مذكرة عن موقف الحكومات المعادية تجاه الصهيونية “خلاصة الأحداث حتى فبراير 1918”

 

وثائق الحرب البريطانية لعام 1917 والتي كشف النقاب عنها عام 1967
مذكرة عن موقف الحكومات المعادية تجاه الصهيونية
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 الى 1969، وزارة الارشاد القومي، ج 2، ص 1685-1690”

مذكرة عن موقف الحكومات المعادية تجاه الصهيونية
خلاصة الأحداث حتى فبراير 1918

منذ نشوب الحرب الى خريف 1917:

          بدأ المستوطنون اليهود فى فلسطين يتكبدون الآلام منذ دخلت تركيا الحرب، فقد عبىء رجالهم وصودرت ممتلكاتهم وبلغ عدم الارتياح بين اليهود فى ألمانيا من جراء ذلك درجة فى ربيع 1915 اضطرت السفير التركى فى برلين الى نشر بيان مطمئن.

          وبدأت الصحافة الألمانية منذ ذلك الحين تبحث المسألة الصهيونية، ونشرت فكرة قيام الدول الوسطى بعمل لضمان العطف اليهودى ومن بين الذين قاموا بنشرها الماجور ف. س. اندريز وهو ضابط بافارى فى هيئة الأركان الألمانية العامة خدم فى تركيا خلال الحرب ونشر عدة كتب شعبية عن الشرق. ونشرت جريدة فوسيش زايتونج فى عددها الصادر فى 8 أغسطس 1917 مقالة هامة بقلم س. أ. براتير، المدافع الألمانى عن الفظائع التركية فى أرمينيا، تكهن فيها بأن بريطانيا ستقدم عرضا من أجل التأييد الصهيونى، كما شدد على أهمية الصهيونية كعامل ضد المانيا أو معها فى الحرب أو بعدها.

تهجيرات يافا:

          أدى تهجير اليهود من يافا، الذى بدأه جمال باشا بعد تقدم البريطانيين الى وادى غوره فى ربيع 1917 الى موجة من الاستنكار بين اليهود الألمان لم تستطع تملقات الصحافة الألمانية (من جميع الأحزاب) تهدئتها.

          فقد قدم استجواب فى الرايشستاج واضطرت الحكومة الألمانية لأول مرة أن تقوم بضغط دبلوماسى على استانبول.

          وقد أوقفت عمليات التهجير وأرسلت الحكومة العثمانية مساعدات مالية والقت بالمسئولية على كتف جمال كما أظهرت فى الوقت نفسه أن عمليات التهجير قد بولغ بها كثيرا وانها كانت تدبيرا عسكريا صرفا على جميع السكان فى منطقة العمليات دون أية تفرقة ضد اليهود.

          ونشر اللاسلكى الألمانى هذا العذر وجهد فى انكار الاتهامات بالجملة وأعطيت أهمية خاصة الى مقابلة مع الحاخام الأكبر فى تركيا نشرتها فرانكفورتر زايتونج في 29 مايو 1917.

 

وثائق الحرب البريطانية لعام 1917 والتي كشف النقاب عنها عام 1967
(تابع) مذكرة عن موقف الحكومات المعادية تجاه الصهيونية
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 الى 1969، وزارة الارشاد القومي، ج 2، ص 1685-1690”

          ويبدو أنه لا يهود المانيا ولا عناصر السفاردى الدونمة فى جمعية الاتحاد والترقى اقتنعوا باخلاص هذه التوضيحات. ولكنهم رضوا بالتعويض المالى والتأكيد بالتخلى عن هذه السياسة.

تأثير خطاب مستر بلفور (2 نوفمبر) وتحرير القدس (19 ديسمبر):

          ان هاتين الحادثتين اللتين أثرتا كثيرا على يهود روسيا والبلدان المحايدة أثرتا كذلك على الرأى اليهودى فى الامبراطوريات الوسطى حيث مهدت التطورات المذكورة آنفا الأرض لذلك.

