مذكرة منظمة الأرض إلى الأمين العام للأمم المتحدة

مذكرة منظمة الأرض إلى الأمين العام للأمم المتحدة
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1303 – 1315”

مذكرة منظمة الأرض إلى الأمين العام
للأمم المتحدة (*)

سيادة الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة

نيويورك – الولايات المتحدة

مذكرة حول العرب في إسرائيل

         إن إسرائيل، وهي دولة أنشئت مؤخرا، تحتفل هذا العام بذكراها السادسة عشرة. وبالرغم من كل التغييرات، الظاهرية والجذرية، التي اجتاحت خريطة العالم في العقدين الأخيرين، وبالرغم من كل الإنجازات التي حققها الجنس البشري في السنوات الماضية فإن العرب في إسرائيل ما زالوا بعيدين جدا عن ممارسة حقوقهم الطبيعية.

         إنهم يعانون من سياسة قمع واضطهاد وتمييز تشنها عليهم الحكومة الإسرائيلية بصورة مخططة.

         إن الحكومة الإسرائيلية تصر على ممارسة سياستها التي تهدف إلى إلحاق نهايات مرعبة بالمجتمع العربي، نهايات هي إهانة لقوانين العدالة الدولية والعرف الإنساني.

         إنها سياسة تتناقض مع ما تعلنه الحكومة، ومع التزاماتها الدولية.

         فيما يلي تسجيل للحقائق الأساسية التي تشجع الحكومة على ممارسة سياستها العنصرية:

1 –

السيطرة الحادة وشبه الكاملة التي تمارسها المنظمات الصهيونية على صحافة العالم، وبالتالي فإن الحقيقة تخفى، والموقف الصعب الذي يعانيه المجتمع العربي يقدم للرأي العام الدولي بصورة مغلوطة ومناقضة للواقع.

2 –

حملة الكراهية، إن الحكومة الإسرائيلية تمارس سياسة الكراهية ضد العرب وتشجع هذه المشاعر بين اليهود وتركز بصورة خاصة على الجيل الناشئ، طلاب المدارس وطلاب الدراسات العليا.

         لسوء الحظ، لقد فشلت فشلا كاملا كافة المحاولات التي بذلت لخلق نوع من التقارب بين العرب وبين الجهات الديموقراطية اليهودية القليلة.

 


         (*) فلسطين – ملحق المحرر – العدد 462 و474 (فلسطين عدد 6 و 7) ، 14 ، 29 /1 /1965.

00000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000

 مذكرة منظمة الأرض إلى الأمين العام للأمم المتحدة
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1303 – 1315”

3 –

هيئة الأمم المتحدة الجامدة، فبالرغم من كافة الظواهر، والطلبات التي قدمت لهذه الهيئة كي تنظر، وتحقق، في الموقف الصعب الذي يعانيه العرب، سواء على صعيد القمع أو على صعيد التمييز العنصري، في فترات الاحتلال، كما قال وزير العدل الإسرائيلي فإن الأمم المتحدة بقيت صامتة وسلبية بصورة كاملة.

         إن الحكومة الإسرائيلية تأمل أن تجتث بصورة نهائية الكيان القومي العربي في إسرائيل. إن الخطط الصهيونية، حتى قبل تأسيس دولة إسرائيل، طمحت إلى إيجاد دولة يهودية كاملة على كافة المستويات. لقد صرح روفن بركات، السكرتير السابق لمنظمة الهستدروت والسكرتير الحالي لحزب عام 1955 قائلا: “لقد فكرنا في دولة يهودية كلية، دون أقليات، في رغبتها العميقة لإنجاز أقصى ما يمكن من هذه الأسس الصهيونية تبنت الحكومة قوانين شريرة ومقاييس وحشية ضد أولئك العرب الذين اختاروا البقاء في إسرائيل بعد عام 1948 عن أمل أن أية إجراءات ثأرية لن تستعمل ضدهم.

         مع الأسف، لقد سقطت كل الآمال الطيبة أمام سياسة القمع والاضطهاد والخيانة. إن الحقائق المحزنة التي لا تعد ولا تنتهي تدفع العرب إلى حالة مستمرة من عدم الرضا.

إن المعالم الرئيسية لهذه السياسة هي:

أولا – الأراضي العربية:

         لقد فرضت الحكومة قوانين تهدف إلى نزع ملكية الأراضي العربية وتدمير القوى العربية وأراضيها الزراعية.

         عام 1948 وضعت الحكومة “أنظمة أملاك الغائبين” وهي قوانين غيرت عام 1950 إلى قانون “أملاك الغائبين”.

         هذا القانون يعرف الغائبين بأنهم “الفلسطينيون السابقون” سواء أولئك الذين تركوا إقاماتهـم المعتادة في فلسطين قبل أول آب عام 1948. أو انتقلوا، لأي سبب، لأي جزء من أجزاء فلسطين التي تسيطر عليها قوى تعارض تأسيس دولة إسرائيل في الفترة من 29 تشرين الثاني 1947 وحتى انتهاء حالة الطوارئ التي أعلنتها الحكومة في 19 نيسان 1948.

         في الحقيقة إن حالة الطوارئ ما زالت قائمة، وتعبير “الغائبين” بكل مترتباته القانونية ما زال يطلق على كافة العرب في منطقة المثلث وعلى الكثير غيرهم في المناطق التي اغتصبتها إسرائيل أو سلمت لها.

