مذكرة مؤتمر العالم الإسلامي إلى الدورة الثانية عشرة للمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي حول الحفريات الإسرائيلية في القدس

مذكرة مؤتمر العالم الإسلامي إلى الدورة الثانية عشرة للمجلس التأسيسي حول الحفريات الإسرائيلية في القدس
المصدر: ” الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 6، ص 888- 890  “

مذكرة مؤتمرالعالم الإسلامي إلى الدورة الثانية عشرة للمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي حول الحفريات الإسرائيلية في القدس

( البلاد، جدة، 9 / 10 / 1970 )

        إن الإجراءات التي يتخذها اليهود، منذ احتلالهم لمدينة القدس في 27 صفر 1387 هجري- الموافق حزيران ( يونيو ) عام 1967 ميلادي- هي أساليب مختلفة في شتى المجالات ترمي إلى تحقيق هدف واحد هو تهويد مدينة القدس والاستيلاء على المسجد الأقصى المبارك، وتحويله إلى معبد يهودي ومحو كل أثر للإسلام فيها بصورة تدريجية.

        ومن جملة هذه الإجراءات أعمال الحفر والتنقيب التي يقوم بها اليهود والتي تستهدف الأمورالتالية:
        1 – العثور على آثار يهودية يبرهنون بها على حقهم التاريخي والحضاري المزعوم في مدينة القدس، وخاصة الآثار التي تدل على الهيكل اليهودي الذي هدمه وأحرقه طيطوس الروماني لآخر مرة عام 70 م.

        2 – هدم وإزالة أكثر ما يمكن من الأبنية الإسلامية والعربية القائمة بحجة تسهيل أعمال الحفر والتنقيب، الأمر الذي يؤدي إلى محو آثار المسلمين والحرب وطمس معالمهم من القدس من جهة، ويؤدي إلى تشريد أصحاب هذه المباني عن مدينة القدس من جهة أخرى.

        3 – تركيز أعمال الحفر حول المسجد الأقصى وتحته بغية التوصل إلى هدمه وإعادة بناء الهيكل اليهودي على أنقاضه. ومما يؤكد أهداف اليهود أنهم يعلنون على رؤوس الأشهاد أنه “لا يمكن أن تكون صهيون ( الشعب اليهودي ) من دون القدس، ولا يمكن أن تكون القدس من دون الهيكل اليهودي “.

        4 – الاستيلاء على ممتلكات المسلمين ومصادرتها بحجة كشف حائط البراق ( حائط المبكى ) لاستكمال حفرياتهم الجارية حول هذا الحائط.

        ويسترعي مؤتمر العالم الإسلامي النظر إلى أن الحفريات اليهودية تتركز في منطقتين رئيسيتين هما المنطقة الجنوبية لجدار الحرم الشريف والمنطقة الغربية لجدار الحرم ( المسجد الأقصى ):
        1 – باشر اليهود حفرياتهم عند الجدار الجنوبي للحرم الشريف منذ أول شهر ذي الحجة 1387 الموافق آذار ( مارس ) عام 1968. ويقود فريق علماء الآثار الذي يقوم بالحفر بنيامين مازار وهو عالم آثار يهودي ،ورئيس سابق للجامعة العبرية، وقد قرر هؤلاء العلماء اليهود سبع مراحل من الحفر والتنقيب عن موقع الهيكل.

        وقد اتجهت الحفريات في هذه المنطقة نحو المسجد الأقصى نفسه بامتداد ما بين35و40مترا. علما بأن المسجد الأقصى يقع على رأس الحائط الجنوبي للحرم الشريف ويقع بجواره المتحف الإسلامي ومسجد النساء، ويرجح أن يكون من بين أسباب إقدام اليهود على جريمة إحراق المسجد الأقصى في 21/ 8/ 1969، تغطية التشعث والتصدع اللذين أصابا أساسات المسجد الأقصى نتيجة لأعمال الحفر اليهودية، لأن اليهود استعملوا معدات ضخمة للحفر وإزالة الأتربة، وشقوا الأنفاق تحت المسجد، الأقصى. وقد نشرت جريدة ” جيروزالم بوست ويكلي” في عددها الصادر في 10 / 6 / 1968 م تقريرا عن هذه الحفريات جاء فيه ما يلي: ” لم يبق من الهيكل نفسه أثر بعد حريق طيطوس عام 70 ميلادية، ولكن الآثار الوحيدة هي جدران هيرود وجزء كبير من السطح المحيط بها الذي بني في القرن الأول للميلاد. ويركز رجال مازار عملهم الآن على طول الحائط الجنوبي البالغ سبعين مترا تماما عند زاوية منطقة قوس روبنسون من الحائط الغربي.

        وما زالت أعمال الحفر مستمرة حتى الآن، ولكن اليهود لم يعثروا على أية آثار يهودية، بل عثروا على آثار رومانية وإسلامية عربية.