          وقد أصدر المؤتمر الصهيونى الألمانى المنعقد من 23 الى 24 ديسمبر 1917 قرارا أعراب عن ارتياحه لعمل الحكومة البريطانية. وفى 16 نوفمبر نشرت جريدة جوديش اندشو الناطقة بلسان الصهيونية الألمانية مقالة هامة وصفت فيها خطاب مستر بلفور بأنه حدث تاريخى هام للجنس اليهودى ومبدية اهتماما قليلا بالاستعدادات التركية الألمانية.

تدابير مضادة رسمية:

          يقال أنه فى أغسطس 1917 بحث فون كوهلمان وزعيم صهيوني المانى المسألة الفلسطينية مع جمال باشا وذلك خلال زيارة هذا الأخير الى برلين كما قيل أيضا أن الكونت برنستورف بحث هذه المسألة فى سبتمبر بعد تعيينه سفيرا فى استانبول.

          ان تأثير خطاب مستر بلفور على اليهود، ليس فقط فى البلدان المتحالفة والمحايدة بل فى المانيا ذاتها جعل الحكومة الألمانية تتخذ عملا ايجابيا. ويبدو أن الصهيونيين الألمان ضغطوا عليها حالا لنيل تنازلات كبيرة للصهيونية من تركيا كما كان ظاهرا فى خطاب مستر بلفور. ولكن بما أن التنازلات القومية والمحلية تتعارض مع برنامج جمعية الاتحاد والترقى للتتريك والمركزية فقد كان من الصعب على الحكومة الألمانية أن تتدخل الى أن تقوم الحكومة التركية بعمل من جانبها.

          وبعد سقوط القدس أشار نسيمى بك وزير الخارجية التركية فى مقابلة مع صحفى أجنبى الى الملجأ الذى قدمته تركيا للاجئين اليهود واننى على اخلاص المهاجرين اليهود وجهدهم أعلن أن “تركيا تضمن جميع حقوقهم المدنية”.

          وفى 22 يناير 1918 عمم اللاسلكى الألمانى تصريحا لطلعت الى مراسل فوسيش زايتونج فى استانبول بحضور شيخ الاسلام. وفى هذه المقابلة أدلى طلعت بالنقاط التالية:

          (أ) كانت تركيا دائما متسامحة تجاه مواطنيها اليهود. وتركيا هى البلد الوحيدة التى لم تكن فيها حركة ضد السامية ولكن “من الطبيعى أننا اتخذنا موقف عدم اعطاء اليهود امتيازات أكثر من مواطنينا”.

          (ب) أن خطاب مستر بلفور “هو أكذوبة”.

          (جـ) ان أية قيود ادارية فرضتها الحكومة العثمانية على الاستيطان اليهودى يعود الى سياسة روسيا القيصرية التى أجبرت اليهود المهاجرين من روسيا على

وثائق الحرب البريطانية لعام 1917 والتي كشف النقاب عنها عام 1967
(تابع) مذكرة عن موقف الحكومات المعادية تجاه الصهيونية
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 الى 1969، وزارة الارشاد القومي، ج 2، ص 1685-1690”

الاحتفاظ بجنسيتهم الروسية مما أدى بموجب نظام الامتيازات الى بقائهم تحت السلطة القضائية للسلطات القنصلية الروسية.

          وقد أزال الغاء الامتيازات هذه الصعوبة ولكن من المفروض طبيعيا أنه يجب على اليهود الذين يرغبون فى الاقامة الدائمة فى البلاد التخلى عن جنسيتهم السابقة ليصبحوا رعايا عثمانيين ويؤدوا جميع الواجبات.

          (د) ينبغى أن تكون الهجرة ضمن حدود امكانية البلاد على اعاشة سكانها. فالهجرة الجماعية لمئات الألوف اليهود الى فلسطين مستحيلة،

          (هـ) من الناحية الثقافية والروحية فاليهود تحت الحكومة العثمانية أكثر حرية منهم تحت أية حكومة أخرى فى العالم.

          (و) هناك مشروع أمام مجلس النواب التركى لاعطاء حكم بلدى لجميع التجمعات التي يبلغ تعدادها خمسة آلاف نسمة أو أكثر “ويمكن للمجتمعات اليهودية الصغيرة أن تعتمد على النية الحسنة للحكومة العثمانية. ويمكن تحقيق جميع رغبات اليهود فى فلسطين ذات المبرر ضمن هذا الاطار.

