بيان اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية حول مجريات الأزمة في الأردن وإمكان إنهائها

بيان اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية حول مجريات الأزمة في الأردن وإمكان إنهائها
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 6، ص 719 – 721”

بيان اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية حول
مجريات الأزمة في الأردن وإمكان إنهائها.

(فتح، 4/9/1970)

        يا جماهير شعبنا العظيم،

        لم تكن حركة المقاومة الفلسطينية يوما، ومنذ اختارت طريق الكفاح المسلح، سببا في مجزرة دموية في هذا البلد، فطبيعة الأمور التي كانت تجري في هذا البلد الصامد تؤكد الحقائق التالية:

        اولا: بعد الخامس من حزيران (يونيو) مباشرة، ويوم وقف الفدائيون يتحدون الهزيمة وينطلقون إلى الأرض المحتلة، كانت السلطة الأردنية تحاول بكل وسائلها تطويق طلائع الثورة الفلسطينية في الكرامة وغيرها أكثر من مرة، ويومها لم يكن في عمان أو غيرها فدائي واحد يحمل السلاح ويتمشى في الطرقات.

        ثانيا: كنا قبل الخامس من حزيران (يونيو) نحمل الأنظمة العربية مسؤولية عدم تسليح الشعب، ويوم تهيأ للمقاومة السلاح وزعته على هذا الشعب حتى يكون درعا للجيش العربي الأردني، وحتى يكون الشعب عند مسؤولياته في الدفاع عن تراب الوطن، لذلك أنشئت المليشيا الشعبية لغرض مساندة المقاتلين والجيش العربي عند أي اختراق صهيوني منتظر، ولم يكن وراء ذلك أي غرض آخر. الا ان السلطة بدأت من يومها تفتعل الحوادث لسحب البنادق من الشعب، ولذلك كانت مجزرة 4/11/1968، ثم تابعت السلطة المجازر الدامية بعدها تحت شعار إخراج الفدائيين من المدن وان العمل الفدائي انتقل إلى عمان والزرقاء.

        ثالثا: في أحداث 7/6/1970 وبعد ان روعت عمان وغيرها من القصف بالأسلحة الرشاشة وبالمدفعية، تم الاتفاق على بنود رئيسية بمعرفة اللجنة الرباعية العربية الرسمية، ونحن نتساءل من الذي عطل هذا الاتفاق؟ لقد قيل يومها في الاتفاق ان تحرير كامل التراب الفلسطيني هو هدف النضال العربي، ومن أجل هذا تنازلنا عن كثير من مطالبنا العادلة حفاظا على أرواح المواطنين وحرصا على الأمن والاستقرار، فما الذي حدث؟

        أ – غاب التحرير الكامل لفلسطين إلى قبول لمشروع روجرز الذي من شروطه الأساسية تصفية المقاومة ووقف أعمال الحرب النظامية وغير النظامية.

        ب – أستمر توجيه الاعلام الرسمي للدولة بمختلف وسائله إلى مزيد من التعبئة الحاقدة ضد المقاومة بين أفراد الجيش والأمن ومحاولة شق الشعب إلى أردني وفلسطيني وتعميق الفرقة والاستسلام.

        جـ – بدلا من دعم الجبهة ضد العدو الإسرائيلي وتقويتها وتعزيزها، حولت السلطة الجيش الأردني إلى عمان وغيرها من المدن ليطوقها، واحتلت مفارز الأمن والبادية أماكن حساسة في المدينة لتسهيل عملية قصف الأحياء الشعبية وترويع المواطنين تمهيدا لضرب العمل الفدائي والشعب المسلح.

        د – وعوضا عن محاكمة المسؤولين عن جرائم الحوادث وقصف المدنيين، جمدت لجنة التحقيق المشتركة وكوفئ أبطال المذبحة بوضعهم في مراكز أكثر فعالية، ورتبت أوضاع الجيش وباقي الأجهزة لتكون السيطرة للعناصر المعادية للثورة الفلسطينية.

        اذن ماذا بقي من الاتفاق الأخير الذي أشرفت عليه اللجنة الرباعية؟

        يا جماهير شعبنا العظيمة،

        واليوم تريد السلطة ان تخرج نفسها بريئة من المسؤولية عن كل ما جرى ويجري في هذه الأيام. وكل مواطن يعرف ان المقاومة ضبطت أعصابها ولم ترد على النيران، ومقابل ذلك ثابرت السلطة على تحريض الجيش العربي الأردني لقصف عاصمته ولتقتيل عشيرته وإخوانه الفدائيين رفاق الخندق الواحد والمصير الواحد.