         لا بد من ذكر حقيقة أن العرب الذين تركوا أماكن سكنهم، إنما فعلوا ذلك خوفا من مصير مروع كمصير أهالي دير ياسين، الذين نكلت العصابات اليهودية بمئتين منهم في 9 نيسان 1948.

         كذلك، تطبيق الحكومة، وعلى نطاق واسع، أحكام المادة 125 من قوانين الدفاع والطوارئ لانتزاع الأراضي العربية.

 مذكرة منظمة الأرض إلى الأمين العام للأمم المتحدة
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1303 – 1315”

وتنص المادة 125:
         “يحق للحاكم العسكري أن يعلن أية منطقة أو مكان منطقة محرمة بهدف تطبيق هذه القوانين. وكل من يدخل. أو يترك المنطقة. المعلن عنها في مثل هذا الأمر، دون إذن خطى صادر عنه أو نيابة عن الحاكم العسكري يعتبر مخالفا لهذه القوانين”.

         وهكذا، أعلنت عشرات من القرى العربية، بعد طرد سكانها مناطق محرمه تمهيدا لاغتصاب أراضيها.

         من هذه القرى: الغبسية، عمقة، فراضيه، عينان صفورية، المجيدل، كفر بارام، المنصورة، ميعاد، كويكات، البروة، الدامون، والرويس.

         عام 1949، فرضت الحكومة قوانين الطوارئ (مناطق الأمن) وبالتالي أعطى وزير الدفاع حق إعلان أي جزء من إسرائيل “منطقة أمن” وإخلائها من السكان بعد عشرة أيام من الإعلان.

         ويفعل هذه القوانين، أعلن وزير الدفاع الجزء الأكبر من منطقتي المثلث والجليل، اللتين تسكنهما أغلبية عربية، أعلنها “مناطق أمن” لقد طرد بالقوة عرب قريتي عكريت وكفر بارام في الجليل، وعندما شكوا هذا الظلم لمحكمة العدل العليا في القدس، علقت شكواهم ودمرت القريتين وفوق هذا أنكر بن غوريون، وكان رئيسا للوزراء أمام الكنيست أن يكون له علم بتلك الأحداث المخزية. وتتويجا للعدوان الصارخ بالنذالة، دمر الجيش الإسرائيلي قرية عكريت، وجميع سكانها من الكاثوليك، ليلة عيد الميلاد عام 1951.

         عام 1948، أعلنت الحكومة “قوانين الأراضي الزراعية المهجورة” وقد خول وزير الزراعة، بموجبها حق السيطرة على كافة الأراضي الزراعية المهجورة، وهي التي أصبحت كذلك بعد تطبيق قوانين 1948 للدفاع “الطوارئ” وقوانين 1949 للطوارئ (مناطق الأمن) وكان الهدف تحسين تلك الأراضي وتسليمها للمستعمرات اليهودية.

         عام 1950، طبقت الحكومة “قانون نزع ملكية الأراضي” الذي خولها حق السيطرة المؤقتة على أية قطعة من الأرض وحق هدم أي بناء إذا اعتبر ذلك مهما لـ “الدفاع” عن الدولة، أو الأمن القومي أو الخدمات العامة أو استيعاب المهاجرين (اليهود) الجدد، أو إسكان الوحدات العسكرية العاملة، أو مشوهي الحرب. كان من الفروض أن يعمل بهذا القانون مدة ثلاث سنوات، لكنها جددت ست سنوات أخرى، ثم عدلت بحيث تنزع ملكية الأراضي والأبنية المسيطر عليها حتى أول 1958 نزعا تاما.

         وعام 1953، نشر “قانون ملكية الأراضي” وخلال ستة أشهر اغتصبت أراضي 250 قرية عربية. وبحكم هذا القانون أعلنت كافة الأراضي المحجوزة والمستعملة والمخصصة للتنمية والإسكان وشئون الدفاع والتي لم ينحصر أصحابها بأنفسهم منذ 14 أيار 1948، أعلنت ملكا لهيئة تحسين الأراضي.

         وقد حدد القانون التعويض عن كل دونم بقيمته يوم 1 كانون الثاني 1950 –

مذكرة منظمة الأرض إلى الأمين العام للأمم المتحدة
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1303 – 1315”

وهذا عمل غير عادل – في ذلك الوقت كانت الأسعار منخفضة جدا وكان الجنيه الإسرائيلي يساوي خمس قيمته عام 1953، عندما صدر القانون.

         لإحكام الطوق حول الغرب ونهب المزيد من أراضيهم تحت ستار من الشرعية، صيغ “قانون الملكية المؤقت” عام 1958. وكان تعديلا لقانون الأراضي العثماني الصادر عام 1858، فحدد الفترة المؤقتة بعشرين عاما بدلا من العشرة المذكورة في القانون العثماني إذ كان القانون العثماني يطلب ممن ينوي تسجيل قطعة من الأرض باسما في السجل العقاري الرسمي أن يبرهن أنه عمل في أرضه عشر سنوات على الأقل. في الواقع، كانت معظم الأراضي الفلسطينية أراضي أميرية، يظلها القانونين المذكورين كما أن مساحات شاسعة منها، خاصة في الجليل لم تمسح وبالتالي لم تثبت ملكيتها في عهد الانتداب. ولو أن القانون العثماني ظل ساري المفعول لاستطاع الفلاحون العرب إثبات حقوقهم بسهولة. لكن تعديلات 1958 التي زادت المدة المطلوبة من عشر إلى عشرين سنة، كان من شأنها تعقيد العملية وجعلها، أحيانا، مستحيلة مسهلة للحكومة وضع بدها على آلاف من الدونمات من الأراضي العربية.

