مذكرة الوفد العربي الفلسطيني الأول إلى الحكومة البريطانية حول المطالب الوطنية لعرب فلسطين

مذكرة الوفد العربي الفلسطينى الأول إلى الحكومة البريطانية
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 297 – 301”

مذكرة الوفد العربى الفلسطينى الأول
إلى الحكومة البريطانية
حول المطالب الوطنية لعرب فلسطين
12 /8 /1921

         إن أهالى فلسطين من مسلمين ومسيحيين الذين نمثلهم قد أوفدونا لنطلب من الشعب الانجليزى الحر ومن حكومة انجلترا حليفة العرب ما يأتى:

أولا:

نطلب انشاء حكومة وطنية تكون مسئولة أمام مجلس نيابى “برلمان” منتخب من السكان الذين قطنوا فلسطين قبل الحرب من مسلمين ومسيحيين ويهود. وهذه الطلبات نبنيها على ما يأتى:

 

(أ)

على المعاهدة المعقودة بين جلالة الملك حسين من جهة والحكومات البريطانية من جهة أخرى في 24 أكتوبر سنة 1915 بواسطة السير مكماهون الذى كان ممثلا لحكومة بريطانيا العظمى في ذلك الوقت ويتكلم بلسانها وفي هذه المعاهدة اعترفت انجلترا باستقلال البلاد العربية والمبينة حدودها فيها ومن ضمنها فلسطين.

 

(ب)

على تصريح بريطانيا وفرنسا المشترك الصادر في 11 نوفمبر سنة 1918.

 

(جـ)

على تصريح اللورد اللنبى فى 14 نوفمبر سنة 1918.

 

(د)

على تصريحات ابان الحرب فاه بها رجال السياسة ورؤساء الحكومات المسئولون كتصريح المسيو بريان الذى كان وقتئذ رئيسا لوزراء فرنسا أمام مجلس النواب في 3 نوفمبر لسنة 1915 وتصريح السير ادوارد غراى الذى كان وزيرا لخارجية بريطانيا أمام لجنة الأمور الخارجية فى 27 أكتوبر سنة 1916 وعلى رد الحلفاء على مذكرة الرئيس ولسن فى 10 أكتوبر سنة 1917 وعلى تصريح المسيو ريبو رئيس وزراء فرنسا أمام مجلس النواب فى 23 مايو سنة 1917 وعلى ما دار في مجلس النواب الافرنسى في ليلة 4 و 5 من شهر حزيران سنة 1917، وما دار في مجلس الاعيان الافرنسية في 6 حزيران سنة 1917 وعلى تصريح للمستر لويد جورج فاه به في جلاسكو في 29 حزيران سنة

       مذكرة خطية موجودة في مكتب السجلات العامة – لندن.

(تابع) مذكرة الوفد العربى الفلسطينى الأول إلى الحكومة البريطانية
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 297 – 301”

 

 

1917 وعلى تصريح المسيو بوانكاريه وأخيرا على تصريحات الرئيس ولسن المتعددة قال فيها أن الحلفاء انما دخلت الحرب لتحرير الأمم الضعيفة ولاستقلال الشعوب التى كانت مظلومة من الأتراك ولم يخطر على بال أحد أن ترغم هذه الشعوب على قبول شكل حكومة لا يريدونه.

 

(هـ)

ان استعداد الشعب الفلسطينى للحكم الذاتى لا يقل عن استعداد غيره من الشعوب التى قد ساعدتها بريطانيا في الماضى والحاضر على الاستقلال وهنا نذكر اليونان والعرب والجبل الأسود وبولاندا والعراق.

ان ما ينوف عن الخمسة وأربعين بالمائة من سكان فلسطين يقرأون ويكتبون وقد يوجد بينهم ما يزيد عن الالف من متخرجى المدارس العليا كمدارس الطب والحقوق والهندسة وباقى العلوم. وقد صرح المندوب السامى فى خطابه فى 3 حزيران سنة 1921 حيث قال: أسر عندما أرى بين الأهالى شوقا حارا للتمتع بمنافع التعليم. وهذه الشهادة تكفى للغرض.

