بيان من قبل حكومة جلالته في المملكة المتحدة

بيان من قبل حكومة جلالته في المملكة المتحدة
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 661 – 663”

بيان من قبل حكومة جلالته في المملكة المتحدة
9 تشرين الثانى سنة 1938

        كانت اللجنة الملكية التى ترأسها المرحوم الايرل بيل قد نشرت تقريرها في شهر تموز سنة 1937 واقترحت حلا لمعضلة فلسطين بواسطة مشروع للتقسيم تنشأ بموجبه دولة عربية مستقلة وأخرى يهودية بينما تحتفظ بالمناطق الأخرى تحت ادارة الدولة المنتدبة. وقد أعلنت حكومة جلالته في المملكة المتحدة في بيان خطتها السياسية الذى أصدرته على أثر نشر تقرير اللجنة الملكية موافقتها العامة على الحجج التى أدلت بها اللجنة الملكية والاستنتاجات التى توصلت اليها وأعربت عن رأيها ان مشروع للتقسيم يقوم على الأسس العامة التى أوصت بها اللجنة الملكية قد يكون فيه أفضل وأنجح حل للمأزق.

        وقد وضع اقتراح اللجنة الملكية على ضوء المعلومات التي كانت متيسرة في ذلك الحين وما اعترف به بصورة عامة ان من الواجب اجراء تحقيق مفصل قبل أن يتسنى اتخاذ قرار فيما اذا كان مثل هذا الحل سيثبت كونه عمليا. وقد كان هذ الاقتراح موضع البحث فيما بعد في البرلمان وفي اجتماعات لجنة الانتدابات الدائمة ومجلس عصبة الأمم وهيئة اللجنة الملكية وتلقت حكومة جلالته عندئذ تفويضا بأن تبحث فيما اذا كان من الممكن تطبيق مبدأ التقسيم تطبيقا عمليا. ثم أعربت حكومة جلالته في رسالة وجهها وزير المستعمرات الى المندوب السامى بتاريخ 23 كانون الأول سنة 1937 عن رغبتها في القيام بالتحقيقات الاضافية الضرورية لوضع مشروع آخر يكون أكثر دقة وأعم تفصيلا وذكر في تلك الرسالة أن القرار النهائى لا يمكن وضعه بعبارات عامة مجردة وان القيام بتحقيق آخر قد يهيئ المواد اللازمة للحكم عند وضع الأسس لأفضل مشروع ممكن للتقسيم فيما اذا كان ذلك المشروع عادلا وعمليا.

        وقد أوضحت تلك الرسالة أيضا مهام واختصاص اللجنة الفنية التى انتدبت لزيارة فلسطين وتقديم اقتراحات لحكومة جلالته بعد قيامها بالتحقيق المقتضى فيما يتعلق بهذا المشروع المفصل.

        إن حكومة جلالته قد تلقت الآن تقرير لجنة تقسيم فلسطين بعد أن قامت هذه اللجنة بالتحقيقات التى انتدبت لها بمقتضى الدقة والكفاءة وجمعت من المواد ما قد يكون عظيم القيمة لدى استزادة البحث في الخطة السياسية.

        وقد نشر تقرير اللجنة الآن مع خلاصة للاستنتاجات التى توصلت اليها. ومما هو جدير بالذكر ان الأعضاء الأربعة قد أوصوا برفض مشروع التقسيم الذى رسمته اللجنة الملكية باجماع الرأى. وقد تضمن التقرير بالاضافة الى مشروع اللجنة الملكية البحث في مشروعين آخرين أشير اليهما بالمشروع (ب) والمشروع (ج) وقد حبذ أحد

بيان من قبل حكومة جلالته في المملكة المتحدة
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 661 – 663”

أعضاء اللجنة المشروع (ب) بينما أن عضوين آخرين من أعضائها أحدهما الرئيس اعتبر المشروع (ج) خير مشروع للتقسيم يمكن للجنة استنباطه بموجب شروط اختصاصها. اما العضو الرابع فقد وافق على المشروع (ج) باعتباره أفضل مشروع يمكن استنباطه بموجب شروط اختصاص اللجنة ولكنه اعتبر كلا المشروعين غير عمليين . ومما أوضحه التقرير أن ميزانية الدولة اليهودية قد تنجلى عن وفر ضخم بموجب أى مشروع من المشروعين في حين أن ميزانية الدولة العربية (بما فيها شرق الأردن) وميزانية مناطق الانتداب قد تنجلى عن عجز كبير.