         ولتسهيل المزيد من مصادر الأراضي العربية، تطبق الحكومة، من حين لآخر “قانون مصادرة الأراضي من أجل المصلحة العامة” الصادر عام 1943، هذا القانون مكن الحكومة من مصادرة معظم الأراضي العربية المحيطة بالناصرية حيث أقيمت مدينة يهودية. كذلك صودرت أراضي البطوف والشاغور حيث يجري إنشاء مدينة يهودية باسم كارمييل هناك.

         مهما لجأت إلى الادعاءات الباطلة فإن الحكومة لا تستطيع على الإطلاق النجاح في إخفاء الحقيقة المريرة، إنها تهدف بضراوة إلى قلب الجليل كله إلى منطقة يهودية كلية، إنه من المعروف أنه “حتى قبل تأسيس دولة إسرائيل إن بن غوريون طلب من صندوق الكيرين كيميت قرضا لتمويل صفقة من مليوني دونم من الأرض بسعر نصف جنيه للدونم الواحد، وعندما سأل صندوق الكيرين كيميت عن طبيعة الأرض أجاب بن غوريون بأن الهاغانا تنوي احتلال أراضي عربية في فلسطين وتسلمها بدورها مقابل القرض.

         إن الحكومة مستمرة بإصرار في إصدار القوانين والأنظمة التي تفرض أقسى أنواع التمييز وأشدها رعبا ضد الأقلية العربية في إسرائيل، متجاهلة بعناد التزاماتها الدولية ومتحدية قرارات الأمم المتحدة الصادرة في 29 تشرين الثاني 1947. واتفاقية الهدنة الأردنية – الإسرائيلية لعام 1949.

         إن الفقرة الثامنة من الفصل الثاني من القرارات الآنفة الذكر تنص على ما يلي:

         “لن يسمح بمصادرة أرض عربية ضمن الدولة الإسرائيلية إلا ما كان للمصلحة العامة. وفي جميع الحالات يجب أن يدفع تعويض كامل تحدده المحكمة العليا ويدفع قبل المصادرة”

         لقد أوضحت إسرائيل أثناء طلبها الانضمام للأمم المتحدة أنها تحترم وتنفذ جميع قرارات الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين واتفاقيات الهدنة.

         وبالإضافة إلى ذلك فلقد وعدت إسرائيل بعدم إصدار أي قانون أو قرار قد يناقض روح أو مضمون هذه القرارات أو الاتفاقيات.

مذكرة منظمة الأرض إلى الأمين العام للأمم المتحدة
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1303 – 1315”

        وتقول الفقرة السادسة من الفصل الثالث لاتفاقية الهدنة الإسرائيلية – الأردنية ما يلي:
         “إذا تأثرت أي قرية بخطوط الهدنة، فإن سكان هذه القرى يجب أن يسمح لهم بصيانة وحماية جميع حقوقهم في الإقامة والملكية والحرية”.

        وبما أننا نتحدث عن سياسة الحكومة في مصادرة الممتلكات العربية فلا بد لنا من أن نعالج موضوع “الوقف الإسلامي” فخلافا للأنظمة القانونية والتقليدية التي كانت مرعية في ظل الانتداب، قامت الحكومة الإسرائيلية بحجز جميع ممتلكات الوقف وتولت إدارتها كليا واستولت على جميع عائداتها أما المجوعات الدينية الأخرى فلا تزال تتمتع بسيطرة كافية على أوقافها.

        ومحاولة منها لتغطية الشرور الناجمة عن هذه الظروف، قامت وزارة الشئون الدينية بتشكيل لجان إسلامية استشارية ليس لها سلطة فعلية بل إنها في الواقع واجهات علنية يختار أعضاؤها خصيصا لتنفيذ مآرب السلطات الحاكمة.

        وبالرغم من أن الأوقاف الإسلامية تعود سنويا بكميات كبيرة ، فإن المجموعة الإسلامية محرومة تماما من أي نصيب من هذه الأوقاف.

        وبالتالي فإن جميع نشاطاتهم الدينية والثقافية والاجتماعية تقاسي من حاجتها لأشياء كثيرة وبالتالي فهي راكدة تماما منذ قيام الدولة.

        في عام 1955 أعلن بن غوريون أن الدخل الوارد من الوقف الإسلامي في ذلك العام بلغ 180.000 ليرة إسرائيلية فقط . إن هذا المبلغ هو نقيض الحقيقة تماما. إن أراضي الوقف الإسلامي تساوي 6 /1 فلسطين وغالبيتها تقع ضمن حدود إسرائيل فمثلا:

1 – وقف روبين 40.000 فدان.
2 – وقف سيدنا علي 28.000 فدان.
3 – وقف الرضوان 50.000 فدان.

        إن مشكلة البدو (القبائل العربية) في النقب هي أيضا مشكلة في غاية الأهمية. إنهم، ومنذ ستة – عشر عاما عرضة للملاحقة والاضطهاد، إنهم مرغمون على أن يعيشوا في معسكرات اعتقال ولا يسمح إلا للأشخاص الذين تثق بهم السلطة بزيارتهم.

        إن العديد منهم قد طرد من أرضه الزراعية، وأرغم على السكن في أرض جرداء قاحلة، في أرض وصفها اليهود أنفسهم بأنها “قلب ظلام الصحراء” أما أرضهم فقد وزعت على المزارعين اليهود أفرادا وتعاونيات.