 

(و)

كنا نتمتع تحت حكم الأتراك بكثير من حقوقنا السياسية وكنا نوفد الممثلين لنا لمجلس المبعوثان في الاستانة وبذلك نشترك في إدارة كل السلطة ولكن ثرنا عليهم طلبا في الاستقلال ولذا أيضا اتحدت قواتنا مع بريطانيا وحاربنا مع الحلفاء جنبا لجنب ومن المعروف أن عددا كبيرا من جيش الملك فيصل كان من العرب الفلسطينيين.

 

(ز)

ان الحكومة الوطنية الفلسطينية تقوم بنفقات الادارة وتوفر على بريطانيا الملايين التى تنفقها الأمة على جيشها الذى أكبر سبب لوجوده في فلسطين انما هو لتنفيذ الفكرة الصهيونية. فالميزانية الحاضرة مع ما يمكن اقتصاده من المال بالرغم من وظائف كثيرة لا لزوم لها ومع الاقتصاد المعقول ومع الصرف والتبذير القائمين على قدم وساق في الادارة المالية تكفى ليس لادارة البلاد فقط بل أيضا لانشاء جيش صغير وقوة من البوليس والجندرمة للأمن العام. أن مادة (23) من عهد جمعية الأمم تخول الاستقلال الذاتى للبلاد المسلوخة عن تركيا والتى منها فلسطين.

ثانيا:

نطلب الغاء فكرة انشاء وطن قومى لليهود في فلسطين.

 

(أ)

كل من اطلع على تاريخ الحركة الصهيونية وعلى أقوال المسئولين وطبق هذه الأقوال على ما هو جار الآن في فلسطين لا بد له من الاعتراف بأن هناك خطرا داهما يهدد حياتنا كافة ولو اجتهد الصهيونيون لاخفاء نواياهم الحقيقية المبنية عليها سياستهم وعندنا من هذه الأقوال التى لا يمكن دحضها أو تفسيرها بغير تفسير انشاء حكومة يهودية.

 

(ب)

ان عدد اليهود الذين سكنوا فلسطين قبل الحرب لم يتجاوز السبعة في المائة من مجموع عدد السكان وبين هذه الاقلية الساحقة لا يوجد ما يزيد عن العشرة بالمائة تتكلم اللغة العبرانية وأما الباقون فيتكلمون العربية. وقد وضعت السلطتين التنفيذية والقضائية في أيدى رجلين

 

(تابع) مذكرة الوفد العربى الفلسطينى الأول إلى الحكومة البريطانية
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 297 – 301”

 

 

هما صهيونيان صميمان فهذه الاجراءات قد ضاعفت مخاوف الأهالى من خطر الوطن القومى.

 

(جـ)

ان ادعاء اليهود في فلسطين بنى على كونهم احتلوا هذه البلاد لمدة وجيزة قبل ما ينوف عن الفى سنة وقد كانوا في عراك دائم مع جيرانهم مدة هذا الاحتلال ولم يتركوا آثارا تذكر في فلسطين تقابل مع الآثار التى تركها العرب والذين سكنوا البلاد مدة هى أطول بكثير من مدة الاحتلال اليهودى. زد على ذلك أن العرب ورثوا بلادهم عن أجدادهم جيلا بعد جيل فأى عدالة ترغمهم أن يشركوا شعبا آخر معهم في بلادهم.

ثالثا:

نطالب أن توقف الهجرة اليهودية إلى فلسطين بينما تؤلف حكومة وطنية:

 

(أ)

قد كانت هذه المهاجرة من أهم أسباب العوز وغلاء المعيشة في فلسطين.

 

(ب)

ان جلب عدد كبير من العمال اليهود ليزاحموا العامل الوطنى قد جعلت حالة هذا الأخير تزيد سوءا عما كانت عليه قبل خصوصا ان العامل اليهودى يتمتع بعطف الحكومة فحالة فلسطين الاقتصادية لا تسمح بالمهاجرة.

