مذكرة الحكومة الأردنية إلي قداسة البابا حول الممارسات الإسرائيلية في القدس
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1980، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 16، ط 1، ص 309 – 314”
مذكرة للحكومة الأردنية إلى قداسة البابا حول الممارسات الإسرائيلية في القدس.
عمان | (النهار العربي والدولي، |
احتلت القوات الإسرائيلية مدينة القدس العربية بتاريخ 7 / 6 / 1967 وشرعت فورا في تهويدها، فبدأت بمصادرة الأراضي والعقارات العربية وطمس الحضارة العربية والإسلامية والاعتداء على المقدسات، وإذابة الاقتصاد العربي واحتوائه في الاقتصاد الإسرائيلي، وتغيير معالم البناء التي تميزت بها مدينة القدس عبر القرون الطويلة، وبدأت حملة إرهاب قاسية ضد السكان العرب لحملهم على مغادرة المدينة وذلك بقصد تفريغها من السكان وإحلال مهاجرين يهود بدلا منهم.
وعمدت هذه السلطات فورا بالحفر والتنقيب في اسفل العمارات العربية الإسلامية التاريخية مما تسبب في تصديع المئات منها، ولم تكتف بذلك بل قامت بتدمير المئات من المباني العربية الإسلامية التاريخية بحجة توسيع ساحة حائط المبكى تارة، وبحجة أن هذه المباني قد تصدعت، والحقيقة انها ما كانت لتتصدع لولا الحفريات التي قامت بها سلطات الاحتلال.
ولم يأت يوم 11 / 6 / 1967 إلا وقد هدمت هذه السلطات المحتلة ما يأتي:
1 – ( 125 ) دارا للسكن في حي المغاربة الملاصق للمسجد الأقصى ويسكنها ( 650 ) عربيا.
2 – مسجدان احدهما مسجد البراق الشريف والآخر مسجد ملاصق له.
3 – مصنع بلاستيك قرب حي الأرمن داخل السور ويعمل فيه مئتا عامل عربي.
4 – ( 200 ) منزل ومخزن خارج سور المدينة.
وكان من نتيجة عمليات الهدم هذه تشريد ما يقارب ألفي عربي من سكان القدس العربية عدا آلاف السكان العرب الذين شتتتهم سلطات الاحتلال اثر الاحتلال مباشرة.
أما عملية مصادرة الأراضي العربية والاستيلاء عليها فما زالت مستمرة حتى تأتي على آخر قطعة أرض عربية في مدينة القدس.
<1>
مذكرة الحكومة الأردنية إلي قداسة البابا حول الممارسات الإسرائيلية في القدس
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1980، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 16، ط 1، ص 309 – 314”
ولقد قامت سلطات الاحتلال، في محاولة لإضفاء الشرعية على عملية تهويد القدس بوضع خطة لإعادة تنظيم المدينة المقدسة داخل وخارج السور وهي خطة يجري تنفيذها على مراحل وقد طوقت المدينة المقدسة من كل جوانبها بقلاع من الأبنية الشاهقة الغاية منها عزل القدس كليا عن القطاعات العربية في الضفة الغربية.
وبتاريخ 27 / 6/ 1967 أصدرت سلطات الاحتلال قرارا خولت فيه حكومة إسرائيل تطبيق القانون الإسرائيلي على أي مساحة من الأرض ترى ضمها ضروريا لها. كما اصدر سكرتير حكومة إسرائيل أمرا اطلق عليه اسم (القانون رقم واحد لسنة 1967) أعلن فيه ان مساحة أرض إسرائيل المسجلة في الجدول الملحق بالأمر خاضعة لقانون الدولة الإسرائيلية وقضائها وإدارتها. ويضم هذا الجدول منطقة تنظيم القدس أي بلدية القدس وكان يقطنها قبل الاحتلال نحو تسعين ألف عربي أصبحوا بموجب هذا الأمر وبدون اخذ موافقتهم خاضعين للسيادة الإسرائيلية مباشرة. وأصدر جيش الدفاع الإسرائيلي أمرا يقضي بحل مجلس أمانة القدس العربية المنتخب من قبل السكان العرب.
وبتاريخ 30 / 6/ 1967 ألغت سلطات الحكم العسكري القوانين والأنظمة الأردنية واستعاضت عنها بالقوانين والأنظمة الإسرائيلية، وفرضت جهازا عسكريا إسرائيليا أخضعت جميع السكان العرب لقسوته وبطشه.