        ومع هذا فإن الحكومة تنهج خطا حازما لطرد من تبقى من هؤلاء البدو. إنها تنفذ هذه السياسة بمختلف الوسائل، تارة بالإقناع والوعود الكاذبة، وتارة أخرى بالتهديد والوعيد. والحادثة الأخيرة التي اتهم فيها عربي بقتل فتاة يهودية، كانت مجرد تمثيلية لإشاعة موجة من الكراهية وبالتالي أعطت عذرا للسلطات العسكرية بالزحف على العرب في المنطقة في حملة همجية، وفي جو من الرعب والإرهاب.

 مذكرة منظمة الأرض إلى الأمين العام للأمم المتحدة
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1303 – 1315”

ثانيا: الحكم العسكري:

        إن مائتين وستين الف عربي يعيشون الآن في إسرائيل، معظمهم يعيش في الجليل، والمثلث الخطر، والنقب ومنذ قيام إسرائيل، فرضت عليهم السلطات نظام حكم عسكري متطرف. لقد نميز هذا الحكم الجائر بالعنصرية والقسوة. لقد نشر الخوف، والتمزق والرعب.

        إن أنظمة الدفاع (الطوارئ) الصادرة عام 1945 التي صدرت في ذلك الوقت لتضع حد لحركات العنف والتمرد، هي العمود الفقري للحكم العسكري وهي تمنح الحكام العسكريين صلاحيات واسعة تجعل حكمهم مستبدا، تعسفيا، وفرديا.

        لقد خسر المواطن العربي في ظل الحكم العسكري حرياته الأساسية في التحرك والتعبير. ويتمتع الحكام العسكريون بسلطة الاعتقال الكيفي والنفي. إنهم يتمتعون بدون شرعية حق إدارة الشئون العربية تماما، وهم يتدخلون أيضا وبصفاقة بشئون المواطنين الخاصة.

        لقد أعلن المفتش العام في تقريره السنوي الرسمي لعام 1959 أن الحكام العسكريين يمارسون سلطات غير شرعية ممنوحة لهم وهي من اختصاص السلطات المدنية.

        تدعى السلطات الإسرائيلية أن الحكم العسكري ضروري لأمن إسرائيل إنهم يسخرون الصحف ويستغلون الدعاية ليصوروا العرب بأنهم طابور خامس يهدد أمن الدولة. لقد تبين أن جميع هذه الادعاءات خاطئة وغير صحيحة. إن النقاش الذي حصل في الكنيست عام 1962 يؤكد هذه النقطة ويدحض ادعاءات السلطات الإسرائيلية. وهذه بعض مقتطفات النقاش.

        قال موشيه كارمل أحد قادة حزب احدوت هاعفودا: “إن الحكم العسكري ليس ضرورة لأمن الدولة. وإن استمرار وجوده يضر في علاقات العرب باليهود في إسرائيل، تضر بمبدأ الحكم الديموقراطي والمساواة بين جميع المواطنين وتضر بمشاعر شهرة إسرائيل في الخارج”.

وقال يعقوب حازان من قادة حزب المابام:
        نحن مقتنعون تماما أن نظام الحكم العسكري لا يساعد في أمن الدولة فقط، انما يناقض جميع معطيات العدل والقانون.

وقال ميناحيم بيجن قائد حزب حيروت:

         “ليس هناك من ارتباط بين أمن الدولة الداخلي وبين الحكم العسكري” ولقد أصدر عدد من أساتذة الجامعة العبرية بيانا عام 1958 شجبوا فيه الحكم العسكري كما وقدم عدد من كبار الضباط مذكرة عام 1962 أنكروا فيه وجود ضرورة للحكم العسكري.

        لقد أقيم الحكم العسكري ليحقق المخططات الخبيثة التالية:

 مذكرة منظمة الأرض إلى الأمين العام للأمم المتحدة
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1303 – 1315”

1 –

مصادرة الأراضي العربية. ولقد كتب شمعون بيرس في جريدة  “دفار” بتاريخ 26/1/1962 ما يلي:

         “إن المادة 125 من قانون الطوارئ هي العمود الفقري للحكم العسكري .. إنها تؤكد السير الحثيث نحو مزيد من الهجرة اليهودية وإقامة المساكن من جديد”.

2 –

لقد لعب الحكم العسكري دورا هاما في تهديد أية محاولة لتكوين كيان عربي سياسي مستقل، كما ولعب دورا في انتزاع جميع حريات المواطن العربي وخاصة حرية التعبير. لقد قوبلت جميع محاولات، إصدار مجلة عربية حرة ومحترمة ومستقلة، بالرفض العنيف. لقد أقيم الحكم العسكري ليمنع قيام جبهة عربية موحدة داخل إسرائيل، ولتصفية الحضارة العربية وإذابة الشخصية العربية كليا.

3 –

إن الحكم العسكري يخدم مصالح الحزب الحاكم. إن أصوات الأقلية العربية تعطى بالتهديد والوعيد الزائف لمرشحين غير مرغوب بهم.

ثالثا: الثقافة العربية:
         إن نسبة التعليم المرتفعة في ظل الانتداب انخفضت إلى الحضيض خلال الستة عشر سنة الماضية. إن نسبة النجاح في شهادة المتركيوليشن (باجروت) في المدارس العربية الخاضعة لإشراف وزارة التربية هي فقط 4 و 5 بالمائة.