 

(جـ)

وقد دخل إلى البلاد مع المهاجرين يهود متشربون المبادىء البلشفية واجتهدوا في منشوراتهم ومظاهراتهم وأعمالهم ليس محاربة المتمولين فقط بل قلب الحكومة البريطانية.

 

(د)

المهاجرة هى أسباب الاضطرابات التى حدثت في البلاد التى قتل من جرائها الأبرياء ونكلت الدماء وهذا مما يؤسف له جدا فقد حدث اضطراب في القدس في 4 نيسان سنة 1919 وآخر في حيفا في آذار سنة 1921 وآخر في يافا في ايار سنة 1921 فأوقف السير هربرت صموئيل المهاجرة عندما شعر بخطرها ولكنه عاد وسمح بها وقد ادمج قيودا لادخال المهاجرين بصورة ان هذه القيود هى واسعة جدا كأنها تفتح باب المهاجرة من دون قيد جديد.

رابعا:

نطلب أن تحكم البلاد بموجب القانون العثمانى الذى كان معمولا به قبل الحرب وأن تلغى جميع الشرائع والقوانين التى سنت بعد الاحتلال البريطانى وان لاتسن قوانين الا بعد ما تشكل حكومة وطنية.

 

(أ)

ان حكومة فلسطين قد سنت قوانين قبلما يبت في مصير البلاد وبدون استشارة الأهالى الذين سنت هذه القوانين لأجلهم. زد على ذلك أن معظم هذه القوانين مضر بصالح الأهالى.

 

(ب)

ومن هذه القوانين قانون منع الجرائم الذى يمنح الحكام ورؤساء المحاكم فى المادتين 2 و 3 حق القبض على من يشاءون من الناس بصورة ادارية وبدون محاكمة وتكليفهم دفع مبلغ على حسن سلوكهم وقد يستندون في عملهم هذا على مجرد اعتقادهم بأن فلانا من الناس هو خطر على الهيئة أو ينوى أن يكون مشوشا لها فقانون كهذا يحكم على نيات

 

(تابع) مذكرة الوفد العربى الفلسطينى الأول إلى الحكومة البريطانية
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 297 – 301”

 

 

الناس الغير مصرح بها ويقيد حريتهم الشخصية ويهدد كل عضو في الهيئة الاجتماعية بالغرامة والحبس لمجرد وشاية واش لا يمكن قبوله بصمت وقد يسهل هذا الفانون الوشاية لمن أراد أن يكتسب رضاء الحكومة أو أن ينتقم من أحد الناس لعداء شخصى موجود بين الاثنين عدا عن أنه يزيد في سوء التفاهم بين الحاكم والمحكوم. وقد طبق هذا القانون على أناس متعددين ذوى منزلة رفيعة بين الأهلين وسلوك حسن ونحتج على أن قانون كهذا لا يجب أن يسن تحت إدارة ملكية والبلاد في حالة سلم لا في حالة حرب وليس هناك ظروف فوق العادة تجيزه.

 

(جـ)

في المادتين 14 و 15 من قانون البوليس الجديد قد منحت الادارة نفسها الحق أن تزيد عند اللزوم عدد البوليس في مقاطعة على أن تجبى من الأهالى ما يقوم بنفقات هذا البوليس الاضافى.

نرى أن حفظ الأمن هو من أهم واجبات الحكومة واذا اقتضى الأمر كزيادة عدد البوليس يجب أن يصرف لهم نفقات من ميزانية البوليس العامة وليس من جيوب تلك المقاطعة فان المحاكم وجدت لمحاكمة المجرمين ان كان هنالك جرم من أهالى تلك المقاطعة أو غيرها.

