نص الرد الأمريكي قدمه دين راسك وزير الخارجية إلى يوري تشرنياكوف القائم بالأعمال السوفيتي

 

نص الرد الأمريكي 15/1/1969
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الارشاد القومي، ج 2، ص 1617- 1621”

نص الرد الأمريكى(*)
15/ 1/ 1969

          (قدمه دين راسك وزير الخارجية الامريكية الى يورى تشرنيا كوف القائم بالأعمال السوفيتى يوم 15 يناير وقد أبلغه باعتبار هذا الرد رسالة من الرئيس ليندون جونسون برجاء نقلها الى رئيس الوزراء السوفيتى اليكس كوسيجين).

          لقد درسنا ابلاغات الحكومة السوفييتية المقدمة الى وزير الخارجية راسك بتاريخ 30 ديسمبر 1968 وقد احيط الرئيس جونسون بها وهو يرجو أن يسلم رد حكومة الولايات المتحدة هذا الى الرئيس كوسيجين.

          وان حكومة الولايات المتحدة قد درست أيضا الابلاغ الشفوى الذى تقدم به الوزير المفوض السوفييتى تشرنياكوف الى وكيل الخارجية الأمريكية روستر بتاريخ 19 ديسمبر 1968.

          وان حكومة الولايات المتحدة ترحب برغبة الحكومة السوفيتية فى التعاون معها لمساعدة السفير يارنج فى جهوده للوصول الى اتفاق على تسوية سلمية ومقبولة للنزاع فى الشرق الأوسط. وان الولايات المتحدة لتقدر الاستمرار فى تبادل وجهات النظر بينها وبين الاتحاد السوفيتى بشأن الشرق الأوسط سيما وان استمرار الطريق المسدود يتضمن مخاطر عنف قد تهدد مصالح الولايات المتحدة.

          وقد لاحظت حكومة الولايات المتحدة بعض العناصر البناءة فى الابلاغات الاخيرة لحكومة الاتحاد السوفيتى وخاصة فيما تعكسه هذه الابلاغات من الاعتراف بمبدأ انه يتعين أن تقوم التسوية على أساس الاتفاق بين الاطراف من أجل اقامة سلام عادل ودائم فى الشرق الأوسط وفقا لنصوص ومبادئ قرار مجلس الأمن الصادر فى 22 نوفمبر 1967.

          وتلاحظ حكومة الولايات المتحدة ان بعض الجوانب الأخرى من ابلاغات الحكومة السوفيتية تردد مواقف وآراء لا تتفق ووجهة نظر الولايات المتحدة حول مسئولية نشوب أعمال القتال فى يونيو 1967 وحول الطريق المسدود الذى تواجهه مهمة يارنج. وكذلك حول التفسير الصحيح لقرار مجلس الأمن.

          وتعلم الولايات المتحدة أنه من المهم ألا يكون هناك سوء فهم بينها وبين الاتحاد السوفيتى حول هذا الموضوع الحيوى وهى بالتالى تتقدم بالتعليقات الآتية:

1 – تنظر الولايات المتحدة كأمر له أولوية قصوى الى قيام الاتحاد السوفيتى والولايات


        (*) من جريدة الأهرام 16/1/1969

<1>

 

تابع) نص الرد الأمريكي 15 / 1/ 1969
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الارشاد القومي، ج 2، ص 1617- 1621”

 

المتحدة وغيرهما من الدول باستخدام كل نفوذها لوقف الزيادة الخطيرة فى عمليات الارهاب العربى فى المنطقة. ذلك ان عمليات الارهاب تؤدى حتما الى عمليات انتقامية. ان دور الارهاب والاعمال الانتقامية يكون من شأنها فى رأى الولايات المتحدة تعريض احتمالات الوصول الى تسوية سلمية بالتطبيق لقرار مجلس الأمن الصادر فى 22 نوفمبر 1967 ذاتها للخطر. ان النشاط الارهابى الذى تؤيده أو تسمح به بعض الحكومات والأعمال الانتقامية التى تثيرها تشكل خرقا خطيرا لقرارات مجلس الامن بشأن وقف اطلاق النار.

2 –

تثير الابلاغات السوفيتية عن جديد مسألة قبول اسرائيل لقرار 22 نوفمبر واستعدادها لتنفيذه. ومن وجهة نظر الولايات المتحدة فان اسرائيل تقبل القرار وتوافق على تنفيذه بواسطة الاتفاق.

