نص مذكرة الهيئة العربية العليا إلى وزارة الخارجية العربية بمناسبة الاتفاقية المعقودة بين ألمانيا الغربية وإسرائيل

نص مذكرة الهيئة العربية العليا لفلسطين إلى وزراء الخارجية العرب فى 28 مايو 1966
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الارشاد القومى، ج 2، ص 1475 – 1476”

نص مذكرة الهيئة العربية العليا لفلسطين
الى وزارة الخارجية العربية
بمناسبة الاتفاقية المعقودة
بين ألمانيا الغربية واسرائيل- بيروت فى 28 / 5/ 1966(*)

          تقدم الهيئة العربية العليا لفلسطين أطيب التحية ووافر الاحترام الى وزارة الخارجية الموقرة وترجو أن تسترعى النظر الى اتفاقية القرض الجديد الذى قدمته المانيا الغربية الى السلطات الصهيونية فى فلسطين المحتلة.

          ان المساعدات الالمانية للسلطات الصهيونية تساعد هذه السلطات فى تدعيم وجودها غير المشروع، ومضاعفة قواها العدوانية، وتطوير وسائلها العسكرية والاقتصادية، وهى تعتبر عملا عدائيا للشعب الفلسطينى والأمة العربية بأسرها، يستوجب مواجهة حازمة تتناسب مع خطورة هذا العمل ونتائجه الضارة.

          لقد سبق لألمانيا الغربية أن قدمت للسلطات الصهيونية أموالا طائلة فور انتهاء الحرب العالمية الثانية بلغت 14 مليار مارك تحت ستار التعويض عن الخسائر التى أصابت اليهود خلال الحكم النازى.

          كما سبق لها ان عقدت سنة 1952 اتفاقية تعويضات ضخمة قدمت بموجبها للسلطات الصهيونية ما قيمته ثلاثة مليارات مارك، وكذلك قدمت خمسمائة مليون مارك للمؤتمر اليهودى والمجلس اليهودى المركزى بالاضافة الى 26 مليون مارك قدمتها كتعويضات فردية لليهود.

          وفى سنة 1965 حدثت أزمة شديدة بين الدول العربية والمانيا الغربية بسبب الأسلحة والمعدات الحربية التى قدمتها السلطات الألمانية للصهيونيين.

          ولقد كان واضحا ان المساعدات الألمانية للصهيونيين التى تكررت طيلة السنين السابقة، لم تواجه بجد وحزم، بل من المؤسف أن نشير الى التغاضى عن هذه المساعدات فى معظم الأحيان أمام العروض المالية المغرية التى قدمتها المانيا الغربية الى بعض الجهات العربية على حساب القضية الفلسطينية والمصالح العربية.


        * “فلسطين” نشرة الهيئة العربية العليا لفلسطين، العددان 62، 63- نيسان وأيار 1966.

 

نص مذكرة الهيئة العربية العليا لفلسطين إلى وزراء الخارجية العرب فى 28 مايو 1966
“ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الارشاد القومى، ج 2، ص 1475 – 1476”

          وقد شجع ذلك حكومة المانيا الاتحادية على التمادى فى تحدى الدول العربية غير آبهة بما تعلنه حكوماتها من قرارات واجراءات وما تعقده من مؤتمرات واجتماعات، حتى ان القرارات التى اتخذت بعد صفقة الأسلحة بمقاطعة حكومة ألمانيا الاتحادية دبلوماسيا أو اقتصاديا لم تؤد الى الغاية المرجوة، ولم تكن رادعا كافيا.

          فقد تابعت المانيا الغربية سياسة دعم السلطات الصهيونية بالمساعدات الاقتصادية، فعقدت فى مطلع شهر ايار الحالى، اتفاقية تقدم بموجبها الى الأعداء قروضا كبيرة بفوائد ضئيلة ولآجال طويلة. ويلجأ الأعداء دائما الى اخفاء حقيقة هذه القروض وقيمتها على أساس انها من الاسرار الدولية العليا ويكتفون باذاعة موجز عنها لا يخلو فى بعض الأحيان من التضليل.

          ولقد اذيع ان القرض عبارة عن 160 مليون مارك المانى بفائدة 3% فى حين ان الصحف الصهيونية نفسها قد اذاعت ان المبلغ المذكور آنفا سيقدم سنويا ولمدة عشر سنين، أى ان مجموع القرض هو 1600 مليون مارك، (نحو 400 مليون دولار) ولا شك فى ان هذه المبالغ الضخمة ستكون أكبر عون للأعداء فى تمويل مشاريع التسلح والانتاج الذرى تحت ستار المشاريع الانشائية الزراعية.

          لقد أثارت الدول العربية ضجة كبرى عندما أعلنت المساعدات الألمانية العسكرية للأعداء رغم ما كان مفهوما من ان تلك المساعدات امريكية المصدر وان تقديمها كان تنفيذا للرغبة الأمريكية، لذلك فان العرب جميعا يستغربون الآن السكوت وعدم الاهتمام اللذين قوبلت بهما اتفاقية القرض الأخير رغم خطورتها، وقد أقدمت عليها المانيا الغربية متحدية الرأى العام العربى.

          وهذا كله يتطلب من الحكومات العربية الموقرة وضع خطة حكيمة لمواجهة هذه التحديات وامثالها أيا كان مصدرها، ومواجهة اتفاقية القرض الألمانى مواجهة حازمة عملا بالقرارات السابقة للحكومات العربية الخاصة بمعاملة الدول الأجنبية على أساس مواقفها من قضية فلسطين واتخاذ الاجراءات السياسية والاقتصادية التى تفرضها خطورة التحدى الأجنبى للأمة العربية وتحفظ لها مصالحها وكرامتها.

          واذا كان بعض الدول العربية قد اتخذ تدابير اقتصادية ودبلوماسية معينة ضد بريطانيا بسبب موقفها من روديسيا، وضد المانيا الغربية بسبب صفقة الأسلحة الامريكية، فان الأولى والأجدر أن تقوم الدول العربية كافة باتخاذ الاجراءات الاقتصادية والسياسية الحازمة حيال ألمانيا الغربية التى توالى دعم الاعتداء وتتحمل مسئولية القرض الأخير متحدية علانية سلامة كيان الأمة العربية ومصالحها الحيوية.

          ان الشعب العربى الفلسطينى يطالب بوضع حد للمجاملات الدولية ولسياسة المساومة التى تستهدف مكاسب مادية وقروضا اقتصادية لبعض الجهات العربية على حساب القضية الفلسطينية. كما يطالب بأن تشمل الاجراءات السياسية والاقتصادية الرادعة جميع الدول الأجنبية التى تناصر باطل الصهيونيين على حق العرب.

الهيئة العربية العليا لفلسطين.


Scroll to Top