بيان سياسي وجهته حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” إلى الشعب الفلسطيني والأمة العربية باعلان رفض قرار مجلس الأمن

بيان سياسي وجهته حركة التحرير الوطني الفلسطيني ” فتح ” إلى الشعب الفلسطيني لرفض قرار مجلس الأمن
المصدر: ” الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1967، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 3، ص 992 – 994 “

بيان سياسي وجهته حركة التحرير الوطني
الفلسطيني ” فتح ” إلى الشعب الفلسطيني
والأمة العربية بإعلان رفض قرار مجلس
الأمن بخصوص أزمة الشرق الأوسط.

10 / 12 / 1967
( الجمهورية، بغداد، 17 / 12 / 1967 )

         إلى شعبنا العربي الفلسطيني البطل،

         إلى الأمة العربية المجيدة،

         ما أحوجنا بعد نكسة الخامس من حزيران إلى مواجهة الأحداث بموضوعية علمية نمارس من خلالها أسلوب المكاشفة بعمق ووضوح، فالقضية الفلسطينية تمر اليوم بمرحلة حاسمة تعتبر من اخطر مراحلها منذ وعد بلفور وقرار التقسيم والواضح لأي مراقب ان العدو يواجهنا بمخطط لئيم مرتكز إلى تحرك منظم على كافة المستويات السياسية والعسكرية والاعلامية مستغلا إلى حد بعيد الجو النفسي للنكسة الأخيرة، والواقع المخجل يفرض علينا ان نعترف باننا نواجه مخطط العدو باكثر من رأي وأكثر من تخطيط مما ادى إلى جمود الموقف العربي واستمرار سياسة الارتجال والتخبط والوقوع في مصيدة الامم المتحدة ومجلس الأمن من جديد .. فتحت شعار – ازالة آثار العدوان – .. وبريق – الحل السياسي – .. أقر مشروع الأمن بالإجماع .. – المشروع البريطاني لحل ازمة الشرق الأوسط – .. هذا المشروع الذي وضع الجماهير العربية على مفترق الطرق، فاما القبول بالاستسلام والذل والعار، واما المقاومة الشجاعة ومواصلة الكفاح المسلح حتى يزول الاحتلال الجديد ويصفى الاحتلال القديم.

         ونحن كحركة ثورية تمثل ضمير الشعب العربي الفلسطيني المكافح نعلن رفضنا الحاسم لهذا المشروع الاستعماري الصهيوني الذي يحمل في طياته:

– تصفية القضية الفلسطينية نهائيا.
– تثبيت الاحتلال الصهيوني في ارضنا المحتلة واضفاء الشرعية على وجوده.
– تأكيد الوصاية الدولية على قضية شعبنا.
– اجهاض ثورة التحرير الفلسطينية.

         هذا فضلا عن تجاهله حقوق مليوني لاجئ فلسطيني يعيشون في معسكرات الاعتقال بالمنفى يعانون مرارة الحرمان من الوطن والمستقبل والحياة. وان شعب فلسطين اذ يرفض هذا المشروع يعتبر نفسه غير ملزم بأي قرار يصدر عن هذه المنظمة الدولية التي تنكرت لحقوقه طيلة عشرين عاما … كما يحذر وينذر اية جهة عربية تحاول ان تفرض وصايتها عليه وتقبل بأي قرار يتجاهل ارادته وتصميمه على مواصلة الكفاح والنضال حتى يصفى الكيان الصهيوني الاستعماري من ارضه المحتلة.

         يا جماهير شعبنا العربي،

         الموقف جد خطير ويتطلب منا ان نكون على حذر فالاستعمار الحاقد على امانينا واستقرارنا قد فتح علينا النيران من كل الجهات وبدأ يساومنا من مركز القوة، فعلينا ان ندرك ابعاد المعركة وخيوطها المتشابكة حتى لا نفاجأ بالمؤامرة فنستسلم للأمر الواقع ونعيش نكبة ثانية تفقدنا الثقة بانفسنا وقدراتنا، فالقضية لم تعد قضية شعب فلسطين بقدر ما هي قضية الصراع الخفي بين الأمة العربية بكل تاريخها وحضارتها وبين الاستعمار بكل شراسته وخياناته، انها قضية مصير ووجود وما المعركة الدائرة بين الشعب الفلسطيني والوجود الصهيوني الا ظلالا للصورة الخلفية للمعركة الحقيقية بين الاستعمار والشعب العربي.

