مذكرة الهيئة العربية العليا للدول العربية بمناسبة افتتاح الكنيست اليهودي بالقدس

مذكرة الهيئة العربية العليا للدول العربية بمناسبة افتتاح الكنيست اليهودي بالقدس
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الارشاد القومي، ج 2، ص 1533- 1535”

مذكرة الهيئة العربية العليا للدول العربية
بمناسبة افتتاح الكنيست اليهودى بالقدس(*)
بيروت فى 21/ 9/ 1966

          يعتبر افتتاح دار البرلمان الاسرائيلى مؤخرا في القدس تحديا خطيرا للأمة العربية، ودليلا أكيدا على اعتزام الاعداء مواصلة تنفيذ مخططاتهم الاستعمارية العدوانية على شعب فلسطين والوطن العربى بغية اقامة دولتهم المزعومة من الفرات الى النيل وجعل القدس عاصمة لها.

          لقد سبق للهيئة العربية العليا لفلسطين أن اثارت موضوع المخططات الاستعمارية العدوانية فى مختلف المناسبات مسترعية الانظار الى خطورتها وتأثيرها على قضية فلسطين وحقوق شعبها، موضحة أسلوب الاعداء فى تنفيذ مخططاتهم وبلوغ اهدافهم فى خطوات متتابعة، مشيرة الى تصميمهم على تنفيذ مقرراتهم العدوانية بشأن مدينة القدس والضفة الغربية.

          لقد باشر الاعداء فعلا تنفيذ مخططهم الخاص بالقدس منذ مطلع النكبة وبشكل متتابع فنقلوا اليها قسما من دور الحكومة والوزرات، وخاصة وزارة الخارجية، وطلبوا من جميع الدول نقل سفاراتها أو مفوضياتها اليها. واصروا على استقبال البعثات الدبلوماسية فيها كلما امكنهم ذلك وجعلوا رئيس “دولتهم” وكبار المسئولين منهم يقيمون بها أطول مدة ممكنة وعمدوا الى حشد المهاجرين المقاتلين وتكديس الاسلحة المتنوعة فى القلاع المحصنة التى أنشأوها فى القدس المحتلة وعلى طول حدود الهدنة لاقامة فرق “الناحال” اليهودية العسكرية استعدادا لتنفيذ عدوانهم المبيت على القدس العربية، كما عمدوا الى اقامة المشاريع الصناعية والعمرانية الضخمة. وقد اقاموا مؤخرا في القدس أضخم استعراضاتهم العسكرية مستهينين بالعالمين العربى والاسلامى، وباتفاقية الهدنة ومعتمدين على سياسة الأمر الواقع ومواقف القوة.

          وجاء افتتاح مبنى “الكنيست اليهودى” فى القدس فى الشهر الماضى، خطوة خطيرة على الطريق المؤدى الى اثبات سيطرتهم التامة عليها وحرية تصرفهم فيها، تمهيدا لاعلانهم اياها عاصمة رسمية وفعلية لهم، واقامة هيكل سليمان فيها على انقاض المسجد الاقصى، وتعبيرا عن تصميمهم على المضى فى تنفيذ مخططاتهم العداونية على الشعب الفلسطينى والأمة العربية باقامة دولة “اسرائيل” من النيل الى الفرات كما سجلوا ذلك على باب الكنيست.


        (*) فلسطين- نشرة الهيئة العربية العليا لفلسطين- العدد 67 تشرين أول (اكتوبر) 1966

  

مذكرة الهيئة العربية العليا للدول العربية بمناسبة افتتاح الكنيست اليهودي بالقدس
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الارشاد القومي، ج 2، ص 1533- 1535”

          من هنا تتبين الاخطار البالغة والاضرار الجسيمة التى تترتب على خطوة الأعداء الأخيرة الجريئة بافتتاح مبنى برلمانهم فى القدس لزيادة سيطرتهم عليها ثم اتخاذها قاعدة انطلاق لتنفيذ مخططاتهم الخاصة بالاستيلاء على الضفة الغربية كما اعلنوا عن ذلك فى ظروف ومناسبات.

