بيان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول عملياتها ضد بعض المؤسسات الأمريكية في لبنان

بيان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول عملياتها ضد بعض المؤسسات الأمريكية في لبنان

المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت مج 6، ص 196 – 198”

بيان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول عملياتها ضد
بعض المؤسسات الأمريكية في لبنان.

بيروت، 30/3/1970

 

( الهدف، العدد 36، بيروت،
4/4/1970، ص 20 )

            يا جماهير شعبنا العظيم،

          لم يكن السلوك الفاشيستي الذي أقدمت عليه القوى الرجعية واليمينية في لبنان والممثل في محاولات اغتيال المقاتلين والتصدي لهم بالسلاح الا المظهر العملي الذي كشف طبيعة المؤامرة التي تعد في الخفاء لجر حركة المقاومة الفلسطينية إلى مبارزة دموية تستهدف شل فعالية حركة المقاومة في مناهضتها للكيان الصهيوني، واندفاعها يوميا وباستمرار على تصعيد عملها العسكري الجماهيري ضد هذا الكيان، وجعلها في مواجهة القوى الرجعية واليمينية التي تحركها في الواقع أصابع الامبريالية العالمية والتي تعني في النهاية وضع حركة المقاومة الفلسطينية في مجموعة من المعارك الجانبية وفي سبيل استنزاف طاقاتها وامكانياتها واضعافها تمهيدا لتنفيذ المؤامرة الامبريالية الصهيونية الرجعية في ضربها واستئصالها، ما دامت تشكل الحالة الثورية الأكثر نضجا – والأكثر فعالية في مقاومة هذا الحلف – بين كل أطراف حركات التحرر العربية. استطاع هذا العمل ان يتجاوز كل العقبات التي وضعت في طريقه، وان ينصرف لممارسة المهمات الرئيسية المطروحة أمامه في تصعيد نضاله القتالي والجماهيري ضد العدو الصهيوني.

          وكان تصاعد عمليات المقاتلين في الجليل، واستطاعتهم نسج علاقات عميقة الجذور مع فلاحي الريف اللبناني الذين يؤلفون بطبيعة الحال عنصرا أساسيا ومؤثرا من عناصر الثورة، كان ذلك هو الخطر الحقيقي الذي تعمل الطبقة البورجوازية ذات المصالح المرتبطة كليا بالرأسمالية العالمية على التخلص منه عبر أي وسيلة، وضمن أي طريق.

          لقد كان طبيعيا ان تلجأ هذه الطبقة إلى أسيادها الامبرياليين، وعلى رأسهم أميركا، تأخذ منهم المشورة وتستعين بخبرتهم الواسعة على امتداد أرض العالم الثالث في محاولاتهم المستمرة لاجهاض ثورات هذه الشعوب، واستنزاف طاقاتها، ونهب خيراتها، فكانت الحوادث الارهابية التي تتالت هي البرهان العملي الأكيد على أن هذه الخبرة الامبريالية قد وضعت بين أيدي هذه الطبقة ذات الامتدادات الواسعة في بنية النظام والتي تحمي مصالح هذه الطبقة.

          وكان طبيعيا أيضا أن حماية مصالح هذه الطبقة من خطر تصاعد العمل الفدائي مهمة موكولة إلى هذه الأجهزة متحالفة مع التنظيمات اليمينية الرجعية ضمن صيغها الفاشية العسكرية التي يوجهها أفق طائفي محدود لم يستطع مجاراة حركة التحرر ولا فهم مهماتها.

          وهكذا أصبح واضحا ذلك الشكل الذي تتخذه المؤامرة: أبعاد العمل الفدائي عن ممارسة مهماته بالتضييق عليه، وافتعال معارك جانبية تلهيه عن عمله الرئيسي وتحول اتجاهه إلى شكل آخر.

