبح كل موظف وكأنه دائرة تنظيم يعمل حسب اجتهاداته الشخصية، إن وجدت.
ثالثا: اعتماد سياسة التصريحات العفوية والخطب العاطفية لاستقطاب العواطف والتصفيق والدموع بدلا من مجابهة الشعب الفلسطيني بحقائق الأمور مهما كانت معقدة ليكون هذا الشعب على مستوى تحديات القضية.
رابعا: سياسة مداراة الواقع العربي في بعض البلدان العربية ومداهنتها حينا والتهديد بفضحها حينا آخر بحجة إمكانية تغيير سياستها بهذا الأسلوب. إن سياسة مثل هذه تؤدي إلى تمييع قضية التحرير وتشجع على المساومة عليها والمتاجرة بها. إن من حق الجماهير الفلسطينية المكافحة أن تعرف بوضوح مواقع أقدامها لتحدد بالتالي مواقفها وخطاها بإصرار وثبات ودون تردد.
خامسا: اعتماد سياسة الرفاهية والبذخ والإسراف في مكاتب المنظمة ورواتب موظفيها على حساب ما يقدمه شعب فلسطين من عرقه وقوته ومما يقدم لهذا الشعب من معونات من أجل التحرير لقد أنشئت كل مكاتب المنظمة في أفخم مواقع العواصم العربية بدل أن تكون بين خيام اللاجئين وصرفت الرواتب الضخمة لمديري المكاتب وموظفيها وكأنهم سفراء لدولة كبرى. إن مثل هذه السياسة ستخلق بين الفلسطينيين طبقة برجوازية تعتاش بوجود منظمة التحرير بدل أن تضحي بالعمل من أجلها.
سادسا: تعيين موظفي منظمة التحرير بناء على علاقات شخصية أوعائلية أو انتمائية ضمن سياسة الاسترضاء التقليدية وليس على أساس الإخلاص والكفاءة والاختصاص بحيث أصبحت مكاتب المنظمة وأجهزتها تضم في معظمها مجموعة من الانتهازيين والوصوليين الذين لا يفهمون من الكفاح والتضحية إلا بالقدر الذي يرضي أهواءه ونزواته الخاصة. أما معظم المخلصين منهم فإنهم يفتقرون إلى التجربة الثورية في العمل الكفاحي.
سابعا: ظهور التناقضات والخلافات داخل أجهزة المنظمة واللجنة التنفيذية واتخاذها طابع الصراع الشخصي. في كثير من الأحيان. ومحاولة جر الفئات الفلسطينية والقطاعات الشعبية إلى هذا الصراع وذلك ليس انعكاسا لخلافات الفلسطينيين حول مناهج العمل ولكنه انعكاس للأسس التي اتبعت في تعيينه.
ثامنا: عدم وضع برامج واضحة للموظفين وانتقاء اللجنة التنفيذية لعمل مكاتب المنظمة في البلدان المختلفة انعكاسا لافتقار المنظمة للسياسة المركزية المحددة ومحاولة إقناع الجماهير بأن ثمة أعمالا لتلك المكاتب. إذ قام بعضها بتدريب بعض فتيات المدارس كمسعفات ميدان والاحتفال – بحضور رجال الصحافة – بهذه المناسبات ففي الوقت الذي لا يوجد فيه جنود مدربون يحتاجون الإسعاف.
مذكرة المكتب السياسي للقوى الثورية الفلسطينية التي قدمها إلى المؤتمر الوطني المنعقد في القاهرة
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1341 – 1344”
وقام بعض آخر بحملة لجمع الألبسة القديمة كمعونة الشتاء وكأن منظمة التحرير جمعية للبر والإحسان والكشافة. إن سياسة مثل هذه تعكس الأسلوب الدعوي العاجز عن الكفاح في سبيل العمل الجدي .
تاسعا: إتباع رئيس اللجنة التنفيذية وأعضاء لجنة التنظيم الشعبي في اللجنة التنفيذية سياسة المجامله غير المسئولة مع فئات المكتب السياسي ومع الفئات الأخرى. دون المحاولة الجادة إلى الوصول إلى تنسيق يخدم قضية وحدة العمل الفلسطيني ورص صفوفه في الوقت الذي كان من الممكن الاستفادة من تجربة المكتب السياسي وتطويرها ودعمها في سبيل إيجاد إطار قوى محدد لوجهي النضال الفلسطيني الشعبي والرسمي. وبعد، فإن المكتب السياسي لا يهدف من وراء عرض ذلك إلا تصحيح هذه الأخطاء وتجنب أخطارها حرصا على سلامة المنظمة واتجاه النضال الفلسطيني من أجل التحرير. وهو في الوقت الذي يعلن فيه على هذا الحرص بكل إيجابية لا متناهية يقرر بأن الأخطاء التي تنتج بحسن النيه عن تقصير أو اهمال أو سوء تقدير قد تصل إلى درجة الخيانة والإساءة البالغة إلى القضية. ولذلك فإن الجماهير الفلسطينية وفئاتها المنظمة الواعية لم تعد تقبل الأعذار والمبررات الفلسفية لأي خطأ يقع. بل أصبحت قادرة على كشف كل الأخطاء واستئصال مصادرها بكل الوسائل الممكنة حفاظا على المنظمة من كل انحراف ولابد للمكتب السياسي من أن يشير إلى بعض الأعمال الإيجابية التي قامت بها المنظمة كإعلان التجنيد العام في قطاع غزة وتدريب بعض الشبان في سوريا والعراق وضم كتيبة الفدائيين الفلسطينيين في سوريا إلى نواة جيش التحرير الفلسطيني. إن هذه الأعمال يجب أن تكون في حد ذاتها منطلقا إلى أعمال أخرى أدق تخطيطا وأوسع شمولا بحيث تتناول أبعاد المعركة ضمن إطار الدور الطليعي لشعب فلسطين.