بتاريخ 4/ 7 / 1967 تقدمت الحكومة الأردنية بشكوى إلى هيئة الأمم ضد إجراءات السلطات الإسرائيلية، فأصدرت هذه الهيئة قرارا بتاريخ 14 / 7/ 1967 اعتبرت بموجبه كل إجراءات إسرائيل باطلة وطالبتها بإلغائها والعدول عن اتخاذ أي عمل من شأنه تغيير الوضع في مدينة القدس. فلم تذعن إسرائيل لقرار الأمم المتحدة واستمرت في إجراءاتها كما استمرت الشكاوى العربية لهيئة الأمم ومنظمة اليونسكو وصدرت عنهما قرارات عدة تدين بشدة سلطات إسرائيل، وتطلب منها الكف عن الاستمرار في ممارساتها. ورغم ذلك استمرت السلطات الإسرائيلية المحتلة في عملية التهويد على النحو الآتي:
<2>
مذكرة الحكومة الأردنية إلي قداسة البابا حول الممارسات الإسرائيلية في القدس
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1980، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 16، ط 1، ص 309 – 314”
أولا – تهويد الاقتصاد العربي
لإحكام عملية الضم السياسي والإداري لمدينة القدس قامت سلطات الاحتلال بعزل المدينة المقدسة عن باقي الضفة الغربية وأقامت نقاطا جمركية حولها وبدأت بعملية تصفية الاقتصاد العربي، وإذابته تدريجا في بوتقة الاقتصاد الإسرائيلي، وأغلقت البنوك العربية القائمة وهي البنك العربي، وبنك القاهرة، وبنك الأردن، والبنك العقاري، وبنك انترا، والبنك الأهلي، وصادرت أموالها واستبدلت العملة الأردنية بالعملة الإسرائيلية تلك العملة التي هبطت قيمتها بشكل لم يسبق له مثيل وكان ذلك على حساب المواطنين العرب الذين اضطروا للتعامل بها.
ولم تكتف سلطات الاحتلال بتلك الإجراءات غير القانونية فقامت بتطبيق نظام الضرائب الإسرائيلية على السكان العرب بما في ذلك قانون الضريبة وضريبة الدفاع التي تجبى من العرب لصالح جيش الدفاع الإسرائيلي الذي يحتل أرضهم. وكان من نتيجة هذه الإجراءات شلل الاقتصاد العربي وهجرة متواصلة من مدينة القدس إلى الضفة الشرقية لنهر الأردن والبلاد العربية الأخرى، وهذا هو أول نجاح حققه المخطط الإسرائيلي.
ثانيا – مصادرة أملاك الغائبين من السكان العرب
بتاريخ 25 / 7 / 1967 أجرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إحصاء عاما لسكان القدس ونتيجة لهذا الإحصاء اعتبرت تلك السلطات جميع أبناء القدس الغائبين بحكم العمل أو طلب العلم أو الزيارة أو النازحين بسبب الحرب اعتبرتهم جميعا غائبين وحرمتهم من حق العودة إلى بلدهم. وبعد اكتمال عمليتي ضم القدس وإجراء الإحصاء السكاني فيها سارعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى تطبيق قانون أموال الغائبين على المقدسيين العرب، وباشرت بتسجيل الأموال المنقولة وغير المنقولة التي تخص أولئك الغائبين ونتيجة لذلك وضعت سلطات الاحتلال يدها على مساحات واسعة مما تبقى لعرب القدس من أراض وعقارات وتحولت إلى أملاك يهودية أو تحت تصرف سلطات الاحتلال تماما كما فعلت بأملاك العرب الذين طردوا أو كانوا غائبين عن المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1948.
<3>
مذكرة الحكومة الأردنية إلي قداسة البابا حول الممارسات الإسرائيلية في القدس
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1980، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 16، ط 1، ص 309 – 314”
ثالثا – نهب أملاك السكان العرب المقيمين ومصادرتها
لم تكتف السلطات الإسرائيلية المحتلة بما وضعت يدها عليه من أملاك وعقارات عربية بعد ما طبقت قانون أملاك الغائبين بل قامت باغتصاب مساحات كبيرة من الأراضي وأعداد كبيرة من العقارات العربية بحجة لزومها للغايات والخدمات العامة، والغابات والطرق، وخلال الأعوام من 1968 – 1976، قامت سلطات الاحتلال بعمليات النهب والاستيلاء الآتية:
أ – في العام 1968 صودر ( 4000 ) دونم خارج أسوار القدس، و ( 595 ) عقارا عربيا تضم ( 1048 ) شقة سكن و ( 437 ) مخزنا ومتجرا وزاويتين إسلاميتين ومواقع مسجدين داخل السور بعد هدمها، وهذه العقارات والمخازن تقع في القسم الجنوبي من باب السلسلة، وهي حي المغاربة، حي الشرف، وسوق الباشورة، وسوق الخضر.