        2 – أما أعمال الحفر التي يقوم بها اليهود عند الجزء الغربي من حائط الحرم الشريف فهي بإشراف وزارة الأديان الإسرائيلية، وقد مهد اليهود لأعمال الحفر والتنقيب في هذه المنطقة بمصادرة 595 عقارا عربيا تشتمل على 1048 شقة سكن و437، محلا تجاريا وخمسة مساجد وأربع مدارس وزاويتين إسلاميتين إحداهما تخص مسلمي شمالي أفريقيا من المغاربة وتسمى ” زاوية أبومدين الغوث “، والثانية تخص المسلمين من أتباع المذهب الشافعي في فلسطين وتسمى ” الزاوية الفخرية “، ومعظم هذه الأملاك أوقاف إسلامية تضم عددا من العمارات الإسلامية التي أنشئت في عهد ” المماليك ” ويقطن في هذه الأملاك حوالي ستة آلاف عربى مسلم من أهالي القدس.

        وفي 11/ 6/ 1967 م بادرت السلطات اليهودية إلى هدم جزء كبير من هذه العقارات وهو الجزء المعروف ” بحي المغاربة “.

<1>

مذكرة مؤتمر العالم الإسلامي إلى الدورة الثانية عشرة للمجلس التأسيسي حول الحفريات الإسرائيلية في القدس
المصدر: ” الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 6، ص 888- 890 “

          وبحجة كشف حائط المبكى الذي لم يكن يتجاوز الجزء المكشوف منه عند الاحتلال اليهودي في حزيران ( يونيو ) 1967 خمسين مترا أقدمت السلطات اليهودية على هدم أربعة عشر عقارا من بينها الزاوية الفخرية وهي مقر المفتي الشافعي.

          وفي 20 / 6 / 1969 م صادر اليهود سبعة عشر عقارا ملاصقا لجدار المسجد الأقصى، تضم عمارة تاريخية هي: ” المدرسة التنكيزية ” التي كانت مركزا للمحكمة الشرعية الإسلامية وتعتبر مصادرتها خطوة لتطويق الحرم الشريف وتسهيل الدخول إليه.

          وتتركز أعمال الحفر في هذه المنطقة الآن في ” المدرسة التنكيزية “، وقد أدت الحفريات فيها إلى كشف حوالي مئة متر من جدار الحرم الشريف ( المسجد الأقصى ) باتجاه باب السلسلة، وتتجه الحفريات الآن تحت أبنية باب السلسلة ويعتقد بأنها وصلت إلى قرب باب الحديد.

          ولا شك في أن أطماع اليهود ليس لها حد، فإنهم ينوون توسيع كشف الجدار الغربي للحرم الشريف من باب السلسلة جنوبا حتى باب علاء الدين ( باب المجلس الإسلامي الأعلى) شمالا، وإن تحقيق هذا الهدف يستدعي أن يستولي اليهود، سواء عن طريق الاستمساك أو المصادرة أو تصديع المباني نتيجة للحفريات التي يقومون بها، على جميع أملاك الأوقاف الإسلامية في المنطقة وهي تشتمل على حوالي ثلاثمائة عقار وخمسة أبواب من أبواب الحرم الشريف هي باب السلسلة وباب المطهرة وباب القطانين وباب الحديد، وباب علاء الدين البصري، كما تشتمل على مسجدين وسوق عربية أثرية ( سوق القطانين ). ويقطن في هذه المنطقة حوالي ثلاثة آلاف مسلم ليكون مصيرهم مصير إخوانهم الآخرين من التشتت والتشرد والتصفية.

          ومما يدمي القلوب أن منطقة المحكمة الشرعية قد أصبحت مكانا يزاول فيه رجال الدين اليهود العبادة وكأنهم في كنيستهم.

          ولا بد من استرعاء النظرإلى أن حائط ( المبكى ) الذي يتذرع به اليهود لمواصلة أعمال الحفر على امتداده هو الجزء الغربي لجدار الحرم الشريف. وقد أكد ذلك التقرير الذي وضعته لجنة البراق الدولية التي تشكلت بقرار من مجلس عصبة الأمم في 14 / 1 / 1930 على إثر الثورة المعروفة بثورة البراق عام 1929، وقد نص هذا التقرير على ما يلي: ” للمسلمين وحدهم تعود ملكية الحائط الغربي، ولهم وحدهم الحق العيني فيه لكونه جزءا لا يتجزأ من ساحة الحرم الشريف التي هي من أملاك الوقف الإسلامي. وللمسلمين أيضا تعود ملكية الرصيف الكائن أمام الحائط وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربة المقابلة للحائط لكونه موقوفا حسب أحكام الشرع الإسلامي لجهات البر والخير “.