ويبدو واضحا أن العرب يفسرون هذه العبارات بطريقة مختلفة عن الاسرائيليين. ومن وجهة نظر الولايات المتحدة فانه يتعين على الاطراف الآن ان يسلكو سبيل توضيح مواقفهم حول المسائل الموضوعية الرئيسية بدلا من الاستمرار فى مناقشة هذه النقطة. وتأخذ الولايات المتحدة المشروع المقدم الينا من الوزير المفوض السوفيتي تشرياكوف فى 30 ديسمبر كاشارة على موافقة السوفييت على هذا الموقف.

3 –

ويطيب لحكومة الولايات المتحدة أن تلاحظ ان الحكومة السوفيتية تعتبر ان النقاط التى عرضها وزير الخارجية دين راسك على وزير الخارجية محمود رياض تتضمن اعتبارات بناءة. الا انها تود أن تؤكد أن جميع النقاط التى عرضها وزير الخارجية الأمريكية بما فى ذلك بصفة خاصة تلك التى تتعلق بالانسحاب الاسرائيلى كانت تقوم على أساس افتراض ان الانسحاب سيكون جزءا من تسوية يتفق عليها بين الاطراف من شأنها أن تؤدى الى سلام عادل ودائم فى المنطقة. وان الولايات المتحدة لا تتفق مع وجهة النظر الواردة فى الابلاغ السوفيتى من ان الجمهورية العربية المتحدة قد ردت بطريقة ايجابية على ملاحظات وزير الخارجية راسك. وكانت تتوقع أن تكون الجمهورية العربية المتحدة على استعداد لأن تتحرك لتوضيح موقفها أكثر مما أرادت ان تفعل حتى الآن. وتستمر الولايات المتحدة يحدوها الامل فى ان يكون لكلام وزير الخارجية راسك فى النهاية هذه النتيجة.

4 –

ان كلا الابلاغين السوفيتيين فى 19 ديسمبر وفى 30 ديسمبر 1968 يسيئان تأويل وجهة النظر الأمريكية فيما تعنيه الاشارة الاسرائيلية الى اتفاقيات الهدنة كما وردت فى مذكرة وزير الخارجية ايبان الى السفير يارنج فى الرابع من نوفمبر 1968. ان اتفاقيات الهدنة قد نبهت بوضوح ان خطوط الهدنة ليست بحدود سياسية نهائية وانما يمكن أن تتعدل بالاتفاق فى المرحلة الانتقالية من الهدنة الى حالة السلام الحقيقى. وكما أكدت الولايات المتحدة فى بيانها فى 29 سبتمبر 1968 فان لب السياسة الأمريكية منذ الخامس من نوفمبر 1967 هو أن هذا الانتقال ينبغى أن يتم. وسياسة الولايات المتحدة باقية على ذلك فى هذا الشأن. وفى نفس الوقت فانه كان ولا يزال من سياسة الولايات المتحدة. وكما ذكر الرئيس جونسون فى 10 سبتمبر سنة 1968 ان الحدود الآمنة المعترف

<2>

نص الرد الأمريكي 15/1/1969
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الارشاد القومي، ج 2، ص 1617- 1621”

 

بها المنصوص عليها فى قرار مجلس الأمن فى 22 نوفمبر 1967 لا يمكن ولا يجب أن تعكس ثقل الغزو ويعكس قرار مجلس الأمن هذه المبادئ عندما يطالب باقامة سلام عادل ودائم ولكن لا يرد فى القرار على وجه التحديد أنه يتعين أن تكون الحدود الآمنة المعترف بها التى تنسحب اليها القوات الاسرائيلية مطابقة للخطوط السابقة على الخامس من يونيو 1967 أو أى تاريخ آخر. ومن وجهة نظر الولايات المتحدة فان ما استهدفه القرار أساسا هو اتمام هذا الانتقال الى حالة سلام والاتفاق بين الاطراف على عناصرها وليس العودة الى الوضع القائم سابقا. وان الولايات المتحدة لعلى اقتناع من ان استمرار حالة الهدنة المخلخلة للعشرين عاما التى مضت سيكون عبئا على السلام العالمى. أنه لا يمكن للولايات المتحدة ان تتحدث باسم اسرائيل. ولكن نعتقد أنه من الأهمية ان تبدى وجهة نظرها هى واضحة مرة للحكومة السوفيتية فى هذا الموضوع.