ب – وفي العام 1969 والعام 1970 صادرت سلطات الاحتلال ( 12000 ) دونم قسم منها يقع في أراضي القدس والباقي وهو الأكبر انتزع من عشر قرى عربية تحيط بمدينة القدس وهي قرى الرام وقلنديا وبيت حنينا شمالا والنبي صموئيل وبيت اكسا غربا وقرى بيت صفافا وشرفات وصور باهر جنوبا وأزالت ما عليها من مساكن عربية وشردت سكانها.
ج – وفي العام 1971 والعام 1972 صادرت سلطات الاحتلال ( 5000 ) دونم من أراضي قرى عناتا والعيزرية شرق مدينة القدس وأقامت عليها أحياء سكنية يهودية.
د – وفي الأعوام 1973 و 1975 أعلنت سلطات الاحتلال عن مصادرة ( 70000 ) دونم من أراضي ( الخان الأحمر ) الواقعة ما بين القدس ومدينة أريحا. وأنشأت مدينة صناعية لا تزال تتوسع على حساب الأراضي العربية، كما صادرت ما مساحته ( 1620 ) دونما من أراضي النبي صموئيل وبدأت بإنشاء أحياء سكنية عليها.
وقد بلغ ما صادرته إسرائيل حتى بداية العام 1979 من أراضي منطقة القدس وحدها ( 97864 ) دونما. كما أنشئت حتى بداية العام 1979 سبع عشرة مستوطنة وحيا يهوديا، وبلغ عدد السكان اليهود في منطقة القدس العربية ( 76600 ) نسمة. ولكي يربطوا بين مدينة القدس العربية المحتلة
<4>
مذكرة الحكومة الأردنية إلي قداسة البابا حول الممارسات الإسرائيلية في القدس
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1980، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 16، ط 1، ص 309 – 314”
وبين القطاع الإسرائيلي المحتل العام 1948 أعلنوا عن مشروع القدس الكبرى وهو عبارة عن توسيع حدود مدينة القدس الحالية لتضم مدن رام الله والبيرة وما حولها من قرى عربية شمالا ومدن بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور وما حولها جنوبا، كذلك قرى أبو ديس والعيزرية والطور وعناتا والرام شرقا وبذلك تستولي سلطات الاحتلال على ثلث مساحة الضفة الغربية المحتلة فيما إذا طبقت هذا المشروع.
رابعا – تصديع وهدم العقارات العربية داخل سور القدس بسبب الحفريات الإسرائيلية تحتها
بحجة التنقيب عن الآثار قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحفريات متعددة داخل سور المدينة وبشكل خاص أسفل المناطق الملاصقة للحائطين الجنوبي والغربي من الحرم القدسي الشريف مدعية بأنها تنقب عن آثار هيكل سليمان وعما له علاقة بالتاريخ اليهودي واتخذت من هذه الحفريات وسيلة لتصديع ما فوقها من عمارات وقفية إسلامية مما أدى إلى انهيارها ثم هدمها ومن هذه العمارات ما كان يستعمل للسكن أو لأغراض دينية وحضارية وأسفرت هذه العملية عن إجلاء عدد كبير من السكان العرب. وقد تسببت هذه الحفريات في تصدع (الزاوية الفخرية) وأربعة عشر عقارا ملاصقا لها كما تصدعت زاوية أخرى (تسمى رباط الكرد) ومدرسة إسلامية قديمة اسمها (المدرسة الجوهرية) وتوغلت هذه الحفريات لتصل أسفل الحائط الجنوبي للحرم الشريف والأروقة السفلية للمسجد الأقصى وأسفل مسجد عمر كذلك تحت الأروقة الجنوبية الشرقية للمسجد الأقصى وأصبحت تهدد بذلك المسجد المقدس لدى المسلمين بالتصدع والانهيار.