         ومن هنا تبرز مسؤولية القوى العربية المنظمة

بيان سياسي وجهته حركة التحرير الوطني الفلسطيني ” فتح ” إلى الشعب الفلسطيني لرفض قرار مجلس الأمن
المصدر: ” الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1967، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 3، ص 992 – 994 “

ومسؤولية الشعب العربي الفلسطيني الذي ضحى ويضحي من أجل قضية المصير المشترك، قضية الحياة أو الموت. وان هذا الشعب مقبل على احداث رهيبة تتطلب وقوف الجماهير العربية إلى جانبه تسند مقاومته وترفد ثورته وتمد كفاحه الطويل الدامي بكل طاقاتها وإمكاناتها.. فقد يقر الحل السياسي أو يفرض بضغط دولي وقد تنسحب القوات الصهيونية انسحابا جزئيا أو كليا من الأراضي التي احتلتها بعد الخامس من حزيران، فماذا سيكون موقفنا؟ هل سيعود شعبنا مرة ثانية تقرع رأسه مطرقة الإرهاب المباحثي والإرهاب الجدلي، هل تصفى ثورة شعبنا المسلحة.. لذلك لا بد من طرح رأينا بشكل واضح وحاسم في القضايا التالية:

– الانسحاب من الأراضي المحتلة.
– استمرار الكفاح المسلح ورفض الوصاية العربية والدولية.
– وحدة القوى الوطنية الفلسطينية.

          أولا – ان انسحاب من الأراضي المحتلة لا يعني بالنسبة لنا سوى تصفية مظهر العدوان الجديد وتبقي قضية مصدر العدوان المتمثلة في الكيان الصهيوني الدخيل على ارضنا العربية. نحن كطليعة امنت بالثورة المسلحة طريقا للتحرير لا يمكن ان نترك لمناخ الهزيمة ان يسيطر على الواقع العربي فيتخذ منه ذريعة لقتل رجالنا وتشريد ثوارنا ولن نسمح لأجهزة المخابرات والمباحث ان تعود لحكم شعبنا والتسلط على احرارنا. اننا لسنا طلاب حكم ولا ننزع إلى السلطة ولكننا نريد لشعبنا ان يعيش في الهواء الطلق يحمل السلاح، ويحفر الخنادق، يحصن قراه ويحمي مدنه ولا يمكن أن نقبل حكما يخنق الحرية ويصلب القانون ويقتل الروح الثورية للشعب ويزرع الخور والاستسلام في نفسية الجماهير ولا يمكن ان نقبل حكما يكون للعملاء فيه صولجان السلطة والتحكم وللأحرار مقاصل الموت ومعتقلات الإرهاب، اننا نريد حكما يحمي الثورة ويرفد معطياتها بالمال والسلاح والرجال.

          ثانيا – ان قضية استمرار الكفاح المسلح ونمو الثورة الفلسطينية مبدأ لا يمكن ان نساوم عليه لانه يمثل ارادة الشعب الفلسطيني ولانه سبيل كل الشعوب المضطهدة تسلكه عملا بحق تقرير المصير الذي كفلته الأنظمة الدولية، وأي محاولة لافقاد كفاحنا المسلح ذاتيته ومنطلقاته الفلسطينية هي محاولة فاشلة ويائسة وذريعة يستخدمها العدو كورقة رابحة في الأسواق الدولية ومن هنا فنحن نرفض اية وصاية دولية او عربية على هذا الحق المشروع ونعتبر اي تدخل لحماية العدو الصهيوني من ثورة ابناء فلسطين هو عدوان على ارادة شعبنا وجريمة ترتكب لمصلحة الاستعمار والصهيونية.