ونحن هنا نتساءل:

         من المسؤول عن الحالة المحزنة المتوترة التي تعيشها عمان؟ ومن الذي منع الحكومة ان تمارس صلاحياتها الدستورية؟

        وهل نفهم من عدم تمكين الحكومة من ممارسة صلاحياتها لغاية الآن، ان سحب الجيش من الجبهة وانتقاله من

<1>

بيان اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية حول مجريات الأزمة في الأردن وإمكان إنهائها
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 6، ص 719 – 721”

مواقعه الامامية في مواجهة العدو، كانت نتيجة أوامر من غير الحكومة المسؤولة؟ كما نتساءل عن الجهة التي منعت جيشنا العربي الباسل من ان يوجه كل جهوده إلى أرضنا السليبة وشعبنا الذي يترقب يوم التحرير.

          يا جماهير شعبنا العربي،

          بالأمس عندما اتصلت بنا الحكومة إلى لقاء، طلبنا منها بكل وضوح اننا على غير استعداد ان نتباحث مع حكومة لا تمارس صلاحياتها الدستورية، وطلبنا إيقاف الفتن وان تمارس الحكومة صلاحيات كاملة في السيطرة على الجيش والأمن العام، وتعيد الجيش إلى مواقعه الأمامية في مواجهة العدو، مع ممارسة كامل حقها الدستوري في تطهير الأجهزة والجيش والأمن العام من العناصر المعادية للثورة والشعب، ومحاسبة المسؤولين عن زرع الفرقة والانقسام بين الشعب الواحد، وعن أعمال القتل وهدم المنازل على رؤوس المواطنين، وطرد الحاقدين الذين عبأوا هذا الجيش ضد رفاق في السلاح من فدائيين ومقاومين مناضلين. قلنا اذا تم ذلك، فنحن أحرص ما يكون على إنهاء الاجراءات الاستثنائية التي اضطرت الثورة لأخذها دفاعا عن النفس والشعب، ونحن على استعداد كامل للتعاون مع الحكومة اذا سلكت هذا السبيل، ولكننا لسنا على استعداد ان نتباحث لامتصاص نقمة الشعب والجيش والفدائيين لنخرج ببيان فارغ من أي محتوى كما كانت تستدرجنا السلطة في السابق، لتعود السلطة بعد مدة وجيزة وتستأنف المذابح وتظل دماء الشهداء تلاحقنا، بل أكثر من هذا فنحن لسنا على استعداد ان نكون مطية لممارسة هوايات وتجارب العناصر الحاقدة على هذا الشعب لاذلاله واركاعه.

          ان مظاهر الأزمة يمكن ان تنتهي ونحن مستعدون لانهاء كل توتر من قبلنا، وأكثر من ذلك فنحن مع القول القائل بسقوط البنادق المصوبة إلى صدور أهلنا وأبنائنا ومع كل حامل سلاح ضد العدو الصهيوني المحتل، ومع عودة كل المقاتلين إلى خنادقهم، ومستعدون ان نتباحث في كل هذه الأمور، ولكن بنفي مصدر الأزمة وأساسها.

فاذا كنا شركاء في هذا البلد وشركاء في مصيره، وبحكم مسؤوليتنا فيه كمقاتلين مناضلين يحق لنا ان نقرر مصيره ومن حق شهدائنا علينا بل ومن حق كل الشهداء الذين سقطوا من أجل تراب هذا الوطن، الا نفرض عليهم التسويات والا نمرر من وراء ظهورهم الحلول الاستسلامية المشبوهة.

          يا جماهير شعبنا العظيم،

          ان الثورة مستعدة لبذل كل جهد يحفظ دماء أبناء الشعب ويمنع أي قطرة دم بريئة من ان تسيل في غير موضعها، وترى عارا عليها ألا تسلك أي سبيل يؤدي إلى انهاء هذه الحالة المؤسفة الدامية.

          ولكنها ليست مستعدة ان تظل أسيرة هذا الاستنزاف السياسي والشعبي الذي يخطط له من قبل السلطة، وليست مستعدة لأية تنازلات تقضي على مكاسب الجماهير والثورة تحت أية شعارات يقصد منها مجرد كسب الوقت وعدم وضع حلول جذرية تنهي الأزمة، تبدأ بتطهير الجيش والأمن العام من العناصر المسؤولة عن المذابح التي وقعت حتى الآن، وتطمئن الجماهير على أطفالها وأبنائها وفدائييها وجيشها الباسل.

          ان اللجنة المركزية تنتظر الاجراءات الملموسة بتطهير الجيش والأمن العام وسحب القوات المسلحة إلى خنادقها على خطوط النار مع العدو، وعلى ضوء هذه الخطوات سيكون لقاؤنا مع السلطة للبحث في توفير كل العوامل التي تمكن الجيش والثورة من متابعة الكفاح المسلح حتى التحرير الشامل.


<2>

Scroll to Top