وقد أدانت منظمة اليونسكو بشدة استمرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالحفريات وطالبتها بالتوقف عنها فورا وقررت، كعقوبة ضدها، وقف كل مساعداتها الثقافية والفنية والمالية التي كانت تقدمها لإسرائيل، ولكن سلطات إسرائيل ما زالت تصر على تجاهل إدانة منظمة اليونسكو لها وتستمر في إجراء حفرياتها.
خامسا – إجلاء السكان العرب عن الأراضي والعقارات المصادرة بالقوة وإنشاء أحياء يهودية عليها
<5>
مذكرة الحكومة الأردنية إلي قداسة البابا حول الممارسات الإسرائيلية في القدس
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1980، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 16، ط 1، ص 309 – 314”
أعلنت سلطات الاحتلال بتاريخ 25/ 6/ 1974 عن مشروع لإجلاء ثمانية عشر ألفا من السكان العرب القاطنين داخل أسوار مدينة القدس العربية لا سيما القاطنين منهم بجوار الحرم الشريف.
وذكرت جريدة (دفار) الإسرائيلية الصادرة بتاريخ 25/ 6/ 1974 تفاصيل هذا المشروع الذي تقرر تنفيذه بالطرق الآتية:
أ – القيام بحملة إعلامية محلية وخارجية تزعم أن المستوى الصحي للعقارات العربية والواقعة داخل السور هو دون المستوى المطلوب وأن معظم هذه العقارات يجب هدمه.
ب – توجيه إنذارات من سلطات الاحتلال لسكان هذه الأحياء لتخلية أماكن سكناهم وعملهم من هذه الأحياء ويقدر عددهم بثمانية عشر ألفا كما تقدم.
ج – بناء سبعمئة وخمسين وحدة سكنية على بعض الأراضي العربية المصادرة شرقي القدس وإسكان بعض العائلات العربية فيها بعد إجبارهم على الخروج من بلدة القدس القديمة.
وفي الوقت الذي تستمر فيه هذه المأساة تقوم سلطات الاحتلال بإنشاء أحياء يهودية خالصه على الأراضي العربية المصادرة، وتجب الإشارة بنوع خاص إلى أن مجموعة سكنية داخل سور القدس قد بنيت فوق أنقاض أربعة أحياء عربية أعدت لضم خمسة آلاف إسرائيلي كبديل للستة آلاف عربيا الذين كانوا يسكنونها في (حي الشرف) العربي.
سادسا – الاعتداءات الإسرائيلية على الأماكن الدينية الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس
بدأت هذه السلسلة من الاعتداءات بإحراق المسجد الأقصى المبارك بتاريخ 21 / 8/ 1969 بهدف القضاء على هذا المكان الإسلامي المقدس الذي يلتف حوله المسلمون في كل بقاع الدنيا.
وكانت سلطات الاحتلال قد مهدت لهذا الاحتلال بسلسلة من الإجراءات والتحريضات ومنها:
<6>
مذكرة الحكومة الأردنية إلي قداسة البابا حول الممارسات الإسرائيلية في القدس
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1980، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 16، ط 1، ص 309 – 314”
أ – استملاك ومصادرة وهدم ونسف العقارات الوقفية الملاصقة للمسجد الأقصى من الغرب والجنوب ( الحائط الغربي للمسجد الأقصى وحارة المغاربة ).
ب – احتلال باب المغاربة، أحد أبواب الحرم الشريف الرئيسية وإقامة مركز عسكري إسرائيلي فيه.
ج – إقامة مظاهرات وصلوات يهودية داخل ساحة الحرم الشريف من قبل رجال الجيش الإسرائيلي ومنظمات إسرائيلية متطرفة وهيئات دينية متعصبة.
د – إجراء حفريات عميقة حول الحرم القدسي الشريف بالرغم من استنكار المجتمع الدولي لكل هذه الإجراءات وإدانتها سلطات الاحتلال الإسرائيلية إلا أن هذه السلطات لم تتوقف يوما عن هذه الممارسات.