          لقد كان التعبير العملي عن هذا التفكير هو المجزرة الدموية التي تمت في الكحالة ضد المقاتلين، وكذا محاولة جر الفدائيين إلى معارك تل الزعتر وبرج البراجنة، حيث توقع المخططون أن تنساق حركة المقاومة إلى هذه المؤامرة، فتحاول القيام بهجمات عكسية مضادة تبعد المعركة عن خطها الرئيسي، وتضعها في مجرى آخر مناقض كليا لما هو محدد لها، وتعمل على اشعال نار فتنة طائفية وهو هدف يتحرك الاستعمار لتحقيقه دوما في هذا البلد مستندا إلى الفهم الرجعي لطبيعة الواقع الاجتماعي في لبنان والقائم على أساس قياسات طائفية صرفة ناسيا دور المقاومة الفلسطينية ومتجاهلا نضال القوى التقدمية  

<1>

بيان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول عملياتها ضد بعض المؤسسات الأمريكية في لبنان

المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت مج 6، ص 196 – 198”

الجماهيري في لبنان لرفض هذه الصيغة.

          يا جماهير شعبنا،

          ان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تؤمن ان الصراع الطائفي ما هو الا نغمة رجعية بالية، وان من مصلحة القوى العميلة ان يتم مثل هذا الأمر، وأنه لا يجوز ان نتجاهل الكادحين من كل الطوائف، ودورهم في الاندفاع لتثبيت جذور المقاومة ومدها بالعطاء الدائم من الطاقات البشرية.

          ان محاولة الإرهابيين لجعل المعركة ذات أفق طائفي هو محاولة لتنفيذ الدور المخطط من قبل الامبريالية، وأن دور المقاومة هو في عدم الانجرار لمثل هذه المعركة ورفض مثل هذه الصيغة من الاقتتال.

          اننا نؤمن ان وضع المعركة ضمن أفقها الطبيعي والممثل بتلاحم حركة المقاومة مع القوى التقدمية في لبنان، واعتمادها على الجماهير العربية الكادحة، ووضع القوى الرجعية المتحالفة مع الامبريالية المتحالفة مع الصهيونية قضية لا يمكن ان تتم تلقائيا، وانها بحاجة إلى المؤشر الموجه الذي يضع هذه التحالفات كل في مكانه الطبيعي.

          لقد كان مجيء الجنرالات الأميركيين إلى بيروت وتخطيطهم للمؤامرة ثم طبيعة محادثاتهم مع ما رافق ذلك من نشاطات واسعة قام بها وكلاء المخابرات الأميركية الذين يتخذون من السفارة الأميركية والمؤسسات الأميركية أوكارا لهم يعني بداية لنشاط حاد ومقصود للتآمر على المقاومة والقوى التقدمية.

          وكان النشاط الإرهابي الذي قامت به المؤسسات الفاشية المتعصبة، بتوجيه من هؤلاء وخدمة لمصالح الطبقة البورجوازية، يعني ان حركة المقاومة مطالبة بالرد على الرأس الموجه المخطط. وكان واضحا ان إطلاق النار على الجنود الفقراء الذين يؤلفون رصيدا ضخما للثورة لا يمكن الاستغناء عنه إنما هو نوع من الافتعال المقصود لزيادة إمكانيات الانفجار، لأن هذا التصرف لا يخدم حركة المقاومة. وكذا لا يخدمها التعرض للمجموعات المغرر بها والقادرة ضمن توجيه فكري واع وعند احتدام التناقضات الاجتماعية ان تقف في صف الثورة ومع جماهير الكادحين، كان لا بد من رد تحذيري وتأديبي للرأس المخطط ضمن هذه العوامل.

          يا جماهير شعبنا العظيم،

          لقد كانت عمليات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ضد:

          1 – السفارة الأميركية.

          2 – مصفاة الزهراني – الوحدة الثالثة – مدريكو.

          3 – بنك أوف أميركا.

          4 – شركة التأمين الأميركية.

          5 – مركز جون كندي.

          هي الرد الفعلي الذي يثبت للامبريالية قدرة المقاومة العربية على مس مصالحها وضربها. و ان محاولاتها لإشعال الفتن والدسائس في الأرض العربية قضية لا يمكن ان تمضي بدون عقاب، وان الضربات التي وجهتها الجبهة سابقا لمصالحها في الخارج ليست منفصلة اطلاقا عن العمليات التي ستنفذها الجبهة ضد مصالحها على امتداد الأرض العربية.

          ان المحاولات لأن تأخذ المعركة أفقا طائفيا أو إقليميا لا يمكن القضاء عليها وإنهاؤها الا بمعرفة العدو الحقيقي وتوجيه النار على مصالحه. ان تطبيق هذه المسألة هي البداية لمواجهة هذا الخصم الذي يملك الامكانيات التقنية الهائلة والتي يستخدمها ضد الشعوب المستغلة.