5 –

تبدو الحكومة السوفيتية فيما ابلغته فى 30 ديسمبر 1968 أن “المشكلة الاساسية” فى تسوية الشرق الأوسط هى انسحاب القوات الاسرائيلية من الاراضى The العربية التى تحتلها وفقا لقرارات وقف اطلاق النار الى خطوط الهدنة القائمة فى 5 يونيو 1967 ان الولايات المتحدة لا تعتبر ذلك هو التفسير الصحيح لقرار 22 نوفمبر سنة 1967 وأن اللغة الواردة فى المذكرة السوفيتية لم يستعملها هذا القرار والقرار من وجهة نظر الولايات المتحدة يتطلب انسحاب اسرائيل “من أراض احتلت فى النزاع الاخير”. الى حدود آمنة ومعترف بها يتم اقامتها باتفاق الأطراف تطبيقا للفقرة (3) من القرار. ونحن نعتقد أن هذا هو ما تعنيه الفقرة الثانية من المشروع السوفيتى المسلم للولايات المتحدة فى 30 ديسمبر سنة 1968.

6 –

ويبدو هذا المشروع شكلا كاتفاق لعقد اتفاق Provisional agreement  بين الأطراف يتناول المسائل المحددة فى قرار مجلس الأمن فى 22 نوفمبر 1967. ويطالب صراحة هذا الاتفاق المؤقت بمزيد من المشاورات بين الاطراف يرتبها السفير يارنج بحيث يمكن التوصل عن طريقها الى النصوص النهائية للاتفاق الختامى Final agreement  تتطلبه الفقرة الثالثة من القرار وتجد الولايات المتحدة أن فكرة الاتفاق التمهيدى Preleminary plan او تفاهم  Understanding  بين الأطراف مفيدة وقد يكون من شأنها تمكين السفير يارنج من عقد اجتماعات مثمرة مع الأطراف ومن مساعدتهم فى الوصول الى اتفاق على مشروع نهائى  Defenitive plan  لتنفيذ جميع نصوص قرار مجلس الأمن وكذلك جدول زمنى متفق عليه لتنفيذ مثل هذا المشروع. وترى الولايات المتحدة أنه يتعين أن يتضمن الاتفاق الذى يستهدفه المشروع جميع عناصر التسوية بين اسرائيل وكل جيرانها ككل a package deal  وذلك قبل اتخاذ أية خطوات لوضع التسوية موضع التنفيذ.

7 –

وقد وجدت الولايات المتحدة عند تحليلها للمشروع السوفيتى بعض المشاكل من حيث التفسير اللفظى للنصوص. وعلى سبيل المثال فان الفقرة الثانية تتكلم عن نصوص يتفق عليها بشأن الحدود الآمنة المعترف بها “مع ارفاق

<3>

تابع) نص الرد الأمريكي 15 / 1/ 1969
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الارشاد القومي، ج 2، ص 1617- 1621”

 

الخرائط المقابلة”. فى حين ان الفقرة الرابعة تتضمن الاشارة الى الانسحاب الى خطوط الهدنة القائمة فى 5 يونيو سنه 1967 كما ان الفقرة الثانية تسلم بامكانية فائدة المناطق المنزوعة السلاح كما ورد فى القرار، ولكن الفقرة الرابعة تدعو الى دخول القوات العربية الى أراض تنسحب منها اسرائيل. وتسير الفقرة الرابعة الى اعادة الحالة على الحدود بين اسرائيل والجمهورية العربية المتحدة الى ما كانت عليه فى مايو 1967 الا ان هذه الحالة فى نظر الولايات المتحدة كانت السبب المباشر للحرب. وتدعو ديباجه المشروع السوفيتى الى حالة سلام وليس الى حالة هدنة كما لا ترد فى الفقرة الرابعة أية. اشارة الى حرية الملاحة للسفن الاسرائيلية فى قناة السويس وتوحى الفقرة الخامسة بأنه يتعين أن يتم انسحاب قوات اسرائيل قبل أن تصبح الالتزامات التى تعهدت بها الحكومات العربية ملزمة لها. ويبدو هذا الاجراء غير متوافق مع الفقرة الثانية التى تسلم بمبدأ تسوية “ككل” وكذلك مع الفقرة الثانية من الافتتاحية (الديباجة) التى تسلم بالحاجة الى اتفاق على مشروع لتنفيذ النصوص الأخرى الواردة فى قرار مجلس الامن وذلك فى نفس الوقت الذى يتم فيه الاتفاق على جدول زمنى واجراءات انسحاب اسرائيل.