وبتاريخ 29 / 1 / 1976 انحدر القضاء الإسرائيلي إلى مستوى سحيق حيثما تدخل ليشارك بقية الأجهزة الإسرائيلية في تهويد مدينة القدس وانتهاك الحرمة الدينية لمقدساتها فقد أصدرت القاضية الإسرائيلية ( روث أور ) قرارا جاء في حيثياته ( أنه لا يوجد أي مبرر لمنع اليهود من الصلاة في ساحة الأقصى ) وبرأت بالتالي ساحة مجموعة من الشبان اليهود كانت قد قامت بالصلاة والشغب في ساحة المسجد الأقصى، وقد أثار هذا العمل رد فعل عنيفا لدى المسلمين والمسيحيين واستنكار العالم بأسره. وآخر ما قامت به حكومة إسرائيل ايكال مسؤولية الإشراف على حائط المبكى والحائط العربي للحرم القدسي ومنطقة الحفريات لمجلس الحاخامين اليهود، وهذا العمل له خطورته البالغة ودليل على ما تبيته سلطات الاحتلال.
أما الاعتداء على المراكز الدينية المسيحية فقد تميز بما يأتي:
أ – الإزعاج والتحقير للمقدسات المسيحية.
ب – الضغط المتواصل على رجالات الطوائف المسيحية الكبيرة لإجبارها على التنازل عن مساحات كبيرة من أراضيها وعقاراتها في القدس سواء بالبيع المباشر أو الإيجارات الطويلة الأجل.
ج – إرهاب رجال الدين المسيحي.
وقد تعرضت كنيسة القيامة لسرقة تاج السيدة العذراء في أواخر العام 1967 من قبل بعض الإسرائيليين، كما أتلف الإسرائيليون الشموع وحملوا
<7>
مذكرة الحكومة الأردنية إلي قداسة البابا حول الممارسات الإسرائيلية في القدس
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1980، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 16، ط 1، ص 309 – 314”
قناديل الزيت المعلقة فوق القبر المقدس، وكان ذلك بتاريخ 24/ 3/ 1970. وبتاريخ 12/ 4/ 72 حاول ثلاثة إسرائيليين سرقة إكليل مرصع بالماس على رأس تمثال السيدة العذراء قرب صليب الجلجلة داخل كنيسة القيامة واعتدوا على راهب فرنسيسكاني بالضرب المبرح.
وبتاريخ 11/ 2/ 1974 أحرقت أربعة مراكز مسيحية في القدس.
وعلى صعيد مصادرة أراضي العرب المسيحيين استطاعت سلطات الاحتلال الحصول على الأراضي الآتية بالمصادرة والاستملاك والتأجير:
أ – أراضي أحياء المصلبة والقطمون وكرم الرهبان وتضم مساحات واسعة من أرض القدس وكانت ملكا لبطريركية الروم الأرثوذكس.
ب – مدرسة (شنلر) ومعها مساحات واسعة من الأرض اضطرت إدارة المدرسة إلى بيعها لسلطات الاحتلال تحت التهديد. وقد أسست هذه المدرسة في أواسط القرن التاسع عشر لإيواء الأيتام وتدريبهم مهنيا.
ج – أراضي وأبنية الكنيسة الروسية البيضاء والمعروفة باسم المسكوبية وتقع في وسط القدس وتضم مساحات واسعة من الأرض وعددا من العمارات الضخمة.
د – عمارة فندق (فاست) في وسط القدس وكانت تملكها بطريركية الأرمن في القدس.
وعلى صعيد الإرهاب لرجال الدين المسيحي تعرض الكثيرون منهم داخل الكنائس والأديرة للضرب والتحقير ومن أبرز هذه الحوادث:
أ – الاعتداء بالضرب الشديد على (المطران فاسيلوس) الرجل الثاني في البطريركية الأرثوذكسية للروم في القدس وذلك يوم 6 / 2/ 1973.
ب – الاعتداء بتاريخ 25/ 4/1970 على رهبان دير الأقباط بالضرب ليلة عيد الميلاد المجيد.
ج – اعتقال المطران العربي (إيلاريون كبوشي) ومحاكمته صوريا والحكم عليه بالسجن لمدة اثني عشر عاما.
د – تضييق الخناق على المواطنين المسيحيين في القدس مما اضطر الآلاف منهم للنزوح كما يتبين ذلك من الكشف الآتي عن عدد السكان المسيحيين:
الطائفة | عدد أفرادها قبل | عدد أفرادها |
| ||
الروم الأرثوذكس | 5000 | 4000 |
<8>
مذكرة الحكومة الأردنية إلى قداسة البابا حول الممارسات الإسرائيلية في القدس
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1980، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 16، ط1، ص 309- 314”
الكاثوليك | 7000 | 4000 |
| ||
| 18.300 | 12.360 |
وما زال نزوح السكان العرب المسيحيين عن مدينة القدس مستمرا ويسري هذا القول على السكان المسلمين أيضا.