          ومن ناحية أخرى فانه لا يمكن الفصل بين عمليات الجبهة في أساليب تدمير المصالح الأميركية وبين حركة نضال كل القوى التقدمية على الأرض اللبنانية لأن تعدد وسائل النضال بمختلف أشكاله، القتالي والسياسي والجماهيري، هو الحل لمعضلة حركة التحرر العربية.

          ان عملياتنا مرتبطة كليا بمسألة النضال الجماهيري، وهي فرز له، اذ انه من المستحيل ان نعزل النظرية الثورية عن الممارسة الثورية أيضا.

          يا جماهير شعبنا العظيم،

          ان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ليست عاجزة عن تقليم أظافر هؤلاء الذين مارسوا فعلهم الإرهابي ضد حركة المقاومة، لكننا، ونحن جزء من حركة المقاومة، ندرك أن هذه من مهمات كل الكادحين والفقراء اللبنانيين من أي طائفة كانوا، ونحن نثق كليا بقدرات حركة التحرر اللبنانية على مواجهة هذه الردة الرجعية.

          لكننا في ذات الوقت نحذر من عمليات التسليح للعناصر المشبوهة في الجنوب، وفي كل لبنان، ومحاولات استدراج حركة المقاومة إلى معارك هامشية ومحاولات الحد من تحرك الفدائيين وتصعيد عملياتهم في الأرض المحتلة.

          يا جماهيرنا العربية،

          ان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في ساحة لبنان تؤمن انه في مواجهة الخصم لا بد من وحدة كل امكانيات المقاومة، وانه في ظروف بمثل هذه القسوة لا بد من جمع كل الطاقات ضمن صيغة القيادة الفلسطينية الموحدة في تحالف واضح وبرنامج محدد.

          فقد وضح كليا ان المشكل الحالي للقاء ممثلا باللجنة السياسية العليا لشؤون الفلسطينيين في لبنان هو شكل غير كاف، وقاصر عن تأدية مهمات حركة المقاومة في المرحلة الراهنة.

          لقد وضح لنا أكثر، من خلال تعاوننا مع تلك اللجنة،

<2>

بيان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول عملياتها ضد بعض المؤسسات الأمريكية في لبنان

المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت مج 6، ص 196 – 198”

انها قادرة على القول الكثير والفعل القليل. وانه في مواجهة خصم شرس لا بد من وضوح الرؤية وصب كل الطاقات ضمن مجرى موحد قادر على رفع فعاليتها ودفعها إلى الأمام.

          وقد كنا في السابق قد دعونا جميع فصائل المقاومة إلى العمل ضمن قيادة فلسطينية موحدة تضمن التكافؤ وحرية التعبير وحرية النقد من خلال برنامج سياسي وعسكري موحد.

          وفي مواجهة احتدام التآمر الاستعماري الصهيوني الرجعي نجد من الضرورة الملحة ان نشدد على دعوتنا للقاء كل التنظيمات ضمن صيغة كهذه.

          ومطلوب الآن في مواجهة هذه الظروف القاسية ان تقف اللجنة السياسية لتسأل نفسها عن طبيعة مهماتها، ومن المستحيل ان نسلك الطريق الصحيح اذا لم نحاسب انفسنا امام الجماهير في وقفات نقدية تمس طبيعة كل العلاقات.

          ان تعاون اطراف المقاومة فيما بينها ضمن برنامج واضح، وتعاونها يوميا وباستمرار مع القوى التقدمية اللبنانية، هو الأسلوب الوحيد في التصدي للهجمة الرجعية – الامبريالية – الصهيونية.

          يا جماهير شعبنا،

          ان الجبهة التي طرحت فهمها الاستراتيجي في ضرب المصالح الامبريالية في كل مكان تصر على ممارسة هذا الدور وإلى المدى البعيد مؤمنة بوقوف الجماهير معها متصدية لكشف كل انواع التآمر الرجعي الامبريالي.

           عاشت حركة المقاومة في لبنان في ظل قيادة فلسطينية موحدة، ليسقط التحالف الصهيوني الامبريالي – الرجعي.


<3>

Scroll to Top