         إن هذا الانخفاض يعود إلى الأسباب التالية:

1 –

التدخل المؤذي والوقح في شئون التعليم من قبل رجال الحكم العسكري والمباحث ( شن بت) ولهاتين الفئتين، الحكام العسكريون والمباحث الكلمة الأولى في اختيار “المدرسين” دون أدنى نظر لكفاءاتهم العلمية. إنهم يختارون بناء على مقدار ما يقدمون من خدمات للحكم العسكري وللمباحث ويفترض فيهم أن يكونوا ممالئين، متواطئين، وأبواق دعاية للحزب الحاكم.

2 –

عدم وجود مدارس كافية فبالرغم من الازدياد المطرد في عدد التلاميذ فإن عدد المدارس لازال محدودا جدا. إن وزارة التربية تتجاهل عن عمد تنفيذ قانون التعليم الإجباري بالنسبة للأقلية العربية.

3 –

النقص الشديد في الكتب المطلوبة والمختبرات والتجهيزات والخرائط والمكتبات

4 –

هناك بعض الموظفين المسئولين الذين يستغلون وظائفهم فيقومون بنشر بعض الكتب المتدينة هادفين الربح من ناحية وتسميم عقلية الجيل الجديد من ناحية أخرى. هناك خمس مدارس عربية ثانوية في إسرائيل، واحدة منها (في الناصرة) تدرس العلوم .. وينقص جميع المدارس القاعات والملاعب المناسبة والنوادي.

         إن سياسة الحكومة السلبية بالنسبة للثقافة العربية ترمي إلى محو أي ارتباط بين الجيل الجديد وبين ماضيهم المجيد، لتخمد جميع مشاعرهم القومية وآمالهم في مستقبل مشرق. وفي الحقيقة فإنها تقدم لهم بديلين أحلاهما مر: إما الهجرة وإما الانصهار.

مذكرة منظمة الأرض إلى الأمين العام للأمم المتحدة
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1303 – 1315”

رابعا: التمييز العنصري:

         لقد أكد إعلان الاستقلال عن المساواة بين جميع المواطنين ودعا إلى إشراك العرب في كافة المؤسسات الرسمية والعامة. ولسوء الحظ فإن سياسة الحكومة بالنسبة للعرب كمواطنين من الدرجة الثانية تعاملهم بشكل سيئ جدا وتشجع جميع الإجراءات التمييزية بينهم وتساعد على تنمية الخلافات فيما بينهم. إن موجة التمييز اخترقت جميع أوجه الحياة وخلقت مشاعر دائمة من الكراهية والشك.

         تشكل الأقلية العربية 10 /1 من سكان إسرائيل وهم يقومون بكافة التزاماتهم ويدفعون ما يتوجه عليهم من الضرائب ومع هذا فإن الموظفين العرب في الحكومة يشكلون 1.5 بالمائة من مجموع الموظفين.

         في إحدى الحملات الانتخابية لعام 1961 قال أحد مرشحي الحزب الحاكم ” على الحكومة أن تحول العرب في إسرائيل إلى طبقة عمال لتخدم الجماهير اليهودية ” إن الحكومة، في الواقع تتبنى هذه السياسة وتحاول أن تحقق معطياتها بأقصر وقت ممكن.

         إن الظواهر الملموسة لسياسة التمييز المتبعة ضد العرب في إسرائيل تؤثر في جميع أوجه الحياة. نستطيع أن نذكر ما يلي بإيجاز:

الخدمات العامة:
         لا تزال معظم القرى العربية حتى الآن دون ماء الشرب والكهرباء والشوارع.

الخدمات الصحية:
         تشكو معظم القرى العربية من غياب أية خدمات صحية. إن الحادثة الأخيرة في قرية كسرى حين توفى 12 طفلا من ” الحصبة ” مثل صارخ على هذا الإهمال.

السلطات المحلية:

         إن التجمعات العربية تقاسي من ” طاعونين ” إما وجود مجالس محلية معينة من قبل الحاكم العسكري، وإما غياب هذه المجالس.

         وأخيرا وليس آخرا فإن الحكومة العسكرية تنكر حريات المواطنين العرب الأساسية: حرية الكلام، حرية التعبير، والحرية السياسية. إن الحكومة تعارض بشراسة أي محاولة لتأليف حركة عربية حرة مستقلة تمثل فعلا الأقلية العربية. وترفض الحكومة أيضا إعطاء العرب حقهم الأساسي بإصدار جريدة تعبر عن مشاعرهم وآمالهم ومطالبهم وحقوقهم.

         إن المعارضة الصريحة لإقامة حركة عربية سياسية حرة مستقلة، والمحاولات الشرسة التي تستخدمها السلطة لإخضاع الشعب العربي الحر إنما تستهدف جميعا تصفية الشخصية العربية القومية في إسرائيل.

 مذكرة منظمة الأرض إلى الأمين العام للأمم المتحدة
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1303 – 1315”

        وتشجع السلطات الشباب العربي بالمقابل بالانخراط بالأحزاب الصهيونية والمعارضة للصهيونية آملة من وراء ذلك محو مشاعرهم القومية ومسهلة بالتالي انصهارهم بالمجتمع اليهودي.

        وسط هذا الجو المشحون بالاضطهاد والتمييز العنصري أنطلق صوت عربي أبي يطالب بجميع الحقوق المشروعة للعرب في إسرائيل وباحترام جميع مشاعرهم وتقاليدهم.

        لقد انبعث هذا الصوت الشجاع من مجموعة من الشباب العربي المؤمنين بعمق بمعتقداتهم الأمينة والذين يرفضون بشدة جميع أشكال التمييز ويعارضون بقوة سرقة الأراضي ومصادرتها. إنهم يدعون إلى المساواة، العدالة، الاحترام، الكرامة، والحرية. إنهم يصرخون بشدة منادين بالعدالة التي تنتهك بالقوانين الرديئة والخداع.