سابعا – تهويد التعليم العربي
بعد الاحتلال الإسرائيلي لمدينة القدس وضعت السلطات الإسرائيلية يدها على كل المدارس الحكومية ومكاتب التعليم وأخضعت التدريس للبرامج الإسرائيلية التي فرضتها على السكان العرب منذ العام 1948. وبرامج التعليم الإسرائيلي هذه استبعدت كل ما يحتاجه المواطن العربي دينيا وقوميا كيلا يرتبط بأرضه وبيته ولكي يبتعد عن ثقافته الأصلية وقيمه التاريخية لتزول في النهاية شخصيته وهويته الأصلية ولينصهر في بوتقة الشخصية اليهودية والدولة الإسرائيلية. وهكذا فإن نحو العشرين ألف طالب في مدينة القدس مجبرون على دراسة المناهج الإسرائيلية والتاريخ العبري بينما لا تتضمن هذه المناهج شيئا يذكر من تاريخهم وثقافتهم ودينهم وهي مليئة بالكثير مما يسميه الإسرائيليون ( بأرض الميعاد ) وتحرير فلسطين من العرب. وخلاصة القول أن برامج التعليم الإسرائيلية المفروضة على الطلاب العرب في الأراضي المحتلة تستهدف إيهامهم أن ( فلسطين ) أرض يهودية منذ القدم برغم الحقائق التاريخية التي تثبت عروبة فلسطين.
وقد خططت البرامج التعليمية لتهيئة نفسية العرب لقبول نوايا إسرائيل التوسعية والحط من شأن العرب وإضعاف ثقتهم بأنفسهم والمبالغة في الكلام عن إنجازات إسرائيل الحضارية، والحط من إنجازات الشعوب العربية لإيهام العالم أن إسرائيل تقوم برسالة حضارية في المنطقة.
ثامنا – تهويد القضاء النظامي والإسلامي
على أثر الاحتلال الإسرائيلي للقدس في 7 / 6 / 1967 أغلقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي كل المحاكم النظامية العربية فنقلت مقر محكمة الاستئناف العليا من مدينة القدس إلى رام الله ودمجت محاكم البداية والصلح في القدس بالمحاكم الإسرائيلية، وطلبت من القضاة والموظفين العرب تقديم طلبات للالتحاق بوزارة العدل الإسرائيلية وبذلك فصلت القضاء
<9>
مذكرة الحكومة الأردنية إلى قداسة البابا حول الممارسات الإسرائيلية في القدس
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1980، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 16، ط1، ص 309- 314”
النظامي الذي كان قائما في القدس العربية وألحقته كليا بالقضاء الإسرائيلي. وقد رفض المحامون العرب الظهور أمام المحاكم الإسرائيلية النظامية والعسكرية معلنين رفضهم الاعتراف بضم القدس لإسرائيل “كما رفض قضاة الشرع الإسلامي التعاون مع سلطات الاحتلال وكان من نتيجة هذا الموقف أن أوعزت سلطات الاحتلال إلى أجهزتها بعدم تنفيذ أي حكم أو قرار يصدر عن المحاكم الشرعية الإسلامية كما تجاهلت كليا آية شكوى ترفعها إليها دائرة الأوقاف الإسلامية أو رئيس الهيئة الإسلامية في القدس وهي الهيئة التي ألفت في القدس بعد الاحتلال لرعاية شؤون المسلمين في الضفة الغربية والقدس. وقد شمل هذا التجاهل لقرارات وأعمال المحاكم الإسلامية عدم الاعتراف بشهادات الزواج والطلاق والإرث والوصاية والوقف وغير ذلك مما يتعلق بالأحوال الشخصية للسكان بما في ذلك تسجيل الولادات التي تنشأ عن زواج جديد، الأمر الذي خلق تعقيدات وأشكالا إنسانية كثيرة.
