مذكرة سكان القدس إلى السيد عبدالمنعم الرفاعي رئيس مجلس الوزرائ الأردني بشأن الضغوط الاقتصادية التي تمارسها إسرائيل عليهم

مذكرة سكان القدس إلى السيد عبد المنعم الرفاعي، بشأن الضغوط الاقتصادية التي تمارسها سلطات الاحتلال
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1969، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 5،ص 250 – 252”

 

مذكرة سكان مدينة القدس إلى السيد عبد المنعم
الرفاعي، رئيس مجلس الوزراء الأردني، بشأن
الضغوط الاقتصادية التي تمارسها سلطات الاحتلال
عليهم.

 

 

القدس

(الدستور، عمان، 29/6/1969)

 

        تحية واحتراما وبعد،
        يتعرض السكان في القدس إلى ضغط شديد من السلطات الإسرائيلية، حيث وجهت إلى الغالبية العظمى منهم إشعارات رسمية بوجوب دفع عدد من الضرائب والرسوم الحكومية والبلدية، وتقديم كشوفات مفصلة على نماذج خاصة بما يملكونه من أموال منقولة وغير منقولة بما في ذلك الحلي والمصاغ العائد إلى النساء وربات البيوت، وإلا تعرضوا إلى عقوبات وغرامات صارمة نصت عليها القوانين الإسرائيلية المختصة.

        إن هذه الضرائب والرسوم مرتفعة وباهظة وتبلغ في بعضها مستوى خياليا، لا يتناسب مطلقا وإمكانيات السكان العرب المحدودة والظروف المعيشية القاسية، التي يواجهونها في ظل الاحتلال. كما ان هذه الضرائب والرسوم تفرض على السكان العرب، بموجب قوانين وأنظمة إسرائيلية سارية المفعول على السكان في إسرائيل، وهذه الإجراءات الإسرائيلية القاسية تتعارض، بصورة واضحة، مع القانون الدولي والمواثيق الدولية التي تحتم على الدولة المحتلة احترام الأنظمة والقوانين التي كانت قائمة ومعمولا بها قبل الاحتلال، كما تتعارض مع قراري مجلس الأمن بشأن القدس الصادرين سنة 1967، ومع قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي صدرت بإجماع الأصوات فيما عدا صوت واحد هو صوت إسرائيل، والتي تطلب جميعها من إسرائيل عدم إحداث أي تغييرات في الوضع الذي كان قائما في القدس قبل 5/6/1967. وقد لجأت السلطات الإسرائيلية إلى عدد من الوسائل والإجراءات التعسفية وغير الإنسانية في تحصيل وجباية هذه الضرائب من السكان العرب، ومن هذه الطرق:
        1 – أرسلت اخطارات، موقعة من متصرف لواء القدس الإسرائيلي، إلى عدد من مستأجري العمارات الفندقية والسكنية والتجارية تطلب منهم حجز بدلات إيجارات هذه المساكن، ودفعها إلى المسؤولين الإسرائيليين عن الضرائب، تسديدا لضرائب مفروضة على أصحاب هذه العمارات.
        2 – أرسلت اخطارات إلى أصحاب المؤسسات والشركات المساهمة وأصحاب العمل تطلب منهم وجوب اقتطاع الضرائب المطلوبة من موظفيها المكلفين، ودفعها إلى المسؤولين عن الضرائب رأسا.
        3 – قام جباة ضريبة الدخل وجباة البلدية، يرافقهم رجال الشرطة بالحجز على موجودات عدد من المخازن التجارية والفنادق، ومنها فندقا سانت جورج والوطني، وقد جمد الحجز مؤقتا على هذين الفندقين بعد تدخلات خاصة مع المسؤولين، وبعد أن دفعا مبلغا على الحساب. والانكى من ذلك كله، ان المكلف العزبي في المدينة يتوجب عليه، قانونا، المساهمة في نفقات الدفاع الإسرائيلي، وفي شراء الأسلحة والمعدات الحربية للجيش الإسرائيلي، مثله في ذلك مثل المواطن الإسرائيلي حيت يتوجب عليه أيضا دفع ضريبة تسمى “ضريبة الأمن”، وهي تتراوح بين 10 بالمئة و 20 بالمئة من الضرائب المفروضة عليه، سواء كانت ضريبة دخل، أو رسم ترخيص سيارة، أو رسوم هاتف وغير ذلك. فمثلا بالنسبة إلى ضريبة الدخل، إذا فرض على شخص ما ضريبة دخل تبلغ عشرة آلاف ليرة إسرائيلية، فان على هذا الشخص أن يدفع أيضا 10 بالمئة من هذا المبلغ “أي ألف ليرة إسرائيلية” ضريبة أمن. وبالنسبة لترخيص السيارات، فان عليه أن يدفع 20 بالمئة من رسم الترخيص ضريبة أمن. وكذلك رسوم الهاتف والمكالمات.