          ثالثا – ان موقفنا من وحدة اداة الثورة الفلسطينية موقف مبدئي فنحن نؤمن ايمانا قاطعا بأهمية اللقاء بين القوى الفلسطينية، لأن طبيعة تكوين حركتنا منطلقة من الإيمان بالوحدة الوطنية، ولكننا في موقف لا مجال فيه للمجاملة وخداع النفس فنحن نرى مفهوما لهذه الوحدة لا يقوم على اساس الاستجابة العاطفية أو المرحيلة لهذا الشعار وإنما اذابة تكوينها العليائي … لقد طرحنا شعار اللقاء في ارض المعركة لنفرز من الساحة الفلسطينية المنظمات التي لها قدرة على العمل من المنظمات التي خلقت في جو مشبوه لإغراق شعبنا في دوامة الضياع والتشتيت .. وعندما قامت منظمة التحرير الفلسطينية رحبنا بقيامها على امل في اذابة تكوينها العليائي من خلال النضال اليومي ولكنها للأسف وقعت اسيرة كل التحفظات التي حذرنا قيادة المنظمة منها .. وأهمها في نظرنا ما يلي:
          – أن المنظمة لا تملك الشخصية المستقلة لانها وليدة الواقع العربي الذي ورثت عنه كل تناقضاته وأساليبه.
          – التسلط الفردي من قبل قيادة المنظمة أو قائدها مما جعل الصراع داخل المنظمة أقوى من تحقيق اي منجز عملي يخدم النضال الفلسطيني.
          – انعدام المخطط السياسي والعسكري والإعلامي لدى اجهزة المنظمة مما جعلها تفقد قدرتها على العمل الفلسطيني وتفشل في تحقيق الوحدة الوطنية .. وتتحول إلي جهاز مكتبي وظائفي مشلول.

          ومما يؤسف له ان هذا الواقع افقد المنظمة دورها الإيجابي في الساحة الفلسطينية مما جعلها تلجأ إلى اساليب غير كريمة تسطو من خلالها على منجزات وبطولات شعبنا في الأرض المحتلة .. ومع ذلك نعلن

بيان سياسي وجهته حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” إلى الشعب الفلسطيني لرفض قرار مجلس الأمن
المصدر: ” الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1967، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 3، ص 992 – 994 “

لشعبنا اننا مستعدون للانخراط في جبهة القوى الفلسطينية الشريفة بما فيها المنظمة بعد اصلاح جذري في قيادتها السياسية وأسلوبها في العمل ضمن مخطط مدروس يكون التفاوض على اساسه بحضور مراقبين من الأشقاء العرب حتى لا تظل احاديث الغرف المقفلة مجال مزايدة في هذه الأوقات العصيبة.

         يا جماهير شعبنا العظيم ،

         بعد الخامس من حزيران هب شعبنا العربي الفلسطيني في الضفة الغربية والقطاع وفي كل فلسطين بالمقاومة الباسلة يواجه حكم الصهاينة الإرهابي ببطولة نادرة تحت وطأة اقسى الظروف. لقد هزت المقاومة الشجاعة اركان الاحتلال مما جعله يستخدم اشد أنواع الانتقام ضد شعبنا .. فنسف قرى بأكملها ودمر بيوتا امنة على من فيها فضلا عن الاف العتقلين من شبابنا ونسائنا يلاقون مصيرا مظلما في معتقلات الإرهاب الفاشي اللئيم الذي لم يتورع عن قتل الجرحى من رجال العاصفة الأبطال. ومع هذا الواقع المؤلم الذي يعيشه شعبنا في ظلال الاحتلال نتساءل بمرارة وألم، اين المنظمات الشعبية .. والأحزاب العربية .. اين نقابة المحامين العرب .. وجمعيات الهلال والصليب الأحمر .. اين هؤلاء جميعا يفضحون مجرمي الحرب الجدد.. أين اصواتهم ترتفع بقوة لتهز الضمير العالمي الذي انطلت عليه خرافة الديمقراطية الصهيونية وأكذوبة التقدمية الإسرائيلية. ونحن لا نملك ازاء هذا الإرهاب الغادر الا التحية نتوجه بها إلى شعبنا العظيم رجاله ونسائه فتيانه وفتياته مجددين لهم العهد على مواصلة الكفاح مهما غلا الثمن وعزت التضحيات نقدم لهم القائد تلو القائد والشهيد تلو الشهيد .. وأخيرا فان حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” تدعو الجماهير الفلسطينية في هذه الظروف الراهنة الخطيرة إلى الانتقال السريع إلى ميدان المعركة بالضفة الغربية وقطاع غزة لنقف مع شعبنا في صموده الجبار ومقاومته الضارية.


Scroll to Top