          ولا شك فى ان هذا يستوجب قيام الحكومات العربية الموقرة بمواجهة مخططات الاعداء على مختلف المستويات بكل جد وتصميم، والمبادرة الى اقرار ما يجب تنفيذه عاجلا لحماية القدس وتوكيد عروبتها ودعم الضفة الغربية وتحرير الأرض المقدسة جميعها من الاستعمار الصهيونى.

          ولا شك فى أن أهم ما يجب عمله فى هذا الموقف هو المباشرة بتحصين مدينة القدس ومنطقتها تحصينا كاملا، واقامة القواعد الدفاعية الكافية فيها مما تتطلبه خطورة الموقف، مع تسليح وتدريب جميع المواطنين ليشاركوا الجيش العربى الأردنى شرف الدفاع عن سلامة القدس والضفة الغربية عند أول بادرة من بوادر العدوان اليهودى.

          ونظرا الى الاوضاع الاقتصادية الخاصة بالضفة الغربية، واضطرار عدد كبير من الشبان الى مغادرة وطنهم سعيا وراء الرزق فى دول الخليج العربي وغيرها، وما يؤدى اليه ذلك من حرمان الضفة الغربية من عنصر الشباب وأصحاب الكفاءات العلمية والايدى العاملة، فقد أصبح من الضرورى جدا مضاعفة العمل على انعاشها صناعيا وزراعيا وتجاريا وثقافيا باقامة المزيد من المصانع والمزارع وشق الطرق وبناء المعاهد العلمية والدينية والمستشفيات وتيسير سبل التجارة والعمران مما يؤدى الى تنمية الطاقات داخل الوطن واستغلال جهد الشعب الفلسطينى واعداده لمواجهة الاعداء على أفضل وجه.

          أما على الصعيدين العربى والدولى فان الفلسطينيين يطالبون الحكومات العربية الموقرة ببذل جميع الجهود الممكنة لعرقلة خطط الاعداء المبيتة ضد القدس والضفة الغربية وذلك بالسعى لدى جميع الدول الاسلامية والصديقة وحملها على فتح قنصليات لها فى القدس العربية والعمل لاقناع الدول الاجنبية بعدم الاستجابة لمخططات الاعداء وبالامتناع عن نقل سفاراتها الى القدس المحتلة.

          كما أن الفلسطينيين يرجون الدول العربية الموقرة الاهتمام بالضفة الغربية اهتماما خاصا ودعم جهود المملكة الاردنية فى الدفاع عن البلاد، وتقديم المساعدات المادية والدبلوماسية اللازمة للحكومة الاردنية لتستطيع تحقيق برامج الانعاش الاقتصادى وتنفيذ خطة تحصين الخطوط الامامية وتسليح المواطنين وتدريبهم، والعمل على عقد اكبر قسم ممكن من الاجتماعات العربية الرسمية فى مدينة القدس ولا سيما اجتماعات الجامعة العربية ولجانها ومؤسساتها ومؤتمراتها المختلفة كمظهر للتضامن العربى والتصميم الجاد على حفظ عروبة المدينة المقدسة وحماية الضفة الغربية واستعادة الوطن العربى “فلسطين”.

مذكرة الهيئة العربية العليا للدول العربية بمناسبة افتتاح الكنيست اليهودي بالقدس
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الارشاد القومي، ج 2، ص 1533- 1535”

          ان المخططات الصهيونية بالغة الخطورة، ويتطلب احباطها عملا جديا من الحكومات العربية الموقرة عامة، ومن المملكة الأردنية الهاشمية خاصة التى نؤمل منها ان تولى القدس عنايتها الفائقة وتضفى عليها طابعا رسميا مميزا يجعلها عاصمة للنشاط السياسى لأطول فترة ممكنة سنويا كعقد الاجتماعات الوزارية وجلسات المجلس النيابى فيها وكذلك المؤتمرات السياسية والعلمية والفنية ونحوها.

 

 

بيروت فى 21 ايلول 1966.
الهيئة العربية العليا لفلسطين


 

Scroll to Top