إن المكتب السياسي يستلفت أنظار المجلس الوطني الفلسطيني إلى ضرورة تقييم دقيقة لجملة ما أنجزته منظمة التحرير في سنتها الأولى وضرورة محاسبة المسئولين عنها محاسبة جريئة والتصدي لكل محاولة لبلبلة النضال الشعبي الفلسطيني وذلك من أجل إيجاد كيان فلسطيني ثوري يعرف دوره في المجال الرسمي والشعبي، ومنظمة تحرير قادرة على تجسيد هذا الكيان وحمل أعباء النضال.
مطالب المكتب السياسي:
إيجاد لجنة تنفيذية تعتمد القيادة الجماعية والسياسية المركزية الواضحة المحددة الأهداف ضمن دور شعب فلسطين الطليعي واعتماد الفئات الثورية قاعدة شعبية للمنظمة على مختلف مستوياتها وأن تعمل منظمة التحرير الفلسطينية في الجامعة العربية وفي القيادة الموحدة على قدم المساواة مع الدول العربية وفي حالة تعذر ذلك تتفرد بسياستها وتكتفي بالتعاون مع الدول العربية التي تقبل مبدأ المساواة. هذا فإنه من المفروض أن يكون دور الفلسطينيين دورا ثانويا تخمينيا في التخطيط لمعركة التحرير.
إننا نعتقد أن الظروف الصعبة المعقدة التي تعيشها المنظمة في بعض الدول
مذكرة المكتب السياسي للقوى الثورية الفلسطينية التي قدمها إلى المؤتمر الوطني المنعقد في القاهرة
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1341 – 1344”
العربية توجب عليها بشكل زائد وحيوي أن تعتمد التنظيم الشعبي للفئات الثورية الفلسطينية وأن تدعم هذه الفئات في مجالها التنظيمي وأن تنسق معها سياستها العامة فيكتمل وجها المعركة: الوجه الرسمي كمحصل لإمكانات التحرير من الدول العربية والوجه الشعبي كمحصل للقوى الثورية الفلسطينية. والمكتب السياسي يضع تجربته للقيام بهذا الدور الشعبي. وما لم يتم ذلك فإن الفئات الثورية الفلسطينية ستظل مستقلة بسياستها العامة ولن تشعر بمسئولياتها كاملة أمام المنظمة وستشق طريقها وحدها مما يجزئ العمل الفلسطيني ويحرجه.
إننا حريصون جدا على وجود المنظمة ودعمها حيث إنها تتمكن من إبراز الشخصية الفلسطينية وفتح مجالات عسكرية وسياسية لا تقوى عليها الفئات الشعبية في مرحلتها الحاضرة. ولذلك سنظل على دعمنا للمنظمة ومحاولة تطويرها وتثويرها ولكن ما لم تأخذ المنظمة بالملاحظات السابقة وتحقق المطالب الأساسية المذكورة وتتلافى الأخطاء التي أوردناها فسيظل العمل الفلسطيني داخل المنظمة غير مكتمل التأهل لقيادة شعب فلسطين وستظل صعوبات كثيرة أمام الفئات الفلسطينية كان من الممكن تلافيها.
وبعد فإن فئات المكتب السياسي. وهي فئات ثورية اعتمدت التنظيم في قيادة شعب فلسطين وإعداده ليلعب دوره الأساسي في معركة التحرير وهي تعمل باستمرار للتعاون مع كل الفئات الفلسطينية المخلصة وعلى رأسها منظمة التحرير الفلسطينية.
والنصر للثوار المكافحين.
المكتب السياسي للقوى الثورية الفلسطينية للعمل الموحد:
1 – جبهة التحرير العربية الفلسطينية.
2 – الجبهة الثورية لتحرير فلسطين.
3 – جبهة الفداء.
4 – جبهة التحرير الفلسطينية ت. ف.
5 – جبهة التحرير الفلسطينية جـ. ت. ف.
6 – جبهة التحرير الوطني الفلسطيني.
7 – الجبهة القومية للتحرير الفلسطيني.
8 – تكتل الفدائيين الفلسطينيين.