تاسعا – إبعاد المواطنين العرب
بعد تنفيذ سياسة الإبعاد الجماعي ووضع السكان العرب في المدينة المقدسة تحت وطأة الإرهاب النفسي والجسدي والاقتصادي عمدت سلطات الاحتلال إلى تفريغ المدينة من قياداتها السياسية والدينية وإضعاف العنصر العربي بإبعاد الأطباء والمهندسين وأصحاب الخبرات الفنية فعمدت إلى إبعاد رئيس الهيئة الإسلامية العليا وأمين القدس ووزراء سابقين وأعيان ونواب وأطباء ومحامين ومديري كليات ومعلمين ومزارعين وصحفيين. وتتوخى سلطات الاحتلال من هذا الاضطهاد والإبعاد التخلص من عدد من القادة السياسيين والشعبيين العرب، وإضعاف روح المقاومة عند المواطنين العرب بشكل عام خشية التعرض لإجراءات الإبعاد وبذلك تتخلص سلطات الاحتلال من عدد من الناس يشكل بقاؤهم في السجون الإسرائيلية من دون محاكمة أو تهم معينة عامل ضغط كبير بالنسبة إلى الرأي العام العربي داخلا وخارجا بالإضافة إلى اضطرار عائلات المبعدين للحاق برب العائلة لأسباب لا تخفى.
أما طريقة الإبعاد فإنها تتم بطريقة خالية من الشعور بالإنسانية والحقوق الشخصية، فهي تتم بمفاجأة الشخص المنوي إبعاده، بعد منتصف الليل وتحميله في سيارة عسكرية بدون أمتعته الشخصية الضرورية وقذفه في بعض الأحيان إلى الجانب الأردني الصحراوي ولا يصل المنفي إلى أقرب نقطة حدود
<10>
مذكرة الحكومة الأردنية إلى قداسة البابا حول الممارسات الإسرائيلية في القدس
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1980، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 16، ط1، ص 309- 314”
أردنية إلا وهو في آخر رمق.
عاشرا – تعذيب المواطنين العرب في السجون الإسرائيلية
لا تختلف أساليب السلطات الإسرائيلية في تعذيب السجناء والمعتقلين عن أساليب النازيين الألمان إبان احتلالهم لشعوب أوروبا، وذلك بتحطيم شخصية المواطن العربي وإذلاله وتعذيبه النفسي وغسل دماغه. وقد ثبت لهيئة الصليب الأحمر الدولي أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تلجأ إلى استخدام المخدرات والمواد الكيماوية لتحقيق أغراضها من المعتقلين العرب. أما استخدام التيار الكهربائي وشد أطراف المعتقل فيها، فمن الأمور المألوفة جدا في المعتقلات الإسرائيلية وكثيرا ما تتسرب الأخبار عن وفاة بعض المعتقلين العرب داخل السجون الإسرائيلية من شدة التعذيب، وقد ثبت لهيئة الصليب الأحمر الدولي أن في سجون سلطات الاحتلال الآن ما يزيد على خمسة وثلاثين ألف عربي ما بين محكوم وموقوف. وهؤلاء المعتقلون يعيشون في ظروف سيئة للغاية إذ يعيش في الغرفة الضيقة الواحدة ستون معتقلا.
أما الاعتقالات الفردية والجماعية فتجري ليلا نهارا، وغالبا ما تفرض العقوبات الجماعية على قرية أو مدينة بكاملها وتحبس عنها المواد الغذائية ويقطع عنها تيار الكهرباء ويفرض عليها منع التجول. وقد أدانت لجنة حقوق الإنسان التابعة لهيئة الأمم المتحدة هذه الممارسات البربرية وطلبت من إسرائيل التوقف عنها، كما عينت لجنة لزيارة السجون الإسرائيلية والتحقيق في مئات الشكاوى التي وصلت إلى لجنة حقوق الإنسان ولجنة الصليب الأحمر الدولي ولكن إسرائيل رفضت استقبال هذه اللجنة أو السماح لها بدخول الأراضي المحتلة بحجة أن ذلك يمس بسيادة إسرائيل. ومهما قيل عن السجون الإسرائيلية وتعذيب المواطنين العرب، فإن الحقيقة تبقى أكثر من ذلك لأن ما يتسرب من إسرائيل حول هذا الموضوع هو قليل من كثير. وقد أثار تعذيب المعتقلين والمسجونين العرب ثائرة الصحف الأجنبية وعلى رأسها جريدة ” الصنداي تايمز ” البريطانية الصادرة بتاريخ 19 / 6 / 1977 التي كتبت بتفاصيل وافية عن هذا الموضوع.
<11>