          ان بيان طلعت هذا قد انتقد بشدة مستر جاكيوس هـ. كان رئيس لجنة المنظمة الصهيونية العالمية فى لاهاى وهو يهودى نمساوى الأصل. وفيما يلى النقاط التى أوردها مستر كان:

(أ)

يثبت اخلاص بريطانيا عروضها السابقة بشأن العريش وافريقيا الشرقية.

(ب)

اذا كانت فلسطين لا تستطيع الآن تحمل أعداد كبيرة من المهاجرين فهذا يعود الى الاهمال الطويل الذى يمكن علاجه فقط بواسطة العلم والمال اليهوديين.

(جـ)

لا يمكن لليهود أن يضعوا مالهم وجهدهم فى فلسطين ما لم يحصلوا على ضمانات كافية بأنهم سيسمح لهم بالتمتع بالنتائج.

(د)

من الطبيعى أن يتمتع جميع المواطنين فى فلسطين بحقوق متساوية ولكن نطلب أن تعود فلسطين بلد اليهود”.

          لم يكن هذا من وجهة النظر التركية- الألمانية استقبالا حسنا لبيان طلعت على أن هذا البيان كان الغرض منه أن يكون نقطة انطلاق لسياسة التراضى. وبعد ذلك بأيام سافر طلعت الى برلين لبحث المسألة الفلسطينية هناك. وفى القسم الثانى من هذه المذكرة ما عرف الآن عن نتائج مباحثاته.

مشروع خطة العدو “لربح الصهيونية”

          وصلت المعلومات التالية فى فبراير 1918 من مصدر يهودى موثوق به فى كوبنهاجن:

          “قضى طلعت باشا بعض الوقت فى برلين لبحث السياسة الصهيونية وقد طلب من كراسو عضو مجلس النواب التركى المجئ الى برلين وفوضه بمعالجة


       ومما يجدر ذكره أن أحد المبعدين كان دافيد بالينى منظم أحزاب المعلمين الفلسطينيين اليهود ضد استخدام اللغة الالمانية قبل الحرب مباشرة.

 

وثائق الحرب البريطانية لعام 1917 والتي كشف النقاب عنها عام 1967
(تابع) مذكرة عن موقف الحكومات المعادية تجاه الصهيونية
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 الى 1969، وزارة الارشاد القومي، ج 2، ص 1685-1690”

المسألة اليهودية من تأكيدات بقبول الحكومتين التركية والألمانية السياسية التي يوصى بها.

          “فى الأسبوع الماضى جمع كراسو مؤتمرا من 24 زعيما يهوديا الفوا لجنة من عشرين شخصا تضم الدكتور ناثان، الدكتور جايمس سايمون، الأستاذ لودوجشتاين والأستاذ أو بنهايمر، لإبداء الرأى بالموضوع.

          “أوصت اللجنة باقامة شركة مصرح بها من جانب البرلمان على الطراز البريطانى من جميع اليهود فى آسيا الصغرى.

          “ولهذه الشركة التى يكون مقرها استانبول السلطة فى منح الحكم الذاتى للمناطق التى يسكنها اليهود، ليس فقط فى فلسطين وانما فى أى مكان آخر من الامبراطورية التركية، ويكون لهذه المناطق السلطات الكاملة على الضرائب والشرطة والمؤسسات البلدية.

          “وافق طلعت على المشروع ووعد بتضمينه شروط الصلح. وقد تأثر عمله هذا باعتراض الكاثوليك النمسويين (الذين يعتقد أنهم مؤيدون من البابا) لوضع فلسطين أو سورية تحت الحكومة التركية، وهدفه الآن كسب اليهود الى جانب الأتراك.

          “ويخشي أن يخلق هذا الاقتراح تأثيرا كبيرا على اليهود فى أوربا وآسيا الصغرى ذلك أنه يعد بشيء فى استطاعة تركيا منحه لهم في حين أن العرض البريطانى يمكن تحقيقه فقط عند انتهاء الحرب أو أبكر من ذلك عندما تقع سورية وفلسطين فى أيدينا”.