 

(د)

في أول أكتوبر سنة 1921 صدر قانون الاراضى المحلولة وقد منحت الحكومة لنفسها الحق بالاستيلاء على بقعة من الأرض أهملت زراعتها وفلاحتها مدة ثلاث سنوات. نعم ان الحكومة العثمانية سنت قانونا كهذا ولكنها لم تعمل به أبدا وذلك لأن هناك أسبابا معقولة لترك الأرض بدون زراعة. فكان الاجدر بحكومة فلسطين أن تنتظر حينما تمر الازمة الحالية الناتجة عن الحرب وحتى تشكل حكومة وطنية تنظر في أقدس حقوق الأهالى وهى الملكية الشخصية.

 

(هـ)

وقد أصدرت قانونا آخر يختص بالاراضى وحددت فيه ما يمكن للشخص شراءه من الارض في المدن بثلاثين دونما وفي القرى والمزارع بثلاثمائة دونم انما صرحت للجمعيات والشركات بشراء عدد يزيد كثيرا عما ذكر. وقد أعطى المندوب السامى لنفسه الصلاحية لتحوير هذا القانون وتغيير مواده وتطبيقها حسبما يتراءى له. فقانون كهذا يحدد الملكية الشخصية وكان من سوء نتيجته أنه زاد في اشتباه الأهالى وتخوفهم من المقاصد الصهيونية.

 

(و)

ثم في 26 آب سنة 1920 صدر قانون المهاجرة وقد حفظ المندوب السامى لنفسه الصلاحية بحسب. المادة الخامسة منه (بالسماح) لكل من أراد الدخول إلى فلسطين. وبحسب المادة الثامنة من هذا القانون يمكن للمندوب أن يخرج من البلاد من أراد من الناس اذا تراءى له ذلك ثم قد زاد على ذلك بأنه أعطى لنفسه الصلاحية بإعفاء أى شخص أو أشخاص من هذا القانون أو من بعض مواده. فمن يضمن أن هذه الصلاحية لا تستعمل في صالح اليهود وهل روح العصر تسمح بصلاحيات كهذه تعطى لشخص واحد؟

 

(تابع) مذكرة الوفد العربى الفلسطينى الأول إلى الحكومة البريطانية
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 297 – 301”

 

 

فهذا أيضا قد زاد في تخوف الأهالى واشتباههم بمقاصد اليهود.

 

(ز)

وصدر قانون آخر فى 4 تموز سنة 1918 يسلب الاهالى حقهم فى تمييز الدعاوى التى تحكم فيها محاكم الاستئناف فهذا الحق كنا متمتعين به فى عهد الحكومة العثمانية ولا يمكن لشعب متمدن أن يسلم به.

خامسا:

نطلب عدم فصل فلسطين عن أخواتها المقاطعات العربية المجاورة لها.

 

(أ)

ان تجزئة البلاد العربية التى كانت تحت حكم الدولة العثمانية واعتناق كل منها قوانين وأنظمة مختلفة بخصوص الجمارك والتلغراف والسكك الحديدية والمصارف بالطبع يضر في مستقبل وتقدم الأمة العربية الطامحة لاسترداد مدنيتها ومجدها السابق.

 

(ب)

النفقات الكبيرة التى يلزم صرفها للقيام بالحكومات المركزية والادارية والجمارك المتفرقة والضرائب على أهالى كل من المقاطعات المختلفة تسبب حملا ثقيلا ويستغنى عن ذلك اذا كانت كل هذه المقاطعات تدار بحكومة متحدة بلغة واحدة وجمرك واحد “الى آخره”.

 

(جـ)

الحلفاء الذين جاهروا بأن الشعوب الذين كانوا محاربين لهم ستتبع سياسيا أصلها كضم التيرول إلى ايطاليا والرومانيين الذين كانوا تحت حكم أوستريا لرومانيا فبكل تأكيد يمنحون ذلك للعرب الذين حاربوا معهم جنبا لجنب وساعدوهم فى احراز النصر.

(الأعضاء)

 

إبراهيم شماس – شبلى جمل – أمين التميمى – توفيق حماد – موس كاظم الحسينى (رئيس الوفد الفلسطينى العربى).

Scroll to Top