        إن هذه المجموعة من الشباب قد اتحدت تحت شعار العدالة، واسم واحد هو (الأرض) وهم يعرفون عادة بـ (جماعة الأرض).

         ولقد قرروا في بداية نشاطاتهم أن يصدروا جريدتهم باسم “الأرض” التي ترمز إلى تراثهم الخالد الذي تملكه العرب عبر الأجيال.

         وقبل ذلك أصدروا إلى الرأي العام بيانا أوضحوا فيه عدالة مطالبهم ونواياهم المسالمة. ثم قدموا طلبا رسميا للسماح لهم بإصدار مجلتهم ولقد أخرت السلطات إعطاءهم الجواب فترة تجاوزت المهلة المعطاة في القانون متذرعة بأعذار واهية. ولهذا قررت جماعة الأرض أن تصدر نشرة أسبوعية تعبر عن آرائها المحلية والسياسية. لقد كان إصدار النشرة بداية الصدام العنيف مع السلطة التي حاولت بمختلف الوسائل أن توقف نشاط هذه الجماعة ولقد قاسى أعضاؤها بالتالي من غرامات مالية واقتصادية عنيفة. وشنت الصحف المحلية حملة مضللة ضد الجماعة وقذفتها بشتى أنواع التهم والمقاصد.

        ولقد ساهمت في هذه الحملة الصحف اليهودية خارج إسرائيل ومن بينها “جويش كرونيكل” الصادرة في لندن. لقد صمدت “الأرض” بعناد أمام جميع الهجمات والملاحقات ولم تنحرف أو تتنازل مطلقا عن معتقداتها العادلة وإيمانها المقدس. وأخيرا قدمت السلطات أعضاء الجماعة إلى المحاكمة بتهمة مخالفة قانون الصحافة. لقد حكم على كل منهم بغرامة قدرها الف ليرة إسرائيلية وبحبس 3 أشهر مع وقف التنفيذ. ولقد خفض المبلغ إلى النصف بعد الاستئناف ولكن مدة السجن بقيت كما هي. وبالرغم من أن هذه الأحكام قد أثرت في الوضع المادي لأعضاء “الأرض” فإنهم استمروا في نضالهم من أجل قضيتهم العادلة.

        وبعد ذلك قامت هذه المجموعة بتقديم طلب إلى (قلم تسجيل الشركات) مطالبين بتسجيلها شركة تجارية للطباعة والنشر باسم “شركة الأرض المحدودة” ولكن قلم التسجيل رفض الطلب بحجة أمن الدولة والسلامة العامة. وقدمت القضية إلى “المحكمة العليا بالقدس” التي رفضت ادعاءات قلم التسجيل وطلبت الترخيص بإنشاء الشركة. فما كان من المدعي العام إلا أن أستأنف الحكم، وجلس خمسة قضاة على المنصة وبعد التداول وبأغلبية الأصوات قررت المحكمة تثبيت القرار وبالتالي الترخيص للشركة. وهكذا قامت هذه الشركة بتقديم طلب بإصدار المجلة المنتظرة

مذكرة منظمة الأرض إلى الأمين العام للأمم المتحدة
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1303 – 1315”

         “الأرض” ومرة أخرى رفض حاكم القطاع (قطاع الناصرة) طلب الترخيص بحجة أن مجلس المحررين تنقصه بعض المؤهلات.

         وقدم طلب جديد متضمنا جميع المستندات المطلوبة من رئيس تحرير. ولكنه ووفاء منه بقراره السابق، أصدر الحاكم قراره برفض الطلب مستندا إلى المادة 94 من قانون الطوارئ التي تمنحه هذا الحق.

         إن هذه الحملات الكريهة التي وجهت ضد الشباب العربي زادتهم إيمانا بمعتقداتهم السياسية، وأكدت بشكل قاطع التعصب الأعمى والشوفينية إن جماعة الأرض تؤمن أن العرب في إسرائيل جزء من الفلسطينيين العرب الذين يشكلون جزءا من الأمة العربية لا يتجزأ.

         إن أهدافهم هي التالية:

1 –

المساواة بين جميع المواطنين بجميع الحقوق والحريات الأساسية. وإنهاء التمييز والاضطهاد.

2 –

قبول إسرائيل بقرارات الأمم المتحدة الصادرة في 29 تشرين الثاني 1947 والمتعلقة بالتقسيم. هذه القرارات التي تشكل حلا عادلا وتحمي مصالح العرب واليهود وتضمن الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط.

3 –

تبني إسرائيل لسياسة عدم الانحياز، الحياد الإيجابي، والتعايش السلمي.

4 –

اعتراف إسرائيل بحركة القومية العربية، هذه الحركة التي تدعو للوحدة والاشتراكية كقوى تقدمية يعتمد عليها مستقبل المنطقة وعلى هذا الاعتراف يتوقف مستقبل إسرائيل نفسها.

5 –

التعاون مع جميع الأطراف في إسرائيل التي تؤمن بالمبادئ الآنفة الذكر، أو ببعضها. وسعيا وراء العدالة والتفاهم، عادت جماعة الأرض وقدمت طلبا إلى المحكمة العليا بالقدس التي رفضت هذا الطلب في جو مشحون بالعداء لم يكن متوقعا مطلقا.