مذكرة عن الوثيقة السابقة

          ويذكر المخبر اليهودى فى حديثه أن طلعت استدعى كراسو أفندى الى برلين وأنه بالاشتراك مع لجنة من اليهود الألمان وضع مشروعا بشأن التنازلات من جانب الحكومة التركية الى الفكرة الصهيونية فى تركيا يضاف الى ذلك أن طلعت تعهد بتضمين هذا المشروع فى معاهدة الصلح.

          وهذا يثير مسألة ما اذا كان هناك من خطر لهذا المشروع فى التقليل من أثر خطاب مستر بلفور. ويعيد العطف على الحكومات المعادية فى العالم اليهودى ويتضح من استعراض الوقائع أن الأوراق الرابحة لا تزال فى أيدى الحلفاء:

          1 – أن أهم الجاليات اليهودية فى العالم تعيش فى ظل الحكومات المتحالفة وعلى كل حال ليس فى ظل حكومات دول الأعداء – مثل يهود الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى وفرنسا وسالونيك- ويعتمد هؤلاء اليهود علينا من أجل مستقبلهم وهم واثقون بحسن نيتنا.

          وتسيطر حكومات الأعداء على يهود ألمانيا والنمسا والمجر وطائفة السيفارديم في استانبول وادرنة وأزمير (وهى أقل أهمية من ناحية الثروة والعدد من سيفارديم سالونيك).

          أن يهود بولندا الروسية ورومانيا أصبحوا جزئيا تحت سيطرة العدو من جراء الاحتلال العسكرى غير أنه ينبغى التذكر أن:




وثائق الحرب البريطانية لعام 1917 والتي كشف النقاب عنها عام 1967
(تابع) مذكرة عن موقف الحكومات المعادية تجاه الصهيونية
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 الى 1969، وزارة الارشاد القومي، ج 2، ص 1685-1690”

(أ)

كثيرين منهم فروا أو جرى اجلاؤهم الى داخل روسيا سنة 1915 .

(ب)

غيرت الثورة الروسية مشاعرهم نحو روسيا.

(جـ)

أن وطنية النظام البولندى الجديد فى مقاطعات الفستولا الروسية السابقة أبعدتهم عن الدول الوسطى الذى كان يعتمد عليهم هذا النظام.

           أما فيما يتعلق بالمصالح العالمية لليهودية كمنفصلة عن المصالح الصهيونية الصرفة فاننا في وضع أقوى من وضع دول الأعداء.

وفيما يتعلق بالصهيونية أو الاستيطان اليهودى فى تركيا فاننا نسيطر فى المقام الأول على أهم التجمعات السكانية التى سيتوقف عليها مستقبل الصهيونية.

          ب – وفيما يتعلق باليهود القاطنين حاليا ضمن حدود الامبراطورية العثمانية والمراكز اليهودية ذات الأهمية التاريخية والديينية فى تركيا: فيمكن مقارنة ما يسيطر عليه الحلفاء والعدو الآن من الجدول الآتى.

تحت سيطرة الحلفاء

 

تحت سيطرة العدو

(أ) المستعمرات اليهودية الزراعية فى فلسطين:

ست عشرة مستعمرة على طول الخط الحديدى بين يافا والقدس أو جنوبيه ( نحو 3050 مستوطنا و15.627- فدانا) + 4 مستعمرات على خط العوجا (نحو 2540 مستوطنا و5187 فدانا)

 

24 مستعمرة فى الجليل وسهل شارون شمال جبهة العوجا بما فيه عتليت وزيخران- ياكوب الهامتين. (نحو 4515 مستوطنا و 65.973 فدانا تضم 12.600 فدان من الأراضى غير المستعمرة شرق الأردن)

 

 

 

(ب) المستعمرات اليهودية الزراعية فى الأناضول:

 

 

ثمان مستعمرات على المتال الفلسطينى يبدو أنها غير مزدهرة كثيرا (نحو 37 ألف فدان)

(جـ) المراكز اليهودية المدنية فى فلسطين:

القدس ( 70 ألف يهودى )