          ثم إن مؤتمر العالم الإسلامي يؤكد أن ( حائط المبكى ) بدعة ابتدعها زعماء اليهود ( لربط اليهود في أنحاء العالم بمركز يبكون على ما وراءه بغية تجميعهم في فلسطين لإعادة بناء الهيكل في القدس. وليس أدل على استغلال الزعماء اليهود لحائط المبكى وإضفاء الطابع السياسي عليه من خلو ( الانسايكلوبيديا اليهودية ) المنشورة عام 1901 من أية إشارة إلى هذا الحائط، في حين أن الانسايكلوبيديا اليهودية العالمية التي نشرت عام 1939 تضمنت مادة عن الحائط المذكور مع اسمه اليهودي.

          ويسترعي مؤتمر العالم الإسلامي النظر إلى أن ما يقوم به اليهود في مدينة القدس من حفريات، وما تؤدي إليه هذه الحفريات من تشعث المباني وإخلائها من سكانها وما يقومون به من هدم المساكن والمساجد والمدارس وأملاك الأوقاف الإسلامية بحجة استكمال الحفريات، هي إجراءات لتغيير وضع القدس من عربية إسلامية إلى يهودية.

          ولقد نصت القرارات التالية على اعتبار جميع التدابير والأعمال التي اتخذتها إسرائيل والمؤدية إلى تغييرالوضع القانوني لمدينة القدس باطلة لا يمكن أن تغير من وضعها، ودعت هذه القرارات إسرائيل إلى الكف عن جميع الإجراءات التي قد تؤدي إلى مثل هذا التغيير.
          1 – قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2253 الصادر في 4 / 7 / 1967.
          2 – قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2254 الصادر في 14 / 7 / 1967.
          3 – قرار مجلس الأمن الدولي رقم 252 الصادر في 21 / 5 / 1968.
          4 – قرار مجلس الأمن الدولي رقم 267 الصادر في 3 / 7 / 1969.

<2>

مذكرة مؤتمر العالم الإسلامي إلى الدورة الثانية عشرة للمجلس التأسيسي حول الحفريات الإسرائيلية في القدس
المصدر: ” الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 6، ص 888- 890 “

         كما يشيرمؤتمر العالم الإسلامي إلى القرار الذي اتخذه المجلس التنفيذي لمنظمة اليونيسكو في باريس في10 / 10 / 1969 حول اعتداءات إسرائيل على الممتلكات الثقافية والحضارية والأثرية في فلسطين المحتلة، الذي نصت الفقرة السادسة منه على ما يأتي:
يدعو المجلس التنفيذي إسرائيل إلى:
         أ – الاحتفاظ بمنتهى العناية والدقة بجميع المواقع والأبنية والممتلكات الثقافية وخاصة في مدينة القدس.

         ب – الامتناع عن أية حفريات أثرية ونقل أية ممتلكات مماثلة أو إحداث أي تغيير لمظاهرها أو خصائصها الحضارية أو التاريخية.

         جـ – التمسك بمنتهى العناية والدقة بأحكام الميثاق والقرارات المشار إليها سابقا ولكن السلطات اليهودية لم تخضع لهذا القرار ولا لغيره.

         ولذلك فإن مؤتمر العالم الإسلامي يقترح اتخاذ الخطوات التالية:
         1 – إرسال مذكرة وافية إلى جميع الدول الإسلامية والعربية وسائر المنظمات الإسلامية في العالم يبين فيها الإجراءات التي يقوم بها اليهود بغية تهويد مدينة القدس وتبديل معالمها وتشريد أهلها.

         2 – مناشدة الأمانة العامة للدول الإسلامية والأمانة العامة لجامعة الدول العربية الاتصال بمجلس الأمن ومنظمة الأمم المتحدة ومنظمة اليونيسكو ومطالبتها بتنفيذ قراراتها المتعلقة بمدينة القدس المشار إليها آنفا ولفت نظرها إلى المخالفات التي ترتكبها إسرائيل لهذه القرارات، ومطالبتها بإيفاد لجنة للتحقق عما يجري في القدس ورفع تقرير بهذا الشأن إلى الجهات الدولية المختصة.

         3 – إطلاع الرأي العام الإسلامي والعربي والعالمي على ما يقوم به اليهود في فلسطين عامة وفي مدينة القدس خاصة عن طريق الصحافة والإذاعة والتلفزيون في الأقطار العربية والإسلامية وفي البلاد الأجنبية.

         4 – العمل على وضع تاريخ لفلسطين عامة ولمدينة القدس خاصة واعتماد تدريسه في الأقطار الإسلامية لتنشئة الأجيال الإسلامية على معرفة مدى ارتباطها بالمسجد الأقصى المبارك، وبمدينة القدس وسائر فلسطين دينيا وتاريخيا وحضاريا.


<3>

Scroll to Top