         لقد أعلن رئيس المحكمة في حيثيات قرار الرفض ما يلي:
         “لقد ادعى مقدموا الطلب أن عدم السماح لهم بإصدار جريدة تعبر عن آرائهم السياسية يخالف حرية الفرد وحرية الصحافة. ولكن بما أن هـذه القضية هي قضية سياسية – اجتماعية متصلة بالظروف الخاصة التي عاشت إسرائيل في ظلها في السنوات الماضية، فإن هذه القضية يجب أن لا تبحث هنا بل في مكان آخر. إن القرار الحاسم يجب أن يتخذ في الكنيست وليس في المحكمة، لأن المحكمة ملزمة بتنفيذ القانون”.

         كما أعلن القاضي بيرنسون ما يلي:
         لقد ادعى مقدمو الطلب أنه لو طلبت المحكمة من حاكم القطاع تفسير أسباب رفضه إعطاءهم ترخيصا، إنه لو تم ذلك لتبين أن سبب المنع ناجم عن تمييز عنصري ضدهم كعرب لأنهم يحملون وجهات نظر لا تنسجم مع المنظمات اليهودية الأخرى ولا مع ما يؤمن به حاكم القطاع

 مذكرة منظمة الأرض إلى الأمين العام للأمم المتحدة
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1303 – 1315”

         ومن ناحية أخرى أكد المدعي العام للمحكمة أن سبب رفض الحاكم يعود لأسباب متعلقة بالأمن فقط وأن السبب في عدم نشر الأسباب يعود إلى أمر صادر عن وزير الدفاع” وقد أبدى المدعي العام استعداده لعرض هذه الأسباب أمام المحكمة.. ولكننا رفضنا طلب المدعي العام لأنه لا يحق لنا كمحكمة أن نطلع على الأسباب التي تقف وراء القرارات التي يتخذها الحاكم ما دامت ضمن صلاحياته القانونية.

         “صحيح أنها قضية جدية .. ولكن المحكمة لا تملك أي بديل غير تنفيذ القانون كما هو قائم .. فإذا رفض الحاكم إبداء أسباب رفض طلب الترخيص لا تستطيع المحكمة أن تتدخل”.

         وبالإضافة إلى ذلك فإن قانون الطوارئ يمنح الحكام العسكريين السلطات الكافية للتدخل في كافة أوجه الحياة. ويتضح هذا في المادة 94 من هذا القانون.

         يستطيع الحاكم العسكري أن يرفض الترخيص بإنشاء جريدة أو أية منظمة دون أن يبين أسبابا بذلك .. وله الحق أن يتخذ الإجراءات اللازمة، وأن يمنع اتخاذ إجراءات تخالف قراره.

         وسنذكر هنا بعض المواد الواردة في قانون الطوارئ والتي تتدخل بشكل سافر في الحريات الأساسية للفرد إن المادة 109 من هذا القانون تعطي الحكام العسكريين السلطات الكاملة لتقييد حرية الأفراد. إنها تنص على ما يأتي:

         يستطيع الحاكم العسكري أن يأمر أي شخص بما يلي:

1 –

أن يضمن وجوده في المناطق المرخصة والمسموح بها.

2 –

أن يحدد تحركاته ويبلغها إلى الجهة أو الشخص الذي ينص عليه القانون.

3 –

منع أو تقييد ملكية الشخص لأي نوع من الحاجيات التي يحددها الحاكم العسكري.

4 –

فرض أية قيود عليه فيما يتعلق بطبيعة عمله بارتباطه أو اتصاله بأشخاص آخرين وبالنسبة لنشاطاته الخاصة بالتعليق على الأخبار والتعبير عن آرائه.

         وتمنح المادة 110 الحكام العسكريين سلطة إصدار أوامر “الإشراف البوليسي” تنص المادة على ما يلي:

1 –

يستطيع الحاكم العسكري أن يأمر بوضع أي شخص تحت رقابة البوليس لفترة لا تزيد عن سنة واحدة.

2 –

كل شخص يخضع لرقابة البوليس يكون خاضعا في نفس الوقت لما يأتي

(أ)

يطلب منه أن يسكن في مكان ما داخل إسرائيل يحدده الحاكم العسكري.

(ب)

لا يحق له أن ينقل مكان سكنه إلى أي مكان آخر ضمن نفس المقاطعة إلا بإذن خطي من رئيس قسم البوليس في القطاع، أو بإذن خطي من المدير العام للبوليس إذا انتقل إلى مكان ما خارج القطاع.

(جـ)

لا يحق له أن يترك قريته أو مدينته إلا بإذن خطي من رئيس البوليس في القطاع.

مذكرة منظمة الأرض إلى الأمين العام للأمم المتحدة
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1303 – 1315”

(د)

يجب أن يبلغ رئيس قسم البوليس في القطاع والبوليس الموجود قرب مكان إقامته بالمكان الذي فيه وعنوان البيت.

(هـ)

يجب أن يكون جاهزا ليقدم نفسه للبوليس في أي وقت ومهما كانت الأسباب وإذا طلب منه أي ضابط ذلك.

(ز)

يجب أن يبقى داخل بيته بعد مرور ساعة على مغيب الشمس وحتى الصباح، ويحق للبوليس أن يزوره في بيته في أي وقت.

         وتعطى الفقرة الثالثة الحكام العسكريين الحق بإصدار أوامر “حجز كيفي” وتنص على ما يلي:

         “يستطيع الحاكم العسكري أن يوجه أمرا باعتقال أي شخص في أي مكان بها، يحدده الحاكم”.

         أما المادة 12 فتعطي الحاكم العسكري الحق بإعلان الأحكام العرفية على بعض أجزاء إسرائيل.