 

نابلس
صفد ( 8 آلاف يهودى. )

(د) السكان اليهود فى المناطق الأخرى:

بغداد ( 50 الف يهودى )

 

استانبول ( 70 ألفا ) أزمير ( نحو 30 ألفا ) أدرنة ( 17 ألفا ) طائفة السيفارديم الذين منهم كراسو أفندى )
اليهود اليمنيون ( منعزلون )

وثائق الحرب البريطانية لعام 1917 والتي كشف النقاب عنها عام 1967
(تابع) مذكرة عن موقف الحكومات المعادية تجاه الصهيونية
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 الى 1969، وزارة الارشاد القومي، ج 2، ص 1685-1690”

          ومن ناحية الخريطة الحربية يسيطر الحلفاء من الناحية العددية على قسم هام من اليهود فى تركيا معادل لما يسيطر عليه العدو فى حين أن امتلاك القدس (وبغداد) يعطينا ميزة عظيمة فى الناحية التاريخية- الدينية.

          ويقول المخبر اليهودى أن مشروع كراسو “يعد بشيء فى مقدور تركيا منحة بينما يصبح العرض البريطانى ممكن التحقيق عند انتهاء الحرب، وأبكر من ذلك عندما تقع أزمير وفلسطين فى أيدينا”.

          وهذا خطأ. فالأساس المحسوس فى الوقت الحاضر، للعروض المقدمة للصهيونية فى أى الجانبين هو الخريطة الحربية الراهنة.

          ويؤخذ من الخريطة الحربية كما تبين أننا فى وضع أحسن بالنسبة لليهود العثمانيين من وضع الحكومة التركية. واذا كان سينظر الى الخريطة الحربية على انها مؤقتة ويؤثر على اليهود بتكهنات تسوية الصلح، فانه كذلك من غير المؤكد اذا كان الأتراك سيحافظون على خطهم الحالى ويستعيدون القدس واليهودية واذا كان البريطانيون سيحتفظون بهما ويضيفون اليهما بقيه فلسطين. وحاليا فان القدس هى “عصفورنا فى اليد”.

          وأخيرا فان مشروع كراسو لا يعد المستعمرات اليهودية فى تركيا بحكم ذاتى اوسع من الذين كانوا يتمتعون به. انهم يجبون ضرائبهم ويحتفظون بشرطتهم ويحكمون أنفسهم بلديا. ولا يريدون حقوقا اوسع بل ضمانا أكبر بأن حقوقهم المعترف بها ستحترم- وهذا مما لن ينالوه تحت الحكم التركى. وقد أثرت هذه الحقيقة عليهم لما عانوه من السلطات التركية خلال الحرب. انهم الآن فى شوق الى حكومة ثابتة منصفة واذا حصلوا عليها فمن المرجح أنهم يفضلون التخلى عن بعض حقوقهم بدلا من أن يضيفوا اليها- مثلا، حق الاحتفاظ بمليشيا محلية وهو حمل فرخة فشل الحكم التركى فى المحافظة على النظام، حتى جباية ضرائبهم الذى يكون حملا بلديا تحت أى نظام خلاف النظام المالى التركى، حتى بناء طرقهم لأن الأتراك لم يبنوا طرقا.

          والظاهرة الجديدة فى المشروع هو “الشركة المرخصة” وهذه ليست حرية بل قيد ذلك أنها ستقف بين المستوطنين اليهود والمنظمات اليهودية العالمية- ومراكزها فى أوديسا وبرلين ولندن ونيويورك- التى كانت تدعمهم.

          وهذا من شأنه أن يخضع الاستيطان اليهودى للسيطرة العثمانية الرسمية أكثر مما كان الحال قبلا- وهو اقتراح يمثل سياسة المركزية والتتريك التى تنتهجها جمعية الاتحاد والترقى ومن الصعب أن يكون مقبولا لدى الرأى العام اليهودى.

          ويبدو على العموم أن الأوراق فى أيدينا ويكون من السهل علينا التخلص من مشروع كراسو بدعاية مضادة – رغم انه لا يمكننا أن نتركه دون جواب.

Scroll to Top