        ولا بد إنكم تلاحظون ذلك بوضوح من الإشعارات الرسمية التي بعثنا نسخا عنها إليكم. كما تلاحظون إن هذه الإشعارات صادرة بموجب القوانين الإسرائيلية وبالاستناد إليها، وهو أمر في غاية الخطورة، ولا يجوز السكوت عليه والتغاضي عنه. لقد قدمنا احتجاجات رسمية للمسؤولين الإسرائيليين، في عدة مناسبات، على فرض هذه الضرائب وضريبة الأمن، وأوضحنا لهم ان هذه الإجراءات القاسية والضرائب المرتفعة لا تتمشى وإمكانيات السكان العرب المحدودة، ولا تأخذ بعين الاعتبار الظروف القاسية التي يواجهونها في ظل

<1>

مذكرة سكان القدس إلى السيد عبد المنعم الرفاعي، بشأن الضغوط الاقتصادية التي تمارسها سلطات الاحتلال
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1969، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 5،ص 250 – 252”

الاحتلال الذي يجثم على صدورهم، وتتجاهل تجاهلا فاضحا القوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن والهيئة العامة. ولكن احتجاجاتنا ذهبت إدراج الرياح، ولم تلق أي اهتمام أو تقدير ولا شك في ان الإسرائيليين يهدفون من وراء ذلك تدمير الاقتصاد العربي في المدينة العربية، وبسط سيطرتهم الاقتصادية والتجارية عليها، ووضع السكان العرب في ظروف اقتصادية ومالية صعبة جدا، والضغط عليهم عن طريق هذه الضرائب التي لا تطاق، وإجبارهم على ترك المدينة والرحيل عنها، وكذلك الضغط على أصحاب الأملاك والمخازن التجارية لبيعها تخلصا من الضرائب المختلفة المفروضة عليها. وفي رأينا، أن هذا الموضوع هو اشد خطرا وأبعد أثرا على السكان العرب من قانون التنظيمات الإدارية، وان من الضروري جدا، بل ومن الحيوي، أن تقوم الحكومة الأردنية وهي المسؤولة عن السكان العرب وأحوالهم، وعن هذه المدينة الخالدة وعن بقائها عربية، بدور إيجابي وفعال للاعتراض رسميا على هذه الإجراءات ومقاومتها ووقفها، قبل أن تصبح أمرا واقعا، وذلك عن طريق إثارة هذا الموضوع في مجلس الأمن، وعلى المستويات الدبلوماسية العليا.

         واننا لعلى ثقة بان الحكومة ستقوم بالخطوات السريعة اللازمة في هذا السبيل، مما سوف يكون له ابعد الأثر في التخفيف من الضغط الشديد الظالم الذي يتعرض له السكان العرب في المدينة عن طريق فرض هذه الضرائب الباهظة.