         إن قانون الطوارئ الصادر عام 1945 الذي اعتمدت عليه المحكمة العليا في القدس هو قانون إرهابي استعماري في نصه، وروحه. لقد صدر هذا القانون بواسطة الانتداب الإنجليزي لكبت كل حرية تدعو للحرية القومية.

         إن هذه القوانين تلغي بشكل مباشر أو غير مباشر جميع الأنظمة الأخرى وتسحق وتدمر جميع الحريات الفردية للمواطن وتتركه مقعدا شقيا. لقد فرضت هذه الأنظمة الديكتاتورية القاسية تقييدا شديدا على حرية الصحافة والكلام والتعبير والاجتماع.

         ولقد قوبلت هذه القوانين بمعارضة شديدة واحتجاجات صريحة منذ إعلانها من قبل العرب واليهود. ففي 7 شباط 1946 عقد اجتماع لمعارضتها في تل أبيب. لقد حضر الاجتماع 400 محامي يهودي منهم من يحتل مراكز مرموقة الآن.

         وقد قال الدكتور دونكلبوم، الذي عين فيما بعد عضوا في محكمة العدل العليا في الاجتماع:

         “هذه القوانين تشكل تهديدا للمواطنين، ونحن كمحامين نرى فيها خرقا فاضحا للمبادئ الأساسية للقانون والعدالة والنظام. هذه القوانين تحرم المواطنين من حقوقهم وتعطي السلطات قوة غير محدودة”.

         وفي معرض هجومه العنيف على القوانين، ذكر يعقوب شابيرا، المدعي العام لحكومة إسرائيل، قال خلال الاجتماع:

         “ليس لهذه القوانين مثيل في أي بلد متحضر، ولا حتى في المانيا النازية، قد يوجد مثلها في بلد مستعمر. تدعي الحكومة أن هذه القوانين موجهة ضد المجرمين فقط، إلا أن أية سلطة لا يمكن أن تسمح لنفسها بنشر مثل هذه القوانين غير الإنسانية”.

         وفي نهاية الاجتماع اتخذت القرارات التالية:

1 – قوانين الطوارئ تحرم المواطنين من كافة حرياتهم الأساسية.

 

 مذكرة منظمة الأرض إلى الأمين العام للأمم المتحدة
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1303 – 1315”

2 –

قوانين الطوارئ تشكل تهديدا دائما لأسس القانون والنظام وهي خطر ضخم على حرية الفرد وحياته، وتفرض عليه حكما ديكتاتوريا.

3 –

يطلب المؤتمر إلغاء هذه القوانين.

         كثير من قادة إسرائيل كانوا أعداء لدودين لتلك القوانين. حقا كان من المفروض أن تلغي إسرائيلي تلك القوانين فور قيامها، لكن الحكومة الإسرائيلية أبقت عليها وطبقتها بوحشية ضد العرب في إسرائيل، فقط ضدهم . دون حياء من موقفهم المخزي، تتجرأ الصحافة الصهيونية وأجهزة الإعلام الرسمية في إسرائيل على نقد الأوضاع الداخلية لبعض البلدان الأخرى، بينما الأوضاع في إسرائيل نفسها محزنة. إن السلطات تشن حملة جارفة من الإرهاب والتقتيل والتمييز ضد العرب أصحاب الحق الشرعي في البلاد.

         إن بعض الأمل الذي راود تفكيرنا والثقة في محاكم العدالة، قد تلاشى أثر صدور حكم محكمة العدل العليا ضد منظمة “الأرض” ذلك الحكم، الذي أثار غضب كل المواطنين ذوي الضمير الحر، كان ضربة مميتة لحرية الفرد وحرية الصحافة. إن لا مبالاة اليهود لرجاء المواطنين العرب، الذين يقاسون وحدهم من قوانين الطوارئ ومن الحكم العسكري تتطلب تدخلا فعالا من الأمم المتحدة. على الأمم المتحدة أن تعالج بسرعة كافة تذمرات العرب في إسرائيل وأن تحمي حقوقهم.

         تأمل الحكومة الإسرائيلية، بالضغط والإرهاب، أن تخلق بين العرب في إسرائيل حالة من الرعب والحيرة والاستسلام. إنما نعلن أن هذا لن يتحقق. إنا مصرون على مقاومة الإرهاب وعلى النضال المتصلب من أجل حقوقنا، ويجب ألا يغيب عن الأذهان أن هذه التصرفات الحمقى لا تقود إلا للحقد والعداء.

         وتأمل الحكومة أيضا انفجار مظاهرات دموية من قبل العرب، لاستعمالها حجة أمام الرأي العام العالمي تبرر بها أحداث ضربة مميتة للأقليات مرة أخرى نعلن أن السلوك الميكافيلي سيترتب عليه مضاعفات عديدة حتى خارج حدود إسرائيل، وإنه حتما سيحرك العالم العربي كله وكافة الشعوب المتحررة.

         إننا ندين إسرائيل لكافة سياساتها غير القانونية. عليها أن تتحمل كل المسئولية وكافة المضاعفات تشاركها في ذلك الأمم المتحدة إذا استمرت في الجمود والتخاذل. إن مصير 262.000 من العرب في إسرائيل ليس موضوعا تافها، إنه موضوع يمس العدالة والعقل والمنطق.

         إن الهدوء والسلام في المنطقة، وكذلك المصير المجهول لإسرائيل يعتمد على سلوك قادة إسرائيل وحدهم.

مجلس المديرين
منظمة الأرض


Scroll to Top