8 –

والولايات المتحدة على استعداد لمناقشة الشكل الذى تضمن فيه الحكومتان وجهات نظرهما حول كيفيه تحقيق اتفاق “ككل” بين الأطراف يتم التفاوض بشأنه تفصيلا بين الأطراف عن طريق الاجتماع بالسفير يارنج.
وليس بين الاتحاد السوفيتى والولايات المتحدة.

9 –

تتفق الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى على انه وان كان يتعين على كلتا الحكومتين بذل كل ما فى وسعهما لمساعدة السفير يارنج والاطراف للتوصل الى اتفاق لا يمكن لهما أن يفرضا السلام ولكن تكون اقامة السلام عن طريق اتفاق الأطراف وليس لدى الولايات المتحدة أى اعتراض على جدول زمنى يتفق عليه لانسحاب اسرائيل اذا ما كان مثل هذا الجدول الزمنى جزءا من الاتفاق بين الأطراف وهى ترى ان جدولا زمنيا لتنفيذ الاتفاق بين الأطراف يجب أن يكون من بين المسائل التى يتناولها السفير يارنج معهم.

الا أن الولايات المتحدة ترى لزاما عليها هنا أن تبدى تعليقها على مشكلتين تتعلقان بالأمن أثارتهما الابلاغات السوفيتية.

10 –

أن الفقرة الثانية من الابلاغ السوفيتى بتاريخ 19 ديسمبر 1968 تشير الى ما أبدته الولايات المتحدة فى 8 نوفمبر 1968 بشأن مطالب اسرائيل الاقليمية تجاه الجمهورية العربية المتحدة ونلاحظ أن اسرائيل قد أثارت “مسألة ضرورة تواجد قواتها فى شرم الشيخ” وفى نظر الولايات المتحدة فانه يتعين أن تكون عملية التوصل الى اتفاق وتحقيق تسوية سلمية مقبولة – كما جاء فى قرار 22 نوفمبر 1967 – عن طريق التفاوض Must involve negotiation  حول وسائل تنفيذ كافة عناصر التسوية كما ورد فى هذا المشروع الضمان للحقوق الملاحية المشار اليها فى الفقرة الثانية (أ) من القرار وينبغى أن يراعى بوضوح أن نزاع يونيو 1967 قد أطلقته مسألة حقوق المرور عبر مضايق تيران. ولا سبيل لامكان تحقيق آمالنا فى السلام الا بأقصى قدر من

<4>

تابع) نص الرد الأمريكي 15/1/1969
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الارشاد القومي، ج 2، ص 1617- 1621”

 

الترتيبات الآمنة لضمان هذه الحقوق. ويكون للاطراف- بالاشتراك مع السفير يارنج- الاختيار ومن بين الوسائل الممكنة لتنفيذ الفقرة الثانية (أ) من قرار مجلس الأمن.

11 –

وبالنسبة لنزع سلاح سيناء فان القرار المحتمل حول هذه النقطة يتوقف أيضا على الأطراف أنفسهم. ومع ذلك تجد الولايات المتحدة أنه من الصعب عليها أن تقتنع أن نزع السلاح الجزئى كما يقترح الاتحاد السوفيتى يوفر شروط الأمن اللازمة لاقامة السلام، لقد بدأت حرب عام 1967 كنتيجة مباشرة للأحداث فى سيناء كما أدى النشاط فى هذه المنطقة الى نشوب أعمال القتال عشرة أعوام من قبل. وأمام هذا التاريخ فانه من الصعب أن نرى كيف يمكن أن يقوم السلام الدائم على مجرد نزع سلاح جزئى لهذه المنطقة الحساسة.

12 –

وتستمر الولايات المتحدة على اعتقادها بأن تفاهما بشأن مستويات التسلح والحد من الأسلحة لهو جانب حيوى لتحقيق السلام فى الشرق الأوسط وهى تستمر فى الاعراب عن أسفها للسياسة السوفيتية فى هذا الخصوص وتحث على اعتبار هذه المسألة عنصرا لا غنى عنه فى التسوية السلمية لأزمة الشرق الأوسط.


<5>

 

Scroll to Top