         واننا نود أن نبين فيما يلي هذه الضرائب ومستوياتها، وذلك للاستفادة منها في عرض القضية من قبلكم في مختلف المجالات والمحافل الدولية والدبلوماسية، كما نرفق نسخا من الإشعارات والإنذارات المختلفة التي أرسلت للسكان العرب ولا تزال ترسل يوميا استنادا إلى القوانين الإسرائيلية، من اجل الاستعانة بها في دعم القضية. كما نرفق نسخة من دراسة شاملة قمنا بها للوضع الاقتصادي المتدهور للسكان العرب في المدينة.
         1 – ضريبة الدخل: تجبى هذه الضريبة من المواطنين العرب في القدس بموجب القانون الإسرائيلي، كما هو واضح من مختلف الإشعارات التي أرسلتها دائرة ضريبة الدخل في إسرائيل، ويتراوح مستواها من ضعفين إلى عشرة أضعاف الضريبة التي كانت تجبى بموجب قانون ضريبة الدخل الأردني، مع أن الوضع الاقتصادي خلال الحكم الأردني كان مزدهرا، والحركة التجارية نشيطة جدا ولا يمكن مقارنتها بالحالة الاقتصادية المتدهورة والحركة التجارية الراكدة خلال حكم الاحتلال الإسرائيلي.
         2 – رسوم ترخيص وتجديد رخص السيارات – وهذه الرسوم تجبى أيضا بموجب قوانين وأنظمة إسرائيلية، وتبلغ في مستواها ما بين أربعة وخمسة أضعاف الرسوم الأردنية، وذلك حسب نوع السيارة وقوتها. فمثلا يبلغ رسم ترخيص سيارة أميركية من نوع “شفرولية” ذات ستة محركات حوالي مئة وعشرة دنانير سنويا، وسيارة صغيرة من نوع “فيات 1100” تدفع أربعين دينارا سنويا رسم ترخيص. وبالإضافة إلى ذلك تستوفي سلطات الترخيص 20 بالمئة من رسم الترخيص المقرر عن ضريبة الأمن التي أشرنا إليها.
         3 – ضريبة التأمين الوطني: وهي تفرض على جميع السكان العرب في المدينة، وعلى الشركات والمؤسسات التجارية والمهنية بموجب قانون وأنظمة إسرائيلية، ولم تكن تفرض مثل هذه الضريبة خلال الحكم الأردني، ولا يوجد قانون أردني مشابه للقانون الإسرائيلي.
         4 – رسوم الهاتف: وتستوفى أيضا بموجب القوانين والأنظمة الإسرائيلية، وتبلغ اكثر من ضعفي رسوم الهاتف الأردني. وهنالك ضريبة الأملاك والأراضي، وهي مرتفعة جدا، ولم يبدأوا بتحصيلها حتى الآن، لأن السلطات الإسرائيلية كانت تعتبر الأملاك والعقارات والأراضي العربية في القدس العربية أملاك غائبين، إلى أن أصدرت قانون التنظيمات الإدارية الأخير الذي اعتبر سكان القدس العربية حاضرين بالنسبة لأملاكهم في القدس العربية، ولكنهم كما فهمنا يعدون العدة ويضعون الترتيبات لفضها وتحصيلها بمفعول رجعي يشمل السنين السابقة منذ الاحتلال.
         5 – الضرائب البلدية:
         أ – الضريبة العامة “ضريبة السكن” وهذه الضريبة تفرض على المستأجرين للمساكن والمتاجر والمكاتب، وتجبى بموجب قانون وأنظمة إسرائيلية، ولم تكن مفروضة من قبل أمانة القدس.
         ب – ضريبة الحرف والمهن: وتجبى بموجب قانون إسرائيلي، وتفرض على أصحاب المهن من تجار وشركات ومؤسسات وأطباء ومهندسين ومهنيين، وتبلغ من ضعفين إلى خمسة أضعاف الرسوم المستوفاة بموجب القانون الأردني.
         جـ – ضريبة شؤون اجتماعية واستجمام: وتفرض على المطاعم والمقاهي والفنادق بموجب قانون إسرائيلي، وهي مرتفعة جدا، ولا يوجد لها مثيل بالنسبة للضرائب الأردنية.
         د – ضريبة اليافطات التجارية: وهي أيضا تستوفى بموجب قانون إسرائيلي، وهي مرتفعة أيضا.

         لقد استعرض سكان القدس هذا الموضوع المهم والملح، وقرروا الكتابة إليكم بشأنه، مناشدين اتخاذ الإجراءات السريعة لوقفه.


<2>

Scroll to Top