        أما التوصية التى تقدمت بهما اللجنة الملكية وقالت فيها بوجوب دفع الدولة اليهودية اعانة مالية الى الدولة العربية مباشرة فقد ردتها لجنة التقسيم باعتبار انها غير عملية. ومن رأى اللجنة أن انشاء اتحاد جمركى بين الدولتين العربية واليهودية ومناطق الانتداب من الأمور التى لا مفر منها لأسباب اقتصادية.

        وقد بحثت اللجنة في امكان ايجاد حل للمشاكل المالية والاقتصادية التى ينطوى عليها التقسيم بواسطة مشروع يبنى على مثل هذا الاتحاد. ومن رأيها أن كل مشروع كهذا لا يتفق مع منح الاستقلال المالى للدولتين العربية واليهودية وتوصلت الى الاستنتاج انه لو كان من المترتب عليها أن تتمسك بحرفية شروط اختصاصها لما وجدت مناصا من أن تقرر أنها لم تتمكن من الايصاء بحدود للمناطق المقترحة من شأنها أن تنطوى على أمل معقول – بانشاء دولة عربية وأخرى يهودية تكون كل دولة منهما قادرة في النهاية على سد نفقاتها بذاتها.

        وقد قر رأى حكومة جلالته بعد انعام النظر والتدقيق في تقرير لجنة التقسيم ان هذا التحقيق الاضافى قد أظهر أن الصعاب السياسية والادارية والمالية التى ينطوى عليها الاقتراح القائل بانشاء دولة عربية مستقلة وأخرى يهودية مستقلة هى عظيمة لدرجة يكون معها هذا الحل للمعضلة غير عملى.

        ولذلك فان حكومة جلالته ستواصل الاضطلاع بمسئولياتها في حكم فلسطين باجمعها وهى تواجه الآن مشكلة ايجاد وسائل أخرى تمكنها من تلافى ما تطلبه الحالة الشاقة التى أتت اللجنة الملكية على وضعها وتكون متفقة مع الالتزامات المترتبة عليها نحو العرب ونحو اليهود. وتعتقد حكومة جلالته أن هذه الوسائل ليس من المتعذر ايجادها.

        لقد تسنى لحكومة جلالته أن تدرس المعضلة درسا وافيا على ضوء تقرير اللجنة الملكية وتقرير لجنة التقسيم ومن الجلى أن الوصول الى تفاهم بين العرب واليهود هي من أثبت الأسس لاقامة دعائم السلام والتقدم في فلسطين. ان حكومة جلالته مستعدة بادىء ذى بدء أن تبذل جهدا – أكيدا لترويج مثل هذا التفاهم. وتحقيقا لهذه الغاية تنوى أن توجه الدعوة في الحال الى ممثلين عن عرب فلسطين والدول المجاورة من الجهة الواحدة وعن الوكالة اليهودية من الجهة الأخرى للتدوال معهم في أقرب فرصة ممكنة في مدينة لندن حول السياسة المقبلة بما فيها مسألة الهجرة الى فلسطين اما فيما يتعلق بتمثيل عرب فلسطين في هذه المباحثات فان حكومة جلالته يجب أن تحتفظ لنفسها بحق رفض قبول الزعماء الذين تعتبرهم مسئولين عن حملة الاغتيال والعنف.

بيان من قبل حكومة جلالته في المملكة المتحدة
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 661 – 663”

        وتأمل حكومة جلالته أن تساعد هذه المباحثات التى ستجرى في لندن الى الوصول الى اتفاق حول السياسة المقبلة المتعلقة بفلسطين غير انها تعلق أهمية كبرى على الوصول الى قرار بهذا الشأن في القريب العاجل فاذا لم تسفر مباحثات لندن عن الوصول الى اتفاق خلال مدة معقولة من الزمن فان حكومة جلالته تتخذ قرارها الخاص على ضوء درسها للمعضلة ومباحثات لندن تم تعلن السياسة التى تنوى اتباعها.

        ولن يغرب عن بال حكومة جلالته لدى النظر في سياستها ووضع أسسها الصفة الدولية التى ينطوى عليها الانتداب الذى عهد به اليها والالتزامات المترتبة عليها في ذلك الصدد.

Scroll to Top